كان الموسيقار الكبير الراحل محمد الموجى هو أول الملحنين الشباب الذين لحنوا لأم كلثوم بعد جيل العمالقة، وكان أول لحن له"نشيد الجلاء" عام 1954 بمناسبة جلاء قوات الإحتلال عن مصر، وآخرها كان لحنه العاطفى " إسأل روحك" كلمات الشاعرعبدالوهاب محمد عام 1970، وبينهما " الرضا والنور، وحانة الأقدار، ويا صوت بلادنا،يا سلام على الأمة، ومحلاك يا مصري، و"للصبر حدود". ويكشف الملحن الموجى الصغير - ابن عمنا الكبير محمد الموجى - لأول مرة وبعد أربعين عاما من رحيل كوكب الشرق الكثير من الأسرار، ويفرج الستار عن كلمات بعض الأغنيات التى كان من المقرر أن تغنيها: عن بداية التعاون بين الموجى وأم كلثوم يقول الموجى الصغير: بعد النجاح الكبير الذى حققته أغنية “ ياما القمر ع الباب” لفايزةأحمد، وغيرها من ألحان والدى لكثير من مطربى ومطربات هذه الفترة، أسرعت إليه “سومة” تطلب منه لحنا لها، ودعته إلى زيارتها فى منزلها لمقابلة الشاعر أحمد رامي، والملحن الكبيرمحمدالقصبجي، وبعد هذا اللقاء خرج الموجى أكثر ثقة بموهبته الموسيقية، بعدما حياه القصبجى قائلًا: “أنت القصبجى الجديد”، وفى نادى الجلاء للقوات المسلحة، وأمام مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 شدت أم كلثوم بأول لحن للموجي، وهو نشيد “ الجلاء” الذى غنى فيه والدى معها “كورس” سواء فى الاستديو أو على خشبة المسرح، ويومها وبعد انتهاء الحفل قدمته على المسرح أمام مجلس قيادة الثورة فى تجربة لم تتكرر مع أى ملحن مصرى آخر. وبعد نجاح “ نشيد الجلاء” تكرر لقاؤهما حتى وصلا إلى أغنية “ للصبر حدود” التى دخل فيها والدى المحكمة!، نعم المحكمة، ولهذا الموضوع قصة طريفة يجب أن تحكى، فقد أعطت أم كلثوم والدى مهلة شهر لينته من تلحين “للصبر حدود”، لكن مر شهر واثنين وثلاثة ولم ينتهى من تلحين الأغنية، فأقامت دعوة ضده فى المحكمة!، وحينما سأل القاضى الملحن الشاب: لماذا لم تنه اللحن فى الميعاد المحدد؟ ترافع والدى عن نفسه قائلًا: أنا لا اعمل كالآلة تضع فيها شيئا فتخرج لحناعلى التو واللحظة، إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت كاف حتى يخرج اللحن إلى النور ،و”سومة” ليست مطربة عادية، بعدها أنهى القاضى جلسته بقوله: عندك حق يا موجي، سأحفظ القضية، وأنت حر مع أم كلثوم. وبعدما خرج من المحكمة ذهب إليها معاتبا فأجابته ضاحكة: ماهو للصبر حدود يا محمد، فكلما بحثت عنك لم أجدك فأخبرنى ماذا أفعل غير ذلك؟ والوقت ليس فى صالحي، يوم تذهب إلى عبدالحليم، ويوم تكون عند صباح، أوشادية، أوفايزة، فاحترت معاك، وتم إنهاء الموقف بضحكة كبيرة بينهما. وعن سر حذف سيدة الغناء لكوبليه كامل من أغنية “إسأل روحك” يقول الموجى الصغير: بعد رائعتهما العاطفية “للصبر حدود” والتى أتعبت والدى فيها كثيرا جراء تدخلاتها الكثيرة، كان من المقرر أن يتعاونا فى لحن جديد من كلمات الشاعر “مجدى نجيب” ، لكن لظروف لا أعلمها لم يخرج هذا العمل للنور، وأثناء ذلك عرضت عليه كلمات أغنية “إسأل روحك” للشاعر عبدالوهاب محمد، وتحمس جدا لتلحينها، وفى هذه الأغنية لم يجعلها والدى تتدخل إلا بقدر محدود جدا جدا، ومن الأشياء التى تدخلت وحذفتها كوبليه كامل يقول: “ آآآآآآه لو كل الناس بيحبوا / زى ما قلبى عاش بيحبك/ فوق أحاسيس وشعور الناس./ كانت الدنيا بقيت حاجة تانية/ كان الناس بقوا زى ملايكة من الإحساس/ وأنا على الحب وبس بعيش./ بعدى كمان مبيبعدنيش/ والحرمان مابيشغلنيش/ واللى بيعرف قلبه الحب/ ما بيسألش فى بعد وقرب/ بس كفاية عنده يحب، وأنا حبيتك، أنا حبيتك للحب لوحده/ اللى لا قبله غرام ولا بعده/ غدرك بيا آثر فيا” وكانت حجتها فى حذف هذا الكوبليه أنها تراه “عندليبى خالص”، أى أنها تشتم فيه روح عبدالحليم حافظ الموسيقية، وقالت له بالحرف الواحد” يا موجى إصرف الملايكة” وبالفعل تم حذف “الكوبليه” ولقد استفاد منه والدى فيما بعد، عندما لحن موشح “ يا مالكا قلبي”،واستغل”الآهات” التى كانت فى كوبليه أم كلثوم وأعطاها لعبدالحليم فى كوبليه” آه من الأيام آه”. ويستطرد الموجى الصغير: بعد النجاح الكبير الذى حققته أغنية “ إسأل روحك” أهدت كوكب الشرق والدى “دبلة بلاتينيه” ظلت فى أصبعه حتى رحيله، وما زلت أحتفظ بهذا التذكار حتى اليوم. ويقدم الموجى الصغير للأهرام كشفا جديدا أيضا ولأول مرة، بأنه كان من المقرر أن تغنى كوكب الشرق لوالده أغنية آخرى من كلمات شاعر الشباب أحمد رامى بعنوان “ لوكنت بصعب عليك”، لكن حالت ظروف مرضها ووفاتها دون ذلك، يقول مطلع الأغنية : ليه كل ما أنظر إليك تبعد عنيك عن عنيا/ لو كنت بصعب عليك راعينى وأعطف عليا/ خلينى أشوف طيف أحلامى ما بين جفونك/ خلينى أنور أيامى من نور جبينك/ وإن كنت غضبان من قلبي/ إيه ذنب عينى ده عينى هى رسول حبي/ بينك وبينى وحياة جمايلها عليك/ راعينى وأنظر إلي/ وكل ما أشتاق إليك/ قرب عينيك من عنيا وانظر إلى/ ده عينى ديه هى الوفيه.