تباينت واختلفت مواقف ومبررات الرؤساء فى زيارة المقر البابوى على مر التاريخ، لكن لاتزال أصداء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الكاتدرائية للتهنئة بعيد الميلاد المجيد تلقى ظلالا ايجابية واسعة، تؤكد عمق الوحدة الوطنية، وتحولا فى سلوك الدولة بما يعمق قيمة وأهمية المواطنة. وبالإضافة إلى أهمية الرسالة التى بعثتها زيارة الرئيس فالتاريخ يؤكد أن الرئيس السيسى هو الوحيد الذى زار المقر البابوى بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، ورغم صعوبة الظروف المحيطة بتحركات الرئيس إلا أنه آثر الذهاب وفاجأ الجميع بهذه الخطوة التاريخية التى أسعدت الجميع.أما الرئيس السابق عدلى منصور فقد زار الكاتدرائية مرتين الأولى لتهنئة البابا تواضروس، والثانية يوم 6 يناير صباحا.ومن قبله فإن الرئيس المعزول محمد مرسى كان يرسل محمد رفاعى الطهطاوى مندوبا عن الرئاسة دون أية مبالاة بأعياد الأخوة المسيحيين رغم أنهم كانوا يدركون موقفه الحقيقى تجاههم مما عزز قناعاتهم بمقاومة وجوده فى الحكم والمشاركة فى المظاهرات التى نددت بحكمه. وفيما يتعلق بتجربة الرئيس الأسبق حسنى مبارك مع الكاتدرائية، فإن مبارك طوال ثلاثين عاما فى الحكم لم يزرها فى هذه المناسبات، ولكنه كان يكتفى بالوفود الرسمية فقط. ربما تختلف حكايات الرؤساء مع المقر البابوى، لكن هناك حكايات لايغفلها التاريخ السياسى فى مصر. فالرئيس السادات لم يزر الكنيسة فى أى مناسبات ولكن زارها فى ظل مناخ طائفى آنذاك، وكانت الاجواء متوترة بسبب احداث الخانكة الشهيرة. أما الزيارة التى لاقت ترحيبا واحدثت دويا كبيرا فى حينها فهى زيارة الرئيس جمال عبدالناصر عندما وضع حجر الاساس مع البابا كيرلس للكاتدرائية عام 1967، والمرة الثانية كان يوم افتتاح الكاتدرائية بصحبة امبراطور اثيوبيا هيلاسيلاسى. المفكر القبطى كمال زاخر اعتبر ان الزيارة التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الكاتدرائية اثناء الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد تمثل حدثا مهما فى تاريخ مصر يجب التوقف عنده بأهمية، حيث ان الرئيس بهذه الخطوة كسر احد التابوهات التى استقرت فى وجدان الجميع منذ تأسيس الدولة الحديثة، أن الاقباط طائفة يجب التعامل معهم فى هذا الإطار فقط. اضاف زاخر ان الرؤساء السابقين كانوا يرسلون مندوبا فقط عنهم لحضور القداس حتى لا يغضبوا التيارات الإسلامية المتشددة وتأسيسا لفكرة المواءمة السياسية التى فرضت نفسها على الجميع خلال الفترة الماضية. وشدد المفكر القبطى أن الرئيس اراد ان يرسل الكثير من الرسائل من خلال ذهابه إلى الكاتدرائية ومنها أنه ينهى أسطورة المواءمات السياسية ويتصرف كمواطن يحب هذا الوطن ويعيد الأقباط إلى المواطنة وانه يريد أن يرسل رسالة إلى الخارج المعبأ بأكاذيب عند وصول العلاقة بين المسلمين والمسيحيين لنقطة اللاعودة أننا نسيج واحد. واضاف زاخر ان هناك مسلمين كانوا أكثر سعادة من الأقباط بزيارة الرئيس إلى الكاتدرائية وهؤلاء يعلمون جيدا أنه لافرق بين قبطى ومسلم. كلمة السر الأديب الكبير يوسف القعيد قال: عندما سمعت من أحد المراسلين الأجانب بالقاهرة عن ذهاب الرئيس السيسى إلى الكنيسة لم أصدق واعتبرت الأمر شائعة ولم اصدق حتى شاهدت الرئيس يقف داخل الكنيسة فهذه جرأة كبيرة منه أن يذهب إلى مقر الكاتدرائية وسط هذه الاعداد الكبيرة ويطلب من مرافقيه عدم المبالغة فى الحراسة حفاظا على مشاعر الأقباط فهذه رسالة واضحة للجميع ان المصريين يد واحدة. اضاف القعيد أن كلمة السر فى بقاء مصر متماسكة تعود للعلاقة الطيبة بين المسلمين والأقباط والتى اراد الرئيس التأكيد عليها خلال زيارته، وأن يأتى الرئيس قادما من المطار بعد انتهاء زيارته إلى الكويت فى ظل تهديدات الجماعات الإسلامية المتشددة باستهداف الأقباط فهذه تضحية كبيرة. رسالة للجميع الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية يرى أن ما قام به الرئيس رسالة للجميع بأن مصر بلد آمن وأن الأقباط لهم ما للمسلمين من حقوق وان حرية الاعتقاد للجميع وان الرئيس كما يذهب إلى الأزهر يذهب إلى الكنيسة وانه عندما يتحدث من داخل أى مكان منهما يتحدث للمصريين جميعا، وليس إلى فئة أو طائفة أو ديانة. وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن ما قام به الرئيس سيكون له تأثير ايجابى على صورة مصر فى الخارج، ففى الوقت الذى تقدم فيه »داعش« صورة سيئة عن الإسلام يقدم السيسى صورة متفتحة وايجابية عنه بوجوده داخل الكنيسة.