تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 140 جنيه خلال أسبوع    النائب عمرو درويش يعترض على الصياغة الحكومية لقانون الإيجار القديم    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى أهل مصر بدمياط ومصر جميلة يصل البحيرة    رئيس اتحاد الكرة الآسيوي: أرفض بشدة مقترح زيادة عدد المنتخبات بكأس العالم    انخفاض درجات الحرارة وسقوط للأمطار بمحافظة القليوبية    إنقاذ 2000 رأس ماشية من حريق في مركز أبو صوير بالإسماعيلية    حجز محاكمة متهم بحيازة مفرقعات ومقاطع تحريضية للنطق بالحكم    رمضان صبحي يقود كتيبة بيراميدز أمام فاركو    أحمد السقا يفقد الذاكرة وأحمد فهمي يتورط معه في مطاردة بالصحراء في فيلم "أحمد وأحمد"    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    «الإسكان»: مبيعات مبادرة «بيت الوطن» للمصريين بالخارج تسجل 10 مليارات دولار    الإسماعيلي: هل القانون يتيح استدعاء تقنية الفيديو للحكم من أجل بطاقة صفراء؟    رسمياً.. تحديد موعد ومكان نهائي كأس مصر    إعلام إسرائيلي: شركات طيران أمريكية تعلق رحلاتها إلى تل أبيب    مصر وجزر القُمر توقعان على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة    استشهاد معتقل فلسطيني في مستشفى سوروكا الإسرائيلي    مصرع شخص وإصابة آخر إثر حادث تصادم في القرين بالشرقية    ليلة سقوط اللصوص.. القبض على 17 متهمًا بضربة أمنية بالقاهرة    الإحصاء: 3.6 مليون دولار قيمة التبادل التجارى بين مصر وجزر القمر خلال 2024    وكيل مجلس "الشيوخ" يقترح سن قانون شامل للأمن السيبراني وإنشاء هيئة مستقلة لإدارته    «لوفتهانزا» و«إير يوروبا» تعلقان جميع رحلاتهما الجوية إلى مطار بن جوريون    فتاوي المصريين في نصف قرن.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعبر الأزمنة على متن المقتنيات الأثرية    رئيس الوزراء: مواجهة مخالفات البناء والتعديات جزء من تقييم أداء أي محافظ    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    الحكومة: مشروع قومي للصوامع يضاعف السعة التخزينية ويقلل فاقد القمح في مصر    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 956 ألفا و810 جنود منذ بداية الحرب    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين بمحافظتي القاهرة والوادي الجديد    حماس تحذّر من كارثة إنسانية وشيكة في قطاع غزة بسبب استمرار إغلاق المعابر وتشديد الحصار الخانق منذ أكثر من 64 يومًا    ماجد الكدوانى ضيف شرف فيلم "المشروع إكس" مع كريم عبد العزيز    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    مستشفى سوهاج الجامعي تضم أحدث جهاز قسطرة مخية على مستوى الجمهورية    برلماني: كلمة السيسي باحتفالية عيد العمال تعكس تقديره ودعمه لدورهم في مسيرة التنمية    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    اليوم.. بدء تسليم قطع أراضي بيت الوطن المرحلة التاسعة للفائزين بمدينة دمياط الجديدة    13 شهيدا جراء قصف الاحتلال أنحاء متفرقة في قطاع غزة    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دي بروين: لا أعلم موقفي من المشاركة مع مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    بيان - "سلوك الجماهير رد فعل على غياب العدالة".. الزمالك يرفض عقوبات الرابطة ويتهمها بالتحيز    ضبط 37.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    محمد صلاح يستهدف 3 أرقام قياسية أمام تشيلسي في الدوري الإنجليزي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على نجاح القمة العربية المقبلة في بغداد    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون الممتدة بين البلدين في القطاع الصحي    إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    سر تصدر كندة علوش للتريند.. تفاصيل    بعد إخلاء المرضى.. اندلاع حريق محدود بمستشفى المطرية التعليمي    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)    أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين    كلام ترامب    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على شطها تعالت حناجر المطربين على اختلاف الأجيال
ملحمة غنائية صنعت المستحيل
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 11 - 2014

بعد الدعوات التى وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسى للإعلام كى يكون معبرا عن المشروعات القومية الكبرى فى مصر الجديدة، مصر المستقبل التى بدأت بمشروع قناة السويس، تماشيا مع روح الثورة الوطنية الجديدة التى تلاحمت مع بداية حفر قناة المستقبل، وتنمية منطقة قناة السويس التى ستغير خريطة الإنتاج وخريطة العمل فى مصر والعالم، كان لابد أن يكون لنا وقفة مصحوبة بالشجن أمام الأغنيات التى تغنى بها أساطين وكبار المطربين عن قناة السويس، بداية من الافتتاح الإسطورى الذى شهدته مصرقبل 145 عاما وحتى الآن.
حيث لعبت الأغنية الوطنية دورها المهم والحيوى الذى صاحب الحياة الإجتماعية والسياسية على أرض المحروسة،وتحديدا منذ لحظة انطلاق شرارة ثورة 1919 وصولا لثورتى 25 يناير و30 يونيو واللتين حظيتا بذات الزخم الوطنى من معين الأغانى الوطنية الحماسية التى ظلت تلازم ضمير الأمة بأسرها وعلى اختلاف الأجيال، ولعل ذلك جعل للأغنية على جناح القصيدة تأثيرا أكبر وأقوى من المقالة أو القصة أوالرواية على خيال الجماهيرومن ثم حثها على تدفق الشعور الوطنى الجارف نحو بحار من الإبداع والمتعة الخاصة بالمصريين.
الآن تعالوا بنا نتوقف قليلا على حافة جسر الذكريات الجميلة لنستعيد القصص والحكايات والمفارقات التى كانت وراء الأغنيات التى عبرت عن المصريين بإفتتاح وتأميم وإعادة الملاحة لقناة السويس، كما جاءت على لسان شعراء وملحنين فضلا عن أداء بطولى رائع لأساطين الطرب المصرى والعربي.
فى الحادى عشر من شهر شعبان 1286 هجرية، الموافق 17 نوفمبر 1869 تم إفتتاح قناة السويس فى حفل ضخم يشبه حفلات ألف ليلة وليلة، دعى فيه الخديو إسماعيل ملوك وأباطرة العالم ليوجه الأنظار إلى مصر عن طريق الفنون الرفيعة، وقد عهد إسماعيل باشا إلى "مريت باشا" مدير الآثار أن يختار من الآثار الفرعونية نص موضوع يصلح لأن يكون رواية أوبرا، فوضع مريت باشا قصة "عايدة" المشهورة،وأرسلت إلى الموسيقار الإيطالى "فيردي" لتلحينها حتى يشهدها ضيوف مصر عند افتتاح القناة، لكن " فيردي" لم يكن انتهى من تلحين أوبرا " عايدة" عند افتتاح القناة، فتم استبدالها بأوبرا "ريجولتو" "لفيردى أيضا، ولقد كان من مفارقات القدر أن تمثل أوبرا عايدة على دار الأوبرا المصرية يوم عودة جثمان الخديو إسماعيل باشا عام 1895 !
أوجينى تتمايل طربا
لم يقتصر حفل افتتاح القناة هذا على "أوبرا ريجولتو" فقد دعى الخديوى المطرب الكبيرالمصرى الكبير "عبده الحامولي" ليغنى بصوته العذب الجميل بعض أغنياته لضيوف الحفل، فغنى مجموعة كبيرة من أشهر أغنياته العاطفية ختامها بأغنيته الشهيرة " شرفت يا نور العين" وhستبدل كلمة شرفت "بشرفتوا"، وسط إعجاب الحضور الذين كانوا يتمايلون طربا على صوته بما فيهم امبراطورة فرنسا نفسها " أوجيني"التى كانت عروس الافتتاح، رغم عدم فهمهم لما يغنيه الحامولي، ويومهالم يغن أى أغنيات خاصة بالقناة لانتشار شائعة قوية تؤكد أن الحفل سيقتصر فقط على " أوبرا ريجولتو"، ولن يحضر الحفل أى مطربين مصريين، وبالتالى لم يجهز " سى عبده" أى أغنيات خاصة لهذا الحدث الهام.
ونظرا لعدم ذيوع وانتشار الأغنية الوطنية، واقتصار الغناء فى هذا الوقت على اللون العاطفى المهترئ، ظهرت بعض الأهازيج الوطنية البسيطة التى رددها الشعب مثل: "يا عزيز يا عزيز كبة تاخد الانجليز - العسكر فى الطوابى يارب انصر عرابى - الميه فى الأبريق يارب خد توفيق - يا توفيق يا وش النملة مين قالك تعمل دى العملة"، وغيرها من الأناشيد التى تعبر عن روح السخرية المعروفة عند الشعب المصري، لكن هذه الأغنيات لم تبلغ النضج من حيث الكلمة واللحن، وجاءت ثورة 1919 بعثا جديدا للعزيمة والإرادة المصرية القوية التى لا تقهر أبدا، وهب سيد درويش بعمل ثورة غنائية بألحانه وغنائه لكل فئات وطبقات المجتمع المصري، وأخرج التخت الشرقى الرصين من صالونات القصور إلى الشارع، وقدم كل أشكال وألوان الغناء الذى يعبر عن أحوال الناس ومعيشتهم.
ولأن إدارة شئون القناة كانت تحت القيادة الأجنبية، ولم تظهر أية بطولات مصرية فى مجال الملاحة وأعمال الدعم اللوجيستى الخاصة بالقناة، فقدتأخر الغناء للقناة كثيرا بحكم حالة الغموض تلك،حتى قام جمال عبدالناصر بتأميم القناة فى 26 يوليو عام 1956 بعد أن رفض البنك الدولى تمويل الحكومة المصرية لبناء السد العالي، وكان تأميم قناة السويس سبباً للعدوان الثلاثى - كما نعلم - الذى قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر، وما أن ألقى عبدالناصر خطابه الشهير الذى قال فيه نصا : " تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، وينتقل الى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات، وتحل جميع الهيئات واللجان القائمة حاليا على ادارتها".
كانت لحظة فارقة فى عمر وطن تتشكل قواه الثورية التى أشتعلت الشوارع والبيوت بالفرحة، وعلت الزغاريد فى كل مكان،وكان لابد للأغنية كعادتها أن تشارك فى احتفال مصر بعودة القناة، وكان طبيعيا أن تكون سيدة الغناء العربى أم كلثوم هى صاحبة المبادرة الوطنية، وبدورها اتصلت بعد خطاب التأميم مباشرة بالموسيقار الكبيرمحمد الموجى أو " المنقذ" - كما كانت تطلق عليه لسرعة انتهائه من تجهيز أى لحن يكلف به، وتقديمه فى أفضل صورة - وطلبت منه تجهيز أغنية بأقصى سرعة تعبر عن فرحة المصريين بتأميم القناة، بعد نجاحهما معا فى أغنيتهما الوطنية "نشيد الجلاء"، واتفقا الاثنان على أن تكون الأغنية الجديدة من كلمات صلاح جاهين، وبالفعل انتهى الموجى من تلحين الأغنية فى أيام قليلة، ورددت الجماهير المصرية والعربية مع صوت أم كلثوم أغنية " فرحة القنال"التى يقول مطلعها:
محلاك يا مصرى وأنت ع الدفة / والنصره عامله فى القنال زفة
يا أهل مصر تعالوا ع الضفة / شاورولهم وغنولهم وقولولهم
ريسنا قال ما فيش محال / راح الدخيل وابن البلد كفي
ومن بعد "ثومة" أسرع المطرب الشعبى محمد عبدالمطلب، وقدم واحدة من أجمل أغنياته الوطنية التى تتحدث عن حفر جدودنا للقناة بعنوان "يا سايق الغليون" كلمات صلاح جاهين أيضا وألحان محمود الشريف، يقول مطلعها:
يا سايق الغليون عدى القنال عدي/ خد مننا وإدي
ده اللى فحت بحر القنال جدي/ دى أرضناوأرضنا لينا
ضرب الرصاص للى يعادينا
"دع سمائي" ترهب بريطانيا
فى التاسع من أكتوبر 1956 وقع العدوان الثلاثى على مصر، وكانت القناة هى هدف المؤامرة، وتحرك شعب مصر القوى لرد ذلك العدوان الأحمق،وفى الوقت الذى كان العدو يقذف بطائراته بورسعيد الباسلة، ذهبت المطربة الثائرة فايدة كامل إلى كشك "مدبولي" فى ميدان سليمان باشا بوسط البلد تقلب فى دواوين الشعر، فوقعت عيناها على قصيدة فى ديوان زميلها فى كلية الحقوق الشاعر"كمال عبدالحليم" يقول مطلعها : "هذه أرضى أنا/ وأبى مات هنا / وأبى قال لنا مزقوا أعدائنا"، طارت فايدة فرحا بهذا النشيد، ولكن كيف تتصل بمؤلفه لإخراج هذا العمل إلى النور، وفجأة وجدت الشاعر كمال عبدالحليم يمر من أمامها فى نفس المكان، فقبضت عليه كما قالت لى فى حوار سابق بيننا، وأخذته مباشرة إلى مكتب محمد حسن الشجاعى رئيس الإذاعة، وهما فى الطريق وعندما علم عبدالحليم بنيتها لغناء قصيدته أضاف:
دع سمائى فسمائى محرقة
دع قناتى فمياهى مغرقة
واحذر الأرض فأرضى صاعقة
وعلى أثر ذلك اتصلا بزميلهما الموسيقار على إسماعيل الذى قابلهما فى الإذاعة، وفى نفس الليلة انطلق هذا النشيد مدويا فى سماء مصر كلها، وما كادت الإذاعة تردده حتى هب المواطنيين للدفاع عن القناة بأرواحهم، وقد أصابت الأغنية القوات المعتدية بالرعب، حتى أن مسئولا بريطانيا صرح عبر إذاعة BBC العربية قائلا : " لو استطعنا إرسال عشرين طائرة لاسكات هذا الصوت لما ترددنا فى إرسالها.
ولم يقتصر غناء فايدة للقناة على هذه الأغنية فقدمت أغنية " دهب القنال" كلمات مصطفى عبدالرحمن، وألحان سيد مكاوى والتى تقول فيها:
دهب القنال دهبى ومالي
جابوا حما عزم رجال
وبكرا بالسد العالى نحقق المحال
"هنوا القنال"
وتوالى زحف المطربين على الإذاعة، وكان الشعب المصرى معهم يردد صباح ومساء الأغانى الحماسية التى تتحدث عن القناة، فقدمت المطربة أحلام أغنيتها الجميلة التى لا تذاع إطلاقا "هنوا القنال" كلمات الشاعر الكبير بيرم التونسى وألحان مهندس الألحان محمد الموجى صاحب الرصيد الأكبر فى ألحان القناة ويقول مطلع الأغنية:
هنوا القناة بينا وهنونا
على كنز مفتوح بايدينا
خلى الأجانب من كل جانب
وغريب وهو فى أراضينا

أمم جمال
وعلى ذات الدرب وبشكل مختلف، بعد العدوان الثلاثى مباشرة طلب الرئيس جمال عبدالناصر من الفنان فريد شوقى تخليد كفاح بورسعيد من خلال فيلم سينمائي، يقوم ببطولته نظرا لحب الشعب المصرى لأفلامه، على أن تغنى هدى سلطان أغنية ضمن أحداث الفيلم " كما روت لى هدى سلطان" تتغنى بالقناة، فأنتج فريد فيلمه الشهير " بورسعيد"، وحتى تحقق الأغنية المطلوبة أكبر دوي، بحث فريد شوقى عن الشاعر عبدالله شمس الدين، صاحب الكلمات الحماسية، وصاحب أيضا نشيد " الله أكبر فوق كيد المعتدي"،الذي كان يردد باستمرار في هذه الفترة، وقام الملحن الكبير محمود الشريف بتلحين "أمم جمال لا تخف"،وقدمت هدى الأغنية فى بداية الفيلم بناء على طلب الرئيس، واقتطعت الإذاعة القصيدة من الفيلم وبدأت تذيعها بصفة منتظمة، وتعتبر من القصائد القليلة التى قدمتها هدى سلطان باللغة العربية الفصحى وكانت تقول فى أحد كوبليهاتها:
أمم جمال ولا تخف / أمم جمال
وهاتى البشاير هاتي
ماشاء ربك كان هذه القناة قناتي
حقا على الأزما ستظل ملك حياتي
بالحق والبرهان

صوت الثورة
وفى هذه الفترة تحول عبدالحليم حافظ إلى بركان من الغضب، وقدم العديد من الأغنيات التى ألهبت حماس الجماهير مثل " تحت راية بورسعيد" و" إنى ملكت فى يدى زمامي"، و" ثورتنا المصرية"، وارتبط صوته بأفراح وأحزان بلده، وكانت الأغانى الوطنية سببا فى حب الرئيس جمال عبدالناصر له، حيث كان يعتبره أبنا من أبناء الثورة، لهذا كان من الطبيعى أن يسارع حليم للغناء للقناة، وبعد عودته من بيروت قبل العدوان الثلاثى فى أكتوبر1956، قدم"حكاية شعب" من تأليف أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل التى قدمها فى حفل وضع حجر أساس مشروع السد العالى فى يناير عام 1961 وحكى بصوته قصة الشعب المصرى مع المحتل البريطانى حتى تأميم القنال وانتصار مصر على العدوان الثلاثى فغنى للقناة قائلا:
كانت الصرخة القوية
من الميدان فى اسكندرية
صرخة أطلقها جمال
إحنا أممنا القنال، إحنا أممنا القنال
وفى عيد الثورة الحادى عشر، وتحديدا يوم 23 يوليو 1963 يغنى عبدالحليم حافظ رائعته " الفوازير" كلمات مرسى جميل عزيز، وألحان محمد الموجي، التى حكى فيها بكلمات مختصرة قصة القنال بداية من الحفر وحتى التأميم فقال:
جدى نشاها بإيده بناها / لكن راح فى ترابها ماجاش
فاتها بحالها ومالها لابويا / لكن ابويا ماورثهاش
يسكت ابويا حيعمل ايه؟ / والسجان بالنار حواليه..وأنا
أنا جاء دورى مع الحرية / أنا دم الثورة جرى فإيديا
خذتها منه غصب عنه / وتعب جدى ماراحش بلاش
انتهى عهد الضلال / عاد لنا المال الحلال
يوم ما أممنا ....القنال
وعاد عبدالحليم مجددا فى عام 1966 وفى عيد الجلاء تحديدا، ليقدم واحدة من أبدع أغانيه الوطنية والتى لم تنل حظها من الإنتشار والشهرة بسبب نكسة يونيو 1967 كما قال لى " الخال الأبنودي"، وهى أغنية " الفنارة" كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان عبدالعظيم محمد،والأغنية تتضمن صورة شعرية بديعة عن القنال وبورسعيد الجريحة الفتية المنتصرة، ونظرا لجمال كلمات الأغنية أجبرالأبنودى العندليب الأسمر للتعاون مع الملحن عبدالعظيم محمد، فى التجربة الوحيدة بينهما، وفى هذا الوقت كان حليم لا يتعاون إلا مع عددا محدودا من الملحنيين، لكن نظرا لاقتناع الأبنودى بصديقه عبدالعظيم محمد، وافق عبدالحليم على الغناء لهذا الملحن الشاب، ويومها قال للابنودى ضاحكا: "لا تستغل حبى كثيرا"، ويقول مطلع الأغنية:
يا فنارة لفى المينا خلى السفينة تعدي
وإن سألوكى البحارة إتعاجبي
وأقفى وردى دى قنالنا
ودى أراضينا، اتفضل شوف يا أخينا
لفى ووريه يا فنارة يا سفاين
فوتى فوتى فى قنالنا الحرة
قنديل الغناء المصري
يعتبر المطرب الجميل الرائع محمد قنديل هو أكثر أبناء جيله من المطربيين غناءا لأى مناسبة قومية مرت فى تاريخ مصر المعاصر، لهذا كان من الطبيعى بعد خطاب التأميم أن يسارع ويحكى بصوته ويهدى للجماهير أجمل وأشجى مجموعة من الأغنيات التى تحدثت عن القناة، سواء كانت أغنيات منفردة أو صورا أو برامج غنائية، وكانت البداية مع أغنية " مرشد القنال" كلمات عبدالفتاح مصطفى وألحان عزت الجاهلى والتى يقول فيها:
من بورسعيد للسويس رواح
فايت ع المرة وع التمساح
دى الوقتى انا المرشد وليا قنالي
قولى يا مركب قولى نبهى السواح
وغنى أيضا أغنيته الجميلة"سفينة رايحة وسفينة جاية" التى يغنى فى أحد كوبليهاتها قائلا :
شوف كام سفية معدية رايحة وجاية
متمتعة بالحرية فى بلد أحرار
من قبل ما تخش المينا اى سفينة
دفع الرسوم يصبح لينا
قنالنا نعرف سكاتها واتجاهاتها
ده جدى هو اللى فحتها وأنا خدت التار"
وقدم أيضا أغنية رائعة أخرى باسم " قناة السويس" يقول فى مطلعها:
يا وابور يا معدى ...عدي
دى قنالنا وهدي... هدي
عدي... بحرية يا ريس
دى قنال مصرية يا ريس
وكانت آخر أغنياته المنفردة فى هذه الفترة أغنية بعنوان " يا ريس البحرية" التى يشيد فيها بمجهود رجال البحرية، وسهرهم من أجل راحة الشعب المصري، والتى يقول فيها:
يا ريس البحرية يا مصري
يا ابوالعرق مصرى يا ابوالكفاح عربي
على القنال سهران
يا سهرانيين لاجل ما تعدى العباد
صور غنائية تحتفى بالقناة
وكما ذكرنا فى البداية لم يقتصر غناء"قنديل" على الأغنية التى تتغنى بالقناة فقدم صورة غنائية مدتها نصف ساعة تحمل عنوان " قصة القنال" شعر مرسى جميل عزيز، وألحان أحمد صدقي، وشاركه الغناء سيد إسماعيل، وحورية حسن، وعصمت عبدالعليم، وهى من أجمل الصور الغنائية التى عبرت عن حفر قناة السويس، وفى أحد المقاطع الصورة يغنى محمد قنديل على إيقاع العمال وهم يحفرون القنال :
افتح باب القنال باب الرزق الحلال
عبى وشيل وشيل وعبي
أوعى تقول الحمل تقيل
دق الصخر وشق البحر
وخلى جناين العز تسيل
لجل بلادنا وعز ولادنا كله يهون
وقدم قنديل أيضا برنامجا غنائيا مدته ربع ساعة بعنوان "فرح القنال" كتبه مرسى جميل عزيز، وألحان عزت الجاهلي، وشاركه الغناء "أمال حسين، وعصمت عبدالعليم، وأحمد عبدالله"، والمجموعة، وفيه يقول:
الكورس: شوف عندك يا سلام واتفرج على القنال
من بعد الاحتلال وظلم الإحتلال
قنديل: يا وابور الساعة اتناشر يا مبحرع القنال
يامين يجول لبويا ودعنا الإحتلال
عدينا من هوسنا وفتنا كوبرى أسنا
يا شوق اللى هوتنا من نسمة القنال
يا قطر طير وعدى وعلى القنال
وهدى نقول يا بحر ودى بنسلم ع القنال
وكان آخر برامجه الغنائية عن القناة بعنوان " القنال" كتبه فتحى قوره، وقام بتلحينه على فراج وفيه قدم أغنيته الشهيرة " إدفع الرسوم لمصر" التى يقول فيها:
مصر كانت للقنال/ والقنال أصبح لمصر
يلا هتعدى القنال أدفع الرسوم لمصر
مهر العروسة
ولم يكن الغناء للقناة مقصورا على فترة الخمسينات فقط، ففى بداية الستينات قدمت وزارة الثقافة أوبريت "مهر العروسة" من تأليف عبدالرحمن الخميسى وألحان بليغ حمدي، وتم تقديمه على خشبة دار الأوبرا الخديوية وتدور أحداثه حول قناة السويس منذ حفرها وحتى تأميمها.
وقدم المطرب عبداللطيف التلبانى فى هذه الفترة أغنيته الجميلة "فوق القنال" كلمات الشاعر عبدالسلام أمين، وألحان محمد الموجي.
إعادة الملاحة للقناة
وفى عام 1975 وبعد قرار الرئيس السادات الجرئ بإعادة الملاحة الدولية للقناة ظهرت العشرات من الأغانى تحتفل بالحدث الذى حول القناة مجددا إلى عروس، ففى الحفل الساهر الكبير الذى أقيم فى مدينة السويس فى السابع من يونيو من العام نفسه أى بعد يومين فقط من خطاب الرئيس السادات بمناسبة أعادة افتتاح قناة السويس بعد إغلاق لمدة 8 سنوات، وحضره الرئيس، وقدم فقراته الفنانين " تحيه كاريوكا، نادية لطفي، فريد شوقي، كمال الشناوي، عمر الحريري، عزت العلايلي"، يومها بدأ عبدالحليم حافظ الحفل بأغنيته " عاش اللى قال" كلمات محمد حمزه، وألحان بليغ حمدى التى يحيى فيها الرئيس السادات على قرار العبور وفيها تحدث عن القناة قائلا: " عاش اللى قال للرجال عدوا القنال "، وقدم لأول مرة أغنيته الجميلة "المركبة عدت" كلمات الشاعر مصطفى الضمراني، وألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب والتى يقول فى أحد كوبليهاتها:
ياريس المركب يا ريسنا خطوتنا بيك تكمل
ياريسنا عدينا بيك البحر حطمنا بيك الصخر وبيقينا بيك
قالها الزعيم من غير مايحلف عمر الزعيم مايقول ويخلف
لابد حتعود القناه
وتعود لها تانى الحياه
وادى الامل فوق الشراع جاب كل اللى ضاع
وغنى أيضا من كلمات محسن الخياط وألحان محمد الموجى "النجمه مالت ع القمر" التى يقول فى مطلعها:
النجمة مالت ع القمر فوق فى العلالي
قالت له شايفة ياقمر افراح قبالي
قال القمر بينا نسهر على المينا
ده النور على شط القنال سهران يلالي
وفى هذا الحفل شارك فى الغناء مع العندليب الأسمر " فايزة أحمد، ورده، محرم فؤاد، هانى شاكر، وغنت فايزة أحمد أغنيتين رائعتين الأولى بعنوان " بوابة القنال" كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان محمد سلطان، وفيها تغنت بالقناة فى الكوبليه الثانى قائلة:
أدى القنال، وأدى حكمتها صبرت كتير
مقالتش كلمتها إلا النهارده
أنا شفت ميتها شايلة السفينة
من مدينة لمدينة، صوتها يلون كل أغنية حزينة
لما الرجال جاوبوا على السؤال
اتغيرت أحوال وجت أحوال
وأدى السفاين دخله بوابة القنال
وغنت أيضا أغنيتها النادرة " عاد القنال" كلمات صالح جودت، وألحان محمد سلطان، وقدم محرم فؤاد أغنيتين الأولى " عروسة المواني"، والثانية أغنية مبهجة راقصة الألحان تتغنى على لسان أحد العاملين فى المينا بعنوان " عدينا يا ريس" التى يقول فى نهايتها:
بحر القنال يا خال هلا هلا واصل ما بين بحرين
ماشى يقول موال هلا هلا الله يا ليل يا عين
كلمة سلام تنقال وتسمع الشاطين
ونقول على الأرغول هلا هلا يا ريس عدينا
وشاركت وردة بالغناء احتفالا بالمناسبة فقدمت مع بليغ حمدى وعبد الوهاب محمد أغنية " عقبال الجاى يا أهالينا"، وقد قام عبد الوهاب محمد باستعارة جملة "وأنا على الربابة بغني" من زميلة الشاعر عبد الرحيم منصور، وأدخلها بشكل جميل وطريف فى الأغنية، فقد كان قرار اعادة فتح قناة السويس للملاحة مترتبا على انتصار مصر فى الحرب لذا تمت أعادة استخدام نفس الجملة التى قيلت فى العبور هنا حيث يقول عبد الوهاب محمد :
وفرحنا وضحكت ليالينا عقبال الجاى يا أهالينا وأنا على الربابة بغنى وبقول دا اللى عدانا من الأول، يا ما لسه كمان هيعدينا من مينا لمينا بسلامة"
وقدم هانى شاركت أغنيته العذبة التى لحنها له الموسيقار أحمد فؤاد حسن والتى يقول مطلعها :
عدينا يا ريس عدينا
دى قنالنا ودى أرضنا سينا
وأقبل عدد كبير من المطربيين على المشاركة فى هذا الحدث السعيد فقدم المطرب أحمد سامى أغنية متميزة بعنوان " خمسة يونيو" كلمات عباس الخوسكى وألحان عبدالعزيز السيد، وفيها يعقد مقارنة بين 5 يونيو عام 1967 و5يونيو 1975 ويقول فيها:
شوف خمسة يونيو من خمسة يونيو السنة دى له فرحة تانية
طال انتظارنا ده يوم قنالنا، وشوفنا دنيا غير أى دنيا
فى خمسة يونيو خدوا أرض سينا وقالوا عنها حرب الساعات
وفى خمسة يونيو اول سفينة عبرت قنالنا فيها السادات
طال انتظارنا ده يوم قنالنا
وقدم محمد قنديل أغنيته المبهجة الجميلة"أدى القنال" كلمات سعيد عبدالرحيم وألحان محمود الشريف، توزيع سامى ترك وفيها يقول:
أدى القنال يا مصر زى ما هي
بنت السويس مصرية مية المية
عروسة نقاوة ولا يوم هانت
والزفة ودموع الفرح عربية
وغنت شادية العرب سعاد محمد أغنيتها الجميلة عن القناة " مركب رايحة ومركب جاية والفرحة بترقص ع الميه ألفين مبروك يا سوايسية"، وقدمت عايدة الشاعر بهذه المناسبة أيضا أغنيتها " أفراح القنال" كلمات مصطفى الضمراني، وألحان سيد إسماعيل، وعبرت المطربة شهر زاد عن فرحتها بإعادة الملاحة من خلال أغنيتها "عدى القنال" كلمات سعيد محمد سعيد، وألحان رياض السنباطي، وقدمت مها صبرى أغنية بعنوان " دى بورسعيد ولا عروسة" كلمات صلاح فايز وألحان خالد الأمير، ولحن وغنى الموسيقار سيد إسماعيل من كلمات عبدالرحمن الأبنودى أغنيته الرائعة التى تتغنى على لسان شاب بمبوطى ويقول فيها:
نور الفنارة سألنى إزاى الأحوال
قلت سعيد وبغنى وبيعلا الموال
وما السفينة قالت يلا يا عبدالعال
خدت القارب تانى ونزلت القنال
الأبنودى الحصان الرابح
ومن أجمل أغنيات عودة الملاحة أغنية "حسب الميعاد" كلمات عبدالرحمن الأبنودي ذلك الحصان الرابح فى أغنيات عودة الملاحة، وألحان كمال الطويل حيث مزج الأبنودى الوطنى بالعاطفى فى مشهد رائع لفتاة تعود للقاء حبيبها على المينا حسب الميعاد بينهما، وفى هذه الأغنية وكما قال لى الأبنودى أنه كان يرد على نفسه، فعندما قدم أغنية "بيوت السويس" للمطرب محمد حمام،وكان متفائلا وقال :" والله بكره يا عم أبورية لها نضحك وإحنا ماشيين سوية ع المينا، وهتاخد بنتك وابنك ومراتك ونعدى على نفس المعدية"البعض أعتقد أن تفاؤله ليس له أساس، فعندما عادت الملاحة قدم أغنية " حسب الميعاد" إهداء منه لبعض المتشككين وقال فيها:
زغروطة يا موج القنال زغروطة
جينا الليلة نكمل الحدوتة
بنقابل اللى غايب وفرحوا الحبايب
وتنور الفنارة وأمشى أنا وحبيبي
حوالين المينا تاني، ياشمس الحزن غيبى يا شمس الفرحة باني
شادية تغازل السادات
وكان من الطبيعى أن تجد "صوت مصر" شادية فى هذه المناسبة السعيدة فغنت أغنيتين الأولى" البحر الأبيض" كلمات صلاح فايز وألحان خالد الأمير، والثانية "خمسة وخميسة" كلمات نبيلة قنديل وألحان محمد الموجي، وفى هذه الأغنية غازلت شادية وعلى غير عادتها فى كل أغانيها الوطنية الرئيس الراحل أنور السادات ووضعت أسمه فى جملة " نور أنور" فقالت:
قام الفنار نور أنور من الأول
واللنش متزوق والزفة حتطول
والنصر قال للسويس اتغطى بوشاحي
حلف بيكى القنال والليلة صباحي"
وتتوالى الأغنيات التى تسطر ملاحم القناة من جيل إلى جيل، ولا تتوقف عند واحد منها، فقد قدمت المطربة الشابة فى هذا الوقت عفاف راضى أغنية بعنوان "زفة العروسة" من كلمات محسن الخياط وألحان محمد الموجى التى يقول مطلعها:
عروسة بيضا كفوفها متحنية
شاورتلى رديت السلام بعيني
طالعة القنال ، نازلة القنال
والفرحة طايرة بجناحين ع الميه
ومازال بحر الغناء للقناة متواصلا فمن أيام قدم مجموعة من المطربيين أغنيات لمشروع القناة الجديدة، من هؤلاء " مدحت صالح وأمال ماهر وخالد عجاج وشعبان عبدالرحيم، وأيات نبيل، ومجد القاسم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.