فى الوقت الذى كشفت فيه فضائيات الإرهاب عن نواياها ضد مصر وشعبها، تعالت الأصوات للبحث عن حلول جذرية وسريعة للتصدي لهذه الفضائيات المضللة التى تبث سمومها على مدار الساعة وفقا لأجندة منظمة وذات هدف، وطوال الفترة الماضية ونحن كإعلاميين ومشاهدين نشجب ونستنكر، والسؤال الذى طرحناه على المتخصصين فى هذا التحقيق هو كيف يكون التعامل من جانب الإعلام المصرى والإعلاميين تجاه تلك القنوات المعادية ؟.. فهل يتم تجاهلها أم الهجوم عليها وكشفها وفضح أهدافها أم اللجوء للمؤسسات الإعلامية العربية والدولية لإتخاذ القرارات حيالها؟. ويقول د. محمد المرسى رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بإعلام القاهرة: اعتبر من يهاجم مصر هو فى عداد الموتى ومن يشاهد قناة "الجزيرة" يعتبر فى حكم الميت، فالجزيرة قبل 25 يناير مختلفة تماما عن الجزيرة بعدها وحتى الوقت الحالى لأنها تعمل حسب مصالحها السياسية. ويضيف: للأسف لم يستطع الإعلام المصرى الرد على الجزيرة أو على غيرها من القنوات المعادية ذات الأجندات المضللة، وأعتقد أن إعلامنا يحتاج للكثير من التطوير فهو يعمل بالقطعة ودون أهداف واضحة وحتى فى دفاعه عن الوطن يرتكب أخطاء كثيرة سواء فى التناول والطرح، ولذلك نحن فى حاجة الى قوانين تنظم أولا العمل الإعلامى داخليا، ثم نتجه للدور الخارجى للرد على الفضائيات المعادية ولا يكون ذلك بالصوت العالى والردح والشتيمة والتشنج فقد افتقدنا فى أغلب الأحوال فن إدارة الحوار وأهمية مناقشة القضايا والموضوعات التى تصب فى صالح مصر وشعبها، وأرى أن التقصير يأتى من عندنا ويجب أن نصحح أوضاعنا فى الإعلام ثم ننظر للمنافسة بالمنطق والحجة والدليل على الشاشات. ويقول د.عادل عبدالغفار أستاذ الإعلام: نحن أمام تحديات كبيرة بسبب عدد من القنوات يتم تمويلها فى إطار حملة ذات أهداف معادية لمصر، وللأسف فإن مضامين البرامج التى يبثها الإعلام المصرى يوميا يسيطر عليها موضوعات محددة ومشابهة وأغلبها عن الحوادث والتفجيرات، وعلى الإعلام المصرى أن يكون لديه توجه إيجابى، فنحن نحتاج إلى بث أفكار وحلول عير تقليدية ولا يكفى ما تقدمه برامج "التوك شو" يوميا بالقنوات المصرية فهى تحمل نفس أجندة الموضوعات ونفس أجندة الشخصيات، وعلينا إن نقدم بديلا منافسا لتلك القنوات المضللة حتى تفقد تأثيرها، فمصر فى أمس الحاجة لقناة إخبارية محترمة تصل لمستوى الاحتراف ونحن بالفعل لدينا قوة بشرية تتميز بالكفاءة، فعلى الإعلام المصرى أن يتجه للبناء وألا تثنيه تلك القنوات عن تقديم أجندة وطنية للبناء الذى تحتاجه الدولة. وقالت د.هويدا مصطفى أستاذ الإعلام: للتصدي لتلك القنوات المعادية علينا بالتحرك الرسمى، فهى قنوات تحريضية وما تبثه يعد جريمة إعلامية للحض على العنف والكراهية وانتهاك خصوصية الأفراد ولابد من التوجه بشكل قانونى من خلال حملة دولية موثق بها كل هذه الإدانات التى حدثت بالفعل من جانب هذه القنوات، وهو ما فعلته فرنسا من قبل وتم إغلاق قنوات معادية لها بعد أن للجهات الدولية الرسمية. وأضافت: على الإعلام المصرى مسئولية تبصير الرأي العام وكشف الممارسات التى تقوم بها القنوات المعادية، ولكن ذلك لن يؤثر بدون التحرك الرسمى الدولى ولا سيما من خلال تكتل عربى والاستعانة بالجامعة العربية وما تضمه من لجنة للإعلام أو من خلال اتحاد الإذاعات العربية وغيره من الكيانات الإعلامية. ويقول د.غالى محرز أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن الإعلام المصرى مطالب بوضع استراتيجية للعمل من خلالها كمنظومة واحدة للرد على كل الأكاذيب والإفتراءات ونحن نفتقد للإستراتيجية الإعلامية ومعظم أداء الإعلامين المصريين إرتجالى وإنطباعى وفى بعض الأحيان شخصى وضعيف وبعضهم لديه حسابات خاصة. ويضيف: ليس أمامنا من الحلول إلا ضرورة وضع إسترتيجية محددة تعمل لصالح مصر بكل قوة وتكون قادرة على منافسة الفضائيات المعادية فنحن فى الكثير من الأحيان نكلم أنفسنا، فعلينا كشف سلبيات الدول المعادية من خلال موضوعات جادة وموضوعية فكل هذه الدول لديها مشاكل كبيرة فى الحريات، والعلاقات مع إسرائيل والقواعد الأمريكية والتجنيس وغيرها ولا يكون من المنطقى تعاملنا بالرد بالإنفعال والصوت العالى فهم المستفيدون من ذلك بعرض لقطات أمام العالم تشير إلى مدى إنحدار بعض أداء الإعلامين فى مصر، فمثلا الجزيرة تضع السم فى العسل وهى معادية ومنحازة ولا تقدم إلا الأكاذيب ولكن مع نسبة الأمية العالية والثقافة المحدودة فهى تشكل خطرا كبيرا، ولذلك فلا يجب أن يكون لدينا نوع من الإستسهال فى طرح موضوعاتنا عالميا وأعتقد أن أشياء كثيرة تنقصنا فى هذا الملف رغم وجود إمكانيات وقدرات إعلامية كبيرة فى مصر. وتقول فاطمة الزهراء صالح مدرس الإذاعة والتلفزيون بجامعة سوهاج: فى كل الدراسات عن قناة الجزيرة وبعض القنوات الأخرى المعادية لمصر ثبت قدرة تلك القناة المضللة فى الوصول لدول العالم فى بث مباشر، وهنا أتساءل هل هناك دولة محترمة تبث قناة عن دولة (مباشر مصر) وهو ما يدعو للإندهاش منذ فترة ولكن لم يتخذ أى ردود أفعال حول تلك القناة المريبة والفكرة الغريبة التى لم تتكرر فى أى دولة أخرى، فنحن أمام دولة تبث قناة كاملة لمعاداة دولة صاحبة حضارة 7 ألاف سنة فهناك محرك أساسى لذلك التوجه وعلى إعلامنا المصرى أن يكون حاضرا بقوة ضد هذه الأفعال الدنئية، فنحن فى حاجة إلى قناة على عالمية تنافس الفضائيات المعادية، وأطالب مؤسسة الأهرام العريقة والقوية أن تبادر بطرح الفكرة من خلال اكتتاب عام حتى لوساهم فيه كل شعب مصر فالأهرام بما يملكه من قدرات إعلامية عالمية وقدرة وحرص على التنوير من خلال تاريخها الرائد العريق فإنها تستطيع تنفيذ الفكرة وإنجاحها. وتضيف: يجب أن نسأل أنفسنا لماذا حضر العالم كله الى فرنسا فى حادثة شارلى أيبدو؟ بالطبع لأنهم طرحوا القضية بشكل صحيح وقدموها للعالم وبالتالى فإن العالم كله كان مساند لهم والحقيقة أن بعض الإعلامين ليست لديهم قدرة على مخاطبة الشارع فكيف يخاطبون العالم ولذلك فإن الرد على تلك القنوات المعادية لمصر لن يكون إلا من خلال منافسة قوية بمنطق مختلف عما يحدث فيمكننا إنتقادهم بالحجة والمنطق والدليل والمعلومة، ولتكن البداية خلق لوبى إعلامى مصرى قوى يستطيع توصيل رسائلنا للعالم كله.