غوار الطوشة، هو اسم الشهرة المحبب لقلب، العبقرى، دريد لحام، وقد إستخدمه الرجل- بمهارة- ليمتعنا بمعظم أعماله الفنية، وليرمز- من خلاله- إلى المآسى، التى ابتلى بها المواطن العربى، فى كل مكان وزمان. ترى كيف سيكون عليه الحال لو قرر «غوار» العودة، إلى مسرح الأحداث ليبكى- علينا ومعنا- أحوالنا العربية، البائسة، وليصف لنا- بسخريته المعهودة- ما نغوص فيه من فتنة، لم تخطر- أبدا- على البال. أكتب بعد أن قرأت حديث دريد لحام ل «الأهرام» ، يوم السبت الماضى، رغم ما أشيع عن صمته، طوال فترة إقامته بالقاهرة، ضيفا كريما، ومكرما، فى الدورة الثالثة لمونديال الإذاعة والتليفزيون، وقد بلغ به الحزن- بسبب ما تردد عن معاملة مهينة له فى المطار- إلى حد إعطاء تعليمات لإدارة الفندق، بعدم استقبال أية مكالمات هاتفية، وإلغاء ندوة، ورفض الإدلاء بأحاديث صحفية. لأنها «الأهرام» فقد خرج دريد لحام عن صمته، ووجه إليها الشكر، مرتين، وقال فى حديثه: «أن المواطنين العرب يحبون بعضهم البعض على عكس السياسيين»!! إنه ملخص مفيد لمجمل ما أفاض به دريد، على هامش حفل تكريمه، مؤكدا أن المونديال استطاع – بفضل الفن والثقافة- أن يجمع كل العرب على المحبة، التى لم تستطع السياسة تحقيقها، ومتمنيا أن يترك السياسيون السياسة «ويلحقوا بنا فى الفن فستصير حياتنا أفضل.. شرط أن يمثلوا معنا.. لا يمثلوا علينا»ّ!! دريد كان شديد التأثر والتأثير وهو يقرأ- فى حفل تكريمه- فقرات من مقال كتبه فى «الأهرام» الزميل محمد حسين أبو الحسن، عن الضابط، البطل، جول جمال، الذى ضحى بروحه فداء لمصر إبان العدوان الثلاثى عام 1956، قال دريد: نعم.. جول جمال إسطورة سورية فى حب مصر .. نحن السوريين كلنا أساطير فى حب مصر، ومن هنا.. أهدى هذا التكريم إلى العمال الرائعين، الذين يحفرون قناة السويس الجديدة، ليصنعوا مستقبلا أجمل.. تحيا مصر .. وتحيا سوريا. الله عليك يا دريد، وصلت رسالتك إلى قلوبنا كالبرق، أحسنت فيما قلت بصدق وبعفوية عما يجيش فى نفوس السوريين من محبة للمصريين. للأمانة، لمست ذلك بنفسى، يوما ما، ولو نسيت فلن أنسى كيف استقبلنى بترحاب ضابط الجوازات فى مطار دمشق الدولى، عندما زرت الشام لأول مرة. كنت فى أواخر ديسمبر عام 1984، وكانت القطيعة السياسية على أشدها بين القاهرةودمشق، وبالرغم من ذلك كانت أبواب سوريا مفتوحة- تماما- بلا تأشيرة دخول للمصريين. وقتها، كان يتردد على مسامعى، سخفا من المعاملات المصرية الرسمية، الرديئة، فى إستقبال الزائرين السوريين، ولذلك فقد كنت متحفزا وقلقا وحذرا، من احتمال معاملة رسمية سورية لى بالمثل، لدى الوصول إلى مطار دمشق الدولى، وبالذات، بسبب ما أحمله من هوية صحفية. يا إلهى .. فقد باغتتنى المفاجأة السارة من ضابط الجوازات العربى السورى بمطار دمشق الدولى عندما قال: «مصرى.. ميت أهلين فيك أخى كمال.. اتفضل». هل تذكر يا أخى دريد، تلك القصة، وقد رويتها بنفسى لك، عن اول زيارة لى للشام، عندما التقيت معك،على هامش أعمال الملتقى الإعلامى العربى، فى الكويت، عام 2009. أخى دريد.. أشعر بالخجل والعار إذا كان قد أصابك أى مكروه لدى وصولك إلى قاهرة المعز، ونيابة عن المصريين أقول لك: سماح، أردد بأعلى الصوت، لعله يصل إلى مسامعك فى الشام :» 90 مليون أهلين فيك.. أخى غوار الطوشة». [email protected] لمزيد من مقالات كمال جاب الله