اتسمت تصريحات وفد الكونجرس, الذي زار مصر الأسبوع الماضي برئاسة السيناتور جون ماكين, بقدر كبير من الدبلوماسية, علي عكس التصريحات النارية السابقة لعدد من أعضاء المجلس نفسه, ومن بينهم ماكين, علي خلفية أزمة إحالة19 أمريكيا من العاملين في منظمات المجتمع المدني بمصر إلي المحاكمة. فقد أكد ماكين أن زيارته والوفد المرافق له كانت مقررة قبل التوتر الأخير في العلاقات بين البلدين, وأنهم لم يأتوا للتفاوض في هذه المسألة لأنهم يتركون تلك المهمة للسفارة الأمريكية ووزارة الخارجية المصرية. الوفد الأمريكي استخدم لهجة مختلفة عن لهجة التهديد السابقة, التي كان قطع المعونة الأمريكية عن مصر أحد مفرداتها. و تجلت هذه اللهجة الجديدة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الوفد علي هامش زيارته للقاهرة, حيث قال السيناتور جون ماكين, الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة المعهد الجمهوري الدولي أحد المنظمات المتورطة في قضية التمويل: نتحلي بالتفاؤل الحذر تجاه هذه القضية, ولا أعتقد أن الوضع الصعب الذي يوجد فيه الأمريكيون المتهمون يسمح لنا بتوجيه تهديدات, لكننا نسعي لإقرار المبادئ والمصالح المشتركة بين الولاياتالمتحدة ومصر. بل إن ماكين اعترف بأخطاء ارتكبتها الإدارة الأمريكية والكونجرس في التعامل مع مصر في الماضي قائلا: أعتقد أن الإدارة الأمريكية والكونجرس عملا في الماضي بشكل غير سوي مع مصر. وفي محاولة لتبرير أسباب زيادة عدد منظمات المجتمع المدني العاملة في مصر ومنها الأمريكية- حمل ماكين النظام السابق المسئولية عن ذلك, حينما قال: النظام السابق وارتفاع الأصوات المطالبة بحقوق الانسان هما السبب وراء ازدياد عدد منظمات المجتمع المدني في مصر. وأشار إلي أن عددا من نواب مجلس الشعب, وعدوا خلال لقائهم وفد الكونجرس الأمريكي بالعمل علي سن تشريع جديد خاص بمنظمات المجتمع المدني, يخفف من القيود التي كانت مفروضة عليها في عصر الرئيس السابق حسني مبارك. إن طريقة حديث وفد الكونجرس الأمريكي عن أهمية العلاقات مع مصر بالنسبة لأمريكا, تشير إلي أن معظم التصريحات النارية, التي يطلقها المسئولون الأمريكيون عن قطع المعونات لا تعدو كونها تصريحات للاستهلاك المحلي الأمريكي, خصوصا قبل أشهر قليلة من سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة. وعلي الرغم من تلك اللغة المهادنة لوفد الكونجرس الأمريكي خلال زيارتهم للقاهرة, إلا أن أحدهم, وهو السيناتور ليندسي جراهام, أراد تمرير رسالة بطريقة غير مباشرة, تفهم من بين السطور, مفادها أن الإجراء المتخذ في قضية منظمات المجتمع المدني يحركه دافع سياسي, وأن هذه المنظمات والعاملين بها ليس لديهم أجندة للعمل كجواسيسأو أن يعملوا علي تقسيم مصر, وأشار جراهام إلي أن كثيرا من المصريين يرون أن القضاء لم يكن مستقلا في عصر مبارك, لكنه استدرك: من المهم أن نؤيده الآن كخطوة علي الطريق الصحيح.