العنف فى شارعنا المصرى أصبح على كل شكل وكل لون، وأبناؤنا تغيروا نتيجة هذا العنف وظهر وراء أبوابنا عنفهم وتعالت أصواتهم، ووصل الأمر الى التعدى بالقول والفعل على كل ماتصل إليه أيديهم، وقد صار العنف هو العدوى التى تفشت فى مجتمعاتنا فكيف نتخلص من هذه الظاهرة ويشفى مجتمعنا ليعود لطبيعته السمحة الطيبة؟ يقول د . محمد سمير عبد الفتاح أستاذ علم النفس كلية الآداب جامعة عين شمس إن العنف ظاهرة عالمية موجودة فى كل دول العالم، والذى أدى إلى ذلك أن الدول الغنية أرادت أن تسيطر على الفقيرة دون حروب فبدأت فى زرع الخلافات بين الجماعات المختلفة فى البلد الواحد لتتبادل العنف بجميع صوره «فكرياً أو لفظيًا» أو بالاعتداء البدنى أو على المنشآت، وقد ساعد على انتشاره الإعلام بصوره المختلفة، ويشير د. محمد الى أن هذه الصور المليئة بالعنف التى يراها الناس فى أحداث العراق، تكون سلبية لدى الأفراد وخاصة الأطفال منهم من سن 3 الى6 سنوات، فيتشبعون بالعنف وعندما يصلون الى سن المراهقة فمن الممكن ألا يتذكروها ولكن نجدهم وقد أصبح لديهم ميل شديد للعنف دون معرفة أسباب لذلك، ويكون العنف هنا هو أحد أنواع الانحرافات السلوكية نتيجة للاضطراب فى تكوين شخصياتهم، وبدلاً من التكوين السوى للصفات الانفعالية والسلوكية لهؤلاء الأطفال فإن الاضطراب يصيب شخصياتهم فى سن مبكرة، مما يتسبب فى انحراف واضطراب بشخصياتهم وهى الشخصية التى يطلق عليها الأطباء النفسيون بالشخصية « المضادة للمجتمع «، ولعل هذا المصطلح هو أصدق وصف لهؤلاء الذين عرف عنهم سوء التوافق مع الآخرين والاصطدام بالقوانين، وهو ما يوصف أيضاً بالسيكوباتية والتى تعرف لدى العامة «بالبلطجة « أو «الإجرام» الذى يتصف به الأشخاص الذين يعرف عنهم الميل إلى ارتكاب الحوادث وتكرارها ذلك دون رادع من ضميرهم أو خوف من العقاب الذى ينتظرهم. بوادر الإنحراف وتبدأ بوادر الانحراف السلوكى فى مرحلة المراهقة عادة قبل سن الخامسة عشرة، وتحدث بصفة رئيسية فى المناطق المزدحمة والعشوائية وتزيد احتمالاتها فى الأسرة كبيرة العدد وفى المستويات الاجتماعية والتعليمية المنخفضة حيث يتورطون فى جرائم العنف « أو البلطجية «. كذلك نجد معاناه الأسر من المستوى الاقتصادى وارتفاع الأسعار والبطالة وعدم وجود بديل للحصول على المادة والانفلات الأمنى، وكلها أسباب تؤدى الى العنف. ويرى د . محمد سمير أن علاج هذه الظاهرة يعتمد على التسامح والعفو والرضا والاستعانة بأهل الخبرة الصالحين الأكفاء الذين يحبون الوطن . أما د . السيد حنفى أستاذ علم الاجتماع فى جامعة الزقازيق فيرى أن العنف له عدة جوانب منها التنشئة الاجتماعية والتعرض لنوع من أنواع القهر داخل البناء الأسرى سواء فى أسلوب تربية الطفل أو مايشاهده من عنف ضد الآخر، أوفى كلتا الحالتين، أيضا فى غياب القانون الرادع لضبط السلوك المجتمعى فتصبح البلاد فى حالة فوضى، ويكون البقاء للأقوى، ولأن البلطجى رمز للقوة يتم التوحد معه فى الغالب مما يشكل عنفا ضد السلطة مؤسسات ومرافق الدولة ويعتقد د. السيد حنفى أن العلاج يحتاج إلى صحوة مجتمع تبدأ من البيت والمدرسة يكون فيها الاهتمام بالدين صادقاً وليس «بالخطابة المنبرية» ولكن بأسلوب إبدأ بنفسك أولا، وأن ننظر إلى الماضى لنأخذ منه عبرة، وألا نزيد من سلوك العنف فى ذوات أبنائنا بألا نعاقبهم بطريقة غير لائقة، فنحن نريد أن ننهض بالشباب لأنهم أمل مصر ومستقبلها.