فى بداية عام جديد يمكن أن نطلق عليه اسم عام البرلمان الذى سيرى انتخابه لابد أن نعترف بأن لدينا إشكالية لا ينبغى التعامى عنها وهى على شكل سؤال محدد يقول: لمن تكون الأولوية فى المرحلة الراهنة.. للديمقراطية السياسية التى تشكل هاجس النخبة المحدودة الطامعة فى مقاعد البرلمان وبطاقات الحصانة أم للديمقراطية الاجتماعية التى هى جوهر ولب الانتفاضات والاحتجاجات المسيطرة على مزاج الشارع المصرى؟ والحقيقة أن شعوبا كثيرة واجهت نفس السؤال قبل قرون لعل أبرزها عندما رفض مجلس العموم البريطانى فى الفترة ما بين 1832 1867 جميع المقترحات التى كانت تنادى بمزيد من الديمقراطية والإصلاحات الليبرالية عبر توسيع حق الاقتراع العام الذى كان مقصورا «آنذاك» على طبقة «الأوليجاركية» التى تعنى «حكم الأقلية» وكانت حجة مجلس العموم طوال سنوات الرفض هى الخوف من التأثير على حقوق الملكية «حكم الأقلية» والقبول بالإصلاحات الديمقراطية على شرط تفعيل المباديء الأساسية لنظرية «كينز» فى تعظيم إيجابيات الإنفاق الاجتماعى على النشاط الاقتصادى لكى تتوازن كفتى الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية بزيادة الإنفاق على الخدمات العامة مثل التعليم والصحة ونظم التأمين والضمان والتقاعد بمعدلات معقولة تؤدى إلى رفع معظم الناس عن ما دون خط الفقر للتمتع بحقوقهم كمواطنين. هكذا خطت الديمقراطية البريطانية العريقة أولى خطواتها قبل أكثر من 250 عاما فى ظل وعى وإدراك بأن التدرج على طريق الديمقراطية للوصول بها إلى درجة الكمال يتطلب أولا تعميق السياسات الاجتماعية ليس فقط بالخدمات والحقوق وإنما أيضا بترشيد المضاربات المالية والحد من السياسات الحمائية وتوفير عائدها لإنفاقه على مشاريع الديمقراطية الاجتماعية! مصر تحتاج إلى رؤية جريئة لتقليص المساويء للديمقراطية السياسية وتعزيز فوائد الديمقراطية الاجتماعية من خلال هندسة استراتيجية حاكمة لا تنتصر لليسار أو اليمين وإنما تنتصر فقط لصنع معيشة كريمة لكل المصريين.. وبئس الديمقراطية إذا لم تكن تستهدف إطعام البطون الجائعة وإسكان المشردين وتشغيل العاطلين! خير الكلام: صرخة الأوطان فى بطون جائعة..إسمعوها واستجيبوا للندا! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله