عكست واقعة استاد الدفاع الجوى التى راح ضحيتها 22 شابا من شباب التراس الزمالك عن الواقع الغريب الذى تعيشه الرياضة المصرية منذ فترة طويلة كون هذه المصيبة تحدث على ملعب لممارسة الرياضة وللمرة الثانية بعد مرور ثلاث سنوات على واقعة استاد بورسعيد التى راح ضحيتها ايضا 74 شابا من ألتراس الأهلى ولم يعرف الرأى العام حتى الآن السبب الحقيقى وراء تلك الواقعة. وعلى الرغم من بدء تحقيقات النيابة العامة عقب الحادث مباشرة لمعرفة الأسباب الجنائية فإن هناك واجبا معنويا لابد للجميع الاعتراف به ان هناك اخطاء حدثت من اصحاب قرار عودة الجماهير الى المدرجات فى مباريات الدورى فى ظل هذا التوقيت الصعب الذى يمر به الوطن والذى لايخفى على الجميع دون استثناء. الطريف ان من طالبوا بعودة الجمهور الى الملاعب سرعان ما تنصلوا من موقفهم وذهب كل منهم فى طريقه يحاول الخروج من المشهد متحليا بدبلوماسية مصطنعة سرعان ما كشفها الرأى العام فى مختلف وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة... حجم الأزمة : بداية يقول عصام عبد المنعم الرئيس الأسبق لاتحاد كرة القدم ان الحادثة كشفت حجم الأزمة التى تعانيها الرياضة متمثلة فى غياب مفهوم الادارة لان المهمة الاساسية للمسئول هى اتخاذ القرار فعندما يكون القرار خاطئا ستكون بالتأكيد النتيجة خاطئة والقضية برمتها مليئة بالقرارات الخاطئة بسبب سوء الادارة الرياضية الناتجة عن رؤية خاطئة لمن طالبوا بعودة الجمهور فى التوقيت الحالي. فالمتابع العادى غير المتعمق بالشأن الكروى يعرف ان الفترة الحالية هى الأسوأ لعودة الجمهور فى ظل التصاعد العلنى من الجماعات الإرهابية لتصعيد نشاطها محليا وعالميا ضد ما يحدث فى مصر ونحن على بعد أمتار قليلة من استحقاقات مهمة مثل زيارة الرئيس الروسى بوتين والانتخابات البرلمانية والمؤتمر الاقتصادى وكلها أمور فى ذهن أعداء الوطن فلماذا الضغط من اجل عودة جمهور احتمالات عودته للمدرجات ستؤدى إلى مشاكل جسيمة المردود منها ما سيؤدى حتما لإيقاف النشاط ولو لفترة قليلة وبنسبة ضئيلة ولو كان القرار فى يدى لرفضت عودة الجمهور حتى ولو كانت نسبة المشاكل قليلة ولا تقارن بالنتائج التى وصلنا اليها الآن. واضاف عبد المنعم اننا نعانى من مشكلة الادارة المهنية للرياضة لغياب الكوادر التى أصبحت غير موجودة وبالتالى لم نستطع اتخاذ القرار المناسب فى علاج مشكلة الالتراس مثلما فعلت إنجلترا فى القضاء على الهالوجينز لأنهم خطر على السلام الاجتماعي. لكن فى تعاملنا مع الالتراس منازلنا لا نعرف اهدافهم ولا كيفية تمويلهم كما انهم غير مسجلين كجمعية مدنية وهم بالأساس ليست لهم علاقة بالأندية ويناصبون العداء لها وبالعكس. ولفت رئيس اتحاد الكرة الأسبق انه يجب تقنين اوضاع الالتراس داخل إطار القانون وليس خارجه ولاننا لم نفعل ذلك فكانت النتيجة تجنيد الالتراس لجماعات خارجة عن القانون تعقبها مشكلات مثل التى نعانى منها الآن. ويجب على الدولة حاليا محاسبةالمنظومة الرياضية واقصد بها الأندية والاتحاد ووزارة الرياضة والداخلية لمعرفة الأسباب الحقيقية لواقعة استاد الدفاع الجوي. السبب الحقيقى بينما يرى الدكتور عبد الحميد يونس أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة القاهرة ان الإجابة على تحديد المخطئ تحتاج الى اكثر من جانب وليس هناك يقين بان طرفا من الأطراف هو السبب الحقيقى ونحن بحاجة الى اجراء تحقيق شامل وارادة من مؤسسات الدولة المعنية بالحدث لإظهار الحقيقة وان يكون لديها الشجاعة للاعتراف باى تقصير أو اخطاء لان المسالة هى مصلحة وطن وأمن قومى ووطني. وطالب دكتور عبد الحميد الجهات المعنية بإعلام الرأى العام والجمهور بالاسباب الحقيقية ومن هو اللاعب الحقيقى وراء تلك الأحداث التى تتكرر للمرة الثانية مؤكدا ان الرأى العام سيكون له موقف حاسم معهم. وقال انه من المفترض ان يكون لدى الأجهزة الأمنية خبرة فى التعامل مع هذه الأحداث خاصة انها كثيرة فى السنوات الماضية ومن المفترض ايضا ان يكون لديها معلومات فإذا لم تتوافر معلومات لديها فهذه مصيبة وإذا توافرت معلومات لها ولم تتخذ الإجراءات لضمان الأمن ومنع تكرار هذه الأحداث فالمصيبة اكبر . وحمل دكتور يونس الاعلام الرياضى واتحاد الكرة ووزارة الشباب والرياضة مسئولية الضغط على مؤسسات الدولة من اجل عودة الجمهور للمدرجات فى هذا التوقيت الصعب مشيرا الى ان جميع الأطراف لم تفكر فى المصلحة العامة للدولة وخطورة الأوضاع التى يمر بها الوطن مؤكدا ان الأندية تركت لجماعات الالتراس ان تكبر وتسمن مثلما فعل النظام القديم مع جماعة الاخوان وتركهم حتى فوجئنا جميعا بهم. ولفت يونس الى ان ترك الساحة للالتراس كى يصبحوا من القوة لممارسة ضغوط على الدولة كقوة شغب موجودة على ارض الواقع يشكل خطرا كبيرا فى الوقت الذى تسعى خلاله الدولة للوصول إلى مرحلة الاستقرار معتبرا ان جماعات الاسلام السياسى استغلت الالتراس من خلال تمويلهم لكى تتولى اتجاهاتهم. ويقول أستاذ الاجتماع السياسى ان الالتراس شريحة من الشباب مؤهلة للاعتراض والخروج على النظام الاجتماعى وتحتاج الى معاملة خاصة من خلال الحوار وهو دور وزارة الشباب والرياضة الغائب لكى تعالج لُب الموضوع ومناقشة المصلحة القومية كأحد بنود الاتفاق الذى يتم بينهما للوصول الى مرحلة الاستقرار والخروج من عنق الزجاجة الحالي. لفت يونس إلى ان هناك قيادات فى الأندية ليست على مستوى المسئولية ولا تجيد الحوار الهادئ معهم وارى ان حل المشكلة الحالية يكمن فى وجود إرادة سياسية تضع مصلحة الدولة فوق كل اعتبار وان يناقش الاعلام الموضوع بشكل رصين وهادئ وبدون استعلاء على هؤلاء الشباب وتوافر خطة امنية جديدة يعاد صياغتها وابتكار آليات جديدة فى التعامل معهم وليس الحل الأمنى فقط ولكن من خلال حوار سياسى يشارك فيه جميع منظمات العمل المدني. السلوك الرياضى فيما يرى طارق العشرى المدير الفنى لفريق انبى ان الوقت الراهن لا يسمح بوجود جماهير للظروف التى تحوط بِنَا من كل جانب بدءا من القنابل المزروعة مرورا بما يحدث فى سيناء ووصولا للتهديدات التى تعلنها الجماعات الإرهابية ضد مصر وكلها أشياء تؤكد إلغاء قرار عودة الجماهير لأننا لا نضمن سلوكهم الرياضى الذى نتمناه أثناء الأحداث التى تنتظرها الدولة لاكتمال خارطة الطريق ومنها الانتخابات البرلمانية والمؤتمر الاقتصادي. وقال المدير الفنى لانبى ان وزارة الداخلية كان يجب عليها رفض ضغوط وزارة الشباب ولجنة الأندية من اجل عودة الدورى بل وإلغاء القرار برمته لان الوضع الحالى لا يوحى بوجود اى تجمعات لان الشواهد موجودة أمامنا فما يحدث فى الشارع والمترو ووسائل المواصلات كلهاةتؤكد ان عودة الجمهور بهذا الحجم وفى مكان واحد امام جهاز الشرطة مع العلاقة المتوترة من الأساس بينهما كلها تؤكد ان قرار مسئولى الرياضة كان خاطئا. وناشد العشرى قيادات الالتراس المثقفة توعية بقية شباب الرابطة بزيادة الحس الوطنى ووضع المصلحة العامة للدولة قبل اى انتماءات خاصة. واكد طارق العشرى ان الالتراس يوجد به شباب مثقف يتابع الكرة العالمية ودوريات أوروبا ويشاهد سلوك الجماهير تجاه أنديتها بالالتزام بالتشجيع واحترام القانون مطالبا الشباب المثقف منهم بنقل تلك الثقافة الى الغالبية العظمى من الأعضاء لكى تحل محل العنف والاعتراض.