جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا.. تعرف على المواعيد الرسمية لجميع المواد    «العمل» تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    وزارة العمل تحذر المواطنين من عمليات النصب باسمها فى الداخل أو الخارج    سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الاثنين 19 مايو 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 19 مايو 2025    مسح سوق العمل يكشف: مندوب المبيعات أكثر وظائف مطلوبة بالقطاعين العام والخاص    التموين: صرف 80% من السلع التموينية لأصحاب البطاقات خلال شهر مايو 2025    تشخيص إصابة جو بايدن بسرطان البروستاتا المنتشر في العظام.. "المرض عدواني لكنه قابل للعلاج"    إعلام فلسطينى: 5 شهداء ومصابون جراء غارة استهدفت نازحين بمخيم جباليا شمال غزة    يلتقي السيسي وأبو الغيط والطيب وتواضروس، أجندة زيارة الرئيس اللبناني للقاهرة    بولندا تتجه إلى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية    اليوم.. السيسي يستقبل نظيره اللبناني جوزاف عون لبحث تعزيز العلاقات الثنائية والاستقرار الإقليمي    نقل شهداء وجرحى الغارات الإسرائيلية فى خان يونس على سيارة نقل (فيديو)    موعد مباراة ليفربول وبرايتون في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    حالة الطقس اليوم في الكويت    اليوم.. الحكم على متهم بدهس مهندس فى التجمع    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين فى قضية خلية الجبهة    الأهلي يحدد موعد إعلان تنصيب ريفيرو مديراً فنياً للفريق    نمو مبيعات التجزئة في الصين بنسبة 5.1% خلال الشهر الماضي    تحويلات مرورية بعد انقلاب سيارة بحدائق الزيتون    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    الجرافات الإسرائيلية تهدم سور المستشفى الإندونيسي في قطاع غزة    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    هبوط استثنائي تجاوز 1400 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 19-5-2025    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    بتهمة فعل فاضح، حجز حمادة عزو مشجع مالية كفر الزيات    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة الثقافية ..من أين تبدأ

هل نحتاج إلى ثورة ثقافية تواكب ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟... هل تطلعات المصريين يمكن تحقيقها دون هذه الثورة المنشودة؟. وعلى من تقع مسئولية تحقيقها..المجتمع أم الحكومة؟. . وماذا عن وزارة الثقافة ودورها فى الارتقاء بالمنتج الثقافى؟.... هل المجلس الأعلى للثقافة - وهو يمثل عقل الوزارة لا يزال »جيتو مغلقاً« بأنشطته وأعضائه ؟
فى محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة كان حوارنا مع الشاعر والإذاعى الكبير فاروق شوشة، والدكتور محمد عفيفى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة:
فاروق شوشه : من التربية والتعليم وتوفير احتياجات المواطن
أكد الشاعر وعضو مجمع اللغة العربية والاذاعى القدير فاروق شوشة ان الثورة الثقافية مسئولية المجتمع بأسره ، وجميع الوزارات, وليست وزارة الثقافة فقط.، ويرى شوشة أن ما عشناه من ثورة شعبية ومن تحديات سيلد من بين هذا الجيل والاجيال القادمة أمثال طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم .
وحول الحالة الثقافية الراهنة وكيفية تحقيق ثورة ثقافية تعيد لمصر دورها الرائد فى المنطقة كان لنا معه هذا الحوار :
هل نحتاج الى ثورة ثقافية؟.
ما زال الواقع الثقافى حتى الآن امتدادا لما حدث فى العقود الاخيرة، مثل انهيار منظومة التعليم، وغياب دور المدرسة التعليمى والتثقيفى. المفروض ان المدرسة هى التى تغرس فى النشء بذور التطلع الثقافى، من خلال هواية القراءة والاهتمام بحصة المكتبة والصحافة المدرسية وجمعيات التمثيل والخطابة والمناظرات ، الى جانب الميول الفنية كالرسم والتصوير والموسيقى والمسرح والخطابة. الآن لدينا مدرسة صماء عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الخبرة التعليمية والتربوية. نحن نسينا قضية التربية وأصبحت الوزارة تحمل اسم التعليم فقط، وأسقطت مفهوم التربية التى كانت مسئولة عن تنمية الشخصية المصرية . التعليم, خصوصا فى مراحله الاولي, يكون الشخصية المفكرة المسئولة ، التى تأخذ بأسباب البحث العلمى الذى يشكل العقل ويؤهله الى التفكير للمستقبل. المدرسة حتى الآن منقطعة عن حركة الحاضر، وبالتالى هى غير مؤهلة للمستقبل، لأن النشء الذى أعلمه فى سن السابعة والثامنة والتاسعة، سيكون مسئولا عن المجتمع وهو فى سن العشرين. هل نحن الآن نؤهله الى عالم المعرفة ومنتجات الفكر الانسانى والتقدم العلمى والتكنولوجى حين يبلغ العشرين؟. أشك فى ذلك كثيرا . وسائلنا قاصرة ، والمعلمون لابد ان يمروا بمراحل تدريب مستمرة, لا تتوقف. المنهج الدراسى غير مشوق وغير محبب وغير صحيح وغير سليم، الأمر الذى يؤكد ان طرق التعليم متخلفة.
من أين تبدأ الثورة ؟.

بداياتها تكون من المدرسة، لان الثقيف أحد أهم أسس العملية التعليمية, التى تقدم الدين بالاساليب الصحيحة وتضع بين ايدى النشء الكتب المطلوبة التى تقدم الفكر الدينى الصحيح. بداية التعرف على الدين تبدأ من المدرسة، وهو ليس مجرد حفظ لبعض الآيات والاحاديث، وتكرار ما سبق قوله منذ مئات السنين. نحن محتاجون الى مناهج فى التربية الاسلامية تكون جزءا من شخصية المتعلم, لكننا لا نهتم بفكرة التربية وبفكرة الشخصية، نحن جعلنا التربية الإسلامية على هامش العملية التعليمية، تربية وتثقيف الشخصية المصرية ينبغى ألا تكون مقصورة على حصة الدين, سواء كانت للدين الاسلامى او المسيحى، نحن نريد تربية المواطن دينيا، تربية يتحقق بها المؤتلف لا المختلف، المتفق عليه وليس المختلف عليه، بحيث يدرسها النشء منسابة فى دروس التاريخ، وفى دروس الجغرافيا، وفى دروس العلوم ، فى كل ما تقدمه المدرسة. يأتى بعد ذلك دور المؤسسات الدينية فى المجتمع وفى مقدمتها دور الأزهر الشريف، فهو لا يزال يحتاج الى تحديث لغة خطابه الدينى، هذا التحديث لا يعنى رفض التراث الإسلامى ، ولكن تجديده وإحياء أهم علاماته ومعالمه المضيئة، ونشر فكرة السماحة والأخوة الدينية. ما أراه هو أن الأزهر منذ أن صدر قانون إصلاحه الذى سمح بوجود كليات عملية مثل كلية الطب والهندسة داخل رحاب الازهر، أصبح التوجه الى كليات الفكر الدينى والادبى والفكرى فيه أقل، ونتجت عن ذلك مزاحمة لمشروع رسالة الأزهر الاصلية. نحن محتاجون الى أزهر حقيقى تكون رسالته تجديد الخطاب الدينى.

هل يمكن أن تسهم وسائل الاتصال الحديثة فى تطوير العملية التعليمية وصولا إلى الثورة الثقافية؟.

آن الاوان ان نأخذ بما يسمى التعليم بواسطة وسائل الاتصال الالكترونية، وأن يصبح التليفون المحمول وأجهزة الكمبيوتر وتويتر وسائل تعليمية مشوقة للنشء. هم يلعبون بها طيلة الوقت، فإذا دخلت هذه الوسائل الى الحصة المدرسية وطالبنا التلميذ بكتابة تغريدات أو موضوع ما على هذه الاجهزة، لن يشعر بأنه يمارس عملية تعليمية خالصة، بل نوعا من الأنشطة الفنية. هناك مدارس أخذت بهذه الفكرة وبدأت تعلم النشء الصغير الكتابة والتفكير بالعربية من خلال التغريدات ومن خلال ما يكتب على الفيسبوك وتويتر وغيرهما . فالتعليم الذى هو البداية الحقيقة للثورة الثقافية لا يطوره مؤتمر ولا خطة وزير.

أما الجامعات, فنحن ما زلنا متخلفين مقارنة بالجامعات المتطورة حول العالم . أعتقد اننا ما دمنا نحشد فى الجامعات كل عام هذه الآلاف، بيما فشلنا فى توجيه البعض الى التعليم الفنى او الى التعليم المتوسط بكل انواعه الزراعية والصناعية والتجارية ، ليظل العبء يلقى على الجامعات بهذه الكثافة، فسنظل نعانى من تخلفنا الثقافى.

ما مدى مسئولية التيارات السلفية المختلفةعن شيوع ظاهرة التخلف الثقافى؟.

التسلط الفكرى وانتشار المفاهيم المنحرفة فيما يتصل بعملية التدين، يعد عاملا مهما فى نشر التخلف الثقافى. الفكر السلفى أفرخ كثيرا من نزعات الإرهاب، ووسائل تعليمهم فى معسكراتهم ترسخ عقيدتهم فى تكفير المجتمعات وتشجعهم على الذبح والتدمير، وتهديد استقرار الدولة باعتبارها ليست دولة الاسلام. هذا التفكير عنصر طارد للعملية الثقافية الحقيقية، وعنصر مؤثر خصوصا فى القرى والكفور والنجوع. العواصم الكبرى والحضر ربما تشهد موجات من ردود الأفعال الرافضة لفكر هذه الجماعات ، وموجات من التنوير ، لكن آلاف القرى والكفور والنجوع يسيطر عليها أصحاب هذا الفكر المتخلف .

الى اى مدى أسهمت وزارة الثقافة بأدائها الحالى فى نشر التخلف الثقافى ؟.

لدينا وزارة تمخضت عن قطاعات ومؤسسات ، وتحولت ميزانيتها الى رواتب لآلاف العاملين, فلا يتبقى للإبداع الثقافى الا القليل من ميزانيتها .هناك أمر آخر خطير, وهو الفشل فى إقامة جسر ثقافى حقيقى بين المنتج الثقافى فى المجتمع ومستهلكيه من الشباب,الراغبين فى المعرفة وفى ممارسة الإبداع, والمتطلعين الى تخطى حاجز الأمية والجهل ، وهم بالملايين . الوزارة تعد الآن مشروعا للعمل مع وزارات الاوقاف والشباب والتعليم ، لكن هذه الامور كلها لا تزال فى مرحلة اللقاءات وتبادل الأفكار والرؤى ، وحتى الآن لم تثمر عن خطة تنفيذية حقيقية للارتقاء بالعمل الثقافى .

هل حالة عدم الاستقرار السياسى والأمنى تؤثر بالسلب على الواقع الثقافى ؟.

هناك بعد مهم ومؤثر فى الواقع الثقافي, وهو ما يتصل بحالة مجتمع يواجه الإرهاب. هذه الحالة تتطلب حشدا أمنيا بالدرجة الأولى للمحافظة على مؤسسات الدولة وكيانها. وهذا يأخذ من رصيد العمل الثقافي، ومن الاهتمام بالعمل الثقافى . المجتمع كله مشحون بقضية مواجهة الإرهاب والمحافظة على الدولة ومنعها من السقوط ، مشحون بالرغبة فى أن يعيش حياته بأمان واطمئنان.

السعى وراء الكتاب أو المسرحية او الفيلم السينمائى يتطلب مجتمعا تحقق له قدر أكبر من الاستقرار والطمأنينة, أما إذا كانت الدولة مجهدة ومشغولة بتعقب الإرهاب والقضاء على ينابيعه, فهذا يخصم من رصيد العمل الثقافى ولا يجعل الناس تتجه الى متابعة هذا النشاط والإحسا س بأن له اولوية او ضرورة, لأن حفاظها على الحياة المستقرة الآمنة ضرورة أولى قبل اى نشاط مجتمعى آخر. ولذلك فحتى الآن يبدو الواقع الثقافى وكأنه استمرار لما كان طيلة عدة سنوات وليس فيه الجديد البارز الذى يمكن ان يهز المجتمع ويحركه بجذوره ويدفع بما نسميه الثورة الثقافية المطلوبة .

وهل هجرة المصريين الى الدول المجاورة كانت سببا فى تمازج ثقافتنا بثقافات دخيلة فحدث التشوه الثقافى ؟.

المواطنة ليست شعارات ولا أغانى ولا «باحبك يامصر»، المواطنة هى الشعور بالإنسانية ، وبأن لى مكانة وعملا ومسئولية وانتماء حقيقيا يربطنى بهذا البلد. توفير احتياجات المواطن من عمل ومسكن جزء أصيل من إعداده للانتماء والدفاع عن ثقافته . والدولة لم تحسن تربية وتوجيه الذين لجأوا الى الهجرة والخروج من بلادهم للعمل ، هم خرجوا للبحث عن تحقيق ذاتهم. نحن نسمع كل يوم عن محاولات الهجرة غير المشروعة ، وتعرض الشباب لخطر الموت غرقا. هم يهربون من وطن لا يوفر احتياجاتهم الضرورية، فمن الطبيعى تأثرهم بثقافات الدول التى وجدوا فيها ما خرجوا للبحث عنه ، وعند عودتهم الى وطنهم بهذه الثقافة ، يكون من الطبيعى انتشارها فى المجتمع .

هل النقص فى وجود كوادر ثقافية شابة أسهم فى عدم تجديد وتطوير الخطاب الثقافى ؟.

بداية أعترض على مفهوم الشباب لدينا. البعض يتحدث عنهم باعتبارهم طلاب الجامعة ، والبعض يرى أن الشباب هم من خرجوا فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو ، بينماهناك قطاع هائل من شباب هذا المجتمع يتولون مسئوليات حقيقية فى مواقع مختلفة. نحن ننسى المدرسين واساتذة الجامعات الشباب، والشباب المسئولين فى المؤسسات المختلفة، الثقافية والاقتصادية والفنية والدينية. اذن فإن مفهوم الشباب لدينا ينبغى ان يتغير. الشباب ليسوا فقط من هم فى عشرينيات العمر, يجب أن يتسع هذا المفهوم ليضم من هم فى الثلاثينيات والاربعينيات، هؤلاء أيضا شباب حقيقيون، شباب عقلا وفكرا وتوجها وقدرة على إحداث التغيير وعلى بناء المجتمع. فطلاب الجامعات من الشباب الذين يمارس بعضهم الإرهاب ولهم اعتراضات على بعض السياسات ليسوا كل شباب مصر, بل هناك قطاع هائل من الشباب أقابل العديد منهم ولديهم الكثير من الوعى بحقيقة الوضع فى مصر, ويعرفون متطلبات المرحلة الراهنة وما تفرضه من تحد نواجهه . لكن هناك بعض الأشياء الهامشية التى تسيء الى المنظومة الثورية التى نعيشها الآن، نحن فى ظل وزارة كثير من وزرائها لا يستحقون هذا الشرف, والذين يعملون من اعضاء هذه الوزارة ويرهقون انفسهم فى السعى الدائم والرغبة فى التغيير والإلتفات الى إحتياجات الناس هم قليلون, وبالتالى ليست هذه هى الوزارة التى تليق بعهد الرئيس السيسى، فعهده كان يتطلب وزارة استثنائية بكل المعانى، عقلا وروحا وتوجها ونشاطا وشبابا وحيوية.

وهل الواقع الثقافى سبب فى عدم ظهور رواد للفكر والثقافة حاليا؟.

رواد الفكر يعكسون حالة إستثنائية فى تاريخ الشعوب. وهذه القمم لا تصنع فى زمن واحد ، فطه حسين مثلا محصلة ظروف واجيال شتى وسنوات عديدة من التعلم وإكتساب الخبرة ، كذلك أحمد شوقى وحافظ ابراهيم, فهم رواد سبقوا ومهدوا الطريق. وكذلك العقاد وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ. هم مواهب عبقرية ظهرت تقريبا فى زمن واحد. ولقد رحل هؤلاء جميعا, سواء فى الادب او الفن او السياسة او الثقافة. معنى هذا ان هناك دورات زمنية للإنتاج والإبداع تظهر فى حياة المجتمع . طبعا التعليم عامل أساسي, لكن هناك ظروفا اخرى فى المجتمع لا يمكن تجاهلها، منها التحديات والمواجهات ، كانت هناك قضايا الإستقلال والحرية والديمقراطية وتحقيق الحياة النيابية الصحيحة وتحقيق إستقلال الجامعات والتعليم، كل هذه القضايا كانت وراء صنع هذه الكوكبة الفريدة ، وأعتقد اننا نتيجة لما نعيشه الآن من ثورة ومن تحديات سيبزغ من بين هذا الجيل والأجيال القادمة من يتصدر المشهد وتكون قامته مماثلة للقامات التى سبق الإشارة إليها .

ما مدى تأثر ثقافتنا بدخول الإسلام الى مصر؟.

عندما انتشر الإسلام فى مصر وتحولت لغتنا الى اللغة العربية ، أعطت هذه اللغة بعدا جديدا لثقافتها. و أصبح التراث العربى كله جزءا من الموروث الثقافى المصري، فتمصر,أى أخذ الطابع المصرى, واصبح الشعراء المصريون مثلا مختلفين فى المذاق والمعجم اللغوى والتناول عن نظرائهم فى بلاد اخرى. والثقافة المصرية هى ثقافة التسامح, لانها نتجت عن التعايش بين المسلم والمسيحى واليهودي, وبين المصريين والأجانب الذين عاشوا فى مصر, فكانت ثقافة التدين تعكس النظرة الرحبة الى اصحاب الديانات المختلفة. فثقافتنا عريقة ذات جذور متعددة تفاعلت مع التطور التاريخى للمجتمعات فى اطار من السلم والتسامح والانفتاح المستمر، ولها خصوصية تشبه خصوصية النيل, لانها ثقافة مركزية، فهى فى النهاية تعود الى المؤسسة الكبرى فى عاصمة البلاد ثم تنتشر فى روافد وفروع هذا النهر.

هل يمكن الاستغناء عن دور وزارة الثقافة وتكرار فكرة إلغاء وزارة الإعلام؟.

حتى الآن لم نتعرف على جدوى إلغاء وزارة الإعلام، فى بعض الاحيان نقول : لو كانت هناك وزارة للإعلام لحدث كذا وكذا. القطاعات الأساسية لوزارة الإعلام لا تزال تمارس دورها. كل ما حدث هو ان وزير الإعلام غاب عن المشهد ويمارس مهامه رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون. وأخشى ان يتكرر هذا الأمر فى وزارة الثقافة، فنصل الى النتيجة نفسها. الثقافة فعل مركزى له قلب وعقل ومكان، ومن خلال هذه الأمور الثلاثة تتحرك الثقافة, فى صورة قوافل وروافد وقنوات، لتشمل كل الحياة المصرية.

على من تقع مسئولية بداية إحداث الثورة الثقافية المنشودة؟.

الثورة الثقافية ليست مسئولية وزارة الثقافة وحدها، وانما هى مسئولية جميع أجهزة الدولة وجميع فئات المجتمع، و كل من يستطيع تغيير الواقع الى الأفضل، بحيث تتحقق اهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو التى خرج الشعب من أجلها.

كيف ترى مستقبل الثقافة المصرية فى ظل الوضع الراهن؟.

أتصور اننا فى ظل مناخ ثقافى متجدد ومتطور, وعلى الجميع ان يدرك أن ثقافتنا هى الضمانة والامان الحقيقيان لكى يصل مجتمعنا الى شاطئ الاستقرار، وإتاحة الفرص فى كل مجالات العمل للمثقفين والمبدعين الحالمين بمستقبل أفضل وأكثر استقرارا لوطننا.
د. محمد عفيفى: بمواجهة الفكر المتطرف والإرهاب
نفى الدكتور محمد عفيفى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة اقتصار إهتمام وزارته بالتنمية الثقافية فى المدن الكبرى فقط، وتجاهلها المناطق النائية وتهميشها ثقافيا،
وأعترف عفيفى بوجود أزمة حادة فى الكوادر الشابة المثقفة، وقال إن الوزارة تعقد ندوات تثقيفية لاختيار أربعة شباب لمعاونة الوزير فى مهامه..وكان لنا معه هذا الحوار:
فى البداية.. ماذا عن «تشريح» التخلف الثقافى فى المجتمع؟.
السلوك العام يعكس مدى التقدم أو التخلف الثقافى، وهناك الكثير من السلوكيات فى مجتمعنا يشير إلى مدى تفشى هذا التخلف، مثل عدم احترام قواعد وقوانين المرور، والفهلوة وانتشار المحسوبية والرشوة، وتجاهل فكرة المواطنة والحقوق الدستورية. هذه المشكلات ترجع إلى نقص شديد فى طرق التربية والتعليم، وهى سلوكيات لا يصلح شأنها قانون، ولكن تحتاج إلى إعادة تثقيف وتوجيه وتأهيل المواطن.
من المسئول عن هذا التخلف الدولة أم المجتمع؟.
خلال العقود الثلاثة التى سبقت ثورة 25 يناير، تراجع دور الدولة فى مجالات التنمية الشاملة، وتحديدا فى الثقافة والتعليم، وتجاهل نظام الحكم كل ما من شأنه الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين، بينما انشغل بالسياسات التى تدر عائدا ماليا، مثل بيع الاراضى واصول الدولة ومشاريعها. وتُركت المساجد لجماعات الاسلام السياسى، فإستغلوها فى نشر أفكارهم وثقافتهم، فحدث تشويه الهوية الثقافية للمجتمع، وانهارت قيمه التى توارثها وحافظ عليها عبر آلاف السنين والتى تميزت عن غيرها من ثقافات المنطقة.
هل نحتاج إلى ثورة ثقافية تواكب ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟.
بداية لابد أن نعترف بوجود مشكلة تتعلق بمفهوم الثورة الثقافية, لارتباط هذا المصطلح بتاريخ الحركة الشيوعية فى الصين، وانعكاس الثورة الشيوعية بشكل سلبى على الصين وعلى الطبقة المتوسطة . يمكن تمصير مصطلح الثورة بمعنى إحداث تغيير ثقافى كبير يواكب التطورات التى تشهدها بلادنا منذ ثورتى 25 يناير و30 يونيو، والحراك السياسى والفكرى المستمر. وتأتى أهمية الثورة الثقافية بهذا المعنى لمواجهة التطرف والإرهاب باعتبارهما فكرا منحرفا يتطلب مواجهة الفكر بالفكر والرأى بالرأى، وهذا لن يحدث الا إذا تكاتفت كل الجهود المهتمة بالشأن الثقافى مثل وزارات الثقافة والتعليم والشباب، ولا يمكن إغفال دور الإعلام المؤثر والفاعل فى إنجاح الثورة الثقافية المنشودة . الظروف التى تمر بها البلاد تحتاج الى تخطيط لمستقبل الثقافة ودورها المجتمعى.
ماذا حدث بشأن لجنة الثقافة والتعليم التى أعلنتم عن إنشائها؟
وزارة الثقافة سعت الى توقيع بروتوكولات تعاون مع عدة وزارات معنية بالشأن الثقافى بمعناه الواسع، مثل وزارات الأوقاف والتعليم والتعليم العالى والشباب والمجلس القومى للمرأة، لوضع خطة متكاملة للتعاون والارتقاء بالمنتج الثقافى وتعميمه على كل قطاعات الوزارات. نحن الآن فى مرحلة التنسيق المشترك والتغلب على الصعاب والبيروقراطية التى تعرقل عمل اللجان، وأطالب الجميع بتغليب مصلحة الوطن لمواجهة التحديات، واتخاذ إجراءات حاسمة، وتغيير القوانين لتسهيل عمل اللجان، ومعاقبة من يعرقل عملها. هناك ظاهرة غريبة فى التاريخ المصرى، وهى قدرة موظف صغير على تعطيل قرار يصدره رئيس الجمهورية, بانتهاجه سياسة التجاهل وتعطيل العمل. لابد من تعديل قانون الخدمة المدنية والأخذ بمبدأ الثواب على الموظف الجيد، والعقاب للموظف الرديء, لتنطلق الوزارات، ومنها بالطبع وزارة الثقافة لتحقيق تطلعات الشعب .
سبق أن صرحت بأن هناك أزمة كوادر شابة فى الوزارة .. حدثنا عن كيفية التغلب عليها؟.
وزير الثقافة أصدر قرارا بإنشاء معهد الإدارة الثقافية، وسوف يبدأ أعماله العام المقبل من أكاديمية الفنون. وفى نفس الوقت بدأنا عقد سلسلة من الدورات التدريبية لتثقيف الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين الثلاثين والاربعين، لإعدادهم ليكونوا نواة التغيير المنشود. وركزنا خلال الدورات على الإرتقاء بهم ثقافيا واقتصاديا. الدورة استمرت عشرة ايام، وشارك فيها نحو 52 شابا، أنشأ الشباب خلال الدورة «جروب» على الفيسبوك تواصلوا من خلالها، وقدموا الكثير من الاقتراحات لتطوير العمل الثقافى والادارى, وكانت النتيجة جيدة جدا. ونظرا للإقبال الكبير من الشباب فقد قررنا الاستمرار فيها وتكثيفها.
ما الدور المنتظر من خريجى هذه الدورات؟.
الوزارة سوف تختار 4 من الكوادر الشبابية بعد إجتيازهم الدورات لتعيينهم على درجة معاون وزير ، وهى درجة استحدثها رئيس الوزراء ابراهيم محلب ، لتأهيل هذه الكوادر لمنصب رئيس إدارة مركزية وهو يعادل منصب وكيل وزارة. وفى حال استمرار هذه التجربة سوف نساهم فى إختيار أفضل الكوادر الشابة لتحمل مسئولية الارتقاء بالعمل الثقافى، وحل مشكلة النقص الشديد فى وجودها. وأتمنى انتقال هذه التجربة إلى الوزارات الأخرى لاكتشاف الشباب القادر على الإسهام فى تحديث وتطوير أداء هذه الوزارات.
الوزارة متهمة بتجاهل التنمية الثقافية فى الريف والكفور والنجوع ومناطق سيناء والنوبة وحلايب وشلاتين ..ما قولك؟.
دعنى أعترف بأن هذا الاتهام كان صحيحا فى الماضى، ولكن الوزارة تعيد النظر فى أداء سياساتها وتعيد تقييم دور قصور الثقافة المنتشرة فى ربوع البلاد، ونبحث عن أفضل الطرق لكيفية استثمار دورها حتى يصل نشاط الوزارة المأمول الى جميع المناطق النائية. الوزارة تسعى الى تطوير دورها بتأنٍ، لأن التطوير السريع يفتقر الى الموضوعية، ويتحول الى تغيير فى الشكل فقط ، فيبتعد عن المضمون، وخلال فترة قصيرة سوف يتم افتتاح قصر ثقافة حلايب وشلاتين، بالإضافة إلى وضع خطة لإنشاء قصور للثقافة فى المناطق التى لا يوجد بها مثل هذه القصور.
هل لا يزال المجلس الأعلى للثقافة «جيتو مغلقا»؟.
المجلس ينتهج الآن سياسة اللامركزية فى أنشطته المختلفة فأصبحت الأفضلية للندوات التى تعقد خارج القاهرة، وبدأت لجان المجلس تعقد فى الاسكندرية واسيوط والقليوبية والمنصورة وغيرها. وتم استحداث صالون الاثنين الذى يقدم من خلاله الشباب أفكارهم ورؤاهم. هناك ايضا صالون «عشرة ادباء» . وجار مناقشة فكرة صالون التنوير. المجلس لم يعد «جيتو» مغلقا على عدد محدود من الأعضاء ولم يعد مقيدا بمناقشة موضوعات محددة سلفا، ولا يوجد لدينا خطوط حمراء.
فى ظل هذا الوضع ..كيف ترى مستقبل الثقافة فى بلادنا؟.
مصر هى الدولة الرائدة فى منطقتنا العربية، والعرب أدركوا اهمية دورها فى الحفاظ على الاستقرار, وقرروا دعمها ومؤازرتها والوقوف بجانبها، وأدركوا ايضا أن وهذا الاستقرار لن يتحقق الا بالعودة لهويتنا الثقافية. وانا متفائل, وأعتقد انه فى غضون عامين او ثلاثة سوف تعود مصر الى دورها الثقافى الرائد فى المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.