فى قرية صغيرة بشيلى كانت هناك فتاة تدعى ماريا اشتهرت بقدرتها الفائقة على إعادة سرد قصص الأفلام. فكانت تذهب لمشاهدة الفيلم الذى تعرضه سينما القرية أسبوعيا على نفقة والدها المقعد، ثم تعود لترويه بتفاصيله للأسرة والجيران مقابل أجر، وتألقت ماريا فى سرد الأحداث بطريقتها مع إضافة بعض الأكسسوارت من خيالها. هذا ما نقله إيرنان ريبيرا أحد أكثر المبدعين فى الأدب الروائى بأمريكا اللاتينية والعالم فى قصته «راوية الأفلام» والذى حصد جوائز أدبية عديدة عن ابداعاته. وفى مصر، لم يكن المخرج خالد جلال أقل إبداعا عن الموهوبين العالميين بتقديمه عددا لا بأس به من الفنانين الشبان المبدعين ، فهو اكتشفهم ودربهم وجعلهم يتألقون كل ليلة على مسرح مركز الإبداع الفنى بالأوبرا، ليستمتع الجمهور حاليا بعرض «بعد الليل» ويحكى واقع مصر المرير، فالإعلام يبالغ ويزيف الحقائق ببرامج تافهة وإعلانات وهمية. ويرصد مشكلة الزواج والفقر والواسطة وانعدام الأخلاق وتفشى الأنانية والتحرش. وتأتى النوستالچيا، عندما ظهر الممثل بكاميرا زمان المغطاة بستارة سوداء، وترجى كاميرته أن تعمل وألا تكسفه وتتعطل، ثم أخرج ألبوم صور بالتزامن مع خلفية كلامية وموسيقية وغنائية، فعندما تحدث عن أفضل قرار مصرى، ظهر جمال عبد الناصر لتعلن الخلفية بصوته قرار تأميم قناة السويس، ثم أقوى نصر ليظهر السادات، والرومانسية كانت صورة عبد الحليم حافظ مع خلفية لأغنية له، وأحلى ضحكة ظهر لنا فؤاد المهندس، وأم كلثوم كأحلى صوت وهكذا.. ثم يفيق الممثل ليكتشف أن العطل ليس بالكاميرا ولم يعد يلومها «العيب مش من الكاميرا.. ولكن الصورة هى اللى شين» فهى لا تجد ما تصوره بعد أن كانت تبرز مميزات الذى أمامها زمان لتخرج الصورة حلوة ، بعكس كاميرات اليوم التى تخرج أسوأ ما فينا! شكسبير قال زمان إن الحياة مصنوعة من الأحلام، ولكن الحياة مصنوعة «بعد الليل» وفقا لخالد جلال بقوله «مفيش ليل إلا وبعده نهار وما عفريت إلا بنى آدم». لمزيد من مقالات محمد أمين المصري