فى كتابه سيد قطب والأصولية الإسلامية يحلل الكاتب شريف يونس سيرة وفكر سيد قطب منذ اقتحامه للأدب كناقد وشاعر وروائي، وتحوله الى اقتحام المجتمع بفكرة شاملة أخذها عن ابو الأعلى المودودى وهى فكرة الحاكمية. ومن خلال ثلاثية الأدب والسياسة والتأملات قدم سيد قطب خطابا ايدليوجيا سلطويا تحدى عقل التنوير العربى وهدده بالتوقف والشلل، ويرى الكاتب أن هذا التحدى وذلك التهديد هما فى الوقت ذاته ظرف مناسب وفرصة مواتية لهذا العقل ليواجه الواقع ويثرى نفسه من خلال استيعاب نقيضه ويدرك أن هزائمه أمام الأصولية إنما يستحقها عن جدارة لأنها تجاوزته بحدس أعمق لأزمة الواقع فى الوقت الذى خان فيه العقل العربى مهمته وحصر نفسه فى الحلم القومى الضيق وتحول إلى أداة تبرير لأيدليولجيات نخبوية وسلطوية. وفى إطار استيعاب هذا النقيض جاء هذا الكتاب المهم الذى اصدرته الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة مكتبة الأسرة عام 2014، حول قطب الذى يقول عنه شريف يونس: إن وقع هزيمة الإخوان أمام ضباط يوليو كان شديدًا على سيد قطب فتملكه كبرياء الشاعر وتبنى فكرة مواجهة النظام بالقوة.. ومن السجن كتب لما يمكن أن يسمى إستراتيجية بناء حزب انقلابى إسلامى وهو ما يطلق عليها الكاتب (أيدليوجية الصفوة الإلهية) من خلال ظهور مفهوم الحاكمية الذى يضع الأساس النظرى الفقهى للإسلام القطبى بالتوحيد التام بين الإسلام والسلطة على نحو مذهل فى شموله وصرامته، بحيث تصبح الحياة كلها فروعا من شجرة الدين، وإذا كانت الحاكمية خارج العالم وفوقه فالعالم أيضا خارج الحاكمية أى فى جاهلية ومن الناحية السياسية العملية تفضى هذه الفكرة الى تكفير النظام والمجتمع القائمين فى مصر حيث إنهما فى غربة كاملة عن الإسلام. ويقول المؤلف: الفكرة القطبية كانت تقوم على تكوين العصبة المؤمنة المفترضة، التى كانت تستدعى عدم إضاعة الوقت فى فرض التشريع الإسلامى بالقوة، قبل تكوين هذه العصبة على أساس مفاهيمه لتفاصيل المجتمع فيما يعد مفاصلة جذرية، ومن هنا كان المطلوب هو هدم النظام من القواعد عن طريق العصبة المؤمنة، لا المزاحمة على النفوذ فيه! إلا أن التنظيم أُجهض وهو فى طور النمو ومرحلة البداية الحرجة فى أغسطس 1965م. ولكن الأثر الباقى والأخطر، كان السجالات الفكرية التى تمت خلف الأسوار وتحت سطوة الجلاد، عن تبلور فكر التكفير إلى مناقشات فقهية على ساحة السياسة، تدور حول نتائج تكفير المجتمع والدولة، والحكم على الآباء والزوجات، وتكفير الأفراد. وتمخض هذا السجال عن مدارس تكفيرية مختلفة، وفى الواقع عن استراتيجيات اجتماعية مختلفة، انطلقت من فكر قطب، وأضافت إليه، ومن بينها التكفير الشامل، ونموذجها جماعة المسلمين، التى أسسها شكرى مصطفي، والتكفير السياسي، الذى تبنته جماعات الجهاد الإسلامي، التى بدأت بتنظيم الفنية العسكرية الذى أسسه صالح سرية.