اعتز كثيرا بذلك اللقاء الذى جمعنى مع الأديب العالمى نجيب محفوظ، الرجل الأسطورة الذى ذاع صيته فى المشرق والمغرب باجتهاده وتواضعه وإنتاجه الأدبى الغزير والثمين. أعود بالذاكرة إلى عصر ذلك اليوم حيث كان ضيفى مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة فى شركة طيران لوفتهانزا وهو شاب ألمانى لم يتجاوز عمره 28 عاما غير انه كان شغوفا بالقراءة ومولعا بنجيب محفوظ وكانت إحدى أمانيه أن يحصل على توقيع نجيب محفوظ على رواية يحملها تمت ترجمتها إلى الإنجليزية. يومها تواصلت مع الزميل العزيز احمد الشهاوى للمعاونة فى ترتيب اللقاء وبعد أن اجرى بعض الاتصالات تأكد أن الأديب العالمى سيكون مع الأصدقاء من الحرافيش فى هذا اليوم فى الفندق الشهير بكورنيش المعادى. فذهبت بصحبة الضيف الألمانى وكان يجلس الأديب العالمى ومن حوله أصدقاؤه ويقرأ احدهم عليه مقالا للدكتور أنور عبد الملك نشر فى الأهرام عن سياسة إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية ويستمع باهتمام بالغ. وبعد أن انتهى المقال أخبروه بحضورى رحب بى وبالضيف وسألنى عن مهنة الضيف ومن أين جاء؟ كان كريما فى استقباله وبتواضع خاطبنى بذاكرة قوية قائلا يا: ماهر فلاش الكاميرا لا اتحمله ولكن سأنظر إلى الأرض ويتم التقاط الصورة التذكارية ثم وقع بخط يده على الكتاب. نجيب محفوظ لا تملك إلا أن تشعر نحوه بعاطفة الأبوة والقدوة التى تتمناها. وعندما أعود إلى قصة فوزه بجائزة نوبل حيث التقيت زوجته السيدة عطيات وكريمتيه فاطمة وأم كلثوم قبل سفرهما إلى السويد لاستلام جائزة نوبل مع الكاتب محمد سلماوى، ونشرت تحقيقا مطولا عن سفرهما وانطباعاتهما.. وودعتهم الأم فى مطار القاهرة وحرصتا كريمتاه على أن ترتديان الزى الفرعونى خلال مراسم تسلم الجائزة، وهما يشعران بالفخر بوالدهما، وظلتا بعيدتين عن الأضواء والشهرة وعدم استغلال المناسبة لا وقت فوزه بنوبل أو بعد رحيله. ولأجل هذا عاش ومات نجيب محفوظ مخلصا لموهبته لا يفعل سوى العمل والإبداع.. وترك فى نفوس كل من عرفه وكل من قرأ له أكبر الأثر فى الإخلاص للعمل والاجتهاد فى صمت دون كلام مرسل ويترك أعماله هى التى تتحدث عنه. وسيبقى نجيب محفوظ قامة وعلامة وقدوة على كل المستويات. لمزيد من مقالات ماهر مقلد