ما نشرته وزارة الخارجية البريطانية على موقعها الالكترونى بشأن نصائحها لمواطنيها حول السفر إلى مصر يدعو إلى الدهشة ويثير التساؤلات حول حقيقة موقف بريطانيا من السياحة إلى مختلف مقاصدنا السياحية ومدى رغبتها فى دفع عجلة الاقتصاد المصرى-واقع الحال يقول أن حجم الحركة السياحية فى شرم الشيخوالغردقة وصل إلى معدلات مرضية تماما وأن مصر بدأت بالفعل فى اتخاذ خطوات جادة نحو بسط الأمن فى جميع ربوعها وأن الأفواج السياحية فى مصر تقضى أجازتها دون ما يعكر صفو إقامتها-إذن ما الداعى لهذا التحذير الذى تم تحديثه قبل انعقاد بورصة لندن الدولية للسياحة بيومين فقط. الصيغة الجديدة التى وضعتها الخارجية البريطانية نجحت إلى حد بعيد فى بث الخوف والتردد فى نفوس صناع القرار السياحى فى بريطانيا حتى إنهم طالبوا وزير السياحة هشام زعزوع بضرورة التدخل لدى الخارجية البريطانية من أجل إعادة صياغة هذا التحذير. وبالفعل عقد زعزوع اجتماعا عاجلا مع وزير الدولة البريطانى لشئون الشرق الأوسط حيث طالبه بضرورة تعديل صيغة التحذير وإبراز التطور الإيجابى حول السياحة المصرية خاصة أن الأمور فى مصر تسيير نحو المستقبل وأن رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسى يولى ملف الأمن أهمية خاصة.
وعرفت من الوزير أيضا أن شركات السياحة الانجليزية طالبته بهذا التدخل لرغبتها فى تنظيم رحلات نيلية طويلة من القاهرة حتى اسوان ولتنفيذ هذا البرنامج يجب تعديل التحذير البريطانى الذى يضم مناطق عديدة تقع فى مسار هذه الرحلة.
وفى الجناح المصرى داخل بورصة لندن سادت حالة تأرجحت بين التفاؤل والحذر بين مسئولى القطاع السياحى المشارك فى بورصة لندن الدولية للسياحة والتى تعد أكبر تجمع سياحى فى العالم بعد بورصة برلين- ومرجع حالة التفاؤل هو إقبال منظمى الرحلات الانجليز على إبرام التعاقدات لتنظيم رحلات إلى مدن الغردقةوشرم الشيخ..أما حالة الحذر والترقب فتعود إلى عدم قدرة شركات السياحة الانجليزية على إتخاذ قرار حاسم بشأن إعادة الأقصروأسوان على خريطة برامجها مرة أخرى وذلك لعدد من الأسباب لعل من أهمها ارتباطها بالمزارات الأثرية بالقاهرة التى تمثل عنصرا هاما لبرامج السياحة الثقافية وكذلك عدم وجود خطوط طيران يمكن الاعتماد عليها فى تنظيم البرامج السياحية من السوق الأنجليزية إلى هذه المنطقة.
ولكن ما يدعو للدهشة ما قاله لى وزير السياحة هشام زعزوع من أن منظمى الرحلات الذين قابلهم أبدوا تخوفهم من تنظيم رحلات للأقصر وذلك بعد التعويضات الضخمة التى تحملوها لصالح السائحين نتيجة غلق هويس قنا عام 2012 مما تسبب فى إلغاء الرحلات التى تعاقدوا عليها وكان ذلك لإضرابات عمال الرى وكذلك تخوفهم من تكرار حوادث قطع الطرق وجرائم الثأر التى شهدتها أسوان مؤخرا.
ولاأستطيع أن أقول أن الأقصر تعانى من هذه المشكلة بسبب هذه المشاكل فقط بل أن هناك خطأ تاريخيا أرتكبه المسئولون عن السياحة المصرية خلال السنوات السابقة حيث قاموا بربط القاهرةبالأقصروأسوان ضمن برنامج سياحى واحد يزور خلاله السائح المناطق الأثرية الموجودة فى هذه المدن-والآن نتيجة لوجود بعض المشاكل بالقاهرة فقد توقف البرنامج تماما ودفعت الأقصروأسوان الثمن وتوقفت فيها الحركة السياحية مما أدى إلى قطع أرزاق الآلاف من أهالينا فى الأقصروأسوان. وزارة السياحة قد بدأت بالفعل فى تغيير هذه الاستراتيجية بإخراج القاهرة من هذا البرنامج لتحل مدن الغردقة ومرسى علم محلها بحيث يقوم السائح بقضاء ثلاث ليالى فى الرحلات النيلية يزور خلالها المناطق الأثرية بالأقصروأسوان وأربع ليالى بالغردقة أو مرسى علم. وبالفعل بدأت شركات السياحة المصرية فى تسويق هذا البرنامج ولكنها صدمت ببعض العقبات والتى من أهمها ارتفاع تكلفة استخدام مطار مرسى علم والذى تديره إحدى الشركات الكويتية بنظام ال POT. وهو الأمر الذى رفضه منظمو الرحلات السياحية فى كل دول أوروبا وليست إنجلترا فقط لذلك طالب العديد من المستثمرين بالقطاع السياحى بضرورة قيام الدولة بإنشاء طرق بديلة وآمنة تربط بين البحر الأحمر ومدن الصعيد وقد علمت من محافظ الأقصر أن هناك خطة شاملة وضعها بالتعاون مع كبرى المكاتب الأستشارية-وذلك بعد ضم مدينة مرسى علم إلى كردون مدينة الأقصر فى المخطط الجديد للمحافظات-لإنشاء طرق جديدة وتطوير الطرق الحالية لربط المقاصد السياحية فى البحر الأحمربالأقصروأسوان مع توفير الخدمات المطلوبة على طول طريق إدفو مرسى علم الذى يبلغ طوله 117 كيلو مترا. وزير السياحة هشام زعزوع أبدى تفاؤلا حذرا تجاه إقبال منظمى الرحلات الكبار على السياحة الثقافية ولكنه أكد أنه لأول مرة منذ توليه حقيبة السياحة يشعر بأن أصحاب القرار السياحى فى العالم قد بدأوا يطرحون فكرة إعادة البرامج إلى الأقصروأسوان مرة إخرى خلال الموسم المقبل مشيرا إلى أن العام الماضى كانوا يرفضون نهائيا الحديث حول هذا الملف. وقال الوزير أن كرة الثلج بالنسبة للأقصر وأسوان بدأت فى الذوبان وظهر فى الأفق أمال عريضة وخيرا ستبدأ بشائره خلال شهر فبراير القادم حيث ستستقبل الأقصر 8 رحلات اسبوعيا من السوق الألمانى والذى وصفه الوزير بأنه الأكثر جرأة من الأسواق الأخرى. واكد الوزير فى تصريحاته التى خص بها الأهرام على هامش بورصة لندن الدولية للسياحة WTM انه سيجرى اجتماعات مع مسئولى الشركة الوطنية للطيران من أجل زيادة عدد الرحلات إلى الأقصروأسوان أو زيادة حجم الطائرات الموجودة. وقال أن شركة «موتارك» الأنجليزية وهى شركة طيران منخفض التكاليف سوف تبدأ فى تيسير رحلات إلى مدينة الأقصر فى منتصف ديسمبر المقبل. وكان اكثر من 65 شركة سياحية وفندقا حضروا إلى العاصمة البريطانية لندن وكلهم أمل أن تعود الحركة السياحية من هذه الدولة الكبرى إلى سابق عهدها-ودارت لقاءات عديدة مع شركائهم الإنجليز وبدا فى الأفق حالة من التفاؤل والأمل ولكنهم أبدوا تخوفهم من تأثير أحداث شمال سيناء على شرم الشيخ ولذلك طالبوا بأن تقوم وزارة السياحة بإحياء الحملة التسويقية الخاصة بتسويق شرم الشيخوالغردقة على أنها ساحل البحر الأحمر وذلك تحت عنوان «ريفيرا البحر الأحمر»وذلك لتخرج من عباءة ما يحدث فى سيناء خاصة أن المسافة بين هذه المدن بعيدة تماما عن احداث العنف. رسائل عديدة أرسلها القطاع السياحى المصرى خلال لقاءاتهم المهنية وهى أن العمليات الارهابية التى تحدث بين حين وآخر وعلى فترات متباعدة تنحصر فقط فى شمال سيناء وعلى الحدود الفاصلة مع قطاع غزة الفلسطينى وان هذه المنطقة بعيدة تماما عن مدن شرم الشيخ ودهب وطابا والتى تقع جميعها فى نطاق محافظة جنوبسيناء. كما أن منطقة شمال سيناء والتى بدأ الجيش المصرى بالفعل فى تطهيرها من المجموعات المتطرفة تخضع لإجراءات حظر السفر الذى فرضته دول أوروبا منذ ثورة ال 25 من يناير عام 2011 وبالتالى لا توجد أصلا بها حركة سياحية تذكر.وليس هذا فحسب بل أهم ما تناولته هذه الرسائل أن هذه العمليات الأرهابية لم تستهدف يوما سائحين. نبذة عن السياحة الأنجليزية شهد عام 2011 ارتفاعاً طفيفاً فى السياحة الخارجة من السوق الانجليزى للعالم بعد انخفاض واضح خلال الفترة بين عامى 2007 و 2010 و يرجع ذلك إلى آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على انخفاض معدلات الإنفاق السياحى العالمى.. (المصدر: مصر، منظمة السياحة العالمية). أما بالنسبة إلى أهم المقاصد السياحية التى قصدها الانجليز فى عام 2013 ، فقد جاءت أسبانيا والولايات المتحدة وإيطاليا فى المراكز الثلاثة الأولى كما تراجعت مصر من المركز التاسع فى عام 2010 (1455906 سائح) إلى المركز العاشر فى عام 2013 (955344 سائح) (المصدر:WTO). ومن الملاحظ أن الانخفاض الملحوظ فى السياحة الخارجة من السوق الانجليزية قد أثر على السياحة الخارجة لأهم المقاصد السياحية للانجليز خلال عامى 2012، 2013 . حيث أن هناك بعض المقاصد التى استفادت من الوضع المصرى حيث زادت اعداد السائحين الوافدين إليها بنسب كبيرة مثل كرواتيا وتونس والمغرب ومالطا والبرتغال كمنافسين لمصر. ومن أهم المقاصد المصرية للسوق البريطانية، شرم الشيخ حيث تستحوذ على 58 إلى 60 % من إجمالى رحلات الطيران من السوق البريطانية، تليها القاهرة (رحلات منتظمة) ثم الغردقةوالأقصر.