أثار قرار المحكمة الأسبانية بالموافقة علي تسليم حسين سالم وابنيه خالد وماجدة إلي مصر حالة من الجدل حول إمكانية مثول رجل الأعمال الهارب أمام القضاء المصري من عدمه, خاصة أن حسين سالم يواجه اتهامات عدة في أكثر من قضية جنائية, ومنها القضية المتهم فيها الرئيس السابق مبارك ونجلاه علاء وجمال وحسين سالم فيما يتعلق بالأخير من اتهامات بنقل ملكية خمس فيلات بموجب عقود بيع صورية إلي مبارك ونجليه للحصول علي قرارات بتخصيص الأراضي الأكثر تميزا بمدينة شرم الشيخ, كما يواجه حسين سالم اتهامات في قضية تصدير الغاز إلي إسرائيل, و المتهم فيها سامح فهمي وزير البترول الأسبق وعدد من قيادات وزارة البترول, وأسندت النيابة إلي المتهمين في تلك القضية ارتكابهم جرائم الإضرار بمصلحة البلاد وإهدار المال العام, بقيامهم ببيع وتصدير الغاز المصري إلي إسرائيل بسعر متدن لا يتفق مع الأسعار العالمية, وتمكين المتهم حسين سالم من تحقيق منافع مالية له من وراء هذا التعاقد. ورغم صدور حكم قضائي ضد رجل الأعمال الهارب ونجله خالد في قضية جزيرة البياضية بمحافظة الأقصر بالسجن المشدد15 عاما, إلا أنه في حال تسليم حسين سالم لمصر ستعاد محاكمته أمام دائرة قضائية جديدة وفقا للقانون, وهو ما تضمنته شروط المحكمة الأسبانية لتسليمه إلي مصر بأن تعاد محاكمته في حضوره وتلغي الأحكام الغيابية الصادرة ضده, و ألا يحكم عليه بالإعدام, وأن يقضي فترة السجن في إسبانيا ومنحت المحكمة السلطات المصرية مهلة شهر للموافقة علي هذه الشروط القضائية. وأوضح المستشار أحمد سعد مستشار القضايا الخارجية في جهاز الكسب غير المشروع وعضو اللجنة القضائية المكلفة بمتابعة ملف استرداد حسين سالم ونجليه في العاصمة الإسبانية مدريد: أن اللجنة بذلت جهودا مكثفة لإعادة حسين سالم ونجليه خالد وماجدة إلي مصر, وقال أن مصر كانت طلبت رسميا من السلطات الإسبانية تسليمهم, مشيرا إلي أن مراحل التسليم تمر بعدة مراحل منها أن الحكومة الأسبانية توافق في المرحلة الأولي علي تسليم حسين سالم باعتباره مواطن إسباني, وبعدها تحيل الموافقة إلي المحكمة الإسبانية لتوافق شروط التسليم وفقا للقانون الإسباني, وهو ما حدث بالفعل مع الطلب المصري بتسليم رجل الأعمال الهارب حيث أحالت الحكومة الإسبانية الملف إلي المحكمة والتي أصدرت قرارها أخيرا بتسليم سالم ونجليه خالد وماجدة بضمانات ومنها إعادة المحاكمة أمام دائرة قضائية أخري غير التي أصدرت حكمها علي المتهم في الدرجة الأولي من التقاضي, وهذا الشرط يتوافر وفقا لنص القانون المصري في إعادة المحاكمة طبقا للمادة395 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص علي أنه إذا حضر المحكوم عليه غيابيا سواء سلم نفسه أو ألقي القبض عليه قبل( سقوط العقوبة) بمضي المدة فهذا يبطل الحكم السابق صدوره, و يعاد نظر الدعوي أمام المحكمة ويكون لمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوي بكامل حريتها غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي و لها أن تشدد العقوبة أو تخففها, وهو ما ينطبق علي الوضع القانوني لرجل الأعمال الهارب حسين سالم في حال تسليمه لمصر, وكان ضمن طلبات المحكمة الإسبانية أنه في حال صدور عقوبة سالبة للحرية في حق حسين سالم يتم الاستجابة لطلبه في قضاء مدة العقوبة في إسبانيا وذلك وفقا لنص الاتفاقية المبرمة بين جمهورية مصر العربية ومملكة إسبانيا في4 مايو1994 بشأن نقل المحكوم عليهم وهو أيضا ما ينطبق علي حسين سالم علي أن يقضي العقوبة في إسبانيا بذات شروط تنفيذ العقوبة في مصر, ولا يوجد معوقات في ضمانات تسليم المتهم ونجليه. إجراءات التسليم ويضيف عضو اللجنة القضائية: أنه بعد صدور المحكمة يحق لرجل الأعمال الهارب التظلم من القرار في غضون3 أيام من صدور القرار وتنظر المحكمة في طلب التظلم واذا قوبل بالرفض وتأييد قرارها بتسليم حسين سالم ونجليه فأنه من المقرر أن تقوم المحكمة باحالة قرارها مرة أخري إلي الحكومة الإسبانية لإصدار الموافقة النهائية وانهاء اجراءات التسليم, ومن المتوقع أن ترفض المحكمة التظلم المقدم من حسين سالم لتوافر شروط وضمانات التسليم في القانون المصري. وأشار إلي أن حسين سالم أكد خلال جلسة محاكمته أمام المحكمة الإسبانية, أنه مواطن إسباني يحمل الجنسية الإسبانية ويعيش في هذا البلد, ومعه أسرته ويقيم علي أرضها مشاريعه الاستثمارية, وكان طرفا أساسيا في إتمام صفقة الغاز المصري إلي إسبانيا, وقال أنه يحتفظ بجواز السفر المصري لأداء الحج فقط ولاثبات ديانته كمسلم, لذلك فإنه يريد أن يعيش ويموت علي الأراضي الإسبانية, ويرفض تسليمه لمصر مشيرا إلي أن طلب الحكومة المصرية له أهداف سياسية وليست جنائية, مما يهدد بوجود محاكمة غير عادله له أمام القضاء المصري, غير أن اللجنة القضائية استطاعت اقناع المحكمة بأن سالم مواطن مصري ويحتفظ بالجنسية المصرية بعد حصوله علي الجنسية الإسبانية عام2005, وقدمنا شهادة تحركات تفيد أن حسين سالم كان يتحرك بجواز سفره المصري. ووفقا لنص مذكرة مجلس الوزراء في إسبانيا, الصادرة في أول فبراير الماضي والتي حصلت الأهرام علي صورة ضوئية منها فإن المجلس وافق علي تسليم حسين سالم, وجاء فيها أن الحكومة الإسبانية وافقت علي اتخاذ إجراءات تسليم حسين كمال الدين إبراهيم سالم المقرب من الرئيس السابق مبارك بتهمة الفساد, والذي اعتقل في مدريد, والمتهم في16 يونيو الماضي بناء علي طلب من السلطات المصرية, باستخدام نفوذه لدي الرئيس المخلوع لتحقيق مكاسب شخصية, وقالت المذكرة أنه في8 يوليو عام2011 وبناء علي اقتراح من وزير العدل, فرانسيسكو كامانيو, فإن مجلس الوزراء قد وافق علي الاستمرار في الإجراءات القضائية لتسليم سالم, وهو مواطن مصري, وبناء عليه طلبت السلطات في مصر تسليمه لارتكابه جرائم الرشوة واستغلال النفوذ وتسبب في خسائر للأموال العامة, وأضافت المذكرة أن حسين سالم, والذي هو في الوقت الراهن يعالج بمستشفي غريغوريو مارانون, لأسباب تتعلق بالصحة, واعتقل في مدريد في16 يونيو الماضي فإن الحكومة الإسبانية توافق علي طلب السلطات المصرية بناء علي اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد, والتي صدقت عليها مصر في25 فبراير عام2005 و اسبانيا في19 يونيو2006, وليس هناك اتفاق تسليم المجرمين بين البلدين, وقالت المذكرة أن السلطات القضائية الاسبانية عليها اتخاذ ضمانات خلال جلسات المحاكمة, ومنها أنه يجب علي المتهم التمتع بجميع الضمانات الاجرائية لمحاكمة عادلة حسب المنصوص عليه في المعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة بحقوق الإنسان, بما في ذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. غسل ملياري دولار كما وافقت الحكومة الاسبانية في مذكرة أخري علي اتخاذ إجراءات تسليم خالد وماجدة حسين سالم بناء علي طلب السلطات المصرية التي اتهمتهما بغسل أموال بلغت ملياري دولار في غضون4 سنوات في الخارج بمساعدة نفوذ والدهما لدي الرئيس السابق حسني مبارك, وقالت المذكرة إنه في2 سبتمبر2011 وافق مجلس الوزراء بناء علي اقتراح من وزير العدل فرانسيسكو كامانيو,علي إجراءات تسليم خالد وماجدة وكلاهما يشتبه في أنه أنشأ مخططا لغسل الأموال في الخارج, والحصول علي مبالغ كبيرة من المال بطريقة غير مشروعة في مصر.ويواجه الأخوان تهمة غسل كميات كبيرة من الأموال المرسلة من مصر إلي حساباتهما التي تقع بشكل رئيسي في دولة الإمارات العربية المتحدة وسويسرا واسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية. كما خصصا أموالا لتغيير العملات الأجنبية من مصر, وبلغت الأموال التي تم غسلها ملايين من الدولارات في الفترة من2007 إلي22 يونيو2011, وأكدت المذكرة أن طلب التسليم يأتي من السفارة المصرية في اسبانيا. اللواء سراج الروبي نائب رئيس المنظمة الدولية للانتربول الأسبق يؤكد أنه كان يتوقع صدور قرار قضائي في إسبانيا بتسليم حسين سالم ونجليه خالد وماجدة لعدة أسباب ومنها أن القانون الإسباني لا يحمي الشخصية المتجنسة بالجنسية الجديدة ضد الدولة الأم والتي يحمل المتهم جنسيتها الأصلية, وحسين سالم هو في الأساس مواطن مصري حاصل علي الجنسية الإسبانية, وليس العكس, كما أن القضاء الإسباني يتميز بالنزاهة والشفافية وليس مثل غيره من أنظمة القضاء الأوروبي الذي يؤثر عليه مؤثرات أخري. ويضيف الروبي أن إسبانيا ليس لها مصلحة في استرضاء جنسية دولة أخري مثل إسرائيل علي حساب الدولة المصرية التي تتميز بثقل دبلوماسي وشعبي لدي إسبانيا, كما أن مبادرة الاسترداد من قبل السلطات المصرية تمت ادارتها بشكل قانوني دون وجود ثغرات يستغلها دفاع حسين سالم في الحصول علي قرار بعدم التسليم, وقام الانتربول المصري بالتعاون مع الأمانة العامة لمنظمة الانتربول بجهد واضح في القضية وملاحقة المتهم من خلال النشرات الدولية الخاصة والحمراء حتي ألقي القبض علي حسين سالم في إسبانيا, ولولا الدقة في بيانات هذه النشرات وبعدة لغات لما تم التوصل إلي رجل الأعمال الهارب من مصر. ويتوقع اللواء الروبي أن ترفض المحكمة الاسبانية تظلم حسين سالم والبدء فورا في إجراءات تسليمه ونجليه للسلطات المصرية.