تزايدت حدة اقتحامات المستوطنين المتطرفين من اليهود للحرم القدسي الشريف في الفترة الأخيرة، حتى أصبحت شبه يومية، وأيضا تزايدت عمليات منع المسلمين من الدخول إلى الحرم والصلاة في المسجد الأقصى مرة بحجة الأعياد اليهودية وأخرى بحجة التدابير الأمنية، حتى وصل الأمر إلى الإغلاق الكامل للمسجد الأقصى الأسبوع الماضى، ولوجود سابقة تقسيم المسجد الإبراهيمى مكانيا بين المسلمين واليهود، فقد تزايدت الشكوك الفلسطينية فى نية دولة الإحتلال في تقسيم المسجد الأقصى زمنيا ومكانيا وتخصيص أوقات لصلاة المسلمين وأخرى لصلاة اليهود. بما يتيح لإسرائيل الترويج لأن تكون القدسالشرقية جزءا من عاصمة إسرائيل حيث تقدم نفسها للرأى العام العالمى بإعتبارها معنية دينيا بدخول المسجد الأقصى وتستبعد الدولة الفلسطينية المقترحة فكرة القدس من قضايا الحل النهائى وهذا أمر بالغ الصعوبة ويستحيل أن يقبل به العرب أو الفلسطينيون وهو من أهم العراقيل التى من الممكن أن تنسف أى اتفاق سلام تصل إليه المفاوضات، بل مع وجود هذه التدابير الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى وتدابير أخرى تجاه كنيسة القيامة لا تقل عنها وطأة يصبح حل الدولتين أقرب إلى المستحيل ومن ثم تتراجع فرص السلام فى المنطقة كثيرا إلى الخلف. ووفقا لتقارير إسرائيل فإن هناك خلافا بين المتدينين اليهود حول الدخول إلى الحرم القدسي، فبعد احتلال القدس عام 1967 أعلنت الحاخامية الرئيسة في إسرائيل حظر دخول اليهود إلى الحرم، مشددة على أن موقع الهيكل لم يؤكد بعد، إلى جانب ضرورة القيام بفرائض دينية قبل الدخول إلى المكان وإلى مواقع داخله لا يجوز الاقتراب منها، لكن مع بدء تزايد نفوذ التيار الديني في الحلبة السياسية الإسرائيلية بصورة تدريجية خلال العقدين الأخيرين، تزايد نشاط الحركات الاستيطانية المنبثقة عنه، وتزايدت الاقتحامات للحرم القدسي بشكل أكبر. ويعتبر المتطرفون اليهود أن اقتحامهم الحرم والتجول في باحاته، يشكل فريضة توراتية ، وهم يعتبرون أيضا، بحسب الحاخام يسرائيل هارئيل وهو أحد غلاة المتطرفين ومؤسس ورئيس معهد الهيكل الذي يدعو إلى بناء الهيكل في الحرم القدسي، أنه كلما جاء إلى المكان يهود أكثر، فإن الإشراف وممارسة الصلاحيات السيادية لدولة إسرائيل في المكان تكون أقوى، وبحسب مركز مدار الفلسطينى للدراسات الإسرائيلية فإن تقارير الشرطة الإسرائيلية منذ عام 2011 كشفت عن تزايد أعداد اليهود الذين ينفذون عمليات اقتحام الحرم القدسي ضمن مجموعات، وأنه في ذلك العام اقتحم الحرم ثمانية آلاف يهودي، وأن اليهود الذين يقتحمون الحرم القدسي، وتوفر شرطة الاحتلال الحماية لهم، هم اليهود المتطرفون والمستوطنون في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية وخاصة في البلدة القديمة. وفي مواجهة ارتفاع وتيرة مطالب اليمين الإسرائيلى بفرض السيادة الإسرائيلية الفعلية على الحرم دعا الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى بيان إعلامى إلى منع المستوطنين من اقتحام الحرم القدسي وتدنيسه بأي طريقة، وإذا بالدنيا قامت ولم تقعد بعد، فجاء رد نيتانياهو "إن القدس هي درة تاج وجودنا كأمة ذات سيادة، وواجبنا ضمان كونها موحدة لتكون مركزا نابضا للفعاليات الشعبية، ومصرون على حقنا الطبيعي في البناء فيها"، بينما ادعى وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان، أن أقوال عباس هي محاولة لإشعال المنطقة بواسطة استخدام أكثر الأماكن حساسية، ألا وهو "جبل الهيكل" أي الحرم القدسي وأضاف أن أقوال أبو مازن وقادة السلطة الفلسطينية تدل على إنهم الذين يقفون وراء أعمال الشغب التي ينفذها سكان القدسالشرقية في إشارة إلى المواجهات شبه اليومية بين المقدسيين وشرطة الإحتلال. ويتكشف من الإعلام الإسرائيلى ان مسألة الدخول الى الأقصى هى مطلب شعبى يهودى مدعوم من الحكومة اليمينية المتطرفة، فقد أظهر تقرير لإذاعة الجيش عن تمويل الدولة للمنظمات والجماعات الداعية لبناء المعبد حيث حولت وزارات التربية و التعليم والرياضة ما بين 300 ألف و700 ألف شيكل للمنظمة غير الحكومية "معهد المعبد"، كما أوضح التقرير أن الدولة تسمح للشابات اللواتي يخترن عدم الانخراط في الخدمة العسكرية الإلزامية بأن يؤدين الخدمة بالعمل كمرشدات مع الجمعية المذكورة دون أجر، كما تجلى الدعم السياسي للمنظمات الداعية إلى بناء "المعبد" من خلال مشاركة عدد من أعضاء الكنيست في مؤتمر العودة إلى جبل المعبد الذي دعا إليه ائتلاف منظمات المعبد في مركز بيجن في أبريل 2014، وقد وجه عدد من الحاخامات وطلاب المعاهد الدينية التماسًا إلى "الكنيست" للمطالبة بسن تشريع يوسع السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، ووجه عدد من الحاخامات رسالة إلى نتنياهو يطالبون فيها ببناء كنيس في المسجد الأقصى. ورغم أن الولاياتالمتحدة تعلم قبل إسرائيل أن أى حلول دون القدس لن تنزع فتيل النزاع، ولن يتوصل الطرفان لحل تفاوضى تخرج منه القدسالشرقية كعاصمة للفلسطينيين، ولكن واشنطن تتعامل مع الملف كباقى القضايا العالقة فهى لم تتخذ موقفا يجابه عجلة الاستيطان التى التهمت 72 كيلومترا من القدسالشرقية وضم 14 مستوطن يهودية بالقدسالشرقية الى بلدية القدس حتى أصبح عدد المستوطنين في القدسالشرقية معادلا لعدد المستوطنين في كامل الضفة الغربية "180 ألف مستوطنا" والبيانات والقرارات الأمريكية تشجب وتندد وتطلب ضبط النفس للجانبين، والكونجرس الأمريكى يطلق بياناته حول القدس الموحدة كعاصمة للشعب اليهودى فى الوقت الذى ترعى فيه الإدارة الأمريكية ملف المفاوضات.