«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس التونسي المنصف المرزوقي‏:‏
أدعو لهدنة سياسية واجتماعية‏ .. والوضع المصرى بالغ التعقيد

طبيب بدرجة مفكر‏,‏ وأستاذ جامعي بدرجة مثقف‏,‏ وفيلسوف بصلاحيات رئيس دولة‏,‏ ومعارض يحمل لقب ثوري من طراز نادروفريد‏,نضاله كان مثاليا وكفاحه كان نموذجيا, وأفكاره تتسم بالوسطية.. حوصر في رزقه ومعاشه وتم تهجيره بطريقة غير آدمية ليقضي ثلث عمره في صقيع أوروبا, ليعود إلي بلاده ثانيا ليصل إلي قبة البرلمان, وحينما فكر في الترشح لرئاسة الجمهورية تم الدفع به في ظلام السجون, توسط الزعيم انيلسون مانديلاب لإطلاق سراحه فدخل السياسة من بابها الكبير وأصبح المعارض الشرس الذي ظل يصارع نظام ابن عليب حتي تمكن في النهاية من التخلص منه عبر ثورة شعبية لم ينتظرها أحد سواه.
المنصف المرزوقيب هو أول رئيس لجمهورية عربية حرة, وهو أول رئيس منتخب للدولة التونسية بعد استقلالها, إلتقيته في حوار مطول في مكتبه ابقصر قرطاج الرئاسيب.. وإلي تفاصيل الحوار:
تدخل تونس الآن مرحلة الزوابع والعواصف والمهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم, فالأزمة التي أطاحت بالرئيس السابق تتعمق, خاصة علي المستويين الاقتصادي والاجتماعي.. هل يكفي فقط إرساء النظام السياسي؟
{ نظام الاستبداد والفساد والظلم ترك الكثير من الخراب والدمار في هذا البلد, ولا يمكن أن تعمل في أي مجتمع مدني دون أن ترسي نظاما سياسيا سليما, لأن جميع المحاور سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية والاعلامية, وحتي الامنية تابعة للمنظومة السياسية, كانت هذه المنظومة مهترئة وغير صالحة للعمل, وأفرزت اقتصادا متدهورا وبطالة عالية ونموا متدنيا وعدالة غير ناجزة, ولأول مرة أصبحت لدينا حكومة ليست بها فساد أو مفسدون وجميع مكوناتها تمشي علي الجمر.
ولكن تبدو الأوضاع غير مستقرة, مما يهدد نجاح المرحلة وعملية البناء برمتها؟
{ غالبية التونسيين يعملون وهم متمسكون بهدوئهم ووطنيتهم, نحن نتجه نحو مرحلة انتقالية صعبة وشعبنا الذي حقق المعجزة قادر علي تحقيق باقي المعجزات, لدينا كل خطوط النجاح, ولدي ثقة تامة في أننا سوف نعبر هذه السنة الصعبة, ما يحدث في تونس أمر طبيعي, ونحن نعيش الشيئ الطبيعي في الديمقراطية, وفي الديمقراطية يعترض الناس بصورة سلمية, وما أراه حاليا في المشهد السياسيي هو أن جميع الأطراف تتناقش وتتجادل وتختلف, وهذا ليس أمرا سلبيا.
ولكن الأمر السلبي أن يتطور هذا الخلاف ليصل إلي ممارسة العنف.. كيف يمكن السيطرة علي التجاذبات الموجودة بين الأقلية والأغلبية؟
{ نعم عندما تنتقل هذه المناكفات إلي ممارسة العنف عندئذ تصبح سلبية وخطيرة, نحن مازالنا تحت سقف الجدل ويجب أن نظل تحت هذا السقف وسأسعي بكل الوسائل المتاحة إلي البقاء تحت هذا الخط الاحمر, حتي تبقي المشاحنات لفظية والخصومات في مستوي الأفكار والمقاربات وصندوق الإقتراع هو الحكم, هذه هي الديمقراطية عندما تقارن بين استقرار المستنقعات أو المقابر أو بين العواصف وإحتدام الجدل في المجتمعات الديمقراطية, ندرك أن حيوية المجتمع هي في هذا الجدل والنقاش, كذلك ما تسميه تجاذبات أنا أعتبرها ظواهر طبيعية بل صحية, حتي الأن لا نزال تحت سقف الخط الأحمر ولا خوف من أن يحتد النقاش, فتلك طبيعة الديمقراطية.
وماذا لو استمرت طويلا مرحلة المخاض وإعادة التأسيس والتوازنات.. هل تخشي من مرحلة الفشل والإرتداد؟
{ نحن بصدد الصراع داخل هذه المرحلة المخاضية الصعبة بين النظام القديم الذي لم يختف تماما وموجود بآلياته ومراكز قوته المتعددة يقاتلون لإستعادة الإعتبار, إن لم يكن لإستعادة الثروة والسلطة, فعلي الأقل لإفشال التجربة الجديدة, وهذا حدث في كل الثورات, وتحديدا الثورة الفرنسية التي ظلت70 عاما حتي حققت أهدافها, وعندما تطول مرحلة المخاض قد تؤدي إلي العديد من الإحتمالات, ولادة طفل مشوه أو ولادة طفل معاق أو ولادة قوة اجتماعية جبارة, نعم هناك ثورات لا تنجح وأخري تنجح, وهذا موجود في التاريخ, ونحن مطالبون بإنجاح ثورتنا, ولدي تفاؤل كبير بنجاح الثورة في تونس ومصر, وأعتقد ان الوضع في مصر أصعب لوجود رهانات سياسية خارجية, نظرا لحجم وأهمية مصر الإستراتيجية, لكنني أؤمن بعبقرية وقوة الشعوب في تجاوز المصاعب.
دعنا نعود إلي التجاذبات والحوارات التي تحولت إلي تظاهرات واعتصامات واحتجاجات ثم تطورت إلي عنف وتدمير.. كيف يمكن التعامل معها؟
{ تعدد مظاهر الإحتجاجات والإضرابات والاعتصامات يشكل خطرا كبيرا علي الواقع الاقتصادي في البلاد, مما جعل المستثمرين يطلقون صيحات الفزع, إنه تخريب للاقتصاد والجميع في إعتقادي شاعرون بذلك, ولذلك توجهت ومازلت أتوجه للجميع بأن يتركوا الحكومة تعمل, فتواصل الإحتجاجات ومنطق االآنب عملية انتحارية للاقتصاد التونسي, وإنني أدعو إلي هدنة مدتها16 شهرا تترك الحكومة تعمل وفق برامج محددة, ثم نحن مستعدون للحساب.
أليست لهم مطالب مشروعة.. هل سيتم إستخدام العنف معهم إذا استمروا في إعتصاماتهم؟
{ نعم إن مطالب المعتصمين مقبولة وحاجياتهم حقيقية, خاصة أنهم يعانون الجوع والفقر بسبب جذور تاريخية ونفسية واجتماعية, والتي كان بالإمكان عدم وجودها لولا تراكم50 سنة من الفساد والتهميش, لكننا بحاجة إلي فترة استقرار حتي يعود الإستثمار, لأنه لا يوجد إستثمار في ظل أوضاع هكذا, وهذا النظام الديمقراطي يهدد بالموت إذا لم تعد الحركة الإقتصادية إلي العمل, لأن المجتمع لن يأكل الحرية إذا جاع, بل يطالب بالخبز والقوات والدولة ملزمة بتوفيره, إنني أطالبهم باسم الوطن وبكل جد وبكل تعاطف أن يرفعوا التضييقات عن مسالك الانتاج والتصدير, لأن في ذلك طعنا لتونس من الظهر, والشيئ الثابت أن الحكومة ستضطر إلي اتخاذ إجراءات لفرض القانون علي كل الأطراف حتي نخرج من عنق الزجاجة.
لم يعد لدي المواطن التونسي اصبرب.. امحمد البوعزيزيب الذي إحترق من أجل ا لقمة العيشب وزملاؤه يطالبونكم بإعتباركم رئيس الدولة بخطوات ملموسة وبرنامج اقتصادي ناجح لتغيير الأوضاع؟
{ يجب أن يفهم الجميع أن عبارة اكن فيكونب ليست من إختصاص البشر, ويجب أن يغير التونسيون نظرتهم للرئيس, فليس هو الذي يحل كل المشكلات, هذه صورة قديمة رسمتها دولة الظلم والإستبداد, نحن الان في دولة مؤسسات وهناك صلاحيات وزعت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة, وأن كل الملفات الاقتصادية والإجتماعية بيد رئيس الحكومة, ودور رئيس الجمهورية هو الدفاع والخارجية والعفو, وصلاحياته محددة بهذه الامور.. لكن في الوقت نفسه حسب رأيي الأساس أن يلعب دور الموقف والموحد وهو دور معنوي.
لكنكم تدخلتم في قضايا اقتصادية, علي سبيل المثال فكرتكم ببيع القصور الرئاسية.. البعض إنتقد هذه الفكرة, والأخر قال إنها حملة دعائية مبكرة للإنتخابات الرئاسية المقلبة؟
{ إنني أحاول قدر الإمكان التقشف والتخفيض من الميزانية حتي تلعب الرئاسة دورا في إعانة الحكومة علي بلوغ أهدافها, وإذا تساءلت عن إمكانات الرئاسة الآن في محاربة البطالة, تجد أنها في بيع هذه القصور التي لا قيمة أثرية لها, علي عكس ما يروج لها, كلها بنيت في السنوات الأخيرة مخصصة لرفاهية رئيس الدولة.. هي اموال ميتة والدولة تدفع أموالا للعناية بها, وهي أموال طائلة قادرة علي أن توفر علي الأقل العمل ل20 ألف مواطن, البعض ينتقدني وكان بوسعي الإبقاء عليها, لكنني أرجعتها إلي وزير أملاك الدولة وقلت له: هل من الممكن بيعها والإستفادة من عائداتها المالية.
كيف هي علاقاتكم بشركائكم في الائتلاف الحكومي الذي يجمعكم برئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي؟
{ الرئاسات الثلاث علي نفس الموجة من التفاهم والتنسيق, علاقة شركاء نزهاء, يعني أنني سأكون شريكا نزيها ل ز النهضةس و االتكتلب بإعتبار أننا قمنا فعلا بشراكة لنصنع مرحلة إنتقالية ديمقراطية, قررنا أن نجتمع مرة في الإسبوع علي عشاء عمل لتحديد أعمالنا, نرفض أن تكون علاقاتنا علاقة تنافس أو تنافر, نمر بظرف دقيق يتطلب أقصي درجة ممكنة من الحكمة والتنسيق والتعاون, ومن حسن الحظ أنا ورئيس الحكومة حمادة الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفي بن جعفر أصدقاء منذ20 عاما, لنا علاقة جيدة بحكم العمر والخبرة, وأتوقع ان تكون تجربة نموذجية لمصلحة تونس.
تتحدث عن علاقات تنسيق وتعاون مع احزب النهضةب.. البعض إنتقد االمنصف المرزوقيب صاحب الأراء التقدمية االليبراليةب في إئتلافه مع احزاب إسلامية قد تبدو متشددة؟
{ السياسة في أحط مستوياتها هي ركوب كل الأهداف النبيلة للوصول للسلطة, واستعمال كل الوسائل القذرة للتواصل فيها, لكنها من أرفعها وضع الوسائل النبيلة في خدمة الأهداف العليا والمصلحة القومية للمجتمع, وذلك بأقل قدر من العنف والخسائر, والتحالف الذي تم كان علي أساس مبادئ واضحة شفافة ظاهرة للجميع, وهو أن تونس ليست دولة إسلامية ون تكون كذلك, إنها دولة مجنية تحمي المحجبة وغير المحجبة, يتعايش فيها من يؤمن ومن لا يؤمن, تمارس إحترام حقوق الإنسان بكل وضوح وبلا تمييز, نؤمن بالقانون والحريات, وقد تم الإتفاق بألا يقع أي تهديد أو إنتكاسة لهذه المكتسبات.
قد تبدو هذه الأفكار مثالية ورائعة شكليا, لكن علي أرض الواقع هناك مجلس تأسيسي يصدر من خلاله القوانين والدستور, وبه تيارات مختلفة ورؤي متباعدة.. هل يمكن أن تسقط تونس تحت منظومة إسلامية خاصة مع سيطرة ز حزب النهضة والسلفيينس ؟
{ إن تونس ماضية علي درب الحرية والمسار الديمقراطي ابلا رجعةب, إن الثورة فتحت أمامنا الأبواب وشكلت فاصلا بين يوم مظلم وأخر مشرق, سنعمل ألا تذهب التضحيات سدي, نعم الذي يصدر القوانين هو المجلس التأسيسي والذي يرأسه صديقي مصطفي جعفر, والقوانين يتم صياغتها أو توقيعها في هذا المكتب الذي نجلس فيه, ولن أوقع علي قانون يخالف الحريات أو ينتهك كرامة المواطن التونسي, ولن تسقط تونس تحت منظومة أو مظلة دولة إسلامية, وحكومة النهضة منذ البداية تركت فكرة الدولة الدينية ولن تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أو الحدود, ولن تعتدي علي حقوق المرأة, قد يبدو الخطر من السلفيين الذين هم ضد الديمقراطية, لكن هذه المجموعات ليست موجودة فعليا في المجلس التأسيسي.
تبدو دول الربيع العربي حائرة في شكل وهيكل ومضمون أسس نظام الحكم.. كيف هو الشكل الذي ترتضونه في بلادكم؟
{ إن النظام السياسي بالنسبة للدولة هو بمثابة الجهاز العصبي بالنسبة للجسم, فهو الذي يتحكم في الأنظمة الإجتماعية الضرورية لتسيير شئون المجتمع, مثل النظام الإقتصادي والصحي والامني والفضائي والتربوي والثقافي, إن فسد النظام السياسي فسدت كل الأنظمة وتعرض المجتمع لجملة من الأخطار.
ثمة من ينادي في تونس ومصر بنظام برلماني صرف يكون فيه الرئيس مجرد رمز لوحدة البلاد لا يتمتع بأي صلاحيات سياسية, وكل هذا كرد فعل طبيعي علي الشطط الذي عرفناه, إن التقنية الأولي لمحاربة الإستبداد هي توزيع السلطات بين التشريعي والقضائي والتنفيذي, وأحسن ضمان لتعميقها هو توزيع السلطة بصفة محكمة بين الرئيس ورئيس الحكومة كي لا يبطش أحدهما بالآخر, ولكي يستحيل علي أي منهما أن يصبح ديكتاتورا, لابد من منع وقوع الأمن والجيش تحت مظلة واحدة, كما يجب أن تعود سلطة إدارة الشأن العام للحكومة فقط, والثوابت مثل السياسة الخارجية والأمن القومي والحفاظ علي الحريات والدستور مع الرئيس, هنا يصنع التوازن المنشود.
خلال حملتكم الانتخابية دعوتم إلي ضرورة جلب الرئيس السابق ابن عليب وزوجته وأصهاره الفارين لمحاكمتهم, وبالأمس وافقتم علي منح الرئيس السابق ادفتر إبنه الدراسيب من أجل إكمال تعليمه, في حال محاكمته هل سيلقي محاكمة عادلة, وفي حال عدم تسليمه كيف هي العلاقات مع الدول المانحة له اللجوء؟
{ نعم لقد وافقت علي منح إبن الرئيس السابق الملف الدراسي الخاص به معتبرا الأمر قضية إنسانية ولا علاقة لها بما إقترفه ابن عليب في حق الشعب التونسي, وفي الحقيقة هناك توجهان يجب ألا يتعارضا, الأول: هو رغبتنا في ربط علاقات أخوية مع جميع البلدان لأن مصلحة تونس تقتضي أن تكون لنا علاقات بكل البلدان وهذا قانون السياسة, ولكن في نفس الوقت نحن نعتبر أن من حق الشعب التونسي أن يسترجع هذا الرجل لمحاكمته محاكمة عادلة وشفافة, كونه سرق أموال الشعب التونسي وتعدي علي الإسلام والمسلمين, ونحن نحترم حق السعودية في أن تستضيف من ترغب لكننا نتمني أن تراجع موقفها, وأنا مصر علي ضرورة الفصل بين القضيتين, ونعمل علي تعميق علاقاتنا بجميع الشعوب بما فيها السعودية.
دعني أقدم إنتقادي لكم دون التدخل في قراركم.. لماذا هذا الإصرار في دعوتكم لجلب الرئيس السابق لمحاكمته.. وكيف هو رفضكم تسليم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الأسبق لمحاكمته في بلاده, ألا تبدو هذه مفارقة غريبة وإزدواجية في المبادئ؟
{ أنا قلت للإخوة الليبيين في لقاء ببنغازي وبشكل واضح أني عشت وفقا لمبادئ ولم أتنكر اليوم لهذه المبادئ والقناعات وبالتالي قلت لهم إننا لن نسلم البغدادي المحمودي طالما ليس هناك إستقرار في ليبيا وليس ثمة مؤسسات أو عدالة حقيقية مستقلة, ولابد أن أنوه هنا بموقف المستشار مصطفي عبد الجليل الذي كان متفهما لهذا الموقف وقال بعبارة صريحة: نحن الذين سنبادر بالمطالبة به عندما تتوافر هذه الشروط, وتونس لن تسلم الرجل إلا عندما تتأكد أنه ليس مهددا بالإعدام أو التعذيب أو غير ذلك, وهذا لا يدخل تحت شرف مناضل في حقحق الإنسان وإنما شرفنا نحن كتونسيين, وهناك قاعدة قانونية تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته, والإدانة ليست من مشمولاتي بل هي مسئولية الليبيين, وعندما تتوافر الشروط سنسلمه وفقا للقوانين الدولية.
بمناسبة الحديث عن الشعوب الحرة وإشارتكم إلي موقفكم الرافض للديكتاتوريات التي تذبح شعوبها.. كيف تري المشهد السوري؟
{ لقد عبرت تونس عن تضامنها الكامل مع الأشقاء في سوريا لإقتناعتنا بأن هذه المأساة لن تعرف في طريقها للحل إلا برحيل النظام السوري وإفساح المجال لإنتقال ديمقراطي للسلطة, لكننا نخشي التدخل الأجنبي مهما كانت صفته بسبب أن الوضع في هذا البلد هو أعقد بكثير منه في ليبيا, وإذا تدخلت قوي خارجية فهذا يعني إندلاع الحرب في كل المنطقة مما سيفتح المجال لتدخل الجميع, لكنني في نفس الوقت أخشي من إنزلاق المعارضة السورية إلي التشرذم والطائفية, وأقول لا تحاصروا نمر جريح من الأبواب الأربعة, إتركوا له فرصة ومنفذا للخروج, الديكتاتورية يجب أن تنتهي لكن يجب فتح الباب مع ترك منفذا لها.
طبيب بدرجة مفكر, وأستاذ جامعي بدرجة مثقف, وفيلسوف بصلاحيات رئيس دولة, ومعارض يحمل لقب ثوري من طراز نادروفريد, نضاله كان مثاليا وكفاحه كان نموذجيا, وأفكاره تتسم بالوسطية.. حوصر في رزقه ومعاشه وتم تهجيره بطريقة غير آدمية ليقضي ثلث عمره في صقيع أوروبا, ليعود إلي بلاده ثانيا ليصل إلي قبة البرلمان, وحينما فكر في الترشح لرئاسة الجمهورية تم الدفع به في ظلام السجون, توسط الزعيم انيلسون مانديلاب لإطلاق سراحه فدخل السياسة من بابها الكبير وأصبح المعارض الشرس الذي ظل يصارع نظام ابن عليب حتي تمكن في النهاية من التخلص منه عبر ثورة شعبية لم ينتظرها أحد سواه.
االمنصف المرزوقيب هو أول رئيس لجمهورية عربية حرة, وهو أول رئيس منتخب للدولة التونسية بعد استقلالها, إلتقيته في حوار مطول في مكتبه ابقصر قرطاج الرئاسيب.. وإلي تفاصيل الحوار:
تدخل تونس الآن مرحلة الزوابع والعواصف والمهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم, فالأزمة التي أطاحت بالرئيس السابق تتعمق, خاصة علي المستويين الاقتصادي والاجتماعي.. هل يكفي فقط إرساء النظام السياسي؟
{ نظام الاستبداد والفساد والظلم ترك الكثير من الخراب والدمار في هذا البلد, ولا يمكن أن تعمل في أي مجتمع مدني دون أن ترسي نظاما سياسيا سليما, لأن جميع المحاور سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية والاعلامية, وحتي الامنية تابعة للمنظومة السياسية, كانت هذه المنظومة مهترئة وغير صالحة للعمل, وأفرزت اقتصادا متدهورا وبطالة عالية ونموا متدنيا وعدالة غير ناجزة, ولأول مرة أصبحت لدينا حكومة ليست بها فساد أو مفسدون وجميع مكوناتها تمشي علي الجمر.
ولكن تبدو الأوضاع غير مستقرة, مما يهدد نجاح المرحلة وعملية البناء برمتها؟
{ غالبية التونسيين يعملون وهم متمسكون بهدوئهم ووطنيتهم, نحن نتجه نحو مرحلة انتقالية صعبة وشعبنا الذي حقق المعجزة قادر علي تحقيق باقي المعجزات, لدينا كل خطوط النجاح, ولدي ثقة تامة في أننا سوف نعبر هذه السنة الصعبة, ما يحدث في تونس أمر طبيعي, ونحن نعيش الشيئ الطبيعي في الديمقراطية, وفي الديمقراطية يعترض الناس بصورة سلمية, وما أراه حاليا في المشهد السياسيي هو أن جميع الأطراف تتناقش وتتجادل وتختلف, وهذا ليس أمرا سلبيا.
ولكن الأمر السلبي أن يتطور هذا الخلاف ليصل إلي ممارسة العنف.. كيف يمكن السيطرة علي التجاذبات الموجودة بين الأقلية والأغلبية؟
{ نعم عندما تنتقل هذه المناكفات إلي ممارسة العنف عندئذ تصبح سلبية وخطيرة, نحن مازالنا تحت سقف الجدل ويجب أن نظل تحت هذا السقف وسأسعي بكل الوسائل المتاحة إلي البقاء تحت هذا الخط الاحمر, حتي تبقي المشاحنات لفظية والخصومات في مستوي الأفكار والمقاربات وصندوق الإقتراع هو الحكم, هذه هي الديمقراطية عندما تقارن بين استقرار المستنقعات أو المقابر أو بين العواصف وإحتدام الجدل في المجتمعات الديمقراطية, ندرك أن حيوية المجتمع هي في هذا الجدل والنقاش, كذلك ما تسميه تجاذبات أنا أعتبرها ظواهر طبيعية بل صحية, حتي الأن لا نزال تحت سقف الخط الأحمر ولا خوف من أن يحتد النقاش, فتلك طبيعة الديمقراطية.
وماذا لو استمرت طويلا مرحلة المخاض وإعادة التأسيس والتوازنات.. هل تخشي من مرحلة الفشل والإرتداد؟
{ نحن بصدد الصراع داخل هذه المرحلة المخاضية الصعبة بين النظام القديم الذي لم يختف تماما وموجود بآلياته ومراكز قوته المتعددة يقاتلون لإستعادة الإعتبار, إن لم يكن لإستعادة الثروة والسلطة, فعلي الأقل لإفشال التجربة الجديدة, وهذا حدث في كل الثورات, وتحديدا الثورة الفرنسية التي ظلت70 عاما حتي حققت أهدافها, وعندما تطول مرحلة المخاض قد تؤدي إلي العديد من الإحتمالات, ولادة طفل مشوه أو ولادة طفل معاق أو ولادة قوة اجتماعية جبارة, نعم هناك ثورات لا تنجح وأخري تنجح, وهذا موجود في التاريخ, ونحن مطالبون بإنجاح ثورتنا, ولدي تفاؤل كبير بنجاح الثورة في تونس ومصر, وأعتقد ان الوضع في مصر أصعب لوجود رهانات سياسية خارجية, نظرا لحجم وأهمية مصر الإستراتيجية, لكنني أؤمن بعبقرية وقوة الشعوب في تجاوز المصاعب.
دعنا نعود إلي التجاذبات والحوارات التي تحولت إلي تظاهرات واعتصامات واحتجاجات ثم تطورت إلي عنف وتدمير.. كيف يمكن التعامل معها؟
{ تعدد مظاهر الإحتجاجات والإضرابات والاعتصامات يشكل خطرا كبيرا علي الواقع الاقتصادي في البلاد, مما جعل المستثمرين يطلقون صيحات الفزع, إنه تخريب للاقتصاد والجميع في إعتقادي شاعرون بذلك, ولذلك توجهت ومازلت أتوجه للجميع بأن يتركوا الحكومة تعمل, فتواصل الإحتجاجات ومنطق االآنب عملية انتحارية للاقتصاد التونسي, وإنني أدعو إلي هدنة مدتها16 شهرا تترك الحكومة تعمل وفق برامج محددة, ثم نحن مستعدون للحساب.
أليست لهم مطالب مشروعة.. هل سيتم إستخدام العنف معهم إذا استمروا في إعتصاماتهم؟
{ نعم إن مطالب المعتصمين مقبولة وحاجياتهم حقيقية, خاصة أنهم يعانون الجوع والفقر بسبب جذور تاريخية ونفسية واجتماعية, والتي كان بالإمكان عدم وجودها لولا تراكم50 سنة من الفساد والتهميش, لكننا بحاجة إلي فترة استقرار حتي يعود الإستثمار, لأنه لا يوجد إستثمار في ظل أوضاع هكذا, وهذا النظام الديمقراطي يهدد بالموت إذا لم تعد الحركة الإقتصادية إلي العمل, لأن المجتمع لن يأكل الحرية إذا جاع, بل يطالب بالخبز والقوات والدولة ملزمة بتوفيره, إنني أطالبهم باسم الوطن وبكل جد وبكل تعاطف أن يرفعوا التضييقات عن مسالك الانتاج والتصدير, لأن في ذلك طعنا لتونس من الظهر, والشيئ الثابت أن الحكومة ستضطر إلي اتخاذ إجراءات لفرض القانون علي كل الأطراف حتي نخرج من عنق الزجاجة.
لم يعد لدي المواطن التونسي اصبرب.. امحمد البوعزيزيب الذي إحترق من أجل ا لقمة العيشب وزملاؤه يطالبونكم بإعتباركم رئيس الدولة بخطوات ملموسة وبرنامج اقتصادي ناجح لتغيير الأوضاع؟
{ يجب أن يفهم الجميع أن عبارة اكن فيكونب ليست من إختصاص البشر, ويجب أن يغير التونسيون نظرتهم للرئيس, فليس هو الذي يحل كل المشكلات, هذه صورة قديمة رسمتها دولة الظلم والإستبداد, نحن الان في دولة مؤسسات وهناك صلاحيات وزعت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة, وأن كل الملفات الاقتصادية والإجتماعية بيد رئيس الحكومة, ودور رئيس الجمهورية هو الدفاع والخارجية والعفو, وصلاحياته محددة بهذه الامور.. لكن في الوقت نفسه حسب رأيي الأساس أن يلعب دور الموقف والموحد وهو دور معنوي.
لكنكم تدخلتم في قضايا اقتصادية, علي سبيل المثال فكرتكم ببيع القصور الرئاسية.. البعض إنتقد هذه الفكرة, والأخر قال إنها حملة دعائية مبكرة للإنتخابات الرئاسية المقلبة؟
{ إنني أحاول قدر الإمكان التقشف والتخفيض من الميزانية حتي تلعب الرئاسة دورا في إعانة الحكومة علي بلوغ أهدافها, وإذا تساءلت عن إمكانات الرئاسة الآن في محاربة البطالة, تجد أنها في بيع هذه القصور التي لا قيمة أثرية لها, علي عكس ما يروج لها, كلها بنيت في السنوات الأخيرة مخصصة لرفاهية رئيس الدولة.. هي اموال ميتة والدولة تدفع أموالا للعناية بها, وهي أموال طائلة قادرة علي أن توفر علي الأقل العمل ل20 ألف مواطن, البعض ينتقدني وكان بوسعي الإبقاء عليها, لكنني أرجعتها إلي وزير أملاك الدولة وقلت له: هل من الممكن بيعها والإستفادة من عائداتها المالية.
كيف هي علاقاتكم بشركائكم في الائتلاف الحكومي الذي يجمعكم برئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي؟
{ الرئاسات الثلاث علي نفس الموجة من التفاهم والتنسيق, علاقة شركاء نزهاء, يعني أنني سأكون شريكا نزيها ل ز النهضةس و االتكتلب بإعتبار أننا قمنا فعلا بشراكة لنصنع مرحلة إنتقالية ديمقراطية, قررنا أن نجتمع مرة في الإسبوع علي عشاء عمل لتحديد أعمالنا, نرفض أن تكون علاقاتنا علاقة تنافس أو تنافر, نمر بظرف دقيق يتطلب أقصي درجة ممكنة من الحكمة والتنسيق والتعاون, ومن حسن الحظ أنا ورئيس الحكومة حمادة الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفي بن جعفر أصدقاء منذ20 عاما, لنا علاقة جيدة بحكم العمر والخبرة, وأتوقع ان تكون تجربة نموذجية لمصلحة تونس.
تتحدث عن علاقات تنسيق وتعاون مع احزب النهضةب.. البعض إنتقد االمنصف المرزوقيب صاحب الأراء التقدمية االليبراليةب في إئتلافه مع احزاب إسلامية قد تبدو متشددة؟
{ السياسة في أحط مستوياتها هي ركوب كل الأهداف النبيلة للوصول للسلطة, واستعمال كل الوسائل القذرة للتواصل فيها, لكنها من أرفعها وضع الوسائل النبيلة في خدمة الأهداف العليا والمصلحة القومية للمجتمع, وذلك بأقل قدر من العنف والخسائر, والتحالف الذي تم كان علي أساس مبادئ واضحة شفافة ظاهرة للجميع, وهو أن تونس ليست دولة إسلامية ون تكون كذلك, إنها دولة مجنية تحمي المحجبة وغير المحجبة, يتعايش فيها من يؤمن ومن لا يؤمن, تمارس إحترام حقوق الإنسان بكل وضوح وبلا تمييز, نؤمن بالقانون والحريات, وقد تم الإتفاق بألا يقع أي تهديد أو إنتكاسة لهذه المكتسبات.
قد تبدو هذه الأفكار مثالية ورائعة شكليا, لكن علي أرض الواقع هناك مجلس تأسيسي يصدر من خلاله القوانين والدستور, وبه تيارات مختلفة ورؤي متباعدة.. هل يمكن أن تسقط تونس تحت منظومة إسلامية خاصة مع سيطرة ز حزب النهضة والسلفيينس ؟
{ إن تونس ماضية علي درب الحرية والمسار الديمقراطي ابلا رجعةب, إن الثورة فتحت أمامنا الأبواب وشكلت فاصلا بين يوم مظلم وأخر مشرق, سنعمل ألا تذهب التضحيات سدي, نعم الذي يصدر القوانين هو المجلس التأسيسي والذي يرأسه صديقي مصطفي جعفر, والقوانين يتم صياغتها أو توقيعها في هذا المكتب الذي نجلس فيه, ولن أوقع علي قانون يخالف الحريات أو ينتهك كرامة المواطن التونسي, ولن تسقط تونس تحت منظومة أو مظلة دولة إسلامية, وحكومة النهضة منذ البداية تركت فكرة الدولة الدينية ولن تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أو الحدود, ولن تعتدي علي حقوق المرأة, قد يبدو الخطر من السلفيين الذين هم ضد الديمقراطية, لكن هذه المجموعات ليست موجودة فعليا في المجلس التأسيسي.
تبدو دول الربيع العربي حائرة في شكل وهيكل ومضمون أسس نظام الحكم.. كيف هو الشكل الذي ترتضونه في بلادكم؟
{ إن النظام السياسي بالنسبة للدولة هو بمثابة الجهاز العصبي بالنسبة للجسم, فهو الذي يتحكم في الأنظمة الإجتماعية الضرورية لتسيير شئون المجتمع, مثل النظام الإقتصادي والصحي والامني والفضائي والتربوي والثقافي, إن فسد النظام السياسي فسدت كل الأنظمة وتعرض المجتمع لجملة من الأخطار.
ثمة من ينادي في تونس ومصر بنظام برلماني صرف يكون فيه الرئيس مجرد رمز لوحدة البلاد لا يتمتع بأي صلاحيات سياسية, وكل هذا كرد فعل طبيعي علي الشطط الذي عرفناه, إن التقنية الأولي لمحاربة الإستبداد هي توزيع السلطات بين التشريعي والقضائي والتنفيذي, وأحسن ضمان لتعميقها هو توزيع السلطة بصفة محكمة بين الرئيس ورئيس الحكومة كي لا يبطش أحدهما بالآخر, ولكي يستحيل علي أي منهما أن يصبح ديكتاتورا, لابد من منع وقوع الأمن والجيش تحت مظلة واحدة, كما يجب أن تعود سلطة إدارة الشأن العام للحكومة فقط, والثوابت مثل السياسة الخارجية والأمن القومي والحفاظ علي الحريات والدستور مع الرئيس, هنا يصنع التوازن المنشود.
خلال حملتكم الانتخابية دعوتم إلي ضرورة جلب الرئيس السابق ابن عليب وزوجته وأصهاره الفارين لمحاكمتهم, وبالأمس وافقتم علي منح الرئيس السابق ادفتر إبنه الدراسيب من أجل إكمال تعليمه, في حال محاكمته هل سيلقي محاكمة عادلة, وفي حال عدم تسليمه كيف هي العلاقات مع الدول المانحة له اللجوء؟
{ نعم لقد وافقت علي منح إبن الرئيس السابق الملف الدراسي الخاص به معتبرا الأمر قضية إنسانية ولا علاقة لها بما إقترفه ابن عليب في حق الشعب التونسي, وفي الحقيقة هناك توجهان يجب ألا يتعارضا, الأول: هو رغبتنا في ربط علاقات أخوية مع جميع البلدان لأن مصلحة تونس تقتضي أن تكون لنا علاقات بكل البلدان وهذا قانون السياسة, ولكن في نفس الوقت نحن نعتبر أن من حق الشعب التونسي أن يسترجع هذا الرجل لمحاكمته محاكمة عادلة وشفافة, كونه سرق أموال الشعب التونسي وتعدي علي الإسلام والمسلمين, ونحن نحترم حق السعودية في أن تستضيف من ترغب لكننا نتمني أن تراجع موقفها, وأنا مصر علي ضرورة الفصل بين القضيتين, ونعمل علي تعميق علاقاتنا بجميع الشعوب بما فيها السعودية.
دعني أقدم إنتقادي لكم دون التدخل في قراركم.. لماذا هذا الإصرار في دعوتكم لجلب الرئيس السابق لمحاكمته.. وكيف هو رفضكم تسليم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الأسبق لمحاكمته في بلاده, ألا تبدو هذه مفارقة غريبة وإزدواجية في المبادئ؟
{ أنا قلت للإخوة الليبيين في لقاء ببنغازي وبشكل واضح أني عشت وفقا لمبادئ ولم أتنكر اليوم لهذه المبادئ والقناعات وبالتالي قلت لهم إننا لن نسلم البغدادي المحمودي طالما ليس هناك إستقرار في ليبيا وليس ثمة مؤسسات أو عدالة حقيقية مستقلة, ولابد أن أنوه هنا بموقف المستشار مصطفي عبد الجليل الذي كان متفهما لهذا الموقف وقال بعبارة صريحة: نحن الذين سنبادر بالمطالبة به عندما تتوافر هذه الشروط, وتونس لن تسلم الرجل إلا عندما تتأكد أنه ليس مهددا بالإعدام أو التعذيب أو غير ذلك, وهذا لا يدخل تحت شرف مناضل في حقحق الإنسان وإنما شرفنا نحن كتونسيين, وهناك قاعدة قانونية تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته, والإدانة ليست من مشمولاتي بل هي مسئولية الليبيين, وعندما تتوافر الشروط سنسلمه وفقا للقوانين الدولية.
بمناسبة الحديث عن الشعوب الحرة وإشارتكم إلي موقفكم الرافض للديكتاتوريات التي تذبح شعوبها.. كيف تري المشهد السوري؟
{ لقد عبرت تونس عن تضامنها الكامل مع الأشقاء في سوريا لإقتناعتنا بأن هذه المأساة لن تعرف في طريقها للحل إلا برحيل النظام السوري وإفساح المجال لإنتقال ديمقراطي للسلطة, لكننا نخشي التدخل الأجنبي مهما كانت صفته بسبب أن الوضع في هذا البلد هو أعقد بكثير منه في ليبيا, وإذا تدخلت قوي خارجية فهذا يعني إندلاع الحرب في كل المنطقة مما سيفتح المجال لتدخل الجميع, لكنني في نفس الوقت أخشي من إنزلاق المعارضة السورية إلي التشرذم والطائفية, وأقول لا تحاصروا نمر جريح من الأبواب الأربعة, إتركوا له فرصة ومنفذا للخروج, الديكتاتورية يجب أن تنتهي لكن يجب فتح الباب مع ترك منفذا لها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.