قضيت ثلاث ساعات فى سجون طرة بالقاهرة بين عنابر السجناء ومستشفى السجن وورش عمل السجناء واماكن الزيارة لاسر السجناء ولجان امتحانات الطلاب السجناء على ذمة قضايا العنف والمظاهرات، ضمن الزيارة التى نظمتها وزارة الداخلية لأحدى عشرة منظمة لحقوق الانسان وشارك فيها عدد قليل من الصحفيين لمنطقة سجون طرة. وخرجت بأنطباع أستقر فى نفسى هو أن ليلة السجن الواحدة تساوى مائة ليلة خارجه لأن ظروف السجن تختلف كليا عن ظروف الحياة الطبيعية فى كل شئ ، فداخل السجن تقييد حرية السجين فى أن يفعل مايريد من شؤنه ،وعليه أن يلتزم بلائحة السجن الأدارية ، وبالتالى يجب أن يراجع الانسان نفسه مائة مرة على الاقل قبل ان يقدم على فعل عمل يمثل جريمة فى حق نفسه اولا وحق المجتمع ثانيا وحق الدولة ثالثا. وحملنى الدكتور محمد شكيب مدير ادادة الرعاية الصحية للسجناء رسالة أنسانية للرأى العام والحكومة من خلال وسائل الاعلام ، وهى ضرورة تدخل الحكومة للاتفاق مع وزارة الصحة لتخصيص عنبر واحد بأحد المستشفيات الحكومية بكل محافظة ، لاستقبال الحالات الطارئة والعاجلة للسجناء التى تحتاج للعلاج او التدخل الجراحى واجراء العمليات الطبية ، حيث ترفض المستشفيات بالمحافظات تحمل مسؤلية وجود سجين مريض بها وهى مشكلة تعانى منها سجون المحافظات منذ خمسة سنوات بلاحل دائم يحافظ على حقوق السجناء الانسانية. لكنى خرجت من الزيارة بأربعة مطالب للسجناء واسرهم ، وهى طلب عدد من طلاب الجامعات المتهمين على ذمة قضايا العنف ان يتم نقلهم لسجون طرة لأن الخدمات بها أفضل من وجودهم فى سجون أخرى ولسهول وصول اسرهم اليهم خلال الزيارة لهم ، ومطلب بعض السجناء المرضى فى سرعة أجراء العمليات الجراحية لهم من المياه البيضاء على العيون والعظام بمستشفى المنيل الجامعى الذين يتم تحويلهم اليها بسبب طول فترة انتظارهم والتى تزيد عن اسبوعين على الاقل الى ثلاث أسابيع، وزيادة عدد الأطباء الاستشاريين فى كافة التخصصات بالعيادات الطبية بالسجون ، ورغبة أسر السجناء فى بناء مظلة لهم للتواجد بها خارج السجن طوال فترة انتظارهم قبل الدخول أليه حيث لايوجد مكان لانتظارهم. و لمست تحسنا نسبيا داخل سجن طرة وهو تطور اسلوب التعامل مع السجناء والذى بدأ من تغيير فلسفة وزارة الداخلية فى التعامل داخل السجن ، واتجاهها عقب ثورة 25يناير للاهتمام بمبادئ حقوق الانسان ومن بينها حقوق السجناء وتدريب الضباط عليها فى دورات مستمرة ، وتطوير الأئحة الداخلية للسجون لزيادة حقوق السجناء بها ، والتى تقترب فى التعديلات الجديدة من الحدود الدنيا لمعاملة السجناء التى حددتها الاممالمتحدة ، وهذة التعديلات يستفيد منها كل السجناء دون تمييز ، مما أدى الى أنخفاض عدد الشكاوى من السجناء وأسرهم من سوء المعاملة، وأختفاء نسبى لشكاوى السجناء من تعرضهم لتعذيب منهجى ، ووجود ورش ومشروعات انتاجية يعمل بها السجناء، ويتم داخلها تدريبهم على حرف ومهن تشغل اوقاتهم حتى لايشعروا بتوقف الحياة على أعتاب السجن . فضلا عن سماح وزارة الداخلية بزيارات من وفود مجلس حقوق الانسان ، والمنظمات الحقوقية، واللجنة الوطنية لحقوق الانسان برئاسة وزير العدالة الانتقالية المستشار ابراهيم الهنيدى، ولم تعد زيارات السجون خط أحمر ، ورغم هذا مازلنا على طريق طويل لأصلاح وتحسين أوضاع السجون ، والمهم أننا نسير الأن على الطريق دون توقف ، فأصلاح السجون يحتاج لزيادة الميزانيات المالية المخصصة لها للوفاء بأحتياجاتها التى لاتقتصر على متطلبات المعيشية للسجناء بل تمتد لحقوقهم التعليمية والصحية والتقافيه والترفيهيه، لان فى النهاية السجين أنسان يجب أن يتمتع بكل حقوقه، بأستثناء حقوقه فى الحرية المقيدة بعقوبة قضائية اصدرتها المحكمة . لمزيد من مقالات عماد حجاب