تمثل السياحة مصدر دخلا أساسيا ومهما لجميع دول العالم، وينجذب السياح عادة إلى المناطق الأثرية التى تثير اهتمامهم، والتى تتنوع أسباب الاهتمام عندهم ما بين شعب وآخر، أو حسب ذوق واهتمام السائح، ومناطق الجذب السياحى تتنوع بين المناطق التى توجد بها آثار قديمة، خاصة التى يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، والأماكن التى بها آثار دينية، والمواقع التى تتميز بجمال الطبيعة وسحرها، أو دفء الشتاء للقادمين من بلاد مواسم البرد القارس، والبعض الآخر ينجذب إلى أشياء تتسم بالغرابة وتثير الخيال، مثل الكهوف التى عاش فيها إنسان ما قبل التاريخ، أو بقايا حيوانات انقرضت كالديناصورات، خاصة فى بلاد حديثة العهد بالتاريخ، كالولاياتالمتحدةالأمريكية، والتى لا يتجاوز عمرها مئات السنين. و هذا كان من أسباب حرص بعض الأمريكيين على إقامة متحف يعوض ما ينقصهم من آثار العصور القديمة، وهو متحف يحتوى على ما تم اكتشافه منذ نحو 40 عاما من بقايا هياكل عظمية كانت موجودة، ودفنت تحت الأرض منذ ما يقرب من 30 ألف سنة، ولم يسمع بها الإنسان إلا من روايات فى الكتب أو رسومات تقريبية لهذه الحيوانات، وهى للماموث. والمتحف يضم هياكل عظمية بالغة الضخامة لحيوان الماموث، الذى يشبه إلى حد كبير الفيل، بما له من أنياب العاج الطويلة جدا فى مقدمة رأسه، مع الفارق الهائل فى الحجم بينه وبين الفيل.والمتحف أقيم فى الستينيات فى منطقة هوت سبرينج فى ولاية أريزونا الأمريكية. البداية جاءت عندما اكتشف لارى أجنبورد، الخبير المعروف فى الحيوانات المنقرضة، أضخم مقبرة لحيوان الماموث فى تلال ولاية داكوتا الجنوبية الأمريكية، وبعد فحصها تبين أنها عظام لحيوان الماموث، ونظرا لقيامه بإجراء دراسات علمية على اكتشافه، فقد استدعته ولاية نبراسكا فى عام 1974 لفحص عظام حيوانات لم يتأكدوا من طبيعتها، عثر عليها عمال بناء كانوا يحفرون الأرض لإقامة مشروع سكنى، وعندما ذهب إلى هناك وجد أن العظام تعود إلى ستة من حيوان الماموث، وبمواصلة التنقيب فى المنطقة وجد أن بها بقايا ما لا يقل عن 100 من الماموث، وأمام هذه الاكتشافات بدأ فى إقامة المتحف فى هوت سبرينج. يعتقد العلماء المتخصصون أن الماموث كان يتغذى على النباتات، وفى فترة حدث فيها تغير كبير فى المناخ أدى إلى نقص فى النباتات، فإن قطعان الماموث تحركت فى رحلة بحثا عن مصادر للغذاء، ولم يكن أمامها للوصول إلى هذه المصادر سوى عبور الأنهار، ورغم قدرتها على السباحة، فإنها لم تستطع الوصول سالمة إلى الشواطىء، فغرقت القطعان وماتت، وكانت هذه إحدى النظريات عن أسباب انقراض الماموث. وتواصلت الكشوف إلى أن تم العثور على مقابر ضمت 300 من الهياكل العظمية من الماموث فى أماكن أخرى فى الولاياتالمتحدة، يرجع عمرها إلى 28 ألف سنة مضت. ومن أغرب الاكتشافات ما تم فى عام 2007، بالعثور على بقايا ماموث صغير السن، فى موقع فى سيبيريا الروسية، ويومها أطلق عليه اسم "ليوبا"، وعثر عليه وهو يكاد يكون متكامل الأعضاء، ومازالت بقايا لبن أمه متحجرة فى معدته. وهذا المتحف الموجود فى هوت سبرينج، يوجد شبيه له إلى حد ما فى مصر، بعد أن تم اكتشاف ما يسمى الآن "وادى الحيتان" فى الفيوم، حيث تم العثور على هياكل عظمية عديدة للحيتان التى كانت تعيش فى ذلك المكان منذ عشرات الألوف من السنين، وتم إحاطة المكان بالرعاية وإنشاء متحف هناك. والمهم أن مصادر جذب السياحة على تنوعها واختلافها متوافرة كلها فى مصر، فبخلاف الآثار الفرعونية القديمة التى لا تزال تثير خيال شعوب العالم، فإن مصر غنية بمصادر السياحة الدينية، سواء الإسلامية بمبانيها ومنشآتها القديمة، أو القبطية ومن أهمها الطريق الذى سلكته العائلة المقدسة من فلسطين إلى مصر، والأماكن التى أقامت فيها فى مدن مصرية مختلفة، ومن بينها الكهف الجبلى فى منطقة درونكا القريبة من أسيوط، وهو الكهف الذى يعتبر مزارا مهما حتى اليوم، ولكنه غير مستغل سياحيا، وأيضا "شجرة مريم" المعروفة فى المطرية، والتى يقال إن السيدة مريم جلست تحت ظلها فى رحلتها من فلسطين إلى مصر. ذلك بالإضافة إلى مواقع السياحة العلاجية، وغير ذلك الكثير من مناطق الجذب السياحى فى مصر. ولما كانت السياحة تعد فى مقدمة الدخل القومى لدول العالم، فإن هذا الثراء للمواقع السياحية فى مصر، يحتاج إلى خريطة جديدة تضع تحت نظرها كل هذه المواقع، بحيث يتم عمل سياسات جديدة لكيفية تطويرها وإعلام شعوب العالم بوجودها، بحيث يستطيع كل منها أن يجذب إليه المهتمين بالمواقع السياحية المختلفة.