رئيس زيمبابوى روبرت موجابى والذى يبلغ من العمر 90 عاما، فاجأ شعبه ببيان من النادر أن يكون قد سبقه إليه إلا قليل من الرؤساء فى حالات قليلة جدا، وهو البقاء فى منصب الرئيس لعدة عقود. كان روبرت موجابى، الذى لم تعرف زيمبابوى رئيسا غيره منذ إستقلالها عن بريطانيا عام 1980، قد أعلن فى بيانه أنه ينوى البقاء رئيسا إلى أن يموت، وهو ما يشير إلى نيته فى خوض إنتخابات الرئاسة القادمة عام 2018 وسيكون وقتها فى العام 94، وهو ما أثار دهشة الكثيرين والذين تساءلوا وماذا سيكون الوضع لو فقد الذاكرة أو تكالبت عليه الأمراض، هل سيظل جالسا على كرسى الحكم؟. لوحظ فى الإجتماع الذى أعلن فيه موجابى بيانه، غياب نائبته جويس موجورو، والتى كانت تعد خليفته فى الرئاسة، وهاجم موجابى خلال الإجتماع موجورو وإتهمها بأنها رئيسة "عصابة من الخونة"، يسعون للإطاحة به، وهو نفس الوصف الذى أطلقته عليها وسائل الإعلام الرسمية من خلال حملة شرسة إستمرت أكثر من ثلاثة شهور، وهو ما دعى موجورو إلى التصريح بأنها تواجه حملة شعواء لتصويرها على أنها خائنة وباعت ضميرها وذلك بدون أى دليل. كما أصدرت بيانا قالت فيه "إن المزاعم التى تتردد بأنى سعيت مع مجموعة من الرفاق المحترمين للإطاحة بالرئيس روبرت موجابى تعتبر إدعاءات سخيفة، وأن إخلاصى لفخامته ولبلدى زيمبابوى لا يقبل الشك". وإمعانا فى بسط سيطرته، أعلن موجابى أيضا عن ترقية زوجته جريس موجابى، والتى تبلغ من العمر 49 عاما وتصغره بتحو 41 عاما، إلى منصب رئيسة رابطة المرأة فى حزب زانو، الذى يترأسه موجابى، وهو ما جعل الكثيرين يتوقعون صعودها إلى منصب أعلى قريبا. لم تتوقف قرارات موجابى عند هذا الحد، فقد أجرى عملية تطهير واسعة فى صفوف حلفائه وأنصاره، والذين ظلوا لسنوات طويلة إلى جواره، فقام بعزل سبعة وزراء من مناصبهم، ومنهم وزير أمن الدولة ديديموس موتاسا والذى كان يعد من أقدم حلفاء موجابى. وظلت كلمات موجابى تتردد على الألسنة ويتناقلها الكثيرون، خاصة جملته التى قال فيها "لن أتقاعد نهائيا عن الحكم، ولن أرحل إلا عندما يأتينى الموت، وأننى سأستمر رئيسا طالما الله يريد بقائى فى موقعى". ومن المعروف أن موجابى قضى فى رئاسة زيمبابوى 34 عاما. قبل هذا الإجتماع بثلاثة أسابيع كانت قد بدأت عملية التطهير بعزل جابولانى سيبدندا، الذى يعد من أبرز القيادات التاريخية فى حركة تحرير زيمبابوى من الإستعمار البريطانى، وقد عزله من موقعه كرئيس لجمعية المحاربين القدماء فى حرب التحرير، ثم ألقى القبض عليه بتهمة إهانة الرئيس وزوجته السيدة الأولى. هذه التطورات جاءت فى ظروف تعانى فيها زيمبابوى من متاعب إقتصادية حادة، حيث جرى خلال السنوات الثلاث الماضية إغلاق 500 شركة، وتدهور قطاع الصناعات الزراعية، وإستمرت عمليات التطهير حتى وصل عدد القيادات الذين جرى عزلهم بتهمة عدم الولاء والخيانة والفساد إلى 16 شخصية.وكانت صحيفة "ذا هيرالد" الناطقة بإسم الحكومة قد نشرت أيضا خبر عزل خمسة نواب لرئيس الوزراء بتهمة التآمر ضد الرئيس عن طريق وسائل غير دستورية، بما فى ذلك مخطط لإغتيال الرئيس موجابى. إن ما حدث فى زيمبابوى جعل كثيرا من المحللين فى الغرب يعربون عن دهشتهم البالغة من أن ما جرى هناك يؤكد أنه مازالت توجد فى هذا العصر "نظم خارج التاريخ"، وهو ما يؤكد خطورة إستمرار أى رئيس فى الحكم لفترات طويلة، لأن طول بقاءه فى السلطة يخلق لديه شعور مسيطر أنه ليس مجرد رئيس لدولة، لكنه أصبح مالكا هذه الدولة بكل ما فيها، ويحق له أن يورثها لأسرته.