منذ بضعة ايام جذبني عنوان مقال للزميلة المبدعة دعاء جلال يحمل اسم "وتبدلت الادوار " عن احتياجنا الشديد والاعتماد علي والدينا في الصغر حتي ننضج نحن وتتفتح عقولنا فيذبلون هم مع مرور السنين ويصبحون في امس الحاجة لرعايتنا واهتمامنا في كبرهم وبعد ذلك يصيبنا نحن الدور ونصبح ايضا في حاجة لابنائنا. انها حقا عجلة الحياة الدوارة وسنة الحياة اجيال تسلم اجيال ..وبعد انتهائي من قراءة المقال الذي ابهرني بحق وجدتني امعن النظر في عنوانه" وتبدلت الادوار "وقفزت في الحال الي مخيلتي مواقف عدة في حياتنا اليومية تبدلت فيها الادوار واختلفت كثيرا مع توالي الاجيال واقتباسنا للكثير من الشيم الغربية الدخيلة والغريبة علي مجتمعاتنا الشرقية العريقة حتي اصبحنا لا نفرق بين الرجل والمراة في الشكل والافعال .. فاذا عدنا بذاكرتنا لاكثر من خمسين عاما نجد اجدادنا وآبائنا يتسمون بصفات عريقة مثل الشهامة والمروءة والرجولة والحكمة والعقل المصحوبين بالرحمة والعطف والمودة وتحمل المسئولية بالكامل فنري الرجل في هذا الزمن الجميل "السي سيد" "الكل في الكل" هو رب الاسرة بكل ماتحمله الكلمة من معني ,هو الامر الناهي في بيته وهو المسئول عن تامين بيته ماديا ومعنويا يخشاه كل فرد في الاسرة ليس خوفا منه ولكن احتراما وتقديرا لهيبته ومكانته ,وياتي في المقابل دور الام " هانم البيت وسيدته" شاغلها الشاغل في الحياة هو بيتها وتربية ابنائها وغرس القيم الدينية والدنيوية فيهم , وطاعة الزوج عندها من طاعة الله سبحانه وتعالي , كان لها حق المشورة وابداء الراي في مشكلات الحياة اليومية وكانت متفرغة تماما لبيتها وزوجها ,وفي الكثير من العائلات العريقة كان هناك من يساعدها في الامور المنزلية من الخدم والحشم ..فكانت تتمتع بالدلال والاناقة والكياسة وكانت تستحق لقب "الهانم"عن جدارة . ومع مرور السنين وضعف الحالة الاقتصادية للبلاد , تبدلت الادوار ولم يستمر الرجل سيد المنزل والكل في الكل واصبحت علاقته ببيته علاقة فندقية لا اكثر ,مكان للراحة وتناول الطعام يري اولاده لساعة او ساعتين في اليوم علي وعد بلقائهم في نهاية الاسبوع"الويك اند" اذا سنحت له الفرصة, واختفت تماما الطقوس الشرقية التي تربينا عليها من التفاف الاسرة علي مائدة الطعام ,او اجتماع العائلة الاسبوعي يوم الجمعة لتواصل الارحام ,وبالتالي ازداد العبء بشكل كبير علي المراة فلم تعد "الهانم " وسيدة المنزل بل تحولت الي خادمة ومعلمة وام واب احيانا كثيرة في تعاملها مع المراحل العمرية الدقيقة لاولادها, وطبيبة وسائقة ومعالجة نفسية وصديقة ,كل ذلك الي جانب عملها لزيادة الدخل المادي والارتقاء باسرتها ومساعدة الزوج في مصروفات المنزل ...وتبدلت الادوار ... واصبحت المراة تقوم بدور الرجل في المنزل ,فهي من تقابل النجار وهي من تتعامل مع الكهربائي والسباك والنقاش والميكانيكي والجزار والخضري وكل هذه الفئات العمالية المتواضعة,وكان من الضروري أن تتقمص المرأة لشخصية الرجل في قوته وجبروته في تعاملاتها مع هذه الفئات لتحكم سيطرتها على الموقف التي وضعت فيه ... فاتسمت المراة بالعنف والقسوة أحيانا كثيرة ,حتى ان مجتمعنا الشرقي هو المجتمع الوحيد الذي لقب المراة بلقب "ست بميت راجل" نسبة لما تتحمله من واجبات الرجال التي تخاذلوا عن ادائها !!!!! وتبدلت الادوار,واصبحت المراة هي الامر الناهي وهي الكل في الكل في بيتها واتسمت بقوة الشخصية والسيادية وافتقدت لانوثتها شيئا فشيئا وتحول الرجل لاداة لجمع المال وانفاقه'وافتقد لشهامته ورجولته وغيرته على أهل بيته ...والحقيقة المفجعة في الامر ترحيب الرجل بهذا الدور الثانوي وعدم اعتراضه عليه وذلك ببساطة لان الادوار تبدلت واصبحت رجولة الرجل منقوصة ولكنها مرضية له بشكل او باخر لما لها من راحة نفسية وجسدية وفكرية له وفرصة ثمينة لإزاحة عبء تحمل المسئولية. وهنا وجب التساؤل يا معشر الرجال .. لماذا تهاجمون المراة الان وتتهمونها بالسيادية والعصبية والمرجلة وبافتقادها للرقة والدلال والرومانسية فانتم من ارتضيتم " بتبدل الادوار" !!! كنت أنت '' رجلا ''وكانت هي '' هانم'' لمزيد من مقالات ايناس حلبى