عندما يتحدث أصحاب المشكلة، فعلى الجميع الصمت والاستماع لما يقال، حيث كثر الحديث فى الفترة الأخيرة عن ضرورة تطبيق الدمج المدرسى للأطفال ذوى الإعاقة حتى يتفاعلوا مع أقرانهم فى المجتمع، ولكن لم يقدم المطالبون بذلك تصورات يمكن تطبيقها ترضى جميع الأطراف من أشخاص ذوى إعاقة وأولياء أمور ومدارس سيطبق فيها نظام الدمج .. لذلك التقت صفحة «صناع التحدى» إبراهيم عمارة – كفيف ويعد رسالة ماجستير فى الإعلام – الذى شخص المشكلة ووضع طرق علاجها. يقول: قد يتساءل البعض لماذا نسعى لدمج المعاقين في مدارس العاديين! ويذكرون أن الأفضل لكل فئة من ذوي الإعاقة أن تتلقى التعليم في مدارس خاصة بهم حتى تقدم لهم خدمة أفضل وأكثر ملاءمة لظروفهم، إلا أن ذلك يقابله من يرى أن المعاق سيضطر للسير مسافات طويلة حتى يصل لتلك المدارس المتخصصة في إعاقة بعينها ومعظمها في المدن الكبرى، وهذا ما جعل بعض الأسر تتراخى عن تعليم أبنائها المعاقين، كما أن تخصيص مدارس للمعاقين كرس لحالة من العزلة والتصنيف بل قلل الرفض الاجتماعي للمعاقين، فأحيانا عندما يرى أحد المارة شخصا معاقا في الطريق إما لا يعرفه أو لو إستطاع التعرف عليه وعلى إعاقته قد لا يحسن التعامل معه والغريب أنه أحيانا يخاف منه، والسبب في ذلك أن كل شخص عاش في جزيرة معزولة فترة طويلة، وعندما خرج من هذه الجزيرة، لم يعرف كيف يتعامل كل منهم مع الآخر، فالمشكلة مردها لسنوات العمر الأولى تلك المرحلة التي تتشكل فيها المفاهيم الأولى لدى الطفل ومنها كيفية التعامل مع ذوى الإعاقة، وعندما نلاحظ بعض التجارب التي تمت في بعض المدارس المصرية نجدها تجارب غير فعالة لأنها لا تلتزم بالأسس والمعايير العلمية لتنفيذ الدمج. مكان الدراسة ويضيف: الفكرة ليست مجرد وضع مجموعة من الأطفال العاديين مع مجموعة من الأطفال المعاقين في نفس الفصل الدراسي، إنما ينبغي إعداد مكان الدراسة ككل ليناسب كل الأطفال، بداية من بوابة المدرسة، وانتهاء بدورات المياه مرورا بالسلالم التي ينبغي أن يكون إلى جوارها رامبات تصعد عليها الكراسي المتحركة، وأن يراعى أن تكون الفصول الدامجة في أدوار أرضية، وليست في أماكن مرتفعة، حتى لو اضطرت المدرسة لتنفيذ بعض الحصص الدراسية في أدوار عليا فعليها توفير وسائل مناسبة لصعود الأطفال ذوي الإعاقة سواء باستخدام الرامب أو بالاستعانة بالمصاعد الكهربائية حتى إن دورات المياه يجب أن تلتزم بكود الإتاحة ليدخل فيها الكرسي بسهولة هذا عن المعاق حركي، أما الطفل الكفيف لابد أن توفر المدرسة له وسائل معينة كالعصى البيضاء وتدربه على الأسلوب الأمثل لاستخدامها فضلا عن تمهيد الطريق له فلا يكون الطريق المؤدي للفصل به كسور أو مائل ولا يتم وضع عوائق في منتصف الطريق كزراعة أشجار أو وضع صناديق القمامة أو نافورات أو أماكن لجلوس الطلاب وإذا تم تغيير أي مكان أو غرفة في المدرسة، فيجب إخبار الطفل الكفيف بذلك والأفضل أن يتم تثبيت لوح مكتوب عليها بطريقة بريل أسماء الحجرات والفصول تعلق في مستوى يسهل على الكفيف لمسه، ويمكن أن يتم تثبيت حبال على الأسوار يمسك بها الكفيف ليهتدي بها في الطريق يعرف من خلالها بداية الأسوار وأماكن السلالم والحجرات, أما الطفل الأصم فيمكن أن نضع له لوحات إرشادية في المدرسة بلغة الإشارة هذا عن البناء. برامج تدريبية ويوضح: بالنسبة للمعلم الذي يقوم بالتدريس لأطفال معاقين مع أطفال عاديين فيجب إعداده إعدادا جيدا من خلال برامج تدريبية على كيفية التدريس لتلك الفئات ويجب أن يتعلم طريقة بريل الخاصة بالمكفوفين ولغة الإشارة الخاصة بالصم فهو يشرح الدرس على السبورة للمبصرين ولبعض من الصم الذين يفهمون الكتابة العادية ويقدم شرحا بلغة الإشارة للأطفال الصم، كما يشرح بصوته الدرس حتى يتابعه الأطفال المكفوفون، والأهم من ذلك أن يتم تدريب المعلم على الجوانب النفسية والتربوية للتعامل مع ذوي الإعاقة، فلا يخاطبهم كفئة مختلفة عن زملائهم العاديين ولا يستخدم عبارات مثل «شيفين» فينزعج المكفوفون أو «سمعين» فينزعج الصم، ولكي يتحقق ذلك يجب توفير أدوات مساعدة للمعلم تمكنه من أداء مهمته بشكل جيد بأن يتاح له السبورة الذكية التي تحول الكلام المكتوب للغة الإشارة فتوفر عليه الترجمة للغة الإشارة، ففي الوقت الذي يعرض المادة المكتوبة للأشخاص المبصرين ويسمعها المكفوفون يرى الصم المادة المترجمة للإشارة، كذلك يجب أن يتوفر المحتوى الدراسي للطلاب بالأسلوب الذي يتناسب مع إعاقتهم سواء بطريقة برايل للمكفوفين أو الخط الكبير لضعاف البصر أو بلغة الإشارة للصم. إزالة الفروق ويختتم حديثة قائلا: يجب تأهيل الأطفال - المعاقين والأصحاء- لتحقيق الدمج بصورة صحيحة من خلال تقديم برامج تسهم في إزالة الفروق وتنمي بينهم الحب والصداقة والتعاون المتبادل كما يجب تربيتهم نفسيا واجتماعيا حتى يتقبلوا بعضهم البعض ولا يؤذوا أصدقاءهم, والمهمة الأكبر في ذلك ملقاة على عاتق الأسرة التي يجب أن تبدأ أولا بقبول فكرة أن يندمج ابنهم العادي مع طفل معاق فأحيانا المشكلة تنبع من رفض الأسر تلك الفكرة ومن ثم يتعاظم دور الأسرة مع الطفل بعد عودته من المدرسة للتأكيد على أهمية أن يعاون صديقه المعاق وأن يعتبره شريكا له وانه إنسان عاد مثله فإذا لم يكن لدى الأسرة الحد الأدنى من الوعي بذلك فستتحطم الجهود التي يبذلها المعلم مع الطفل في المدرسة، وإذا كنا نبحث عن السبب الحقيقي وراء إخفاق التجربة المصرية في تحقيق الدمج في المدارس فيمكن القول إن الثقافة المجتمعية هي السبب لأنها ترسخ لعزلة المعاق وإقصائه عن المجتمع باعتباره إما شخصا معطلا بلا قدرات أو أنه ناقص، وهذا النقص معد، فيجب عزله حتى لا يصيب الأشخاص العاديين،وربما ذلك نتيجة لمناهج تربوية ضعيفة، وخطاب ديني «سطحى» وأداء إعلامي متخاذل، فجميعهم لم يأخذوا بيد المجتمع نحو تحقيق دمج المعاقين، إنما رسخوا لصورة ذهنية سلبية لذوي الإعاقة.