لأن التنمية الاقتصادية ورفع مستوى معيشة المواطن هى الشغل الشاغل للقيادة السياسية والحكومة فى الوقت الراهن، فإن الملف الاقتصادى أصبح يحظى بأهمية خاصة فى جولات الرئيس عبد الفتاح السيسى الخارجية، إلى جانب هموم الملفات السياسية والامنية بطبيعة الحال، وهناك من الوزراء الذين يحملون هموم هذه الملفات على مدار الساعة. ومن بين هؤلاء الوزراء منير فخرى عبد النور الوزير السياسى والاقتصادى المخضرم، الذى يدير ملفاته بفكر منفتح تماما لتجاوز الازمات وبواقعية شديدة للوصول إلى حلول عملية لا تحتمل المزيد من التزييف او التجميل لكسب الرأى العام .. فهو معروف عنه صراحته الشديدة لإدراكه خطورة الوضع الاقتصادى الذى تمر به البلاد. لذلك كان من الضرورى التحاور معه حول الاوضاع الاقتصادية الراهنة ونحن على اعتاب مؤتمر اقتصادى مهم فى مارس المقبل، تشارك فيه معظم دول العالم، خاصة وانه يحمل حقيبة 3 وزارات على درجة عالية من الاهمية، وهى حقائب الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتى يعقد الجميع عليها الآمال لتحقيق معدلات نمو تساعدنا للخروج من ازمتنا الاقتصادية .. وبطبيعة الحال كان السؤال الاول عن نتائج زيارات الرئيس الخارجية، خاصة وانه مشارك رئيسى فى الاعداد لها والمشاركة فيها. وإلى تفاصيل الحوار.. رغم قصر مدة مشاركة الرئيس السيسى فى منتدى دافوس ، إلا أن هناك نتائج ايجابية سريعة، خاصة عقب لقائه مع وفد من كبار رجال الاعمال على المستوى العالمى .. فماذا تحقق خلال هذه الفترة القصيرة؟ حقيقة زيارة الرئيس لدافوس هى جزء من رحلاته الخارجية شرقا وغربا بجانب لقاءاته العديدة مع ضيوف مصر من كبار المسئولين الدوليين، حيث يحرص الرئيس خلال تلك اللقاءات على ارسال رسالتين سياسية واقتصادية لا تتغير، هدفها استعادة ثقة الاسواق الدولية والمستثمرين والمؤسسات المالية فى اداء الاقتصاد المصرى ومستقبله والفرص التى يزخر بها، مع التأكيد ان مصر تفى بالتزاماتها وتسير بخطوات ثابتة نحو تهيئة مناخ صحى لممارسة الاعمال ..جاذب للاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية، وذلك من خلال العمل على محورين، الاول تنقية وتحديث التشريعات الاقتصادية، والثانى مراجعة اللوائح والنظم الادارية المنظمة لتعامل المستثمرين مع الاسواق المصرية بقطاعاتها الثلاثة، صناعة وتجارة وخدمات، وكل هذا لتصبح مصر قبلة للاستثمارات الدولية والاقليمية، وهو امر يجب ان نتوقف عنده، فمصر تحتاج بالفعل للعمل بقوة لجذب الاستثمارات الاجنبية لسد الفجوة بين متطلبات النمو الاقتصادى المواكبة لمعدلات النمو السكانى وبين حجم المدخرات المحلية التى لا تزيد على 15% ماذا نحتاج لسد هذه الفجوة؟ إن معدلات النمو الاقتصادى خلال السنوات الثلاث الماضية لم تزد على 2% فى المتوسط، فى حين معدل الزيادة السكانية للاسف الشديد يسجل 2.6%، اى ان متوسط الدخل الفردى ينخفض فى حقيقة الامر، ولذا اعتقد اننا نحتاج للخروج من تلك الدائرة المفزعة ان نزيد من معدلات تدفق الاستثمارات الاجنبية الى 12 أو 12.5 مليار دولار سنويا على اقل تقدير. ملف العلاقات الاقتصادية المصرية الروسية من الملفات المهمة التى يوليها الرئيس السيسى اهمية خاصة وانتم مشاركون فى اعداد هذا الملف، كما ان هناك زيارة مرتقبة للرئيس فلاديمير بوتين لمصر .. ماهى اهم الموضوعات المطروحة على مائدة زيارة الرئيس بوتين لمصر، وماذا تم حول الاتفاقات التى ابرمت بين الرئيسين السيسى وبوتين خلال زيارة الرئيس السيسى لروسيا مؤخرا ؟ هناك اكثر من موضوع سيتم مناقشته خلال زيارة الرئيس الروسي، لعل من اهمها ملف استيراد القمح الروسى وعمليات تطوير مصانع القطاع العام التى انشئت فى عقد الستينيات بتكنولوجيا روسية، مثل مصانع الحديد والصلب ومجمع الالمونيوم وعمليات تطوير وتحديث توربينات توليد الكهرباء من السد العالي، إلى جانب ملف الاستثمارات الروسية بمصر سواء بالمنطقة الصناعية الروسية شمال السويس او خارجها وملف مفاوضات التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الاورواسيوي، حيث نستهدف الاستفادة من زيارة الرئيس بوتين لاعطاء دفعة قوية لملف المفاوضات من اجل مضاعفة صادراتنا لدول الاتحاد ليس فقط كحاصلات زراعية او منتجات غذائية، ولكن ايضا كمنتجات صناعية. لكن ما تأثير أزمة الروبل الروسى على تلك الخطط؟ للاسف الظروف التى تمر بها روسيا وازمة الروبل ستؤجل ثمار النجاحات التى حققتها مصر فى الملف الروسي، حيث سجلنا معدلات نمو فى صادرات مصر لروسيا بلغت 34% العام الماضي، رغم ان هذا اقل من المستهدف من البلدين حقيقة وهو ما يرجع لاجراءات الدول الغربية التى اتخذت فى اعقاب ازمة جزيرة القرم وما تبعها من نزاع مع اوكرانيا على الاقتصاد الروسي، حيث خسر الروبل الروسى نحو 54% من قيمته بعد تراجعه امام الدولار من 32 روبل للدولار إلى 70 روبل الآن. ماذا عن ملف العلاقات مع الصين وآخر المستجدات؟ الحقيقة ان ملف العلاقات مع الصين يشهد قفزات كبيرة، حيث تستقبل القاهرة يوم 8 فبراير المقبل وفدا كبيرا من الصين، يضم كبار المسئولين بوزارة التجارة الصينية إلى جانب بنك تنمية التجارة الخارجية الصيني، وتستهدف الزيارة بلورة بروتوكولات التعاون مع الشركات الصينية لمشروعات محددة فى قطاعى الطاقة والنقل، وسوف نناقش مع الوفد الصينى طرق تنفيذ تلك المشروعات سواء تمت من خلال ضخ استثمارات مباشرة من الصين أو كمشروعات مشتركة أو بنظام انشاء وتشغيل القطاع الخاص لصالح الدولة ال P.O.T، أو المشاركة بين القطاعين العام والخاص ال P.P.P، ووفقا للأولويات التى تحددها الحكومة المصرية، كما سنناقش شروط التمويل. ايضا سنقوم بعرض المشاركة فى مشروع مدينة الجلود بالروبيكى على الجانب الصينى الذى يمتلك خبرة كبيرة فى مجال الصناعات الجلدية، كما ان لديهم استثمارات ناجحة بالقطاع فى إثيوبيا ويمكن تجربة هذا النجاح بالسوق المصرية التى تتميز بحجم كبير ووفرة بالمواد الخام وعمالة مدربة. وأنا فى الواقع متفائل كثيرا بهذه الخطوات لعدة اسباب، اولها الاهتمام الكبير من الحكومة الصينية ومجتمع الاعمال الصينى بتعزيز التعاون مع مصر، وهو ما يرجع ليس فقط لرغبة الشركات الصينية الاستفادة من موقع مصر كمدخل طبيعى للقارة الإفريقية، وانما للاستفادة من شبكة اتفاقيات مصر التجارية التى تمكن المنتجين بمصر بغض النظر عن جنسياتهم بتصدير منتجاتهم لاسواق الدول العربية والإفريقية والاوروبية بمزايا جمركية. نعلم أن هناك توجها صينيا للتوسع فى المشروعات القائمة حاليا بمصر؟ هذا صحيح والاسبوع القادم سألتقى مجموعة من المستثمرين الصينيين الراغبين فى توسعة مصانعهم بمصر، فمثلا هناك شركة صينية ستزيد حجم طاقتها الانتاجية من مادة الفايبر جلاس من 80 الف طن حاليا إلى 160 الف طن، ما يضع مصر فى المرتبة الثالثة عالميا بعد امريكاوالصين فى انتاج تلك الخامة المهمة لصناعات البتروكيماويات، ايضا هناك شركات صينية لديها مصانع اعلاف ستقوم بزيادة استثماراتها بالقطاع، وثالثة ستدخل مجال استصلاح الاراضى الصناعية، ورابعة ستبدأ فى انتاج اذرع محطات الرياح (طواحين الهواء)، كما ان المنطقة الصناعية الصينية بشمال غرب خليج السويس تشهد طفرة غير مسبوقة فى حجم الاستثمارات التى تضخ بها، حتى إن الشركة الصينية التى تدير المنطقة قامت برفع رأسمالها وزادت من استثماراتها كى تواكب زيادة الطلب على الاراضى المرفقة بالمنطقة التى تقدم نموذجا مختلفا للمناطق الاقتصادية الخاصة، مقارنة بالمناطق الصناعية الاخرى بمصر. ماذا عن مشروع مدينة المعارض ؟ القرض الصينى انتهت فترته وتم سحبه مما تسبب فى عدد من المشكلات بين الجانبين، وخلال ايام قليلة سنعلن عن توقيع اتفاق ينهى تلك الخلافات كلها، حيث سنسترد قيمة الدفعة التى سددتها هيئة المعارض لانشاء فندق ضمن مشروع ارض المعارض، بما يسمح بغلق هذا الملف. لكن ما مصير المشروع؟ المشروع مازال قائما ولكن سنغير عنوانه فقط، حيث وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بتخصيص مساحة 500 فدان على طريق مصر السويس خارج القاهرة الكبري، كما توجد قطعة ارض اخرى على طريق العين السخنة، ونقوم حاليا بدراسة البدء فى انشاء مدينة للمعارض على ايهما، واعتقد اننا سنختار الاقرب للعاصمة الإدارية الجديدة لمصر الجارى التخطيط لانشائها الآن. ماهو مصير أرض المعارض الحالية ؟ اعتقد ان الرشد الاقتصادى يحتم علينا ان ننظر بصورة اكثر عمقا لملف ارض مدينة نصر التى تبلغ 100 فدان اى نحو 4.2 مليون متر مربع قيمتها تزيد على 40 مليار جنيه وليس من المنطقى إهدار تلك القيمة الضخمة لإقامة صالات للعرض نجدها فى كل دول العالم المتقدمة خارج المدن لانها ببساطة تسبب زحاما مروريا غير عادي، ولذا نقوم حاليا بدراسة افضل سبل استغلال هذا المورد الضخم سواء لاقامة مشروع تجارى ضخم عليها او تجمع سكنى او فندقي، واعتقد ان المشروعات ذات الحجم المالى الضخم مثل ارض المعارض يجب ان تدرس بمنظور متكامل وبصورة متأنية للتأكد من الجدوى الاقتصادية والتدفقات النقدية المتولدة عن اى مشروع يتم طرحه. وعموما لقد ارسلنا الخرائط المقترحة لمدينة المعارض لوزيرى الاسكان والتخطيط لاستطلاع رأيهما فى المشروع وفى ملف ارض المعارض بمدينة نصر لتحديد انسب الاستثمارات المتاحة لها. يحظى ملف التعاون الاقتصادى مع إفريقيا باهتمام خاص من جانب الرئيس، خاصة ونحن نشاهد اليوم مشاركته الفعالة فى القمة الإفريقية بإثيوبيا .. ماهو الجديد فى هذا الملف؟ شخصيا أنا مقتنع أن جزءا من حل المشكلات الاقتصادية بمصر مرهون بتعزيز التعاون التجارى والاستثمارى مع إفريقيا التى تمتلك اسواقا متعطشة لكم هائل من المنتجات وتحتاج لكل شيء بمعنى الكلمة، ايضا فإن مصر لديها ميزة نسبية فى التعامل التجارى مع إفريقيا سواء من ناحية الموقع الجغرافى او توافر وسائل النقل البري، فعلى غرار اوروبا التى تربط جميع اجزائها طرق برية الآن يجرى انشاء طريق برى يمتد من الاسكندرية شمالا إلى كيب تاون جنوبا ليربط البحر الابيض المتوسط برأس الرجاء الصالح، وهذا الطريق انتهت مرحلته الاولي، حيث يمكن للصادرات المصرية ان تصل إلى إثيوبيا بريا، علما بأن شركات مقاولات مصرية تعمل فى هذا الطريق منها المقاولون العرب، وهو ما سيسهم فى قفزة فى الصادرات المصرية إلى جانب تعزيز التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة. ايضا لدينا ميزة تنافسية فى الاسواق الإفريقية، تتمثل فى اصول مصرية غير مستغلة سواء فروع شركة النصر للاستيراد والتصدير، ايضا لدينا اراض فى اكثر من دولة إفريقية، خاصة بمنطقة غرب إفريقيا وبسبب ظروف تاريخية لم نستغلها كما يجب، والاسبوع الحالى سألتقى مع رئيس النصر للاستيراد والتصدير لدراسة الاستفادة من هذه الاصول فى تطوير عدد من المناطق اللوجيستية لتخزين المنتجات المصرية، خاصة ان اسواق غرب إفريقيا تحديدا تتعامل باسلوب البضاعة الحاضرة، كما سندرس اقامة معارض دائمة لمنتجاتنا هناك. لكن هناك تجارب غير ناجحة فى مجال المناطق اللوجيستية فى السودان والسنغال على سبيل المثال؟ هذا صحيح واعتقد ان المشكلة كانت فى اسلوب ادارة هذه المراكز اللوجيستية التى يجب ان توكل لادارة محترفة متخصصة بالمجال وهو ما تطبقه الامارات على سبيل المثال وهو سر نجاحها. متى يتم توقيع اتفاق دمج التكتلات الإفريقية الثلاث، الكوميسا والساداك وشرق إفريقيا؟ نأمل قبل حلول شهر مايو المقبل الانتهاء من هذا الملف، حيث سندعو رؤساء الدول ال 26 الأعضاء فى التكتلات الثلاث لاجتماع بمصر للتوقيع على الاتفاق الذى سيوجد تجمعا اقتصاديا يضم 625 مليون نسمة بحجم ناتج محلى يزيد على التريليون و200 مليار دولار. ونحن حريصون على سرعة انجاز تلك الخطوة لأنها ستصب فى مصلحة الجميع وستوجد تكتلا اقتصاديا يمتد من البحر المتوسط إلى رأس الرجاء الصالح ، ايضا لابد ان نستثمر فى الدول الإفريقية لانها مستقبل الاقتصاد العالمى وليس فقط المصري، وانا سعيد عندما زرت خلال زياراتى لإثيوبيا وكينيا مؤخرا المصانع المصرية والاستثمارات المصرية هناك، واعتقد أن شعورا بالفخر غمر الوفد المصرى كله. ماذا عن اجتماع وزراء التجارة الأفارقة الذى عقد بالقاهرة مؤخرا، خاصة أنه كان اجتماعا غير رسمي؟ الاجتماع رغم انه كان غير رسمي، فإنه بالغ الاهمية، لانه يؤكد عودة مصر للقارة الإفريقية وترحيب الدول الإفريقية الكبرى بالدور المصرى واهمية تبنى موقف إفريقى موحد من قضايا تحرير التجارة، خاصة انها انجرفت بعيدا عن قضايا التنمية التى تبنتها جولة الدوحة، واعتقد انه حان الوقت لاعادة مفاوضات تحرير التجارة العالمية لمسار التنمية مرة اخري، خاصة انها القضية المحورية للدول النامية. ما هى القضايا التى ستركز عليها إفريقيا فى المؤتمرات الوزارية لمنظمة التجارة، خاصة وأن كينيا ستستضيف المؤتمر المقبل ديسمبر 2015؟ هناك مصالح حقيقية فى ملف الزراعة، ولا اقصد هنا القطن فقط، ولكن معظم المحاصيل الزراعية يتم دعمها من قبل الدول الكبرى ،مثل القمح والذرة والقطن والطماطم، وايضا منتجات الالبان، مما يحد من قدرة منتجاتنا الإفريقية على المنافسة عالميا وايضا محليا، مما يسبب مشكلات كبيرة لقطاع الزراعة وهو القطاع الاهم من الناحية الاقتصادية لإفريقيا، حيث يستحوذ على النسبة الاكبر من عدد السكان الذين يعملون بالزراعة، لهذه الأهمية فإن إفريقيا ستطالب بإلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية التى تحول دون نفاذ منتجاتها الزراعية لأسواق الدول الكبري. هذه القضايا الإفريقية رغم ان مصر قد لا تعانى منها بنفس الدرجة، وإنما يجب أن نتبناها من منطلق دور مصرى يجب ان يكون على الساحة العالمية، ينطلق من ثقل القاهرة على الصعيد الدولى والاقليمي، فيجب ان نتواجد فى إفريقيا وفى آسيا ايضا، وهذا من منطلق اجندة مصرية تتمثل فى الارتقاء بالمواطن المصري ، واعتقد انه يجب ألا نغفل دور المجتمع المدنى فى تقوية الدور المصرى الرسمي، فمثلا الجراح المصرى العالمى الدكتور مجدى يعقوب لديه مركز طبى خيرى بإثيوبيا متخصص فى امراض القلب، مثل مركزه بأسوان، ايضا المستشفى القبطى بنيروبى يضارع اشهر مستشفيات القاهرة، فهذه المبادرات ترسخ مكانة مصر اقليميا. ما القطاعات المرشحة لزيادة تعاملاتها مع إفريقيا؟ قطاعا الدواء والصناعات الهندسية لديهما فرصة كبيرة لمضاعفة تعاملاتهما مع إفريقيا، خاصة ان المواطن الإفريقى يثق كثيرا فى الدواء المصرى والطبيب المصرى والمستشفى المصري، ايضا الاجهزة الكهربائية من غسالات وتليفزيونات وثلاجات وكل الاجهزة الكهربائية الاخرى عليها طلب كبير بأسواق إفريقيا. وماذا عن علاقاتنا مع إثيوبيا؟ علاقاتنا التجارية والاستثمارية مع إثيوبيا تسير بصورة جيدة للغاية، حيث تنمو صادراتنا لاديس ابابا،خاصة فى قطاعات الدواء الذى يتمتع بسمعة طيبة، هناك ايضا الاجهزة الكهربائية والصناعات الهندسية، ايضا تتواجد المقاولون العرب فى السوق الإثيوبية، حيث تنفذ عدة مشروعات كبرى هناك، كما توجد استثمارات مصرية مشرفة فى إثيوبيا، ابرزها مصانع للكابلات الكهربائية والمواسير، كما سيتم خلال فترة قريبة افتتاح مصنع جديد لإنتاج الدواء المصرى بإثيوبيا.وعموما فإن إثيوبيا دولة مهمة، حيث يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة ويتمتعون بقوة شرائية كبيرة إلى جانب تسجيل الاقتصاد الإثيوبى نموا بنسبة 9% سنويا خلال السنوات العشر الاخيرة، صحيح انه ينطلق من قاعدة اقتصادية اصغر من مصر. ايضا فإن مجلس الاعمال المصرى الإثيوبى يبذل جهدا كبيرا لتطوير العلاقات المشتركة، كما تربط رئيس المجلس علاقات متميزة مع المسئولين الإثيوبيين، حيث يبذل جهدا فى تقريب وجهات النظر فى الملفات الخلافية. هذا يأخذنا إلى الحديث عن خسائر مصر من جراء الإرهاب، بكم تقدرها؟ للاسف حجم خسائر مصر الحقيقية من الارهاب لا يمكن تقديرها، فهى تتعلق بمستقبل بلد وشعب، ولكن هناك مؤشرات بسيطة عن حجم الخسائر التى نتحملها لمحاربة الارهاب دفاعا عن قيم العدل والحق والانسانية تتمثل فى خسائر القطاع السياحي، والذى سجل قبل ثورة يناير 14 مليون سائح بإيرادات مباشرة للاقتصاد الوطني، بلغت نحو 12.5 مليار دولار انخفضت هذه الارقام فى السنوات الثلاث الاخيرة، بنسب تقارب ال 50% يضاف لها خسارتنا فى قطاع الاستثمارات التى سجلت فى المتوسط للسنوات العشر الاخيرة قبل الثورة ايضا ما يتراوح بين 6 و7 مليارات دولار كمتوسط سنوى الآن اصبح لا يتجاوز المليارى دولار سنويا فى آخر 3 سنوات، اى خسارتنا لنحو 9.5 مليار دولار سنويا فى السنوات الاربع الماضية بإجمالى 38 مليارا، والاهم من ذلك ثقة مجتمع الاعمال التى اهتزت فى الاقتصاد المصرى بخلاف خسائر تدمير وحرق بعض الاصول العامة وممتلكات المواطنين، ناهيك عن شهدائنا الابرار الذين يسقطون فى المواجهة ..وهذا ثمن فادح، ولكن نتحمله دفاعا ليس فقط عن شعبنا العظيم، وإنما دفاعا عن الانسانية كلها فى مواجهة ارهاب اسود لا دين او وطن له. هذا يأخذنا للحديث عن آخر تطورات ملف استعدادات مصر لعقد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ؟ أولا: المؤتمر الاقتصادى يتولى متابعته وزيرا الاستثمار أشرف سالمان والتعاون الدولى د.نجلاء الأهوانى تحت إشراف المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، وأعتقد أن الامور تسير بصورة طيبة، وهم كانوا فى شرم الشيخ أمس الأول لتفقد ترتيبات استضافة المدينة للمؤتمر. وثانيا: فإن دور وزارة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى المؤتمر، هو المشاركة بعدد مختار بعناية من المشروعات التى توفر فرصا استثمارية حقيقية، وأبرزها مشروع تطوير ميناء سفاجا الصناعى الذى سيسهم فى إحداث نقلة نوعية فى عدة قطاعات، سواء القطاع التعديني، حيث نخطط لاستغلاله لتصدير منتجات الصناعات التعدينية، خاصة التى ستقام ضمن مشروع المثلث الذهبي، إلى جانب زيادة القيمة المضافة لخام الفوسفات من خلال تصديره كمنتج صناعى تام، بالإضافة إلى أن ميناء سفاجا سيكون شريان الحياة لصادرات مناطق جنوب الصعيد الصناعية والزراعية التى نتوقع تحقيقها طفرة غير مسبوقة بفضل هذا الميناء وايضا مينائى قسطل و"اركين" البريان مع السودان والثانى نبذل جهدا مضاعفا للإسراع بافتتاحه لحركة التجارة لانه سيوفر كثيرا من زمن الرحلة للسوق السودانية، وبالتالى لدول الجوار، حيث لا نحتاج للدوران حول بحيرة ناصر وصولا للحدود المصرية السودانية،. ماذا عن القطن المصري، ما الحل لمشكلاته؟ اعتقد ان هناك منظومتين، الاولى زراعة القطن، والثانية عمليات الغزل والمنسوجات، وكلاهما يعانيان من مشكلات والحل واحد هو تحرير السوق وتركها للعرض والطلب من خلال عدة اجراءات الاولى تحديد المساحة المنزرعة بالقطن طويل التيلة وفق الاحتياجات العالمية الحقيقية، فيجب ان ندرك ان اذواق العالم تغيرت والكل يبحث عن الارخص والاجود، ايضا لابد من العمل على استعادة الثقة فى القطن المصرى من خلال القضاء على عمليات الخلط ونعود لتعبئته فى اجولة من الجوت للحفاظ عليه من الاتربة والملوثات. ايضا لابد من السماح بزراعة قطن قصير التيلة، ولكن خارج الوادى الجديد لمنع خلطه بالقطن طويل التيلة، وبالتالى توفير غزول تناسب احتياجات الصناعات المصرية، هذا هو الحل وبدونه سنستمر فى مشكلة فضلة القطن واحتياج المزارعين لدعم الدولة. وبالنسبة لمشكلات قطاع الغزل والنسيج فسوف نعقد اجتماعا قريبا للجنة العليا للغزل لبحث تلك المشكلات، خاصة قدم المعدات وخطوط الانتاج ونقص عمليات الصيانة. هناك تخوفات من التراجع المستمر فى قيمة الجنيه أمام الدولار وتأثير ذلك السلبى على حركة التجارة وارتفاع الأسعار بالأسواق؟ لاشك ان هناك بعض السلع خاصة المستوردة ستتأثر بارتفاع اسعار صرف الدولار امام الجنيه، لكن من ناحية اخرى لاشك ان بعض الواردات ستتراجع لصالح الانتاج المحلي، وهو ما يعنى فرص عمل اكثر من خلال تشغيل مصانعنا، بجانب زيادة تنافسية منتجاتنا خارجيا، حيث ستستفيد من ارتفاع الدولار امام الجنيه. على الجانب الآخر هناك مشكلة التهريب التى قد تتفاقم بسبب هذه الأوضاع؟ الجزء الاكبر من مشكلات الصناعة المصرية يتمثل فى التهريب بأشكاله المختلفة سواء التهريب عبر المنافذ او الحدود او عن طريق"غش الفواتير" التى ترد بقيم غير حقيقية لدرجة ان مستوردى الاحذية يدخلون الحذاء على سبيل المثال بسعر 30 سنتا اى ما يعادل الجنيهين، ايضا يستغلون ثغرات نظم الافراج الجمركى ونحن نتعاون وننسق مع وزارات المالية والداخلية والدفاع لمواجهة تلك الظاهرة، وحقيقة لابد ان نشيد بالشرطة والجيش، حيث يبذلان جهدا كبيرا فى السيطرة على عمليات التهريب فى بورسعيد ونركز حاليا على المناطق الاخرى التى تنشط بها عمليات التهريب. فى إطار جهود مكافحة التهريب.. لماذا لايتم تجفيف منابع بيع السلع المهربة والتى يتم بيعها أمام أعين الكافة دون تدخل واضح؟ هذا صحيح فيجب ان نواجه المهربين ايضا فى الحلقة الاخيرة وهى عند بيع المنتجات، وهذا الدور المنوط به وزارة التجارة الداخلية، وهو ما يجعلنى اتساءل عن مدى صواب قرار فصل التجارة الداخلية عن وزارة الصناعة والتجارة. أخيرا كيف ترى الجدل الدائر حول معايير مساندة الصادرات ومطالب العودة للنظام القديم؟ هذه المطالب تتجاهل ان الامور سارت ولم يعد هناك مجال للحديث عن تأجيل أو إلغاء، حيث نطبق بالفعل المعايير الجديدة لمساندة الصادرات، وتم الانتهاء من ميكنة دورة العمل بصندوق مساندة الصادرات، كما ان المعايير الجديدة هى انعكاس للسياسة الصناعية للحكومة الهادفة لتعميق المكون المحلى والتكنولوجى والابتكارى وتنمية المناطق التى تم تجاهلها طويلا من خلال حوافز للاستثمار والتصدير إلى جانب تشجيع الصناعات كثيفة العمالة .