ما أحوجنا في زماننا هذا إلى اللجوء إلى ربنا تبارك وتعالى ودعائه ليل نهار، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، فهل تعلم أخي الحبيب أن الدعاء يرد القضاء؟ هل خطر في ذهنك هذا السؤال؟ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يجيبك حيث يقول: "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر" فهيا واجتهد وادعُ ربك الغني الكريم الذي يقول في الحديث القدسي فيما يبلغه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "...يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم. وإنسكم وجنكم. قاموا في صعيد واحد فسألوني. فأعطيت كل إنسان مسألته. ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر... " [رواه مسلم في صحيحه]. ولقد قسم بعض علماء العقيدة البلاء الذي ينزل بالإنسان موضحين حكمته وأسبابه كالآتي: 1- بلاء ينزله الله بالإنسان اختبارا له وتمحيصا لإيمانه. 2- بلاء يتمثل في الكوارث الطبيعية كالزلازل وغيرها، وهذا لا يدَ للإنسان فيه. 3- بلاء ينزل بالإنسان لاقترافه الذنوب والمعاصي ويكون هذا البلاء تطهيرا وتذكيرا لصاحبه. 4- بلاء ينزل بالإنسان لتركه الدعاء فإن الأخذ بالدعاء من أسباب دفع البلاء، ومن ترك الدعاء فقد أهمل الأسباب وعرض نفسه لوقوع البلاء. إذن فلا بد من الأخذ بالدعاء ولزومه توقيا لنزول البلاء بنا، فمن أهمل الدعاء فقد جعل نفسه عرضة لنزول البلاء بها، وفي هذه الحالة يحاسب ويكون مسئولا عن هذا البلاء كونه ترك أسباب الوقاية والعلاج. كيف يستجاب الدعاء؟ وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تُعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها"، قالوا: إذن نكثر الدعاء، قال: "الله أكثر". وقال: " إنه من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه". وقال: "أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام". الإخلاص سلاح الداعي الدعاء لا يكون مقبولا إلا إذا توفرت فيه وفي الداعي جملة من الآداب يأتي على قمتها الإخلاص في القول والعمل، فلا يدعو إلا الله سبحانه، فإن الدعاء عبادة من العبادات، بل هو من أشرف الطاعات وأفضلِ القربات إلى الله، ولا يقبل الله من ذلك إلا ما كان خالصا لوجهه سبحانه مصداقا لقول الله تعالى: {وَأَنَّ 0لْمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ 0للَّهِ أَحَداً} [الجن:18]، وقوله تعالى: {فَ0دْعُواْ 0للَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ 0لدّينَ وَلَوْ كَرِهَ 0لْكَٰفِرُونَ} [غافر: 14]، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" [رواه أحمد - وصححه الألباني]. وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، فإن السؤال هو دعاؤه والرغبة إليه، والدعاء هو العبادة. قال ابن رجب الحنبلي في كتابه (جامع العلوم والحكم): "... اعلم أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين؛ لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسئول على رفع هذا الضر ونيل المطلوب، وجلب المنافع ودرء المضار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده لأنه حقيقة العبادة". لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر