قرر مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وضع خُطَّةٍ استراتيجية مُتكامِلة لتفعيل السِّلم فى العالم، والإسهام فى نزع فَتِيل الإرهاب بكافَّة أشكاله، الفكرى والمسلَّح، وإطلاق مُبادرات عمَليَّة،فى يناير المقبل لإجراء مُراجَعات جادَّة لكثيرٍ من الأفكار الدَّخيلة الملتبِسة التى أَوْقَعت الأمَّةَ فى الاحتِراب والتناحُر،يُشرِفُ على إنجازها الشبابُ بتَأطيرٍ من العلماء. كما قرر المجلس تشكيل تيَّارٍ فاعل يتَصدّى لتيَّار العُنف والإرهاب، من خِلال فعلٍ جماعى قَويٍّ ويُوحِّد جهودَ أهلِ العلم والحِكمة، ويُواكِب تطوُّرات الواقع بكلِّ تفاصيله، ليُقدِّمَ للعالمين رُؤًى مُستنيرةً تُزاوِج بين التأصيل النَّظَرى والتوصيل العَمَليِّ، تعالج داء التطرُّف والغُلوِّ من صَمِيم الشريعة الإسلاميَّة نفسِها، وباستخدام نفسِ اللغة والمفاهيم الإسلاميَّة التى يَستَنجِدُ بها المتطرِّفون فى مَساعيهم التَّخريبيَّة، مُحرِّفين لها عن مَقاصِدها النبيلة. ودعا المجلس الحكَّام والمحكومين إلى إطفاء نارِ الفتنة وحَقن الدماء، وترك النِّزاع والشِّقاق، وتحجيم الخِلاف، وأن يَجنَحوا دائمًا للحوار والتوافُق؛ وأن تتعلَّموا من سيدنا الحسن رضى الله عنه الانهزام لوجه الله تعالى، لتسترجع الأمة عافيتها وتتحد كلمتها. كما طالب ولاة الأمر دعوةٌ ببَذلِ كلِّ ما هو مُتاحٌ لتحقيق مستوًى من العدل والازدهار لجميع المواطنين. ممَّا يُسهم فى إطفاء نائرة الفتنة، وتجاوز المقارَبات الأمنيَّة والعسكريَّة كحلٍّ وحيدٍ، والعُدول عن ذلك إلى تَبنِّى حلولٍ فكريَّة مجتمعيَّة شاملة. ومجلس حكماء المسلمين هو هيئة إسلامية عالمية، تضم مجموعة من كبار علماء الأمة العربية والإسلامية ومفكريها، الذى تم إنشاؤه تنفيذًا لتوصيات منتدى تعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة، الذى عُقِدَ بدولة الإمارات، فى مارس الماضي، يتكوَّن من عددٍ من عُلَماء الأمَّة وخُبَرائها، للمساهمة فى كسرِ حدَّة الاضطراب والاحتراب التى سادت مجتمعاتٍ كثيرةً من الأمَّة الإسلاميَّة، والحد من اتِّساع نِطاق استباحة حُرمة الأنفس والأعراض والأموال. وانعقدت الهيئة التأسيسية للمجلس بحضور الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة، وأعلن أعضاء الهيئة التأسيسية للمجلس بالإجماع اختيار الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيسًا للمجلس خلال اجتماعه فى القاهرة الأسبوع الماضي. وقال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن المجلس منظمة غير حكومية كما أريد له، ليكون بمعزل عن التجاذبات السياسية أو الإقليمية، ويهدف إلى استعادة وبسط الأمن فى المجتمعات المسلمة فى العالم كله، وذلك بالعمل على التوسط لحل المشكلات قبل استفحالها وتحولها إلى النزاعات المسلحة. وأشار الى أن اختيار الإمام الأكبر رئيسا للمجلس يمثل تقديرا للأزهر وشيخه ولمصر وثقلها التاريخى ودورها البارز فى المشاركة الفاعلة فى القضايا الكبرى فى العالم كله. وأكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن اختيار الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، رئيسا لمجلس حكماء المسلمين، هو تشريف لكل مصرى وأزهري، وتقديرا لدور مصر الرائد فى العالم الإسلامي، ومكانتها فى العالم كله، وبخاصة بعد تصحيح مسارها فى 30 يونيو، فى ظل قيادتها السياسية التى تسعى لمحاربة التطرف واجتثاث جذوره، مما جعل مصر الأزهر موضع تقدير ومحط أنظار كل قوى الاعتدال ومحبى السلام فى المنطقة والعالم .