مع كشف السيناتور الأمريكي, كارل لفين, الرئيس المتقاعد للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي, عن المزيد من الأكاذيب التى إدعتها إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن من اجل تبرير الحرب على العراق, يبدو انه لم يعد أمامنا من أجل أن نقر بعد طول عذاب بما نعرفه سلفا:أن العراق لم يكن لها إى صلة بالقاعدة, إلا أن يخرج الرئيس الأمريكى السابق بنفسه ويعترف علنا انه كاذب و نادم عن مقتل أكثر من 12 ألف عراقى مدنى حتى عام 2010 ويريح الجميع. فبعد أكثر من عشرة أعوام على شن الحرب الأمريكية الكارثية على العراق, وتداعياتها التى ما زالت تتمثل فى انتشار مسعور للتنظيمات الإرهابية فى المنطقة العربية, توشك أن تبتلع البلاد والعباد. تتوالى علينا الاعترافات النارية التى تؤكد لنا أن العراق لم تكن سوى أول أحجار الدومنيو التى أرادت الولاياتالمتحدة إسقاطها تباعا. يوم الخميس الماضى كشف السيناتور لفين المستور عن جزء من برقية لوكالة المخابرات الأمريكية, يرجع تاريخها إلى 11 مارس 2003 ترى أن ما تردد حول التقاء محمد عطا, احد منفذى هجمات الحادى عشر من سبتمبر, مع ضابط المخابرات العراقى احمد العانى فى العاصمة التشيكية براج فى ابريل عام 2001 لا يعدو أن يكون شائعات. وقد أشار لفين فى خطاب أمام مجلس الشيوخ الأمريكي, إلى المذكرات التى نشرها مؤخرا جيرى روزيك, رئيس جهاز مكافحة التجسس التشيكى المسئول فى تلك الفترة, والتى أشار فيها إلى أن الرواية حول لقاء عطا باعانى فى براج كانت ملفقة, بهدف ربط العراق بتنظيم القاعدة التى تبنت هجمات 11/9, وهو اللقاء المختلق الذى أبرزته الإدارة الامريكية وقتها وخاص ديك تشيني, نائب الرئيس الأمريكي, لتصعيد بناء قضيتها ضد النظام العراقي, وإسقاط صدام حسين, وهو ما وصفه لفين بوضوح انه كان "محض خيال", بل وأكد أن إدارة بوش وقتها مارست ضغوطا على مسئولين فى براج لعدم تكذيب ادعاءاتها, مع حصولها على معلومات من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالى وقتها بان عطا كان فى تلك الفترة فى ولاية فلوريدا. كانت ادارة بوش الابن قد أصرت طوال فترة تصعيدها للغضب الشعبى الامريكي,من اجل إجازة شن الحرب على العراق, على التأكيد على أنها تستند الى تقارير مخابراتية امريكية وبريطانية تؤكد ان العراق يمتلك اسلحة دمار شامل, وان لديها ما يؤكد ان النظام العراقى مرتبط بتنظيم القاعدة ولهذا تجب معاقبته على هجمات الحادى عشر من سبتمبر فى عملية أطلقت عليها افتراءا وزورا "حرب تحرير العراق" .وبعد سقوط بغداد فى ابريل 2003 استمرت البيانات الامريكية الكاذبة, وخرج الرئيس الامريكى ليعلن بكل ثقة ان القوات الامريكية عثرت بالدليل القاطع على امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل وقال خلال زياراته لبولندا فى مايو 2003 "لقد عثرنا على اسلحة الدمار الشامل وعلى مختبرات بيولوجية وسوف نعثر على المزيد خلال الايام القادمة". ووفقا لدراسة قام بها سيناتور ديمقراطى خلال تلك الفترة, فقد كذبت ادارة بوش 237 كذبة كبرى من اجل تبرير الحرب على العراق. كان كتاب "500 يوم :اسرار واكاذيب فى الحرب على الارهاب " الذى كتبه الصحفى الأمريكى كورت ايشنوالد, قد تناول من خلال إجرائه ل600 ساعة من المقابلات مع مسئولين امريكيين, قدر كبير من الاكاذيب التى استخدمتها الادارة من اجل تبريرها لحرب غير مبررة, مدفوعة بقدر كبير من الكراهية والبارانويا. لقد نجحت الولاياتالمتحدة تماما فى استثمار موجة الكراهية التى تلت هجمات 11/9 فى شن العديد من الضربات الموجعة لمناطق أخرى فى العالم مستغلة ما ادعته من شعورها بالخوف وحقها فى حماية شعبها. كانت السودان هى الأخرى هدفا استراتيجيا لادعاءات البيت الابيض ولكن فى ادارة الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون ولا ننسى حربها السرية ضد السودان والتى كانت مبررا لقصفها لمصنع الشفاء فى 20 أغسطس 1998 الذى ادعت انه موقع لتصنيع الأسلحة الكيماوية , وكانت قد قامت منفردة وبدون الرجوع الى مجلس الامن بقصف المصنع الواقع فى ضواحى العاصمة السودانية الخرطوم, ووقتها وعندما تم اثبات ان المصنع لم يكن سوى مصنع ادوية "نظيف" رفض الرئيس الامريكى كلينتون الاعتذار عن القصف وايضا رفض بعده الرؤساء التاليين الاعتذار عن هذا الخطأ, الذى طالبت مقابله الحكومة السودانية بتعويضات قدرها 50 مليون دولار وهو ما تجاهلته الادارة والمحاكم الامريكية وكانه ضرب من الجنون. ويبقى السؤال هل هناك أغراض أخرى لا نعلمها لموجة الاعترافات النادمة التى تخرج مؤخرا من قبل الكونجرس الأمريكي, فلا اعتقد أننا من السذاجة حتى نصدق ان ما يحدث هو مجرد قرار باراحة الضمير الامريكى المعذب.