فى عام 1974 كان «مهاتير» مدير إحدى المدارس بماليزيا ضيف شرف فى حفل افتتاح مدرسة.. قام مهاتير فى ذلك الحفل بطرح فكرة عمل مسابقة للمدرسات وليست للطالبات، وهى توزيع بالونات على كل معلمة لتربطها فى قدمها، وبالفعل قامت كل معلمة بنفخ البالونة وربطها فى قدمها ثم جمعهن وقال: لدى مجموعة من الجوائز وسأبدأ الآن بحساب دقيقة واحدة فقط وبعدها ستأخذ كل معلمة ما زالت محتفظة ببالونتها جائزة.. بدأ الوقت وهجمت كل واحدة على الآخرى كل منهن تريد تفجير بالونة الأخرى حتى إنتهى الوقت.. وقف مهاتير بينهن مستغربا وقال لم أطلب من أحدكن تفجير بالونة الأخرى.. ولو أن كل واحدة وقفت مكانها بدون اتخاذ قرار سلبى ضد الأخرى لنالت كل واحدة منكن جائزتها ولكن للأسف كل واحدة فكرت فى النجاح على حساب الأخرى وتدميرها، مع أن نجاحك لا يستوجب فشل الأخريات والنجاح متاح للجميع.. كيف ستعلمون بنات المدرسة إذن؟ أما فى عصرنا الحالى فنجد الأمثلة كثيرة.. فسناء الموظفة بإحدى شركات القطاع الخاص تقول: لم أكن أعمل لمدة 9 سنوات بعد أن تخرجت فى كلية السياسة والإقتصاد.. وأخذت صديقتى الحميمة فى الإلحاح على منذ عامين أن أتقدم للعمل معها فى نفس الشركة التى تعمل بها، وبالفعل تم قبولى بعد أن توسطت لى هى بسبب مركزها المرموق فى الشركة.. وبعد أشهر قليلة بدأت تحاربنى وكأنها عدوتى، بدأت التى كانت سببا فى حصولى على العمل فى محاربتى بشتى الطرق وكانت تغار منى كلما أثنى على رؤسائى فى العمل، ونجحت فى أن تجعلنى أفقد وظيفتى وفقدت صداقتى لها أيضا. ليلى 45 عاما موظفة تقول: علاقتى بزملائى فى العمل مختلفة تماما عن زميلاتى فكل زملائى فى العمل يحترموننى ويقدرون مجهودى فى العمل أما زميلاتى فيكهرهوننى ويدبرن لى المكائد دائما وأنا لا أعرف هل العيب منى أم منهن! هل بالفعل تحارب المرأة زميلاتها دونا عن الرجال؟ ولماذا تنعدم فكرة فريق العمل عند النساء بنسبة كبيرة؟ ولماذا تختار النساء رجالا فى المجالس التمثيلية وتخذل اخواتهن المرشحات؟ أسئلة كثيرة طرحناها على دكتورة فيفيان أحمد فؤاد أستاذ علم النفس كلية الآداب جامعة حلوان فأجابت أن المرأة تمتلك مشاعر الغيرة من الأنثى منذ الطفولة.. وتاريخ الدراسات النفسية يؤكد ذلك فأمامنا عقدة أوديب والكترا حيث تغار الطفلة الأنثى من أمها.. وتشب هذه الطفلة وتصبح فتاة فترى الأم تغارعلى زوجها من النساء الأخريات، ثم تنضج الفتاة وتصبح موظفة أو عاملة فتبدأ فى التعبير عن غيرتها بمختلف مظاهر العدوان للإناث الأخريات وخاصة عندما تكون قليلة الثقة بنفسها أو شديدة الغرور.. فتبدأ فى التعبير عن غيرتها بإطلاق الشائعات نحو زميلاتها أو تشترك فى أحاديث الغيبة والنميمة وربما تستخدم سلطاتها فى الإطاحة بمن تغار منهن. المجتمع الشرقى تضيف د. فيفيان أن غيرة النساء من مثيلاتها نجدها أكثر وضوحا فى مجتمعاتنا الشرقية لأنها مجتمعات قائمة على التمييز بين النوعين.. ولكن هذا لا ينفى وجود الغيرة فى قلب الأنثى عموما شرقية كانت أم غربية، وربما إذا طرحت سؤالا على أى موظفة وهو: هل تفضلين أن يكون رئيسك رجلا أم امرأة؟ فيقع اختيار النساء دوما على الرجل.. والاختيار هنا ليس لمجرد أن النساء لم يحصلن على الثقة الكافية لوجودها كرئيسة ولكن من باب الغيرة فقط. الحل أما عن الحلول فتقول : يجب أن تبدأ من الجذور فعلى الأم تربية الأبناء على مبدأ المساواة بين الجنسين وتنمية سلوك المنافسة الشريفة وليس الغيرة ويكون ذلك من خلال المشاركة فى أنشطة اجتماعية وتنمية الروح الرياضية بين الأبناء وعليها تعريفهم أن هناك حتما فائز وخاسر ولا مجال للغيرة من الفائز ولكن الأهم تنمية القدرات بصورة تسمح للفوز المرة القادمة، وعلى الأم التقليل من الصراعات والتوترات فى التفاعل مع الأشخاص خاصة أمام الأبناء، وأخيرا تنمية الوازع التدينى الذى يحض بصفة مستمرة على احترام المرأة التى كرمها الله.