ياسر جلال: وجود الفنانين بالبرلمان دليل على تحضر الدولة ومقاومة التطرف بالفن    آخر تطورات سعر الريال القطري مقابل الجنيه اليوم السبت    هشام عز العرب يحصد جائزة الإنجاز مدى الحياة    الإعلام الحكومي بغزة: جيش الاحتلال اخترق وقف إطلاق النار 47 مرة    عاجل- رئيس وزراء ماليزيا يهنئ الرئيس السيسي على جهوده في وقف الحرب بقطاع غزة ويؤكد دعم بلاده للمساعي المصرية    دوري أبطال إفريقيا، الأهلي يتقدم علي إيجل نوار بهدف في الشوط الأول (فيديو)    موعد امتحانات نصف العام الدراسي 2025-2026.. المدارس والجامعات    السكك الحديدية: تسيير الرحلة 26 لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم (صور)    الحكومة: المتحف المصري الكبير يستعد لافتتاح أسطوري    بباقة منوعة من الأغاني الوطنية.. المركز الثقافي بطنطا يحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    الصحة: نجاح طبي بالشيخ زايد التخصصي في استئصال ورم ضخم بالغدة الكظرية    إنجاز مصري في الرماية بالخرطوش.. ماجي عشماوي ضمن أفضل 6 راميات على مستوى العالم    الدفاع الروسية: السيطرة على بلدة بليشييفكا بدونيتسك والقضاء على 1565 جنديًا أوكرانيًا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مخيمي بلاطة وعسكر شرق نابلس بالضفة الغربية    الأرصاد الجوية تحذر من الشبورة وانخفاض درجات الحرارة    محافظ الدقهلية ضبط 4 أطنان مشروبات ومياه غازية ومعدنية فى حملة لمراقبة الأغذية    مصرع شخصين بحادث اصطدام موتوسيكل وسيارة ملاكي فى الدقهلية    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين روسيا والولايات المتحدة بدأ قبل 6 أشهر    بسبب الهرج والمرج.. وكيل تعليم دمياط يحيل إدارة مدرسة للتحقيق    ياسر جلال يحتفظ بعدسة الكاميرا من الفن إلى السياسة.. عضو مجلس الشيوخ: السياسى والفنان لديهما مهمة واحدة.. ويؤكد: الفنان قريب جدا من الناس.. ورامز جلال خط أحمر والأطفال بيحبوه قبل الكبار    إيرادات "أوسكار عودة الماموث" تتخطى 6 ملايين جنيه في 3 أيام    اختبار طبي يحسم مصير الدوسري أمام السد القطري    «الصحة» تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي    مستشفى الشيخ زايد التخصصى ينجح فى استئصال ورم كبير نشط بالغدة الكظرية    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    بدء تقديم خدمات كهرباء القلب والكي الكهربائي بمستشفيي بنها ودمنهور التعليميين    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    أمن المنافذ يضبط 77 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    موعد مباراة الأخدود ضد الحزم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    نجمات اخترن تسريحة ذيل الحصان فى مهرجان الجونة 2025    أحمد مراد: نجيب محفوظ ربّاني أدبيًا منذ الصغر.. فيديو    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ ضد بوروسيا دورتموند في الدوري الألماني.. والموعد    بعثة المصري تغادر طرابلس فى طريقها إلى القاهرة بعد التعادل مع الاتحاد الليبي    ميناء دمياط يستقبل 33 ألف طن قمح قادمة من روسيا    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    لا تدَّعِ معرفة ما تجهله.. حظك اليوم برج الدلو 18 أكتوبر    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    زلزال بقوة 5.3 درجة على مقايس ريختر يضرب تايوان    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    ضبط منادى سيارات اعتدى على سائق وطلب إتاوة فى الجيزة    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    البنك الأهلي ضيفا ثقيلا على الجونة بالدوري    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    زيادة الشيدر 65 جنيها والفلمنك 55، آخر تطورات أسعار الجبن في ثاني أيام ارتفاع الوقود    تفكك أسري ومحتوى عنيف.. خبير تربوي يكشف عوامل الخطر وراء جرائم الأطفال    انخفاض كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منمنمات بهزاد
عندما تحدّثت الفرشاة بلسانٍ إسلاميٍّ مبين
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 12 - 2014

قد يظن كثير أنّ المسلمين هجروا الفنون وأداروا ظهورهم لها؛ باستثناء فن العمارة الذي برع فيه أهلُ الإسلام براعةً غير مسبوقة، ولكن الحقيقة أنّ المسلمين اهتموا بفنون أخرى،
خاصةً فنَّ التصوير الذي أولوه عنايةً كبيرةً، وإن ظلت آثارها مستترةً خفيةً لم تلق اهتمام مؤرخي الفنون، رغم تفوق أسماء مهمة في هذا المجال..، ورغم نشأة التصوير الإسلامي في الشام والعراق متأثرًا بأتباع الكنيسة الشرقية، إلَّا أن أهل فارس أبرز من برع في فنون التصوير، قد يكون هذا لتأثير كل من أتباع مذهبيْ ماني، ومزدك في الأساليب التصويرية لفناني الدين الجديد، أو لتأثر هؤلاء الفنانين بالأساليب الصينية بحكم الجغرافيا المتقاربة بين كلا المنطقتين.
ومهما يكن من الأسباب، فسوف تظل المدرسة الفارسية في التصوير علامةً فارقةً في تاريخ الفنون الإسلامية يجب الوقوف أمامها طويلاً..، ويُقسم النقاد والمختصون الأسلوبَ الفارسي الإسلامي في التصوير لعدة مدارس، أولها: المدرسة التترية، التي أعقبتها أخرى ازدهرت في عصر تيمور لنك ومن جاء بعده من حكام أسرته في كلٍّ من مدينتيْ سمرقند، وهراة، وسُميت التيمورية تيمنًا بتيمور لنك أو تيمور الأعرج كما يعني لقبه، ثم المدرسة الصفوية، ونهاية بمدرسة أصفهان التي نمت في عصر الشاه عباس الأكبر وخلفائه، ومن بين هذه المدارس بزغ نجم كمال الدين بهزاد المولود في هراة حوالي سنة 854 هجرية الشاهد على أفول نجم التيموريين، ثم استواء الصَّفَويين على عرش فارس.
وقد تعلّم بهزاد على يد المصوّر الفارسي الشهير أحمد التبريزي، وخدم في بلاط التيموريين برعاية السلطان حسين بيقرا ووزيره مير على شير، ثم ظل في مسقط رأسه هراة إلى أن استولى عليها الشاه إسماعيل الصفوي سنة 916 هجرية، فانتقل بعدها إلى تبريز وخدم في البلاط الصفوي حتى أصبح ذا حظوة كبيرة لدى الشاه إسماعيل وولده الخليفة من بعده الشاه طهماسب الذي كان بدوره مصورًا ماهرًا كما تخبرنا المصادر التاريخية، وترقى بهزاد حتى عُيِّن مديرًا للمكتبة الملكية الخاصة بالشاه إسماعيل ورئيسًا لكل أمناء المكتبة والعاملين بها من الخطاطين والمصوِّرين والمُذهِّبين عام 928 هجرية، ومن الحوادث التي تدل على شدة اهتمام الشاه إسماعيل ببهزاد أنه خبَّأه مع الخطاط الشهير شاه محمود نيشابوري في قبوٍ وقتَ اندلاع معاركه مع العثمانيين حتى تمر المعارك بسلامٍ خوفًا عليهم من الوقوع أسري في يد الأتراك ثم عاد للاطمئنان عليهما ونقلهما لمكان آمن، ورغم أسلوبه المميز والمعروف في التصوير إلَّا أن الكثير من المصورين المعاصرين له وحتى اللاحقين عليه قد استغلوا رفعة شأن الرجل وأهمية ما تبدع يداه ليقوموا بتقليده، ورسم كثير من الصور، ثم ينسبونها إليه عن طريق إمضاء اسمه على العمل الفني وبيعها بمبالغ كبيرة، في وقتٍ كان حكام الهند وفارس والأسر التترية الثرية يتسابقون للحصول على أعماله.
ويعد بهزاد من أوائل الفنانين المشرقيين الذي قاموا بتوقيع أعمالهم بعبارة «عمل العبد بهزاد» وهو تقليد لم يكن منتشرًا في الشرق نفس انتشاره في الغرب .. وكلمة «منمنمات» تعني الصور المصغّرة، وهو الفن الذى برع فيه الفنان الفارسي الكبير، ويرى بعض مؤرخي الفنون أنّ عظمة بهزاد الفنية تكمن في تحكُّمه في الصورة لاغيًا سطوة الخطاط الذي كان يحدد الفراغ المسموح به للمصوِّر في المخطوط، ويتحكَّم كذلك في اختيار الموضوعات والنصوص التي يجب أن يقوم برسمها المصوِّر داخل المخطوط، فكان بهزاد لا يترك للخطَّاطِ سوى سطور قليلة ليضع نصَّه أو يقوم بأخذ صحيفتين متقابلتين لصورته بعيدًا عن نفوذ النص.
وتمتلك دار الكتب المصرية بالقاهرة خمس صور ضمن مخطوط لكتاب بستان سعدي الشيرازي يُعتقد بنسبتها الوثيقة لبهزاد خاصة مع وجود توقيعه على أربع منها، وأهم هذه الصور صورة تصوِّر حادثة سيدنا يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز زُليخا وهروبه منها بعد أن راودته عن نفسه، وكعادة الفرس في تصوير الأنبياء غُطِّي وجه يوسف عليه السلام بهالة القديسين الشهيرة وهو ما فعله بهزاد في صورةٍ منسوبة له في نفس المخطوط، تصوِّر سيدنا رسولَ الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حادثة المعراج، وبقية الخمس صور، واحدة تصور الملك دارا الفارسي مع راعي خيوله عندما ضَلَّ الطريق ووجد نفسه بعيدًا عن أتباعه، ووجد أمامه رجلًا ظنَّه عدوَّه، ولكن الرجل اقترب منه وأظهر له الطاعة قائلاً: إنه أحد رعاياه واشتكى للملك من إهماله لرعيته، حتى إنه لم يعد يعرفهم، ولا يعرف خواصهم. وهناك صورتان أخيرتان واحدة تصور مناظر في مسجد ما بين رجل يطلب إحسانًا وآخر يتوضأ وثالث يصلي ورابع مُنهمكًا في العبادة والتنسك ، والصورة الأخرى لفقهاء يتدارسون العلوم الإسلامية.
وقد صوّر بهزاد الخطوط الرئيسية للنص ببساطة مع وصفٍ محكم للطبيعة، وتنوع بديع في رسم الشخصيات، يُمكِّن أيَّ متذوق للفنون من تمييز كل شخصية عن الأخرى بملامح مختلفة درج بهزاد على إضافتها للملوك تارةً، والبربر تارة أخرى، والفقهاء، والعامة، والخدم، إلى غير ذلك من شخصيات متنوعة تمتلأ بها منمنماته.
وكما تفتخر دار الكتب المصرية بمجموعتها القيمة التي تملكها من صور بهزاد، فالمتحف البريطاني يملك أيضًا ثلاث صور تضمنها مخطوط صغير لنظامي الكنجوي الشاعر الفارسي الكبير بعنوان «الكنوز الخمسة» أو «المنظومات الخمس» وهي عبارة عن خمس منظومات قصصية، وزاد من قيمة المخطوط توقيع بهزاد الممهور بدقة ووضوح على الصور، وكذلك مجموعة مخطوطات تشستر بيتي التي تملكها الآن المكتبة المسماة بنفس اسم مليونير المناجم (الأمريكي الإنجليزي) الشهير ألفريد تشستر بيتي وهي تحتوى على صور لبهزاد تمتاز بدقتها وحرفيتها العالية من كتاب بستان سعدي.
وبعد وفاة بهزاد استكمل تلاميذه مشروعه الفني وأصبحت مدرسته الفنية مميزة لها ثقلها ووزنها في تاريخ الفن، ومن الذين برعوا واشتهروا من تلاميذ مدرسة بهزاد مظفر علي، أغا ميرك، وشيخ زاده الخراساني، ومير مصور السلطان، وهم رواد المدرسة الصفوية فيما بعد الحقبة التي تلت كمال الدين بهزاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.