أجتمع أكثر من 400 عالم يمثلون جميع الهيئات والمؤسسات والجامعات العربية والإسلامية من جميع أنحاء العالم لوضع حد لظاهرة الإرهاب الذى بات يهدد الأمة العربية والإسلامية. واستشعارا من المملكة العربية السعودية بالأحداث الدقيقة والحرجة التى يمر بها العالم العربى والإسلامى من جراء الأعمال الإرهابية التى شوهت صورة الإسلام أمام الآخرين وبرعاية من خادم الحرين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز نظمت رابطة العالم الإسلامى مؤتمرا عالميا بمكةالمكرمة لمكافحة الإرهاب بحضور علماء فى جميع التخصصات جاءوا من 118 دولة عربية وإسلامية ليتدارسوا ظاهرة الإرهاب والوقوف على أسبابه والبحث عن الحلول اللازمة لعلاجه حتى تكون تحت أيدى أصحاب القرار فى كافة أنحاء العالم لمكافحة الإرهاب. وشارك علماء مصر بوفد رفيع المستوى ترأسه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وتكون من وزير الأوقاف ومفتى الجمهورية ورئيس جامعة الأزهر والدكتور جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية وقد ناقش الحاضرون خلال أربعة أيام وهى فترة انعقاد المؤتمر الذى تضمن 8 جلسات وورش عمل الأسباب الأساسية لظهور الإرهاب والفكر المتطرف ، ومفهوم الجهاد فى الشريعة الإسلامية ، وأفضل الوسائل لعلاج الإرهاب ،وتجارب مكافحة الإرهاب ودور الإعلام فى مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، تنوعت أبحاث العلماء بين تعريف الإرهاب من المنظور الشرعى والدولى وكيفية أستخدام الدين مظلة للإرهاب، وأخرى بحثت الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية والإعلامية والتى أثرت بدورها فى تنامى الفكر المتطرف بين الشباب ، واشارت العديد من الأوراق البحثية إلى دور المصالح الإقليمية والغربية فى تأجيج الفتن ونشر المعلومات المغلوطة ، وايقاع الخلاف بين الطوائف المختلفة لنشر الفوضى ونسف الاستقرار داخل العالم الإسلامى . وألقى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب كلمة المشاركين والتى أكد فيها على أن مكافحة الإرهاب تبدأ من تفحص أسبابه، ودعا المؤسسات التعليمية والتربوية إلى الإسهام فى التخلص من فوضى تكفير المسلمين وتفسيقهم، واستحلال دمائهم، وأثنى على تجربة المملكة العربية السعودية فى مواجهته.كما أكد خادم الحرمين الشريفين فى كلمته التى القاها الأمير خالد الفيصل نيابة عنه على ضرورة تصدى العلماء والمثقفين لآفة الإرهاب، بكافة أنواعه وأشكاله وصوره، وأكد على مضى المملكة وعزمها على التصدى لمنهج الإرهاب وأتباعه، ودعم الجهود الدولية فى القضاء عليه. وشدد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى ورئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركى فى كلمته على حرص الرابطة على مواجهة الإرهاب، وتبيانِ زيفه، وكشفِ ضلال أتباعه، مبيناً خطورته على حاضر الأمة الإسلامية ومستقبلهاوعلى الأمن والسلم العالمي. وانتهى العلماء على براءة الإسلام من الإرهاب، وأن ما يزعمه الإرهابيون ممن يتحدثون باسم الإسلام والمسلمين من مسوغات دينية لا علاقة لها برسالة الإسلام التى تقوم على الوسطية والعدل والإحسان والرحمة بالناس. واعتبر المشاركون إلصاق تهمة الإرهاب بالأمة الإسلامية ودينها وثقافتها، إساءة تعرقل نتائج الجهود المبذولة فى معالجة هذه الظاهرة، وتتجاهل جهود المسلمين فى التعاون الدولى وفى خدمة الأمن والاستقرار العالمي. واستنكروا ما تمارسه إسرائيل من جرائم فى حق الشعب الفلسطيني، ودعوا العالم إلى رفض إجراءاتها لتهويد القدس الشريف، ووضع حد للممارسات الإسرائيلية، واعتبارها نوعاً من الإرهاب .مؤكدين على أن الجماعات الإرهابية والداعمين لها, ومن يكفر المجتمع, ويستبيح الدماء المعصومة هم جماعات ضالة لا تسير وفق المنهج الإسلامى الوسطى الصحيح . وطالبوا المجتمع الدولى بضرورة مواجهة الجهات التى تدعم الإرهاب ، والتنظيمات الإرهابية ، وتدعم الطائفية البغيضة،وتحرض على إثارة الفتن وأوصى المؤتمر بمجموعة من الحلول لمكافحة ظاهرة الإرهاب . أولا: فيما يتعلق بالدول الإسلامية : شددوا على تعزيز التضامن الإسلامي، ومساعدة الدول الفقيرة، ومساندتها فى خططها الاقتصادية للحد من الفقر والبطالة باعتبارهما مما يزعزع الاستقرار، ويشجع المنظمات الإرهابية على استغلال الظروف السيئة للشباب ،وإنشاء مراكز أبحاث متخصصة فى مكافحة الإرهاب، ، تقوم بجمع المعلومات عن الأفعال الإرهابية، وتحليلها، وتبادلها بين الأجهزة المعنية، دعم المؤسسات الدعوية، وإفساح المجال لها للقيام بواجبها فى توعية الشباب، ونشر الوسطية،كذلك دعم جهود المملكة العربية السعودية فى الأممالمتحدة لاستصدار قرار ملزم بتجريم ازدراء الأديان والتعدى على رموزها، لما لذلك من آثار سيئة فى بث ثقافة الكراهية وتوتير العلاقات بين الشعوب. ثانيا فيما يتعلق بالمؤسسات الدينية والعلماء:طالبوا بنشر العلم الشرعى الصحيح المستمد من نصوص القرآن والسنة ،والحرص على توفر القدوة الصالحة من العلماء وضرورة الانفتاح على الشباب بالحوار، والتباحث معهم فى مشكلات الحياة المعاصرة، وإشراكهم فى حل قضايا مجتمعهم، وصولاً إلى التفكير السليم،والتصدى للمشاكل بفقه واع يزاوج بين نصوص الشريعة ومتغيرات الواقع، وتنشيط الفتوى الجماعية فى الشأن العام للحد من شذوذ الفتاوى الفردية، وتوعية الشباب بحقيقة الجهاد وأحكامه وضوابطه وغاياته الشرعية.. ثالثا: ما يتعلق بمؤسسات التربية والتعليم والإعلام: طالبوا بترشيد مناهج التربية والتعليم بما يتوافق مع عقيدة الأمة وثوابتها، وعلاج ضعف المؤسسات التعليمية فى المجتمعات الإسلامية ،وتحويل المعرفة إلى سلوك مؤثر فى شخصية النشء وضرورة توظيف الإعلام الجديد وأدواته فى نشر الوعى بين شرائح المجتمع ولاسيما الشباب بمخاطر التعامل مع المواقع التى تشجع على الإرهاب وتمويله والانخراط فى صفوفه، وتكثيف البرامج الإعلامية التى تؤكد وسطية الإسلام،وتعزز ثقافة التسامح والحوار مراجعة ما تتضمنه مناهج التعليم فى العالم من مضامين خاطئة أو مغلوطة عن الإسلام، والعمل على تصحيحها. رابعاً: ما يتعلق بالأسرة والمجتمع : تعزيز الوعى الأسرى ومتابعة الأبناء فى علاقاتهم مع أصدقائهم، وفى استخدامهم لتقنية الاتصال الحديثة. خامساً: ما يتعلق برسالة رابطة العالم الإسلامي : عقد لقاءات تنسيقية مع الجهات المتخصصة فى الأمة الإسلامية، لوضع خطط عملية تتصدى للفكر المنحرف،وتكوين وفود من العلماء والمتخصصين لزيارة البلدان المتضررة من الإرهاب، ومقابلة مسئوليها، وشرح الرؤية الإسلامية حول علاج هذه الظاهرة، وطالبت بضرورة التعاون مع الجامعات الإسلامية ومراكز الأبحاث من أجل ضبط المفاهيم الملتبسة، وتوفير مادة علمية رصينة تكون بين أيدى الخطباء والدعاة والمعنيين بالشباب. وأعلنت عن إنشاء هيئة عالمية لمكافحة الإرهاب تابعة لرابطة العالم الإسلامي، تتولى دراسة الإرهاب، وتحليل دوافعه وأسبابه، ونشر الدراسات البحثية حوله، واقتراح البرامج العملية التى تسهم فى الوقاية منه، وتنفيذها ، والتنسيق فى ذلك مع المؤسسات المختصة.