تباينت آراء السياسيين وشباب الثورة حول ضرورة وجود قانون للعزل. فبينما يرى السياسيون أن الاحتكام لابد أن يكون لإرادة الناخبين، مستشهدين بالتجربة التونسية، يرى شباب الثورة ضرورة وجود قانون للعزل وتهيئة الأجواء لتفعيل العزل الشعبى بشكل سليم. رفض د. كمال حبيب، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية وجود قانون للعزل السياسي، مؤكدا أنه لا يصح وجود سلطة فوقية أعلى من إرادة الجماهير، مدللا على نجاح التجربة التونسية برفضها للعزل بقانون أو بنص دستوري، محذرا من وجود قانون يتم تطبيقه بطريقة انتقائية فى ظل الاستقطاب المتصاعد بالمجتمع، مشيرا إلى تجربة الإخوان السيئة مع قانون العزل الذى أبطلته المحكمة الدستورية، معتبرا أن نصوص القانون التى حكمت بأن من يصدر ضده حكم قضائى نهائى يثبت ارتكابه لجرائم يُحرم من حقوقه السياسية كافية . وحذر حبيب من خطورة الدعوات المطالبة بعزل فصيل الإسلام السياسى بأكمله نظرا لوجود ذلك الفصيل ضمن نسيج الواقع المصرى سياسيا واجتماعيا، مشيرا إلى أنه يضم تيارات واتجاهات متعددة تختلف فى مواقفها السياسية .وعزل الفصيل بأكمله سيؤدى لمزيد من العنف . واعتبر شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار أن العزل السياسى المطلق دون ارتكاب جريمة بداية لحرمان المواطنين من حقوقهم السياسية وضد مبادئ الثورتين، مشيرا إلى أن الدستور كان واضحاً فى تلك القضية، مؤكدا أن الإرادة الشعبية هى الفيصل. اتفق معه ياسر الهضيبي، مساعد رئيس حزب الوفد، معتبرا أنه لو تم عزل الإخوان وفلول الوطنى فإنه بذلك سيتم عزل قطاع كبير من مصر، وأن القانون لا يحرم أحدا من ممارسة حقوقه إلا إذا سبق ارتكابه جريمة وصدر ضده حكم قضائى بات، مضيفا الشعب هو صاحب القرار وفقا للدستور. فمثلا إذا كان هناك مرشح عن الحزب الوطنى الذى قامت عليه الثورة وتقدم للانتخابات البرلمانية وانتخبه أهالى دائرته مرة أخرى رغم كل ذلك فهذا يدل على أنه شخص جيد ومناسب، ولعل تجربة تونس خير مثال على ذلك. من جهته يرى محمد عرفات، عضو المكتب السياسى لحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى أن المشكلة لا تكمن فى وجود قانون للعزل بقدر ما تكمن فى قانون الانتخابات الحالي، مضيفا فى ظل القانون الحالى لن يكون هناك برلمان قوى قادرعلى القيام بدوره التشريعى والرقابي، و ربما يستبدل بالفلول آخرون يتبعون نفس السياسات لأنه تم انتخابهم بنفس الطريقة سواء وجد قانون للعزل أم لا. على جانب آخر طالب عدد من شباب الثورة بضرورة وجود قانون للعزل. حيث طالبت مها ابوبكر، عضو المكتب السياسى لحركة تمرد الرئيس باستخدام صلاحياته التشريعية لإصدار قانون فى إطار تطبيق العدالة انتقالية لعزل فلول الإخوان والوطنى نظرا لأهمية وخطورة البرلمان المقبل لأنه المنوط به ترجمة الدستور لتشريعات، وبالتالى ترجمة أهداف الثورة لنصوص يمكن تطبيقها على أرض الواقع، مشددة على أن صوت الشعب سيظل هو الفيصل . ورفض محمد فاضل، منسق شباب حركة كفاية, السماح لفلول النظامين السابقين بالعودة للحياة السياسية مرة أخري، مؤكدا وجود مسئولية أساسية على عاتق السلطة لحماية الثورة من أعدائها ومنعهم من التحايل والعودة بالانتخابات ، مضيفا هناك أحكام قضائية نهائية بحل الحزب الوطنى وحزب الحرية والعدالة. وتنفيذ هذه الأحكام يقضى بالعزل السياسى لقيادات هذين الحزبين وعدم السماح لهم بالترشح فى أى انتخابات. وما يؤكد ذلك الحكم الصادر من قضاء مجلس الدولة فى 11/11/2011 الذى انتهى لاستبعاد فلول الحزب الوطنى من الترشح فى الانتخابات، وأكد فى حيثياته أن حل الحزب لا يقتصر على مقاره وإنما يمتد لقياداته وكوادره وأعضائه. وحيث أن هذه الأحكام نهائية فإنه لزاما على السلطة الحالية أن تبادر بتنفيذها وإلا فإنها ترتكب جريمة عدم تنفيذ حكم قضائي,.وأن تنفيذها هو حماية لثورتى 25 يناير و30 يونيو من أعداء الشعب (نظامى مبارك والإخوان)من خلال إسقاط أدواتهم وعزلهم من الحياة السياسية .وأيضا لزاما على السلطة الحالية تفعيل القانون رقم 131 لسنة 2011 الخاص بإفساد الحياة السياسية والذى سيحاسب كل من أجرم بحق الشعب والوطن ويعيدهم لأماكنهم الطبيعية خلف السجون. واتفق معه محمد فؤاد، المتحدث باسم حركة 6 إبريل الجبهة الديمقراطية، مؤكدا ضرورة وجود قانون بجانب العزل الشعبي، مشيرا إلى تطبيق ذلك فى دول أخرى تبنت آليات العدالة الانتقالية ، معتبرا أن غياب هذا القانون سيسهل من عودة رموز النظامين السابقين وإعادة إفساد واستغلال للحياة السياسية مرة آخري، مؤكدا ضرورة تهيئة الأجواء لتفعيل العزل الشعبى عبر خلق مناخ ديمقراطى حقيقى بعيدا عن الاستقطاب وتشويه الإعلام لرموز الثورة مما يؤثر سلبا على وعى الجماهير ولا يشجع على وجود عزل شعبى فعال.