«وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين» صدق الله العظيم وصدق حين قال كما صدق فى كل ما قال " «وإنك لعلى خلق عظيم ». هذا هو رسول الرحمة محمد بن عبد الله عليه صلوات الله الذى يجُمع كل المؤرخين الموضوعيين المحايدين على أن صورة البشرية قبله غير صورتها بعده وإن كل حادث كبير وقع فى مسيرة الإنسانية خلال الأربعة عشر قرنا الماضية تأثر على نحو أو على آخر بمحمد ورسالة محمد وبوجود هذا العدد الضخم من المسلمين على كوكب الأرض الذى نعيش عليه. صدرت كتابات كثيرة تقول إن عظماء العالم مائة وأن أول هؤلاء المائة هو محمد بن عبدالله. و لست أكتب هذا المقال من أجل أن اكرر هذا كله فهو معروف ممن لم يكن فى قلبه مرض و لكنى أكتب هذا المقال لأقول شيئا واحدا أساسيا : هل من المعقول أن يكون النبى الذى هو الرحمة المهداة لبنى البشر جميعا هو النبى الذى يؤمن به أهل داعش و ما إلى داعش من جماعات جعلت كل همها ومهمتها فى الدنيا هى أن تروّع الآمنين فى كل مكان من الغرب إلى الشرق ومن الشمال الى الجنوب؟! هل يمكن أن يكون فى قلب هؤلاء أدنى قدر من الرحمة و هل يمكن أن يشعر هؤلاء بأى قدر من الأخوة بينهم وبين هؤلاء الآمنين الذين بالقطع يدخلون بحكم صحيح اللغة فى عموم لفظ " العالمين " الذى أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله إليهم جميعا حين يقول و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، ولفظ العالمين هنا عام و شامل لكل أهل الارض أجمعين ليس للمسلمين فحسب ولا للمسيحيين فحسب بل ولا حتى لأبناء الديانات السماوية فقط بل أرسله " رحمة للعالمين». و الله يعلم إننى لست من المتعصبين مع كل إيمانى بالإسلام جوهرا ومعنى ساميا وقد كتبت فى الاسبوع الماضى عن عيد الميلاد المجيد عيد ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام مقالا فى هذا المكان " الأهرام " لأن الأهرام كريم و كبير و لعلها تكون بشرى خير لأهل هذه المنطقة من العالم الذى نزل فيهما الديانتان السماويتان اللتان تدين بهما الأغلبية من بنى البشر الذين يؤمنون بالأديان ولعلها تكون بشرى خير لهم بحيث يحل على أهلنا فيها السلام والأمان وليس هناك فى هذه الدنيا ما يطمع فيه الإنسان ويرجوه لنفسه ولكل من يحب أعز من السلام والأمان . و قد قلت من قبل و أقول الآن بهذه المناسبة إن أحب مكانين الى قلبى هما المكانان اللذان احسست فيهما براحة نفسية و صفاء نفسى بغير حدود أما أولهما فقد كان بالقرب من المرقد النبوى الشريف فى المدينةالمنورة عندما سمح لى و أنا فى صحبة الأخ الفاضل العالم المؤمن الأستاذ الدكتور إبراهيم بدران أن نأوى الى ذلك المكان الطاهر نقضى فيه ساعات من الليل نصلى ونتهجد و نذكر اسم الله واسم نبيه الكريم الذى وصفه سبحانه أنه الرحمة المهداة حين قال سبحانه " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " . وبعد هذا اليوم الجميل بسنوات طوال وفى مناسبة من المناسبات المسيحية دعيت لزيارة كنيسة السيدة العذراء مريم البتول عند مدخل ضاحية المعادى ونزلت السلالم هناك حيث يقال إنها رضوان الله عليها نزلت أثناء رحلة العائلة المقدسة فى مصر هربا من طغيان الرومان وخوفا على الطفل الجميل أن تلحقه يد الشر . ولا شبهة إن مسار العائلة المقدسة كان بهدى من الله وبإرشاده وكانت أحد مقاصده فيما أعتقد تكريم أرض مصر بمسرى العائلة المقدسة و رحلتها الى حيث وصلت بمركب صغير سارت بهم فى النيل من الشمال الى الدير دير المحرّق قرب أسيوط . فى هذا المكان - مهبط العائلة المقدسة الى رحلتها النبيلة قضيت وقتاً رائعا فى التأمل و العبادة و الإيمان بخالق الخلق أجمعين . وتذكرت الحديث النبوى الصحيح الذى يقول "نحن أنبياء الله أمهاتنا مختلفات وديننا واحد " صدق الرسول الكريم حفظ الله مصر والله المستعان لمزيد من مقالات د. يحيى الجمل