تشهد العلاقات السياسية بين مصر وقبرص حالة من الحراك خلال الفترة الحالية خاصة مع القمة الثلاثية التى عقدت مؤخرا فى القاهرة بين الرئيسين المصرى والقبرصى ورئيس وزراء اليونان حيث كشفت الدكتورة هبة المراسى سفيرة مصر فى قبرص فى تصريحات خاصة ل «الأهرام»عن أن العلاقات بين البلدين منذ فترة طويلة حيث كانت علاقات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مع الرئيس القبرصى مكاريوس متميزة للغاية حتى قبل إعلان استقلال قبرص. وكعادة العلاقات بين الدول شابها بعض فترات الفتور بين الجانبين، إلا أننى أستطيع أن أصف الفترة الحالية بأنها أزهى فترات التعاون بين الجانبين ويعكس ذلك حجم الزيارات المتبادلة بين البلدين، واهتمام كل من الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس القبرصى أنستيادس بتطوير العلاقات على جميع الأصعدة، وتلك العلاقات ليست فقط على المستوى الرسمى وإنما على مستوى الرأى العام بالبلدين حيث رحب الشعب المصرى بعقد القمة الثلاثية يوم 8 نوفمبر 2014، تقديراً لما لمسه من تأييد الدولتين لمصر خاصة بعد ثورة 30 يونيو، بينما يتطلع الشعب القبرصى إلى تلبية السيد رئيس الجمهورية دعوة نظيره القبرصى لزيارة البلاد. وحول التحركات التى قام بها وزير الخارجية سامح شكرى على هامش المشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدةبنيويورك واجتماع آلية المشاورات الثلاثية مع وزيرى خارجية كل من اليونان وقبرص ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى مع الرئيس القبرصى ومدى كون هذا اللقاءات نقطة انطلاق للعلاقات تشير إلى أن الاجتماع فى نيويورك بين وزراء خارجية الدول الثلاث كان اجتماعاً للتباحث حول مختلف القضايا أما آلية المشاورات الثلاثية فقد تم عقدها بنيقوسيا خلال زيارة الوزير سامح شكرى يومى 28 و29 أكتوبر 2014، وتم بعدها عقد القمة الثلاثية وأعطت الاجتماعات أهمية و زخما أكبر للعلاقات سواءً على المستوى الثنائى أو الثلاثى مع قبرص واليونان كما ان هناك عزما رئيسيا ومسئولى الدولتين على توطيد العلاقات فى شتى المجالات بما يسهم فى تحقيق تطلعات شعبى البلدين نحو التنمية والرخاء. وحول موقف قبرص الداعم والمساند لمصر منذ 30 يونيو سواءً على المستوى الثنائى واذا كان نتيجة طبيعية لمواقف مصر الثابتة من الوضع فى قبرص فتوضح موقف مصر من الوضع فى قبرص ثابت وقائم على احترام قرارات الشرعية الدولية، وبالنسبة لقبرص فإنها لطالما قدمت الدعم لمصر ليس فقط عقب ثورة 30 يونيو بل منذ ثورة 25 يناير فقد أبدت الاحترام لإرادة الشعب المصرى ولم تتدخل على الإطلاق فى اختياراته لنظام الحكم، ذلك لأن قبرص بحكم موقعها الجغرافى فإنها تتفهم بشكل أكبر طبيعة المجتمع المصرى السمحة والتى ترفض خلط السياسة بالدين لذا فإنها أيدت ثورة 30 يونيو ودافعت عن الموقف المصرى فى العديد من المحافل الأوروبية والدولية، كما كان الرئيس القبرصى أول رئيس أوروبى يقوم بزيارة مصر عقب الثورة. وتؤكد أن التعاون الثلاثى مصر وقبرص واليونان غير موجه ضد أى طرف أخر بالمنطقة، بل إنه مفتوح لمشاركة دول أخري، وإنما تأثيره الإقليمى سيأتى فى إطار توجيه رسالة مفادها أنه من الأفضل للمنطقة وشعوبها التى تعانى من العديد من الأزمات الانفتاح على بعضها البعض وتوطيد أواصر التعاون بما يحقق تطلعات وأمال شعوب المنطقة نحو تحقيق استقرار ورفاهية المنطقة بما يعود بالنفع على جميع بلدانها. وحول اكتشاف مصادر مهمة للطاقة التقليدية فى شرق المتوسط، فى إمكانية أن تمثل حافزاً للتعاون على المستوى الإقليمى فتؤكد أن الدول الثلاث أعربت عن تطلعها إلى إنشاء آليات تعاون فى مجال الطاقة ونأمل أن تتفهم جميع دول المنطقة أن اكتشافات الطاقة بشرق المتوسط يتعين أن تسهم فى تنمية كل دول المنطقة وألا تتحول إلى منبع جديد للصراع بالمنطقة. وفيما يتعلق بالطبيعة العالمية لمعاهدة الأممالمتحدة لقانون البحار واكتشاف الغاز فى شرق المتوسط واذا كانت عاملا أساسيا للدعوة لاستئناف المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية التى تمت الدعوة إليها خلال القمة الثلاثى تشير السفيره المراسى الى ان مصر وقبرص وقعتا على اتفاق تعيين الحدود البحرية بينهما فى 17 فبراير 2003، وقام البرلمان المصرى بالتصديق عليه فى 7 أبريل 2004 والدولتان أبدتا احتراماً لهذا الاتفاق وقامتا بالتوقيع على اتفاق إطارى للتعاون فى مجال الخزانات الحاملة للمواد الهيدروكربونية عبر خط المنتصف بين البلدين أثناء زيارة الرئيس أنستيادس للقاهرة فى ديسمبر 2013 كما ان مصر تؤكد موقفها الثابت بأهمية احترام سيادة جميع دول المنطقة بل وكل دول العالم.