من بين المشروعات الحضارية الكبري التي تعثر تنفيذها وربما لن تري النور هو مشروع إحياء القاهرة الخديوية الذي كان يستهدف في المقام الأول إعادة الاعتبار للتراث المعماري الذي تتميز به منطقة قلب القاهرة أو حسب التعبير الدارج وسط البلد وهو طراز معماري فريد ارتبط باسم الخديو إسماعيل بن إبراهيم باشا, أكبر أبناء محمد علي. وعلي الرغم من أن التطوير كان قد عرف طريقه إلي قلب القاهرة الحديثة في عهد محمد علي باشا, إلا أنه والحق يقال فإن النهضة العمرانية الحقيقية بدأت بشكل منظم ومدروس ومخطط له, في عهد الخديو إسماعيل الذي تولي حكم مصر في عام1863, ففي أثناءزيارته لباريس عام1867 لحضور المعرض العالمي, طلب من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسي هاوسمان بتخطيط القاهرة الخديوية وكان سبب اختياره لهاوسمان أنه كان ملء السمع والبصر بالشهرة التي حققها عقب تخطيطه لمدينة باريس. وبالفعل تحولت القاهرة علي يد هاوسمان إلي تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم, حتي أطلق عليها كتاب الغرب حينذاك اسم باريس الشرق ولكنهم لم يخطر ببالهم ولو للحظات أن باريس الشرق ستصبح في يوم من الأيام علي هذا النحو من التدهور الذي فتح الباب علي مصراعيه أمام كل أشكال العشوائيات ليحل القبح والانحطاط العمراني محل الجمال والروعة التي أصبحت الآن في حاجة إلي ما يشبه المعجزة لتعود إلي سابق عهدها. فهل يأتي يوم تصحو فيه الجهات التي كانت معنية بالمشروع من غفوتها وتفكر جديا في المشروع أم أننا سنظل هكذا نجتر الماضي ونستدعي ذكريات الزمن الجميل الذي لا نراه إلا في أفلام سينما الأبيض وأسود وساعتها سنضطر إلي أن نقول للزمان ارجع يا زمان. المزيد من أعمدة أشرف مفيد