يعاود المسرح القومي أقدم وأعرق مسارحنا تقديم عروضه بعد فترة طالت إلي حد ما ليعرض لنا مسرحية باسم في بيتنا شبح بمسرح ميامي. المهم هنا هو اسم كل من المؤلف والمخرج فالمؤلف هو الكاتب المبدع الموهوب لينين الرملي والمخرج هو أيضا الفنان المبدع الموهوب عصام السيد الذي يعمل حاليا رئيسا لقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية, إلي جانب عشقه الأساسي في الفن وهو الإخراج, وأظن كثير منا لا يزال يذكر المسرحية الشهيرة التي طال وقت عرضها لأكثر من عامين بالمسرح القومي في سابقة هي الأولي من نوعها وهي مسرحية أهلا يا بكوات لهذا الثنائي. إذا لدينا المقومات الرئيسية لعرض نضعه في خانة العروض المتميزة وهو عرض في بيتنا شبح. فماذا عن هذا العرض؟ سأبدأ بالطبع بالتأليف الذي أكد لي لينين الرملي أنه كتب هذا النص في مايو2005, فهو إذن ليس من تلك العروض العديدة التي شاهدناها خلال هذا الموسم خاصة بثورة52 يناير ولكن باعتبار الفنان الكاتب يستشرف المستقبل أو ينفذ بفكره إلي المستقبل فكان أن جاءت هذه المسرحية معبرة عن الحالة التي نعيشها حاليا والتي يمكن تلخيصها في أن الجهل هو السبب الأول والرئيسي فيما نحن فيه حاليا. الأشباح ليس لها وجود سوي عند ذوي التركيبات المخية الفارغة والأشباح هي ما نحن عليه من جهالة. أيضا طمع غير محدود بالمال لا يقابله الذكاء الحقيقي الذي يؤدي إلي الحصول عليه وهذا من خلال هذا المنزل أو القصر الذي تركه الجد لأحفاده الذين تجمعوا للاستماع الي وصيته التي اتضح فيما بعد أنه لم يترك مالا ولكن ترك ديونا.. ثم ترك هذا المنزل ليقسموه أو يقيموا فيه ولكن ما العمل والقصر أو البيت تسكنه الأشباح؟ هل هذا البيت هو مصر.. هل هذا البيت هو بيتنا الذي سيحترق؟ هل هذا المنزل يظهر لنا مدي ما نتمتع به من جهل وخرافة؟ نص بديع في اتجاه الكوميديا الخفيفة الذكية ولن أقول الكوميديا السوداء, فماذا عن الإخراج؟ قام به عصام السيد ليقدم حركة للمجاميع جيدة وأيضا حركة خاصة لبعض الممثلين, كما استعان بديكور متميز لحازم شبل وأيضا مؤثرات صوتية إلي جانب موسيقي تصويرية رائعة ضاعفت من إحساسنا كمتفرجين بالخوف أما الإضاءة فهي لواحد من أشهر من يصممها وهو عاصم البدوي. فماذا عن الممثلين؟ لدينا نقيب الممثلين أشرف عبد الغفور في دور يحمل الكثير من الكوميديا التي قلما نشاهد مثلها ولدينا ماجد الكدواني الفنان الصاعد أو لنقل أنه صعد بالفعل, ثم سامي مغاوري وسلوي عثمان مع محمد رضوان ووصال عبد العزيز وياسر الطوبجي وبيومي فؤاد والسيد هنداوي وكمال سليمان وأميرة عبد المنعم وحسن حمدي في دور بسيط ولعل الغرابة في هذا العمل أن جميع الممثلين والممثلات كانوا في أحسن حالات الأداء والفهم لشخصية كل منهم, وأخص بالذكر سامي مغاوري وماجد الكدواني لكن ثمة ملحوظة وهي أن معظم الممثلين هنا من خارج المسرح القومي وهي الفرقة التي قدمت العرض.