الوطنية للانتخابات: انتهاء الفرز ب 31 مقرا انتخابيا بالخارج، والكويت تتصدر نسب التصويت    البنك الزراعي المصري يبحث دعم برامج التنمية الزراعية والريفية بمحافظة الدقهلية    خبير: استمرار الانتهاكات الإسرائيلية يُهدد مصداقية خطة السلام ويُعجل بنهاية الاحتلال    مصدر بالأهلي يكشف تفاصيل إصابة الشناوي خلال مباراة شبيبة القبائل    التعادل 1-1 يحسم قمة العين ضد الجزيرة في الدوري الإماراتي    تفحم سيارة ملاكي في حدائق القبة اندلع بها حريق مفاجئ    ابنة المخرج الراحل سامح عبد العزيز تحكي عن كواليس فيلمها "وجع الفراق"    حمزة نمرة يكشف موعد طرح ألبومه الجديد    فيفي عبده نجمة خللي بالك من مراتك في رمضان 2026    اجتماع تنسيقي بين شركة مياه القليوبية والجهاز التنفيذي لمتابعة سير المشروعات    الرى تصدر بيانا عاجلا بشأن استمرار التصرفات الأحادية وغير المنضبطة لإثيوبيا    المتحدثة باسم اليونيفيل: الهجمات الإسرائيلية داخل لبنان "غير مقبولة" أمميا    مصرع وإصابه 4 أشخاص في حادث تصادم بالمنوفية    ضبط صاحب محطة استولى على 2.2 مليون لتر سولار و100 ألف لتر بنزين بالأقصر    ماكرون يعلن عقد اجتماع عاجل للدول الداعمة لأوكرانيا الثلاثاء المقبل    حزب الجيل: فضيحة السويد تؤكد جرائم الإخوان الإرهابية بعملية احتيال واسعة النطاق    ممثل «اليونيسف» : نواصل خدمة الأطفال في الفاشر رغم الكارثة الإنسانية    مفاجأة داخل الكواليس.. صناع "كلهم بيحبوا مودي" يحتفلون بعيد ميلاد آيتن عامر    ظهور عائلتها لأول مرة.. مروة نصر تطرح كليب "روحي"| (فيديو)    المتحدثة باسم اليونيفيل: الهجمات الإسرائيلية داخل لبنان غير مقبولة أمميا    وزير الصحة يتفقد تطوير 20 عيادة بمبنى العيادات الخارجية بمستشفى الجمهورية التعليمي    لماذا يعد فيتامين « د » أساسًا لصحة الجسم؟    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    الشوط الأول| ريمونتادا بايرن ميونخ أمام فرايبورج في الدوري الألماني    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    ارتفاع مشاركة الشباب المصري في انتخابات البرلمان داخل سفارة موسكو    مرموش بديلا في تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة نيوكاسل بالبريميرليج    جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في مواجهة المخدرات وحماية الشباب خلال أسبوع    يقود اليوم الأوركسترا الملكي الفيلهارمونى احتفاءً بموسيقار الأجيال فى لندن..    نسرين العسال تكتب: أصوات من السماء تصنع ترند من "دولة التلاوة"    شلل مرورى بالطريق السياحى اتجاه المنيب والمعادى وتوقف تام لحركة السيارات.. صور    30 ديسمبر.. الحكم على 9 متهمين فى خلية شبكة العملة    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    مصر تبحث مع نيجيريا تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والدواء والطاقة والإنشاءات    إعلان قمة العشرين يتجنب ذكر روسيا صراحة لكن يلمح إلى حرب أوكرانيا    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    الهلال بالقوة الضاربة أمام الفتح بالدوري السعودي    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    غنيم: خطة الصناعة لتحديد 28 فرصة استثمارية خطوة استراتيجية لتعزيز التصنيع المحلي    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة لمصاب بسلالة جديدة من إنفلونزا الطيور    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة قنا    انتخابات مجلس النواب بالخارج، التنسيقية ترصد انطلاق التصويت في 18 دولة باليوم الثاني    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس التونسي المنصف المرزوقي‏:‏
أدعو لهدنة سياسية واجتماعية‏ .. والوضع المصرى بالغ التعقيد

طبيب بدرجة مفكر‏,‏ وأستاذ جامعي بدرجة مثقف‏,‏ وفيلسوف بصلاحيات رئيس دولة‏,‏ ومعارض يحمل لقب ثوري من طراز نادروفريد‏,نضاله كان مثاليا وكفاحه كان نموذجيا, وأفكاره تتسم بالوسطية.. حوصر في رزقه ومعاشه وتم تهجيره بطريقة غير آدمية ليقضي ثلث عمره في صقيع أوروبا, ليعود إلي بلاده ثانيا ليصل إلي قبة البرلمان, وحينما فكر في الترشح لرئاسة الجمهورية تم الدفع به في ظلام السجون, توسط الزعيم انيلسون مانديلاب لإطلاق سراحه فدخل السياسة من بابها الكبير وأصبح المعارض الشرس الذي ظل يصارع نظام ابن عليب حتي تمكن في النهاية من التخلص منه عبر ثورة شعبية لم ينتظرها أحد سواه.
المنصف المرزوقيب هو أول رئيس لجمهورية عربية حرة, وهو أول رئيس منتخب للدولة التونسية بعد استقلالها, إلتقيته في حوار مطول في مكتبه ابقصر قرطاج الرئاسيب.. وإلي تفاصيل الحوار:
تدخل تونس الآن مرحلة الزوابع والعواصف والمهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم, فالأزمة التي أطاحت بالرئيس السابق تتعمق, خاصة علي المستويين الاقتصادي والاجتماعي.. هل يكفي فقط إرساء النظام السياسي؟
{ نظام الاستبداد والفساد والظلم ترك الكثير من الخراب والدمار في هذا البلد, ولا يمكن أن تعمل في أي مجتمع مدني دون أن ترسي نظاما سياسيا سليما, لأن جميع المحاور سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية والاعلامية, وحتي الامنية تابعة للمنظومة السياسية, كانت هذه المنظومة مهترئة وغير صالحة للعمل, وأفرزت اقتصادا متدهورا وبطالة عالية ونموا متدنيا وعدالة غير ناجزة, ولأول مرة أصبحت لدينا حكومة ليست بها فساد أو مفسدون وجميع مكوناتها تمشي علي الجمر.
ولكن تبدو الأوضاع غير مستقرة, مما يهدد نجاح المرحلة وعملية البناء برمتها؟
{ غالبية التونسيين يعملون وهم متمسكون بهدوئهم ووطنيتهم, نحن نتجه نحو مرحلة انتقالية صعبة وشعبنا الذي حقق المعجزة قادر علي تحقيق باقي المعجزات, لدينا كل خطوط النجاح, ولدي ثقة تامة في أننا سوف نعبر هذه السنة الصعبة, ما يحدث في تونس أمر طبيعي, ونحن نعيش الشيئ الطبيعي في الديمقراطية, وفي الديمقراطية يعترض الناس بصورة سلمية, وما أراه حاليا في المشهد السياسيي هو أن جميع الأطراف تتناقش وتتجادل وتختلف, وهذا ليس أمرا سلبيا.
ولكن الأمر السلبي أن يتطور هذا الخلاف ليصل إلي ممارسة العنف.. كيف يمكن السيطرة علي التجاذبات الموجودة بين الأقلية والأغلبية؟
{ نعم عندما تنتقل هذه المناكفات إلي ممارسة العنف عندئذ تصبح سلبية وخطيرة, نحن مازالنا تحت سقف الجدل ويجب أن نظل تحت هذا السقف وسأسعي بكل الوسائل المتاحة إلي البقاء تحت هذا الخط الاحمر, حتي تبقي المشاحنات لفظية والخصومات في مستوي الأفكار والمقاربات وصندوق الإقتراع هو الحكم, هذه هي الديمقراطية عندما تقارن بين استقرار المستنقعات أو المقابر أو بين العواصف وإحتدام الجدل في المجتمعات الديمقراطية, ندرك أن حيوية المجتمع هي في هذا الجدل والنقاش, كذلك ما تسميه تجاذبات أنا أعتبرها ظواهر طبيعية بل صحية, حتي الأن لا نزال تحت سقف الخط الأحمر ولا خوف من أن يحتد النقاش, فتلك طبيعة الديمقراطية.
وماذا لو استمرت طويلا مرحلة المخاض وإعادة التأسيس والتوازنات.. هل تخشي من مرحلة الفشل والإرتداد؟
{ نحن بصدد الصراع داخل هذه المرحلة المخاضية الصعبة بين النظام القديم الذي لم يختف تماما وموجود بآلياته ومراكز قوته المتعددة يقاتلون لإستعادة الإعتبار, إن لم يكن لإستعادة الثروة والسلطة, فعلي الأقل لإفشال التجربة الجديدة, وهذا حدث في كل الثورات, وتحديدا الثورة الفرنسية التي ظلت70 عاما حتي حققت أهدافها, وعندما تطول مرحلة المخاض قد تؤدي إلي العديد من الإحتمالات, ولادة طفل مشوه أو ولادة طفل معاق أو ولادة قوة اجتماعية جبارة, نعم هناك ثورات لا تنجح وأخري تنجح, وهذا موجود في التاريخ, ونحن مطالبون بإنجاح ثورتنا, ولدي تفاؤل كبير بنجاح الثورة في تونس ومصر, وأعتقد ان الوضع في مصر أصعب لوجود رهانات سياسية خارجية, نظرا لحجم وأهمية مصر الإستراتيجية, لكنني أؤمن بعبقرية وقوة الشعوب في تجاوز المصاعب.
دعنا نعود إلي التجاذبات والحوارات التي تحولت إلي تظاهرات واعتصامات واحتجاجات ثم تطورت إلي عنف وتدمير.. كيف يمكن التعامل معها؟
{ تعدد مظاهر الإحتجاجات والإضرابات والاعتصامات يشكل خطرا كبيرا علي الواقع الاقتصادي في البلاد, مما جعل المستثمرين يطلقون صيحات الفزع, إنه تخريب للاقتصاد والجميع في إعتقادي شاعرون بذلك, ولذلك توجهت ومازلت أتوجه للجميع بأن يتركوا الحكومة تعمل, فتواصل الإحتجاجات ومنطق االآنب عملية انتحارية للاقتصاد التونسي, وإنني أدعو إلي هدنة مدتها16 شهرا تترك الحكومة تعمل وفق برامج محددة, ثم نحن مستعدون للحساب.
أليست لهم مطالب مشروعة.. هل سيتم إستخدام العنف معهم إذا استمروا في إعتصاماتهم؟
{ نعم إن مطالب المعتصمين مقبولة وحاجياتهم حقيقية, خاصة أنهم يعانون الجوع والفقر بسبب جذور تاريخية ونفسية واجتماعية, والتي كان بالإمكان عدم وجودها لولا تراكم50 سنة من الفساد والتهميش, لكننا بحاجة إلي فترة استقرار حتي يعود الإستثمار, لأنه لا يوجد إستثمار في ظل أوضاع هكذا, وهذا النظام الديمقراطي يهدد بالموت إذا لم تعد الحركة الإقتصادية إلي العمل, لأن المجتمع لن يأكل الحرية إذا جاع, بل يطالب بالخبز والقوات والدولة ملزمة بتوفيره, إنني أطالبهم باسم الوطن وبكل جد وبكل تعاطف أن يرفعوا التضييقات عن مسالك الانتاج والتصدير, لأن في ذلك طعنا لتونس من الظهر, والشيئ الثابت أن الحكومة ستضطر إلي اتخاذ إجراءات لفرض القانون علي كل الأطراف حتي نخرج من عنق الزجاجة.
لم يعد لدي المواطن التونسي اصبرب.. امحمد البوعزيزيب الذي إحترق من أجل ا لقمة العيشب وزملاؤه يطالبونكم بإعتباركم رئيس الدولة بخطوات ملموسة وبرنامج اقتصادي ناجح لتغيير الأوضاع؟
{ يجب أن يفهم الجميع أن عبارة اكن فيكونب ليست من إختصاص البشر, ويجب أن يغير التونسيون نظرتهم للرئيس, فليس هو الذي يحل كل المشكلات, هذه صورة قديمة رسمتها دولة الظلم والإستبداد, نحن الان في دولة مؤسسات وهناك صلاحيات وزعت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة, وأن كل الملفات الاقتصادية والإجتماعية بيد رئيس الحكومة, ودور رئيس الجمهورية هو الدفاع والخارجية والعفو, وصلاحياته محددة بهذه الامور.. لكن في الوقت نفسه حسب رأيي الأساس أن يلعب دور الموقف والموحد وهو دور معنوي.
لكنكم تدخلتم في قضايا اقتصادية, علي سبيل المثال فكرتكم ببيع القصور الرئاسية.. البعض إنتقد هذه الفكرة, والأخر قال إنها حملة دعائية مبكرة للإنتخابات الرئاسية المقلبة؟
{ إنني أحاول قدر الإمكان التقشف والتخفيض من الميزانية حتي تلعب الرئاسة دورا في إعانة الحكومة علي بلوغ أهدافها, وإذا تساءلت عن إمكانات الرئاسة الآن في محاربة البطالة, تجد أنها في بيع هذه القصور التي لا قيمة أثرية لها, علي عكس ما يروج لها, كلها بنيت في السنوات الأخيرة مخصصة لرفاهية رئيس الدولة.. هي اموال ميتة والدولة تدفع أموالا للعناية بها, وهي أموال طائلة قادرة علي أن توفر علي الأقل العمل ل20 ألف مواطن, البعض ينتقدني وكان بوسعي الإبقاء عليها, لكنني أرجعتها إلي وزير أملاك الدولة وقلت له: هل من الممكن بيعها والإستفادة من عائداتها المالية.
كيف هي علاقاتكم بشركائكم في الائتلاف الحكومي الذي يجمعكم برئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي؟
{ الرئاسات الثلاث علي نفس الموجة من التفاهم والتنسيق, علاقة شركاء نزهاء, يعني أنني سأكون شريكا نزيها ل ز النهضةس و االتكتلب بإعتبار أننا قمنا فعلا بشراكة لنصنع مرحلة إنتقالية ديمقراطية, قررنا أن نجتمع مرة في الإسبوع علي عشاء عمل لتحديد أعمالنا, نرفض أن تكون علاقاتنا علاقة تنافس أو تنافر, نمر بظرف دقيق يتطلب أقصي درجة ممكنة من الحكمة والتنسيق والتعاون, ومن حسن الحظ أنا ورئيس الحكومة حمادة الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفي بن جعفر أصدقاء منذ20 عاما, لنا علاقة جيدة بحكم العمر والخبرة, وأتوقع ان تكون تجربة نموذجية لمصلحة تونس.
تتحدث عن علاقات تنسيق وتعاون مع احزب النهضةب.. البعض إنتقد االمنصف المرزوقيب صاحب الأراء التقدمية االليبراليةب في إئتلافه مع احزاب إسلامية قد تبدو متشددة؟
{ السياسة في أحط مستوياتها هي ركوب كل الأهداف النبيلة للوصول للسلطة, واستعمال كل الوسائل القذرة للتواصل فيها, لكنها من أرفعها وضع الوسائل النبيلة في خدمة الأهداف العليا والمصلحة القومية للمجتمع, وذلك بأقل قدر من العنف والخسائر, والتحالف الذي تم كان علي أساس مبادئ واضحة شفافة ظاهرة للجميع, وهو أن تونس ليست دولة إسلامية ون تكون كذلك, إنها دولة مجنية تحمي المحجبة وغير المحجبة, يتعايش فيها من يؤمن ومن لا يؤمن, تمارس إحترام حقوق الإنسان بكل وضوح وبلا تمييز, نؤمن بالقانون والحريات, وقد تم الإتفاق بألا يقع أي تهديد أو إنتكاسة لهذه المكتسبات.
قد تبدو هذه الأفكار مثالية ورائعة شكليا, لكن علي أرض الواقع هناك مجلس تأسيسي يصدر من خلاله القوانين والدستور, وبه تيارات مختلفة ورؤي متباعدة.. هل يمكن أن تسقط تونس تحت منظومة إسلامية خاصة مع سيطرة ز حزب النهضة والسلفيينس ؟
{ إن تونس ماضية علي درب الحرية والمسار الديمقراطي ابلا رجعةب, إن الثورة فتحت أمامنا الأبواب وشكلت فاصلا بين يوم مظلم وأخر مشرق, سنعمل ألا تذهب التضحيات سدي, نعم الذي يصدر القوانين هو المجلس التأسيسي والذي يرأسه صديقي مصطفي جعفر, والقوانين يتم صياغتها أو توقيعها في هذا المكتب الذي نجلس فيه, ولن أوقع علي قانون يخالف الحريات أو ينتهك كرامة المواطن التونسي, ولن تسقط تونس تحت منظومة أو مظلة دولة إسلامية, وحكومة النهضة منذ البداية تركت فكرة الدولة الدينية ولن تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أو الحدود, ولن تعتدي علي حقوق المرأة, قد يبدو الخطر من السلفيين الذين هم ضد الديمقراطية, لكن هذه المجموعات ليست موجودة فعليا في المجلس التأسيسي.
تبدو دول الربيع العربي حائرة في شكل وهيكل ومضمون أسس نظام الحكم.. كيف هو الشكل الذي ترتضونه في بلادكم؟
{ إن النظام السياسي بالنسبة للدولة هو بمثابة الجهاز العصبي بالنسبة للجسم, فهو الذي يتحكم في الأنظمة الإجتماعية الضرورية لتسيير شئون المجتمع, مثل النظام الإقتصادي والصحي والامني والفضائي والتربوي والثقافي, إن فسد النظام السياسي فسدت كل الأنظمة وتعرض المجتمع لجملة من الأخطار.
ثمة من ينادي في تونس ومصر بنظام برلماني صرف يكون فيه الرئيس مجرد رمز لوحدة البلاد لا يتمتع بأي صلاحيات سياسية, وكل هذا كرد فعل طبيعي علي الشطط الذي عرفناه, إن التقنية الأولي لمحاربة الإستبداد هي توزيع السلطات بين التشريعي والقضائي والتنفيذي, وأحسن ضمان لتعميقها هو توزيع السلطة بصفة محكمة بين الرئيس ورئيس الحكومة كي لا يبطش أحدهما بالآخر, ولكي يستحيل علي أي منهما أن يصبح ديكتاتورا, لابد من منع وقوع الأمن والجيش تحت مظلة واحدة, كما يجب أن تعود سلطة إدارة الشأن العام للحكومة فقط, والثوابت مثل السياسة الخارجية والأمن القومي والحفاظ علي الحريات والدستور مع الرئيس, هنا يصنع التوازن المنشود.
خلال حملتكم الانتخابية دعوتم إلي ضرورة جلب الرئيس السابق ابن عليب وزوجته وأصهاره الفارين لمحاكمتهم, وبالأمس وافقتم علي منح الرئيس السابق ادفتر إبنه الدراسيب من أجل إكمال تعليمه, في حال محاكمته هل سيلقي محاكمة عادلة, وفي حال عدم تسليمه كيف هي العلاقات مع الدول المانحة له اللجوء؟
{ نعم لقد وافقت علي منح إبن الرئيس السابق الملف الدراسي الخاص به معتبرا الأمر قضية إنسانية ولا علاقة لها بما إقترفه ابن عليب في حق الشعب التونسي, وفي الحقيقة هناك توجهان يجب ألا يتعارضا, الأول: هو رغبتنا في ربط علاقات أخوية مع جميع البلدان لأن مصلحة تونس تقتضي أن تكون لنا علاقات بكل البلدان وهذا قانون السياسة, ولكن في نفس الوقت نحن نعتبر أن من حق الشعب التونسي أن يسترجع هذا الرجل لمحاكمته محاكمة عادلة وشفافة, كونه سرق أموال الشعب التونسي وتعدي علي الإسلام والمسلمين, ونحن نحترم حق السعودية في أن تستضيف من ترغب لكننا نتمني أن تراجع موقفها, وأنا مصر علي ضرورة الفصل بين القضيتين, ونعمل علي تعميق علاقاتنا بجميع الشعوب بما فيها السعودية.
دعني أقدم إنتقادي لكم دون التدخل في قراركم.. لماذا هذا الإصرار في دعوتكم لجلب الرئيس السابق لمحاكمته.. وكيف هو رفضكم تسليم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الأسبق لمحاكمته في بلاده, ألا تبدو هذه مفارقة غريبة وإزدواجية في المبادئ؟
{ أنا قلت للإخوة الليبيين في لقاء ببنغازي وبشكل واضح أني عشت وفقا لمبادئ ولم أتنكر اليوم لهذه المبادئ والقناعات وبالتالي قلت لهم إننا لن نسلم البغدادي المحمودي طالما ليس هناك إستقرار في ليبيا وليس ثمة مؤسسات أو عدالة حقيقية مستقلة, ولابد أن أنوه هنا بموقف المستشار مصطفي عبد الجليل الذي كان متفهما لهذا الموقف وقال بعبارة صريحة: نحن الذين سنبادر بالمطالبة به عندما تتوافر هذه الشروط, وتونس لن تسلم الرجل إلا عندما تتأكد أنه ليس مهددا بالإعدام أو التعذيب أو غير ذلك, وهذا لا يدخل تحت شرف مناضل في حقحق الإنسان وإنما شرفنا نحن كتونسيين, وهناك قاعدة قانونية تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته, والإدانة ليست من مشمولاتي بل هي مسئولية الليبيين, وعندما تتوافر الشروط سنسلمه وفقا للقوانين الدولية.
بمناسبة الحديث عن الشعوب الحرة وإشارتكم إلي موقفكم الرافض للديكتاتوريات التي تذبح شعوبها.. كيف تري المشهد السوري؟
{ لقد عبرت تونس عن تضامنها الكامل مع الأشقاء في سوريا لإقتناعتنا بأن هذه المأساة لن تعرف في طريقها للحل إلا برحيل النظام السوري وإفساح المجال لإنتقال ديمقراطي للسلطة, لكننا نخشي التدخل الأجنبي مهما كانت صفته بسبب أن الوضع في هذا البلد هو أعقد بكثير منه في ليبيا, وإذا تدخلت قوي خارجية فهذا يعني إندلاع الحرب في كل المنطقة مما سيفتح المجال لتدخل الجميع, لكنني في نفس الوقت أخشي من إنزلاق المعارضة السورية إلي التشرذم والطائفية, وأقول لا تحاصروا نمر جريح من الأبواب الأربعة, إتركوا له فرصة ومنفذا للخروج, الديكتاتورية يجب أن تنتهي لكن يجب فتح الباب مع ترك منفذا لها.
طبيب بدرجة مفكر, وأستاذ جامعي بدرجة مثقف, وفيلسوف بصلاحيات رئيس دولة, ومعارض يحمل لقب ثوري من طراز نادروفريد, نضاله كان مثاليا وكفاحه كان نموذجيا, وأفكاره تتسم بالوسطية.. حوصر في رزقه ومعاشه وتم تهجيره بطريقة غير آدمية ليقضي ثلث عمره في صقيع أوروبا, ليعود إلي بلاده ثانيا ليصل إلي قبة البرلمان, وحينما فكر في الترشح لرئاسة الجمهورية تم الدفع به في ظلام السجون, توسط الزعيم انيلسون مانديلاب لإطلاق سراحه فدخل السياسة من بابها الكبير وأصبح المعارض الشرس الذي ظل يصارع نظام ابن عليب حتي تمكن في النهاية من التخلص منه عبر ثورة شعبية لم ينتظرها أحد سواه.
االمنصف المرزوقيب هو أول رئيس لجمهورية عربية حرة, وهو أول رئيس منتخب للدولة التونسية بعد استقلالها, إلتقيته في حوار مطول في مكتبه ابقصر قرطاج الرئاسيب.. وإلي تفاصيل الحوار:
تدخل تونس الآن مرحلة الزوابع والعواصف والمهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم, فالأزمة التي أطاحت بالرئيس السابق تتعمق, خاصة علي المستويين الاقتصادي والاجتماعي.. هل يكفي فقط إرساء النظام السياسي؟
{ نظام الاستبداد والفساد والظلم ترك الكثير من الخراب والدمار في هذا البلد, ولا يمكن أن تعمل في أي مجتمع مدني دون أن ترسي نظاما سياسيا سليما, لأن جميع المحاور سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية والاعلامية, وحتي الامنية تابعة للمنظومة السياسية, كانت هذه المنظومة مهترئة وغير صالحة للعمل, وأفرزت اقتصادا متدهورا وبطالة عالية ونموا متدنيا وعدالة غير ناجزة, ولأول مرة أصبحت لدينا حكومة ليست بها فساد أو مفسدون وجميع مكوناتها تمشي علي الجمر.
ولكن تبدو الأوضاع غير مستقرة, مما يهدد نجاح المرحلة وعملية البناء برمتها؟
{ غالبية التونسيين يعملون وهم متمسكون بهدوئهم ووطنيتهم, نحن نتجه نحو مرحلة انتقالية صعبة وشعبنا الذي حقق المعجزة قادر علي تحقيق باقي المعجزات, لدينا كل خطوط النجاح, ولدي ثقة تامة في أننا سوف نعبر هذه السنة الصعبة, ما يحدث في تونس أمر طبيعي, ونحن نعيش الشيئ الطبيعي في الديمقراطية, وفي الديمقراطية يعترض الناس بصورة سلمية, وما أراه حاليا في المشهد السياسيي هو أن جميع الأطراف تتناقش وتتجادل وتختلف, وهذا ليس أمرا سلبيا.
ولكن الأمر السلبي أن يتطور هذا الخلاف ليصل إلي ممارسة العنف.. كيف يمكن السيطرة علي التجاذبات الموجودة بين الأقلية والأغلبية؟
{ نعم عندما تنتقل هذه المناكفات إلي ممارسة العنف عندئذ تصبح سلبية وخطيرة, نحن مازالنا تحت سقف الجدل ويجب أن نظل تحت هذا السقف وسأسعي بكل الوسائل المتاحة إلي البقاء تحت هذا الخط الاحمر, حتي تبقي المشاحنات لفظية والخصومات في مستوي الأفكار والمقاربات وصندوق الإقتراع هو الحكم, هذه هي الديمقراطية عندما تقارن بين استقرار المستنقعات أو المقابر أو بين العواصف وإحتدام الجدل في المجتمعات الديمقراطية, ندرك أن حيوية المجتمع هي في هذا الجدل والنقاش, كذلك ما تسميه تجاذبات أنا أعتبرها ظواهر طبيعية بل صحية, حتي الأن لا نزال تحت سقف الخط الأحمر ولا خوف من أن يحتد النقاش, فتلك طبيعة الديمقراطية.
وماذا لو استمرت طويلا مرحلة المخاض وإعادة التأسيس والتوازنات.. هل تخشي من مرحلة الفشل والإرتداد؟
{ نحن بصدد الصراع داخل هذه المرحلة المخاضية الصعبة بين النظام القديم الذي لم يختف تماما وموجود بآلياته ومراكز قوته المتعددة يقاتلون لإستعادة الإعتبار, إن لم يكن لإستعادة الثروة والسلطة, فعلي الأقل لإفشال التجربة الجديدة, وهذا حدث في كل الثورات, وتحديدا الثورة الفرنسية التي ظلت70 عاما حتي حققت أهدافها, وعندما تطول مرحلة المخاض قد تؤدي إلي العديد من الإحتمالات, ولادة طفل مشوه أو ولادة طفل معاق أو ولادة قوة اجتماعية جبارة, نعم هناك ثورات لا تنجح وأخري تنجح, وهذا موجود في التاريخ, ونحن مطالبون بإنجاح ثورتنا, ولدي تفاؤل كبير بنجاح الثورة في تونس ومصر, وأعتقد ان الوضع في مصر أصعب لوجود رهانات سياسية خارجية, نظرا لحجم وأهمية مصر الإستراتيجية, لكنني أؤمن بعبقرية وقوة الشعوب في تجاوز المصاعب.
دعنا نعود إلي التجاذبات والحوارات التي تحولت إلي تظاهرات واعتصامات واحتجاجات ثم تطورت إلي عنف وتدمير.. كيف يمكن التعامل معها؟
{ تعدد مظاهر الإحتجاجات والإضرابات والاعتصامات يشكل خطرا كبيرا علي الواقع الاقتصادي في البلاد, مما جعل المستثمرين يطلقون صيحات الفزع, إنه تخريب للاقتصاد والجميع في إعتقادي شاعرون بذلك, ولذلك توجهت ومازلت أتوجه للجميع بأن يتركوا الحكومة تعمل, فتواصل الإحتجاجات ومنطق االآنب عملية انتحارية للاقتصاد التونسي, وإنني أدعو إلي هدنة مدتها16 شهرا تترك الحكومة تعمل وفق برامج محددة, ثم نحن مستعدون للحساب.
أليست لهم مطالب مشروعة.. هل سيتم إستخدام العنف معهم إذا استمروا في إعتصاماتهم؟
{ نعم إن مطالب المعتصمين مقبولة وحاجياتهم حقيقية, خاصة أنهم يعانون الجوع والفقر بسبب جذور تاريخية ونفسية واجتماعية, والتي كان بالإمكان عدم وجودها لولا تراكم50 سنة من الفساد والتهميش, لكننا بحاجة إلي فترة استقرار حتي يعود الإستثمار, لأنه لا يوجد إستثمار في ظل أوضاع هكذا, وهذا النظام الديمقراطي يهدد بالموت إذا لم تعد الحركة الإقتصادية إلي العمل, لأن المجتمع لن يأكل الحرية إذا جاع, بل يطالب بالخبز والقوات والدولة ملزمة بتوفيره, إنني أطالبهم باسم الوطن وبكل جد وبكل تعاطف أن يرفعوا التضييقات عن مسالك الانتاج والتصدير, لأن في ذلك طعنا لتونس من الظهر, والشيئ الثابت أن الحكومة ستضطر إلي اتخاذ إجراءات لفرض القانون علي كل الأطراف حتي نخرج من عنق الزجاجة.
لم يعد لدي المواطن التونسي اصبرب.. امحمد البوعزيزيب الذي إحترق من أجل ا لقمة العيشب وزملاؤه يطالبونكم بإعتباركم رئيس الدولة بخطوات ملموسة وبرنامج اقتصادي ناجح لتغيير الأوضاع؟
{ يجب أن يفهم الجميع أن عبارة اكن فيكونب ليست من إختصاص البشر, ويجب أن يغير التونسيون نظرتهم للرئيس, فليس هو الذي يحل كل المشكلات, هذه صورة قديمة رسمتها دولة الظلم والإستبداد, نحن الان في دولة مؤسسات وهناك صلاحيات وزعت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة, وأن كل الملفات الاقتصادية والإجتماعية بيد رئيس الحكومة, ودور رئيس الجمهورية هو الدفاع والخارجية والعفو, وصلاحياته محددة بهذه الامور.. لكن في الوقت نفسه حسب رأيي الأساس أن يلعب دور الموقف والموحد وهو دور معنوي.
لكنكم تدخلتم في قضايا اقتصادية, علي سبيل المثال فكرتكم ببيع القصور الرئاسية.. البعض إنتقد هذه الفكرة, والأخر قال إنها حملة دعائية مبكرة للإنتخابات الرئاسية المقلبة؟
{ إنني أحاول قدر الإمكان التقشف والتخفيض من الميزانية حتي تلعب الرئاسة دورا في إعانة الحكومة علي بلوغ أهدافها, وإذا تساءلت عن إمكانات الرئاسة الآن في محاربة البطالة, تجد أنها في بيع هذه القصور التي لا قيمة أثرية لها, علي عكس ما يروج لها, كلها بنيت في السنوات الأخيرة مخصصة لرفاهية رئيس الدولة.. هي اموال ميتة والدولة تدفع أموالا للعناية بها, وهي أموال طائلة قادرة علي أن توفر علي الأقل العمل ل20 ألف مواطن, البعض ينتقدني وكان بوسعي الإبقاء عليها, لكنني أرجعتها إلي وزير أملاك الدولة وقلت له: هل من الممكن بيعها والإستفادة من عائداتها المالية.
كيف هي علاقاتكم بشركائكم في الائتلاف الحكومي الذي يجمعكم برئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي؟
{ الرئاسات الثلاث علي نفس الموجة من التفاهم والتنسيق, علاقة شركاء نزهاء, يعني أنني سأكون شريكا نزيها ل ز النهضةس و االتكتلب بإعتبار أننا قمنا فعلا بشراكة لنصنع مرحلة إنتقالية ديمقراطية, قررنا أن نجتمع مرة في الإسبوع علي عشاء عمل لتحديد أعمالنا, نرفض أن تكون علاقاتنا علاقة تنافس أو تنافر, نمر بظرف دقيق يتطلب أقصي درجة ممكنة من الحكمة والتنسيق والتعاون, ومن حسن الحظ أنا ورئيس الحكومة حمادة الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفي بن جعفر أصدقاء منذ20 عاما, لنا علاقة جيدة بحكم العمر والخبرة, وأتوقع ان تكون تجربة نموذجية لمصلحة تونس.
تتحدث عن علاقات تنسيق وتعاون مع احزب النهضةب.. البعض إنتقد االمنصف المرزوقيب صاحب الأراء التقدمية االليبراليةب في إئتلافه مع احزاب إسلامية قد تبدو متشددة؟
{ السياسة في أحط مستوياتها هي ركوب كل الأهداف النبيلة للوصول للسلطة, واستعمال كل الوسائل القذرة للتواصل فيها, لكنها من أرفعها وضع الوسائل النبيلة في خدمة الأهداف العليا والمصلحة القومية للمجتمع, وذلك بأقل قدر من العنف والخسائر, والتحالف الذي تم كان علي أساس مبادئ واضحة شفافة ظاهرة للجميع, وهو أن تونس ليست دولة إسلامية ون تكون كذلك, إنها دولة مجنية تحمي المحجبة وغير المحجبة, يتعايش فيها من يؤمن ومن لا يؤمن, تمارس إحترام حقوق الإنسان بكل وضوح وبلا تمييز, نؤمن بالقانون والحريات, وقد تم الإتفاق بألا يقع أي تهديد أو إنتكاسة لهذه المكتسبات.
قد تبدو هذه الأفكار مثالية ورائعة شكليا, لكن علي أرض الواقع هناك مجلس تأسيسي يصدر من خلاله القوانين والدستور, وبه تيارات مختلفة ورؤي متباعدة.. هل يمكن أن تسقط تونس تحت منظومة إسلامية خاصة مع سيطرة ز حزب النهضة والسلفيينس ؟
{ إن تونس ماضية علي درب الحرية والمسار الديمقراطي ابلا رجعةب, إن الثورة فتحت أمامنا الأبواب وشكلت فاصلا بين يوم مظلم وأخر مشرق, سنعمل ألا تذهب التضحيات سدي, نعم الذي يصدر القوانين هو المجلس التأسيسي والذي يرأسه صديقي مصطفي جعفر, والقوانين يتم صياغتها أو توقيعها في هذا المكتب الذي نجلس فيه, ولن أوقع علي قانون يخالف الحريات أو ينتهك كرامة المواطن التونسي, ولن تسقط تونس تحت منظومة أو مظلة دولة إسلامية, وحكومة النهضة منذ البداية تركت فكرة الدولة الدينية ولن تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أو الحدود, ولن تعتدي علي حقوق المرأة, قد يبدو الخطر من السلفيين الذين هم ضد الديمقراطية, لكن هذه المجموعات ليست موجودة فعليا في المجلس التأسيسي.
تبدو دول الربيع العربي حائرة في شكل وهيكل ومضمون أسس نظام الحكم.. كيف هو الشكل الذي ترتضونه في بلادكم؟
{ إن النظام السياسي بالنسبة للدولة هو بمثابة الجهاز العصبي بالنسبة للجسم, فهو الذي يتحكم في الأنظمة الإجتماعية الضرورية لتسيير شئون المجتمع, مثل النظام الإقتصادي والصحي والامني والفضائي والتربوي والثقافي, إن فسد النظام السياسي فسدت كل الأنظمة وتعرض المجتمع لجملة من الأخطار.
ثمة من ينادي في تونس ومصر بنظام برلماني صرف يكون فيه الرئيس مجرد رمز لوحدة البلاد لا يتمتع بأي صلاحيات سياسية, وكل هذا كرد فعل طبيعي علي الشطط الذي عرفناه, إن التقنية الأولي لمحاربة الإستبداد هي توزيع السلطات بين التشريعي والقضائي والتنفيذي, وأحسن ضمان لتعميقها هو توزيع السلطة بصفة محكمة بين الرئيس ورئيس الحكومة كي لا يبطش أحدهما بالآخر, ولكي يستحيل علي أي منهما أن يصبح ديكتاتورا, لابد من منع وقوع الأمن والجيش تحت مظلة واحدة, كما يجب أن تعود سلطة إدارة الشأن العام للحكومة فقط, والثوابت مثل السياسة الخارجية والأمن القومي والحفاظ علي الحريات والدستور مع الرئيس, هنا يصنع التوازن المنشود.
خلال حملتكم الانتخابية دعوتم إلي ضرورة جلب الرئيس السابق ابن عليب وزوجته وأصهاره الفارين لمحاكمتهم, وبالأمس وافقتم علي منح الرئيس السابق ادفتر إبنه الدراسيب من أجل إكمال تعليمه, في حال محاكمته هل سيلقي محاكمة عادلة, وفي حال عدم تسليمه كيف هي العلاقات مع الدول المانحة له اللجوء؟
{ نعم لقد وافقت علي منح إبن الرئيس السابق الملف الدراسي الخاص به معتبرا الأمر قضية إنسانية ولا علاقة لها بما إقترفه ابن عليب في حق الشعب التونسي, وفي الحقيقة هناك توجهان يجب ألا يتعارضا, الأول: هو رغبتنا في ربط علاقات أخوية مع جميع البلدان لأن مصلحة تونس تقتضي أن تكون لنا علاقات بكل البلدان وهذا قانون السياسة, ولكن في نفس الوقت نحن نعتبر أن من حق الشعب التونسي أن يسترجع هذا الرجل لمحاكمته محاكمة عادلة وشفافة, كونه سرق أموال الشعب التونسي وتعدي علي الإسلام والمسلمين, ونحن نحترم حق السعودية في أن تستضيف من ترغب لكننا نتمني أن تراجع موقفها, وأنا مصر علي ضرورة الفصل بين القضيتين, ونعمل علي تعميق علاقاتنا بجميع الشعوب بما فيها السعودية.
دعني أقدم إنتقادي لكم دون التدخل في قراركم.. لماذا هذا الإصرار في دعوتكم لجلب الرئيس السابق لمحاكمته.. وكيف هو رفضكم تسليم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الأسبق لمحاكمته في بلاده, ألا تبدو هذه مفارقة غريبة وإزدواجية في المبادئ؟
{ أنا قلت للإخوة الليبيين في لقاء ببنغازي وبشكل واضح أني عشت وفقا لمبادئ ولم أتنكر اليوم لهذه المبادئ والقناعات وبالتالي قلت لهم إننا لن نسلم البغدادي المحمودي طالما ليس هناك إستقرار في ليبيا وليس ثمة مؤسسات أو عدالة حقيقية مستقلة, ولابد أن أنوه هنا بموقف المستشار مصطفي عبد الجليل الذي كان متفهما لهذا الموقف وقال بعبارة صريحة: نحن الذين سنبادر بالمطالبة به عندما تتوافر هذه الشروط, وتونس لن تسلم الرجل إلا عندما تتأكد أنه ليس مهددا بالإعدام أو التعذيب أو غير ذلك, وهذا لا يدخل تحت شرف مناضل في حقحق الإنسان وإنما شرفنا نحن كتونسيين, وهناك قاعدة قانونية تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته, والإدانة ليست من مشمولاتي بل هي مسئولية الليبيين, وعندما تتوافر الشروط سنسلمه وفقا للقوانين الدولية.
بمناسبة الحديث عن الشعوب الحرة وإشارتكم إلي موقفكم الرافض للديكتاتوريات التي تذبح شعوبها.. كيف تري المشهد السوري؟
{ لقد عبرت تونس عن تضامنها الكامل مع الأشقاء في سوريا لإقتناعتنا بأن هذه المأساة لن تعرف في طريقها للحل إلا برحيل النظام السوري وإفساح المجال لإنتقال ديمقراطي للسلطة, لكننا نخشي التدخل الأجنبي مهما كانت صفته بسبب أن الوضع في هذا البلد هو أعقد بكثير منه في ليبيا, وإذا تدخلت قوي خارجية فهذا يعني إندلاع الحرب في كل المنطقة مما سيفتح المجال لتدخل الجميع, لكنني في نفس الوقت أخشي من إنزلاق المعارضة السورية إلي التشرذم والطائفية, وأقول لا تحاصروا نمر جريح من الأبواب الأربعة, إتركوا له فرصة ومنفذا للخروج, الديكتاتورية يجب أن تنتهي لكن يجب فتح الباب مع ترك منفذا لها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.