شهدت أروقة مجلس الأمن أمس لقاءات ومداولات مكثفة بمشاركة وزير الخارجية سامح شكري ومندوبي الدول الأعضاء في المجلس لبحث اتخاذ موقف تجاه الإرهاب في ليبيا، وذلك في الساعات التي سبقت انعقاد الجلسة الطارئة لطلب مصري - ليبي لبحث إمكانية القيام بتحرك حاسم إزاء الوضع المتدهور في ليبيا. وبدأت الجلسة المرتقبة في العاشرة من مساء أمس بتوقيت القاهرة بإحاطة قدمها برناردينو ليون المبعوث الدولى لليبيا عبر »الفيديو كونفرانس« من تونس، وألقى سامح شكري بيان مصر أمام المجلس، وتلا ذلك بيان محمد الدايرى وزير خارجية ليبيا، لتنعقد بعد ذلك جلسة المشاورات. وقبل بدء الجلسة، طالب شكرى مجلس الأمن بالاضطلاع بمسئولياته فى ضوء الوضع الخطير فى ليبيا، مؤكدا أن المجلس يقع عليه العديد من المسئوليات. وخلال لقائه مع بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، طالب شكرى بالنظر فى تمكين الحكومة الليبية - بصفتها السلطة الشرعية - من التصدى للإرهاب المستشرى لاستعادة الاستقرار واتخاذ إجراءات منع وصول الأسلحة بصورة غير شرعية للجماعات المسلحة والإرهابية. واستعرض شكرى مع بان كى مون التطورات الخطيرة التى تشهدها ليبيا، والجهود المصرية المبذولة فى هذا الصدد، فضلا عن سبل دعم مساعى الدول الإقليمية الراغبة فى دعم الحكومة الليبية لفرض سلطتها. وأيضا سبل دعم جهود الحل السياسى برعاية الأممالمتحدة ومشاركة الأطراف الليبية التى تنبذ العنف والإرهاب وتلتزم بذلك. ونقلت وكالة أنباء »أسوشيتدبرس« الأمريكية عن شكري، فى تصريحات له من نيويورك، البنود التي تقترح مصر تضمينها فى قرار مجلس المزمع، وهى: رفع القيود الدولية عن تسليح الحكومة الشرعية لليبيا بما يمكنها من الدفاع عن نفسها، وتشديد الإجراءات على تدفق السلاح والأموال على الجماعات الإرهابية فى ليبيا، ودعم عملية سياسية سلمية نحو استقرار ليبيا وإنهاء احتلال طرابلس من جانب المسلحين.
وشدد على ضرورة حل هذه الجماعات المسلحة ونزع سلاحها، موضحا أن مصر وليبيا تضعان معا بنود القرار الدولى المزمع، بتنسيق كامل ودعم مشترك، وحذر من أن التسوية السياسية لن تمحو التهديد الماثل بوجود منظمات مسلحة راديكالية تتبنى أيديولوجيات تدميرية.
وطالب الوزير بتشكيل تحالف أوسع من ذلك الذى يحارب تنظيم داعش الإرهابى فى العراق، وأشار إلى أن مصر ستستمر فى ضرباتها الدولية ضد الإرهابيين فى ليبيا. وقال: »سنتخذ الإجراءات الضرورية للدفاع عن مصالح مصر وحماية شعبنا«.
وصرح السفير بدر عبد العاطى المتحدث باسم وزارة الخارجية بأن شكرى عقد سلسلة من اللقاءات مع المندوبين الدائمين للدول الأعضاء فى مجلس الأمن بنيويورك، فى محاولة لتنسيق الجهود قبل انعقاد الجلسة الطارئة. وأوضح أن شكري بدأ مقابلاته بلقاء مندوب الصين الدائم في مجلس الأمن، والرئيس الحالي للمجلس، ثم مندوب فرنسا الدائم ومندوب ماليزيا في مجلس الأمن، حيث تم بحث اتخاذ التدابير اللازمة وفقاً لنصوص ميثاق الأممالمتحدة. وطالب شكري بضرورة التعامل الحازم والفعال ضد جميع التنظيمات الإرهابية التى تشترك فيما بينها فى تبنى ذات الأيديولوجية المتطرفة وتحقيق نفس الأهداف الخبيثة. وأوضح أن مندوب الصين أكد خلال اللقاء دعم جهود وتحركات مصر فى هذه الظروف في ضوء العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين بكينوالقاهرة، كما أكد المندوب الفرنسي دعم بلاده الكامل للتحرك المصري في مجلس الأمن، وأعرب المندوب الماليزي عن تعاطف بلاده مع مصر في هذا الظرف الدقيق. ونقلت وكالة »أسوشيتدبرس« عن فيتالى تشوركين مندوب روسيا الدائم إلى المجلس قوله إنه خلال لقاء شكرى بالمندوبين الخمسة الدائمين بمجلس الأمن، تم الاتفاق على العمل معا على مسودة قرار. ورفض تشوركين الإدلاء بتفاصيل، لكنه أكد أن النهج الذى سيتم تبنيه سيكون مختلفا عن التحالف الحالى الذى يحارب داعش فى سورياوالعراق. وقال:« إنهم يريدون قرارا داعما فى مجلس الأمن، ونحن هنا لدعمه وفعل الشئ الصحيح«. ونقلت الوكالة أيضا عن مسئول أمريكي، لم يكشف عن هويته، أن سامانثا باور مندوبة الولاياتالمتحدة فى مجلس الأمن قد التقت شكرى، وأكدت خلال اللقاء القلق الأمريكى العميق حول الجماعات المتطرفة النشطة فى ليبيا. وأضافت الوكالة أنه ليس هناك ما يؤشر على موقفها من المقترحات المصرية، وأوضحت الوكالة أن مندوبى الصينوفرنسا وبريطانيا لم يعلقوا، وأكد بعضهم أن الوقت لا يزال مبكرا، وألمحت، نقلا عن دبلوماسيين، إلى أنه لابد أن تتقدم ليبيا بخطاب لأمين عام الأممالمتحدة ومجلس الأمن لطلب دعم من المنظمة الدولية.
ومن جانبه، أكد الاتحاد الأوروبى أنه سيبحث إمكانية التحرك المشترك حول ليبيا مع الحكومتين المصرية والأمريكية الأسبوع الجارى، لكن الاتحاد الأوروبى شدد على أنه لايرى دورا فى أى تدخل عسكرى فى الوقت الراهن.
واستبعدت ايطاليا أى تدخل بدون دعم الأممالمتحدة، واعتبرت أن الحل السياسى يظل الخيار الأفضل، أما فرنسا فقد دعت الأممالمتحدة إلى تبنى إجراءات لمواجهة الإرهابيين فى ليبيا.
وكانت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا قد أصدرت بيانا مشتركا من روما قبل ساعات، أكدت فيه على أن ذبح 21 مواطنا مصريا مسيحيا يظهر مجددا الحاجة العاجلة لحل سياسى للصراع.
على الصعيد العربى، عبر دبلوماسيون عرب عن دعمهم لطلب مصر، لكنهم أشاروا إلى أن الأمر يتطلب تأييدا رسميا من ليبيا. وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية إلى صعوبات قد تكتنف التأييد الليبي بسبب الوضع السياسى الداخلى.