علي مدي ساعتين من الزمان تقريبا, استضافت مؤسسة الأهرام في واحدة من أعرق قاعاتها قاعة توفيق الحكيم- واحدا من أهم لقاءات نوادي علوم الأهرام وهو لقاء مع البطل المصري العالمي أحمد جبر الذي سجل أعلي رقم قياسي في الغطس بعيد المدي ليكون بذلك أول مصري و أول عربي يدخل هذه الموسوعة العالمية. المثير في الأمر أن اللقاء لم يكن حصريا لمن كانوا بداخل القاعة, فقد فتحت الأهرام قنوات اتصالها مع جماهيرها وجماهير جبر في مصر و العالم من خلال رابطي هاشتاج اسأل جبر وaskgabr علي موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك و تويتر, كما أن اللقاء تم نقله عن طريق البث الحي المباشر من خلال موقع يوتيوب. ووجه المتابعون أسئلتهم للبطل العالمي حول كل ما أثار فضولهم حول تجربته في الغطس التي قام بها في مدينة دهب في سيناء, بالتعاون مع فريق طبي وتقني وممثلين عن موسوعة جينيس العالمية لتقييم الحدث. وعلي العكس تماما من الانطباع الذي يراود غالبية المصريين من أن شباب مصر لا يهتمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي سوي بتفاهات الأمور والسخرية, وأن العلم والعلوم هما آخر اهتماماتهم, فإن اللقاء الذي نظمته نوادي علوم الأهرام في الثاني من نوفمبر الحالي يكشف عن طاقة أمل في شباب الغد الذين انبهروا بتجربة جبر و بخطته المستقبلية و بأدق تفاصيل رحلته من أجل تحطيم الرقم العالمي في غوص الأعماق. حكاية جبر... قبل بدء اللقاء مع جبر بدأ توافد الأسئلة علي مواقع التواصل الاجتماعي وكانت توجه لجبر شخصيا ويرد عليها ويتم ارسال الرد في الحال لأصحاب الأسئلة, مما أضفي روحا حيوية علي اللقاء و شجع علي المزيد من الأسئلة من داخل القاعة و خارجها. بدأ البطل المصري في سرد حكايته منذ بدايتها, مؤكدا أن المسألة في البداية لم تكن أكثر من مجرد هواية دخلت طور التحدي وأصبحت الهدف الأول الذي يجب الاعداد له بشكل علمي بعيد عن الانفعالات والتوترات. وأكد جبر هنا أن خلفيته العسكرية, حيث إنه عسكري متقاعد, أسهمت بشكل كبير جدا في اعداده لهذه اللحظة. وقال إن ضبط النفس واتخاذ القرار السليم في الوقت السليم و سرعة التفكير و عدم المبالغة في تقدير الأمور هي أساسيات يعلمها جيدا كل من تربي تربية عسكرية. ثم اتجه جبر لسرد تفاصيل التقنيات التي واجهها لاتمام رحلته بداية من أداة القياس التي ابتكرها فريقه التقني لحساب العمق الذي وصل اليه جبر. حيث طلبت جينيس مقاسا دقيقا وموثوقا به لحساب هذه المسافة. وهنا فكر الفريق في أن يستخدم حبلا من نوع خاص يتحمل الأوزان دون أن يتعرض للمط أو القطع. ولتوثيق هذا الابتكار الذي يعد هو الأول من نوعه في مثل هذه الأمور اصر فريق جبر علي اعتماده و اتخاذ الموافقات اللازمة عليه منها مثلا معامل جامعة القاهرة التي اعتمدت مواصفاته واكدت عليها في تقرير رسمي. و الطريف في الأمر أن جينيس اعتمدت هذا الحبل فيما بعد كأداة رسمية للقياس. ومن الأسئلة التي وردت لجبر عبر تويتر وفيسبوك أثناء الندوة, كان سؤالا عن التغذية التي اعتمد عليها بكر تحت هذا العمق من المياه و طوال هذه الساعات- حيث استغرقت الغطسة أكثر من عشر ساعات-, فقال جبر إنه اعتمد خلال هذه الرحلة علي أطعمة الأطفال بحيث تكون مهروسة و سهلة البلع و مجهزة في أنابيب أعدت خصيصا للرحلة بحيث يبتلعها فورا, خاصة و أن هذه العملية تحتاج إلي طاقة كبيرة و غذاء عالي السعرات ليس فقط من أجل أداء أفضل للجسم و لكن أيضا من أجل استمرار اليقظة الذهنية و القدرة علي التفكير بشكل صحيح و من ثم اتخاذقرارات صائبة. الكوابيس أفرد الغواص المصري العالمي جبر جزءا كبيرا من حديثه عن الاعداد النفسي الذي تلقاه علي يد فريقه, لمواجهة المخاوف التي ترددت بداخله من الفشل. و قال كنت أري كوابيس قبل الموعد المحدد للغطسة بحوالي عشرة أيام و كانت كلها تتركز علي أني نسيت العلامة المثبتة في الحبل و التي توضح المدي الذي وصلت له أو أني أصبت بتشنجات السكر المائي دون أن أتصرف. وكانت هذه التشنجات أكثر ما يخيفني لأني لم أمر بها قبل ذلك. وكانت أكثر لحظات هذا اللقاء انسانية و تأثيرا عندما عرض جبر صورته و هو يحتضن ابنه آدم فور خروجه من الماء لأنه كان يتابعه باهتمام شديد و ينتظر الفوز ربما أكثر من والده. المستقبل سؤال أثاره الحضور الحقيقيون والافتراضيون حول خطط جبر المستقبلية كشف عن الكثير من المفاجآت السارة التي لم يفصح عن تفاصيلها البطل العالمي, منها مثلا أنه سيتجه بعد هذا الفوز إلي ترسيخ أهمية رياضة الغوص العميق وربط هذا بالسياحة في مصر, لأن هذا عين ما تحتاجه بلادنا من أبنائها اليوم.
