وسط إجراءات أمنية مشددة، اجتمع قادة الدول الكبرى فى العالم أمس فى مدينة بريسبن، فى إطار قمة مجموعة العشرين مع طغيان التوتر الدبلوماسى بين روسيا والغرب على المشاورات من جانب، واستمرار الضغوط لدفع عملية النمو الاقتصادى من جانب آخر. وبدأت الاجتماعات بتعهد رئيس الوزراء الأسترالى تونى آبوت بأن قادة العالم سيسهمون فى مبادرة لإضافة ما قيمته 2 تريليون دولار إلى إجمالى النمو العالمي، وتفعيل اتفاقات التجارة الحرة وزيادة حجم الاستثمار فى البنية الأساسية. وقال إن خطط النمو ستؤدى إلى زيادة عدد الوظائف ودعم الاقتصاد العالمى بنسبة2٪ بزيادة عن المتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة. ومن المقرر أن تعرض كل دولة خلال القمة خطة شاملة عن كيفية تحقيق حجم المساهمات المطلوبة منهم. ومن جانبه، أشار جو هوكى وزير الخزانة الأسترالى إلى أن استراتيجيات المجموعات المشاركة للنمو تتضمن ما يقرب من ألف إجراء، ترفع حجم الاستثمار فى البنية الأساسية، وتزيد من المنافسة التجارية، وتمنع الإجراءات الروتينية وتتصدى للبطالة. وفى هذا السياق، صرح الرئيس الأمريكى باراك أوباما بأن الولاياتالمتحدة تقود العالم فى «معارضة العدوان الروسي» ضد أوكرانيا، والذى يمثل تهديدا للعالم، مثلما رأينا فى الإسقاط المروع للطائرة إم.أتش 17. وأشار إلى أن واشنطن لا يمكنها أن تتحمل وحدها مسئولية النمو العالمي، داعيا مجموعة العشرين إلى التحرك من أجل النمو. وأضاف أن «مجموعة العشرين فى بريسبن يقع على عاتقها التحريك وتحفيز الطلب، ومزيد من الاستثمار فى البنى التحتية، وإيجاد وظائف للناس فى كل بلداننا». ومن ناحية أخري، أكد أوباما بشدة نفوذ الولاياتالمتحدة العسكرى والاقتصادى والسياسى فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأهمية ما يسميه ب «محور» للمنطقة خلال خطابه فى القمة. وأعلن فى الخطاب ذاته مساهمة بقيمة ثلاثة مليارات دولار إلى الصندوق الأخضر فى الأممالمتحدة من أجل المناخ، مشيرا إلى اقتراب التوصل لاتفاق غير مسبوق مع الصين لخفض انبعاثات الغازات السامة المسببة للاحتباس الحراري. وذكرت مصادر مطلعة فى الوقت نفسه، أن إحدى أهم القضايا التى ستتصدر اجتماعات القمة هى تهرب الشركات الكبرى من الضرائب. وكانت قد تسربت أنباء أخيرا أن عددا من الشركات الكبرى عقدت اتفاقا سريا أخيرا لتقليل حجم الضرائب مع الاتحاد الأوروبي. ودعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إلى مكافحة الامتيازات الضريبية، مدافعا بذلك عن موقفه بعد كشف هذه التسريبات. وتعهد أيضا قادة دول مجموعة العشرين بأن يفعلوا ما بوسعهم للقضاء على وباء الإيبولا، الذى أودى بحياة أكثر من خمسة آلاف شخص فى غرب إفريقيا وتغطية انعكاساته الاقتصادية والإنسانية فى الأمد المتوسط. وأكد بيان للمجموعة «سنعمل عن طريق التعاون الثنائى والإقليمى والمتعدد الجنسيات وبالتعاون مع جهات غير حكومية». وانتهز البنك الدولى فرصة قمة العشرين للدفاع عن مشروعه إقامة «صندوق للطوارئ» من أجل الحد من انتشار أوبئة مقبلة، وتجنب عدم تكرار رد الفعل البطيء والمتأخر على الإيبولا. يأتى ذلك فى الوقت الذى اتفق فيه قادة المجموعة على استغلال هذه القمة لتكثيف الضغوط على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وبحث الصراع الأوكراني. وأعلن هيرمان فان رومبوى رئيس مجلس الاتحاد الأوروبى عن انعقاد قمة أمريكية - أوروبية لبحث الأزمة فى أوكرانيا. وأضاف فان رومبوى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى يعتزمون عقد لقاء غدا الاثنين فى بروكسل للتشاور حول الخطوات اللاحقة، التى تتضمن فرض عقوبات جديدة. وتابع فان رومبوى حديثه قائلا:»لا بد أن نحول دون عودة الصراعات الكبيرة». وطالب فان رومبوى روسيا باستغلال نفوذها كاملا للتأثير على الانفصاليين الموالين لها، بهدف إدخال خطة السلام حيز التنفيذ، والقيام بكل ما يلزم لمنع وصول أسلحة أو مقاتلين من أراضيها. وبعد وصف رئيس الوزراء البريطانى روسيا بألمانيا النازية، ومطالبته أوروبا باتخاذ التاريخ عبرة حول فرض الدول الكبرى سيطرتها على الدول الصغيرة، كشف متحدث باسم الكرملين أن بوتين وكاميرون بحثا فى اجتماع مغلق على هامش القمة إعادة بناء العلاقات بين روسيا والغرب. وأضاف أن الزعيمين أشارا إلى اهتمامهما باتخاذ إجراءات لوضع حد للأزمة الأوكرانية بهدف إعادة توحيد البلاد. ومن جانبها، قللت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من الآمال المعقودة على لقائها مع بوتين حول أوكرانيا. وعلى صعيد متصل، تحدى المئات من المتظاهرين الحر الشديد وتجمعوا فى بريسبن، حيث تعقد القمة، وحملت مجموعة من النشطاء ساعة كبيرة أظهرت الوقت قبل 12 ظهرا ، فى الوقت الذى طالبوا فيه باتخاذ إجراء عاجل لوقف انتشار فيروس إيبولا. وارتدى النشطاء الملابس الواقية التى يرتديها الأطباء والممرضات فى إفريقيا لمعالجة المصابين بالمرض. وفى مكان آخر ، تظاهر السكان الأصليون الأستراليون احتجاجا على التمييز. وتظاهرت مجموعة أخرى من النشطاء ضد التغير المناخى ، كما شارك فى المظاهرة منتقدو الرأسمالية.