عندما يقود البعض شيطانه إلي الكسب السهل والثراء السريع بل والحرام، فلا يعتقد الكثيرون أن السلاح هو الشرف والإنسان بدونه عاجز عن الدفاع عن نفسه وأرضه وبيته وماله وأسرته، فحسب يقوده فكره إلي كيفية إنعاش سوق تجارة الموت وتصنيع السلاح وجعله متاحا في أيدي الجميع، بل ويحول حيازة السلاح من حماية للأنفس والدفاع عنها إلي تهديد لأرواح الآخرين وقنص أرواحهم البريئة. كشفت العديد من التحقيقات مع عدد من المضبوطين، علي خلفية إدارتهم لورش تصنيع أسلحة نارية، أن معظم القائمين عليها من طائفة الحدادين والخراطين والنجارين، وبعض المنتمين للجماعات الإرهابية ومن يعانون من شبح البطالة، حيث يستغل الحداد والخراط والنجار، خبرتهم المهنية بطريقة خاطئة أملاً في تحقيق أكبر قدر من الكسب المالي، غير مبالين بما يحدثه عملهم من خراب ودمار علي المجتمع. أما عناصر الجماعات الإرهابية فبطبيعة الحال تمثل لهم مهنة تصنيع الأسلحة النارية، موردا مهما من موارد التسليح، الذي يساهم في تطبيق أهدافهم التي تتلخص في تكدير الأمن والسلم العام والعنف ضد المجتمع، أما العاطل فتمثل في تلك المهنة وسيلة لكسر حالة البطالة التي يعاني منها، وفي المقابل يعاقب المجتمع علي بطالته، بل يقبل علي تجارتهم تلك من ذوي قطاع الطرق واللصوص والخارجون علي القانون، خصوصا بعدما أصبح الجميع يسعي للحصول علي أي قطعة سلاح مهما كان الثمن والعواقب. ولأن الواقع أكثر مرارة من أحلام هؤلاء المجرمون، فاستطاعت وزارة الداخلية أن تضبط عددا كبيرا من الورش في محاولة لتجفيف المنابع التي تؤجج العنف في المجتمع، كان آخرها ورشتان أحدهما في منطقة النهضة، والأخري بعين شمس، كان يديرهما حدادان وتخصصت تلك الورشتان في تصنيع البنادق والرشاشات الآلي، وضبط بداخلهما كميات كبيرة من الأسلحة الأخري. ولأن المنطق أحياناً يغيب عن الحالمين، الذين تزين لهم الفرصة المزيفة دائماً، وتجعلها لا تقاوم عبر العزف علي أحلام الباحثين عن الثراء بأي وسيلة فسقط المتهمان بتصنيع الأسلحة وبحوزتهما عدة أسلحة نارية وطلقات لنفس الأعيرة وأدوات تصنيع، وأقر المتهمان بعد ضبطهما امام العميد عبد العزيز خضر رئيس مباحث قطاع شرق القاهره والعميد جمال عبد الرؤف مفتش فرقه الشرق قيامهما بتصنيع الأسلحة داخل ورشة التصنيع، أن الدافع وراء جرمهما هو آملا منهما في الوصول إلي الثراء السريع حتي وإن كان عن طريق الحرام والخروج علي القانون، وتم التحفظ علي الأسلحة النارية وأدوات التصنيع وغلق الورشتان بالشمع الأحمر وتمكن العقيد محمد فتحي مفتش مباحث السلام والرائد مصطفي طه رئيس المباحث من ضبط كميات كبيره من الاسلحه داخل ورشه بمدينه النهضه كما تمكن الرائد محمد السيسي رئيس مباحث عين شمس من ضبط كميات من البنادق الاليه والخرطوش داخل ورشة بمنطقة عين شمس ومبلغ مالي كبير حصيله بيع الاسلحة . ومع انتشار مصانع وورش تصنيع الأسلحة النارية في القري والنجوع والمدن، والإتجار بها لتحقيق المزيد من الأرباح غير المشروعة، ودخول فئات جديدة من المجتمع بخلاف البلطجية والمجرمين والخارجين علي القانون في تلك التجارة الخاسرة، فينذرنا بأن تلك الحلقة لا تبدو أنها الأخيرة في مسلسل "تجارة الموت" التي وجدت في الانفلات الأمني والأخلاقي تربة خصبة لتنمو وتزداد كنبت شيطاني يهدد الاستقرار الداخلي وأمن الوطن وأرواح الآمنين.