شهدت مصر منذ أيام، زيارة تاريخية كبيرة، جذبت أنظار العالم، دون مبالغة، أو مواربة، وتصدرت زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الي مصر، جميع الأخبار العالمية، وتبارى المحللون والمعقبون، فى التأصيل والتحليل، للباعث من الزيارة، وتداعياتها، على مجمل العلاقات الثنائية المصرية الروسية، فضلا عن آثارها المباشرة وغير المباشرة على محيط العلاقات الدولية بشكل عام، وعلى تأثيرها على المشهد السياسى والاقتصادى والأمني الملتبس في معظم دول المنطقة العربية بعد مرور 4 سنوات من الربيع. وإذا كان الحاضر مهما، وأن المستقبل أهم، بيد أن التاريخ يجب ألا يكون عرضة للنسيان، أو النكران، فالمفاخر والمناقب العالية، والخدمات الجليلة، التي قدمها الاتحاد السوفيتي السابق، ومن بعده روسيا الاتحادية الدولة الخلف للاتحاد السوفيتى السابق بعد سقوطه عام 1991، تجبر أي خبير منصف، علي أن يتعرض للمواقف التاريخية للدولتين الكبيرتين، فى أثناء جلائل المنن التي تعرضت لها مصر ، منذ عام 1955، وحتي اللحظة الآنية. من نافلة القول، الحديث عن المحطة الأولى ، في تاريخ العلاقات السوفيتية المصرية، وهي أول صفقة لتسليح الجيش المصري، بعد قيام ثورة 1952، والمعروفة آنذاك بصفقة الأسلحة التشيكية، والتي عكست توجها استراتيجيا للثورة المصرية، لاعداد وبناء جيش قوي، وكان العدوان الاسرائيلى بالطائرات علي وحدات وتشكيلات الجيش المصري في غزة عام 1955، العامل الحاسم، في تسريع انفاذ أحد أهم مبادئ الثورة المصرية في ذلك الوقت، وهو بناء جيش وطنى قوي. لقد كان الاتحاد السوفيتي السابق أيضا ، الدولة العظمى التى لبت نداء الصديق المصري بعد أن خيبت الادارة الأمريكية الظنون المصرية لمساعدة مصر في تحويل مجري نهر النيل، ولأول مرة ، ذلك المشروع الضخم ، والانجاز غير المسبوق فى العالم أجمع، ثم اكمال الأنجاز، بل الاعجاز، فى بناء أكبر مشروع هندسي مائى علي مجري نهر دولي فى العالم، وهو انشاء السد العالى فى الستينيات من القرن المنصرم. وتأتى الجولة الثالثة من الصراع العربي الاسرائيلى المسلح، وهى حرب الايام الستة في يونيو 1967، ويقف الاتحاد السوفيتي البطل وقفة الرجال الأوفياء مع مصر، الدولة المكلومة، فيشد من أزرها، ويسهم في اعادة هيكلة القوات المسلحة المصرية، لأول مرة في عام 1968، وبعد تدشين هذه العملية المهمة التي كانت أحد أهم مفاتيح النصر المؤزر فى اكتوبر المجيد، بدأ السيل العرم، من العدة والعتاد السوفيتيين الى مصر، لتجهيز واحد من أكبر الجيوش في العالم. لقد شهدت حرب الخمسمائة يوم - حرب الاستنزاف - على الجبهة المصرية، الحدث الذي صار حديثا مثيرا، ورواية مبختة للعدو قبل الصديق، وهى تضحية العشرات من القادة والضباط والجنود من القوات الجوية والبرية للاتحاد السوفيتى السابق، بأرواحهم في أشرس حرب استنزاف، شهدتها الحروب فى سائر أرجاء المعمورة. إن الانتصار العسكرى للجيش المصري في حرب أكتوبر 1973، والذى أجبر اسرائيل ولأول مرة علي القبول بشروط الدولة المنتصرة، والانسحاب من سيناء الحبيبة، يجب ألا ينسي المحللون المحايدون، حدثين مهمين، أن الاتحاد السوفيتي السابق، وقف وقفة الرجال الأوفياء، حين رفع درجة استعداده النووي، ولأول مرة منذ أزمة الصواريخ الكوبية الشهيرة، حيث رد ردا حاسما على التهديد الإسرائيلي الأمريكي، باستخدام القنبلة النووية الاسرائيلية، اذا قام الجيش المصري بتصفية الثغرة الاسرائيلية غرب القناة فى أثناء حرب أكتوبر المجيدة. وختاما.. لقد دون التاريخ بمداد من ذهب الوقفة التاريخية لروسيا الاتحادية بقيادة زعيمها الرئيس فلادمير بوتين، تأييدا لثورة 30 يونيو 2013، والدعم الكبير، الذى توج بعلاقة شراكة استراتيجية، بلغة الأرقام والاتفاقيات والمشروعات. لمزيد من مقالات د. أيمن سلامة