وزيرا البترول والكهرباء يتفقدان مركز التحكم بالشبكة القومية للغاز الطبيعي    ميناء دمياط يستقبل 5 أوناش رصيف عملاقة لمحطة الحاويات «تحيا مصر 1»    أسعار الحديد في السوق المصرية اليوم 13-6-2025    الطاقة الذرية الإيرانية تكشف عن تلوث داخل منشأة نطنز النووية    مقتل 7 قادة عسكريين و6 علماء إيرانيين في الهجوم الإسرائيلي    السعودية وقطر تستضيفان ملحق تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم    اتحاد الكرة ينعى سمير الغزناوي لاعب المصري البورسعيدي    ضبط 51.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تعليم جنوب سيناء يعقد اجتماعا طارئا لمناقشة استعدادات امتحانات الثانوية العامة    أنشطة وورش متنوعة لأطفال روضة السيدة زينب احتفالا باليوم العالمي للعب    كل ما تود معرفته عن الدورة ال45 للمعرض العام للفن التشكيلي    وزارة الطيران: المجال الجوي المصرى آمن ويعمل بشكل طبيعي    قبل موقعة إنتر ميامي.. الأهلي "كابوس" أصحاب الأرض في كأس العالم للأندية    هيئة الرقابة النووية: الوضع الإشعاعي في منشأة نطنز الإيرانية لا يزال تحت السيطرة    3 أيام متتالية إجازة رسمية للموظفين والبنوك والمدارس    الأرصاد تحذر من ذروة الموجة الحارة اليوم: حرارة تلامس 44 وتحذيرات هامة للمواطنين    ضبط المتهمين بوضع كلاب داخل أجولة بقرية سياحية.. فيديو    إصابة 3 أشخاص إثر مشاجرة بين عائلتين بدشنا فى قنا    قطر والسعودية تستضيفان الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم    إزالة 10 حالات تعد على مساحة 2870 م2 بأسوان.. صور    حنان مطاوع بعد فوز فيلمها "هابي برثداي" ب3 جوائز دولية: فخورة كوني جزءا منه    بعد اغتيال رئيس الجيش الثوري.. كيف توقع المسلسل الإسرائيلي "طهران" ما حدث    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكان بالمقصد المصري    الصحة تطلق حملة توعوية لتعريف المرضى بحقوقهم وتعزيز سلامتهم بالمنشآت الطبية    ليفربول يحسم صفقة فلوريان فيرتز    روسيا تسيطر على 3 بلدات وتكشف خسائر الجيش الأوكراني في أسبوع    السيطرة على حريق محل داخل مول فى مدينة 6 أكتوبر    حملات أمنية لضبط جالبي ومتجري المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة في أسوان ودمياط    إخلاء سبيل والد عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون ووالد عروسه    عرض أولى حلقات مسلسل فات الميعاد اليوم على watch it وغدًا على DMC    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    أسباب عين السمكة وأعراضها ومخاطرها وطرق العلاج والوقاية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    رئيس البيت الفني للمسرح يفتتح أولى ليالي «الفندق» بأوبرا ملك.. صور    بث مباشر| شعائر صلاة الجمعة من مسجد «الجامع الأزهر الشريف»    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    رئيس مدينة بلبيس يتعرض لمحاولة اعتداء مسلح أثناء ضبط مخالفة بناء    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    محمد شكري يكشف حقيقة الانتقال للأهلي بعد مونديال الأندية    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    جعفر: الفوز بكأس مصر كان مهم قبل بداية الموسم المقبل    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر.. بين البابا والمرشد

ليس جديدا ولا مستغربا ذلك الخبر الذى نشرته الصحف قبل أيام وجاء فيه أن عدد المسيحيين فى بلاد الشرق الأوسط تراجع خلال الأعوام المائة الماضية من نحو خمسة عشر فى المائة إلى خمسة فى المائة هذا العام. ليس هذا جديدا ولا مستغربا، لأنه واقع راهن وأحداث يومية نتابعها فى بلادنا وفى البلاد المحيطة بنا.
منذ علت موجة الإسلام السياسى فى مصر بعد هزيمة يونيو 1967 وسقوط المشروع الناصرى واستئثار السادات بالسلطة وإعلانه الحرب على التيارات المعارضة وتحالفه مع جماعة الإخوان الإرهابية لم تتوقف الجرائم التى ارتكبت فى حق المسيحيين المصريين. القتل، والخطف، والتهجير، واشعال الحرائق فى المحلات والمنازل والكنائس وسوى ذلك من الجرائم التى تواترت ووجدت فى السلطة من يتجاهلها ويتستر عليها، ونتج عنها مناخ طائفى مسموم زكم الانوف وفرض نفسه على المسلمين والمسيحيين الذين خابت آمالهم فى الشعارات الوطنية التى التفوا حولها ولم يبق لهم إلا الدين بتياراته العنيفة المتطرفة التى تبنتها جماعات الإسلام السياسى وكانت لها بالضرورة ردود فعل لدى المسيحيين المصريين الذين لجأ بعضهم للهجرة وبعضهم للعزلة والانسحاب.
والذى حدث فى مصر خلال العقود الأربعة الماضية حدث بصورة أعنف وأبشع فى تركيا التى كان المسيحيون يمثلون فيها نحو عشرين فى المائة فاصبحوا أقل من واحد فى المائة.
ونحن نقرأ ما يحدث فى العراق للمسيحيين واليزيديين وللمسلمين الشيعة على أيدى المسلمين السنة، ولهؤلاء على أيدى الشيعة.
ليس جديدا ولا مستغربا إذن ما قرأناه عن تراجع الوجود المسيحى فى بلادنا، فضلا عن أنه ليس مجرد تراجع وإنما هو أشبه بحرب الإبادة أو الانقراض.
ولقد يرى البعض أن الحديث فى هذه المسألة ربما أيقظ جروحا نائمة، فالأولى بنا أن نتجنب الحديث فيها ونلتفت لما يمكن أن نجبر به الكسر وندعم الوحدة الوطنية. لكن الصمت هنا دفن للرؤوس فى الرمال. وإذا كان الشعور بالحرج يمنع مصريا مسيحيا من الكلام فى هذا الموضوع، فالمصرى المسلم لا حرج عليه. بل إن واجبه الوطنى وواجبه الدينى يحتمان عليه أن يستنكر ما يتعرض له المسيحيون فى مصر وغيرها ويفضحه ويقاومه، خاصة حين يقع العدوان عليهم من مسلمين يزعمون أنهم يمثلون الإسلام ويتحدثون باسمه وينفذون تعاليمه، كما يفعل هؤلاء السلفيون ومن هم على شاكلتهم من المتطرفين المتخلفين الذين يرمون المسيحيين بالكفر ويدعون لمقاطعتهم ويرفضون مساواتهم بالمسلمين فهم فى نظرهم ليسوا أهلا للجلوس فى مقاعد النواب ولا لتولى المناصب الحكومية الرفيعة. وليسوا حتى أهلا لأن توجه لهم التحية أو التهنئة.
وقد رأينا كيف رد البابا تواضروس على هذه البذاءات حين أعلن أكثر من مرة أن ما يتعرض له المسيحيون لن يستدرجهم لأى موقف يبتعدون فيه عن وطنهم. وأن وطنا بلا كنيسة خير من كنيسة بلا وطن. وهى كلمة صادقة ومبدأ التزمته الكنيسة المصرية طوال تاريخها بل إنه المبدأ الذى انبثقت منه الكنيسة وظهرت للوجود، فالولاء لمصر التى كانت ولاية تابعة لبيزنطة أدى برجال الدين المصريين إلى التمسك بعقيدتهم التى يرون فيها المسيح طبيعة واحدة اتحد فيها اللاهوت والناسوت على عكس ما رأت الكنيسة البيزنطية التى ميزت بين الطبيعتين. وقد انتهى هذا الخلاف العقائدى بانفصال الكنيسة المصرية عن كنيسة بيزنطة، وتخليها عن اللغة اليونانية التى كانت تستخدمها فى إقامة شعائرها واستخدامها اللغة القبطية تأكيدا لانتمائها الوطنى وحثا للمصريين على مقاومة البيزنطيين والدفاع عن حرية بلادهم واستقلالها.
ولكم أن تقارنوا بين مصر كما يراها البابا تواضروس وتراها الكنيسة المصرية ومصر كما يراها مرشد الإخوان مهدى عاكف الذى أعلن أنه لا يمانع فى أن تكون مصر ولاية تابعة لماليزيا إذا استطاعت ماليزيا أن تحيى الخلافة الإسلامية، فلما استنكر البعض ما قاله هذا الأخ، صاح صيحته التى جعلته مشهورا فقال: طظ فى مصر!
والواقع أنها ليست كلمة مهدى عاكف وحده، وإنما هى كلمة الإخوان جميعا وغيرهم من جماعات الإسلام السياسى التى عادت للوراء عشرة قرون لتتبنى فقه البادية وتعتبر الولاء للوطن نوعا من الشرك الذى يجب على المسلم أن يتخلص منه ليكون ولاؤه للعقيدة الدينية وحدها ولمن يشاركونه فيها، فالماليزى أو الباكستانى أو الأفغانى أقرب لمهدى عاكف وللإخوان والسلفيين من المسيحى المصرى الذى كانت كنائسه فى أيام الإخوان تحرق، وكانت منازله ومحلاته تنهب، ليأتى المتنطعون المحترفون بوجوههم الشبيهة بوجوه التيوس يخيرونه بين الموت والهجرة، فى الوقت الذى كان فيه الرئيس الإخوانى يتنازل عن سيناء للإرهابيين، وعن حلايب وشلاتين لغيرهم، وكانت مصر كلها مهددة بالأخطار الرهيبة التى تمزق الآن سوريا والعراق وليبيا واليمن وتحولها إلى ساحات مفتوحة لحرب همجية لا يتورع فيها طرف عن ارتكاب أى جريمة.
ولقد يرى بعضنا أن الرابطة الوطنية فى مصر أقوى من أن تتعرض لما تعرضت له فى هذه البلاد، لأنها تقوم على أساس متين وتتغذى بتراث عريق حى.. وأنا لا أشك فى قوة الرابطة الوطنية التى تجمع بين المصريين على اختلاف عقائدهم الدينية. يكفى أن نعرف أن المسلمين المصريين ليسوا إلا أحفاد المسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام، وأن هؤلاء وهؤلاء عاشوا فى ظل حضارتهم الفرعونية زمنا أطول بكثير من الزمن الذى عاشوه فى ظل المسيحية والإسلام.. لكن علينا أيضا أن نكون صرحاء وأن نعترف بأن هذا الماضى لم يكن جامعا دائما، ولم يخل من أطوار وأوضاع فرقت بين المسلمين والمسيحيين، المسلمون فى نظر الحكام الذين كانوا كلهم أجانب هم أصحاب الحق نظريا فقط! أما المسيحيون فقد عوملوا باعتبارهم ذميين يعيشون فى حماية المسلمين ويدفعون الجزية مقابل هذه الحماية التى لم تمنع وقوع الاضطهاد وقد عاش المسيحيون المصريون فى هذا الوضع المهين حتى انتشلهم منه سعيد باشا فى أواسط القرن التاسع عشر.. وهاهم السلفيون وأمثالهم ممن لا تهمهم الوحدة الوطنية، ولا تعنيهم الديمقراطية، ولا تمثل لهم شيئا حقوق المواطن وحقوق الإنسان، يتحدثون عن المسيحيين بلغة الماضى، كأن مصر لاتزال سلطنة مملوكية، أو ولاية عثمانية، وكأن المسيحيين لايزالون ذميين، فإن كانوا قد أصبحوا مواطنين فعليهم أن يعودوا ذميين كما يقضى بذلك فقه البادية الذى يتبناه الإخوان والسلفيون، كما تتبناه داعش، والقاعدة، وطالبان، وبوكو حرام.. والخطر إذن قائم لأننا لا نواجهه، وفقه البادية سائد منتشر لأننا لا نراجعه ولا نصححه ولا نلقنه لغة العصر وثقافته وقيمه ومطالبه.. والنتيجة هى ما نرى، الإخوان وحلفاؤهم يعيثون فسادا فى الوطن، والمسيحيون المصريون الذين لجأوا للهجرة يزيدون على المليونين.
لمزيد من مقالات أحمد عبد المعطي حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.