أشاد علماء الأزهر بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بتقديم منحة لترميم الجامع الأزهر وعدد من المباني التابعة للأزهر الشريف وجامعته. مؤكدين أن تلك المبادرة تحافظ علي أقدم وأعرق مسجد وجامعة إسلامية تنشر الفكر الوسطي المعتدل وتُمثِّل دعمًا كبيرًا لمسيرة الأزهر الشريف في تحقيق رسالته، تجاه الإسلام والمسلمين في ربوع العالم. كما أشاد خبراء الآثار بالمبادرة وبدء العمل بالمشروع مؤكدين أن الجامع الأزهر يمثل بوتقة انصهرت فيها جميع الفنون الإسلامية والعناصر المعمارية ليظهر لنا كمجمع للعمارة والفنون الإسلامية. وأوضح الخبراء أن العمل بترميم الجامع الأزهر هذه المرة يختلف عن سابق الترميمات التي تمت من قبل، كما تشمل منحة خادم الحرمين إنشاء مدينة بعوث جديدة بالتجمع الخامس، تستوعب إقامة نحو ثلاثين ألف طالب من جملة الطلاب الوافدين من مائة وعشرين دولة يدرسون بالأزهر، وكذلك إنشاء مبني لقناة الأزهر الفضائية. وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين، أمرا ملكيا بترميم الجامع الأزهر، بعد أن كان قد تكفلت تركيا بإعادة ترميمه وفرشه في عام 2012، إلا أن اندلاع ثورة 30 يونيو أوقفت العمل في الجامع، ليصدر العاهل السعودي أمرا بترميمه. وأجرت شركة سعودية عملاقة في مجال المقاولات والإنشاءات تتولي توسعة وعمارة الحرمين الشريفين دراسة لما يحتاجه الجامع الأزهر ، وباشرت في أعمال الترميم بداية الأسبوع الماضي. مبني جديد لقناة الأزهر ويقول الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن المبادرة الكريمة لخادم الحرمين تضاف إلي مواقفه التاريخية الخالدة في خدمة وتقديم العون للإسلام والمسلمين في كل مكان في العالم. موضحا أن عملية الترميم التي بدأت ستتمُّ بإشراف مشيخة الأزهر وزارة الآثار، وتشمل ترميم الجامع وجميع الأبنية والخدمات وبعض الكليات التابعة له، كذلك ستتم إنشاء مدينه متكاملة للبعوث الإسلامية وإعادة تأهيل وترميم عددٍ كبير من الأبنية لسكن الطلبة وتأهيل المطابخ والمطاعم في مدينة البعوث. وأوضح أن ترميم الجامع الأزهر عمل مهم ومن الأولويات التي وضعت في الحسبان منذ أن آل الإشراف علي الجامع الأزهر إلي المشيخة، مع الحفاظ علي معالمه الأثرية بكل ما فيها، وسيكون ذلك بالتعاون مع وزارة الآثار، لأنها المسئولة الأولي في كيفية الحفاظ علي هذه الآثار التاريخية التي ليس لها مثيل والتي يتميز بها الجامع الأزهر، بل إن الطلاب الوافدين يعودون إلي بلادهم ويكون الجامع الأزهر أكثر المعالم الأثرية في وجدانهم. وحول ميزانية المشروع قال الدكتور عباس شومان إنها ميزانية غير محددة ، وليس لها سقف، والعمل كله منحة قدمها خادم الحرمين الشريفين، وستتولي تنفيذ الترميم كبري الشركات العالمية، كما أنها ستستعين بأكبر المقاولين من مصر، وسيتم عمل تجديد كامل للمشيخة القديمة ناحية الإمام الحسين، أما باقي المشروع، فسيكون عبارة عن إنشاءات مثل إنشاء مدينة بعوث جديدة سيخصص لها أرض بالتجمع الخامس، وكذلك إنشاء مبني لقناة الأزهر داخل مشيخة الأزهر، ولا نستطيع تحديد الوقت، لأنه فى أثناء العمل ستظهر مشكلات، فإذا استغرق العمل عامن فهذا أمر جيد، كما أن هذه الأبحاث تتم دراستها منذ عامين علي التقريب وتم خلاله تحليل الأعمدة والجدران، ونوعية الأحجار والقيام بتحليلها، فالأزهر مبني يلزمه الدقة في كل شئ، وليس عملا عشوائيا، وهذه مبادرة عظيمة، وتمثل دعمًا كبيرًا لمسيرة الأزهر الشريف في تحقيق رسالته السامية، بل خدمة جليلة للإسلام والمسلمين في كل مكان. وأوضح أن مدينة البعوث الجديدة ستقام بالقاهرة الجديدة لتتسع إلي نحو ثلاثين ألف طالب من جملة الطلاب الوافدين الذين يقاربون الأربعين ألفا من نحو مائة وعشرين دولة، لا تستوعب المدينة الحالية منهم أكثر من أربعة آلاف طالب، ونرغب في تسكينهم جميعا لراحتهم وحتي لا يتخطفهم أصحاب الأغراض الدنيئة والأغراض السياسية لأمور تضر بأمننا القومي. وأكد أن الصلوات والدروس الدينية لن تتوقف أثناء فترة الترميم لأن العمل لن يكون في المسجد كاملا، وسيترك المكان الذي تكون به أعمال الترميم ويتم الانتقال إلي الجزء الخالي من الأعمال أو الذي انتهي العمل فيه، لان الجامع الأزهر يصعب وقف أنشطته لما له في نفوس مرتادية ومن رمزية يمثلها للمسلمين في العالم كله. الحفاظ علي المعالم الأثرية وفي سياق متصل، قال الأثري سمارات حافظ رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار، أنه تم تشكيل لجنة عليا من وزارة الآثار بالتعاون مع وزارة الأوقاف والإسكان ومشيخة الأزهر، التي آل إليها الإشراف التام من النواحي الإدارية وخلافه للجامع الأزهر، وذلك بحضور بعض ممثلي المقاولون العرب، وتم تكليف كل جهة بالعمل المنوط بها بالتنسيق معا، وبالفعل بدأ العمل فورا، وذلك بإعداد الدراسات والأبحاث والرفع المساحي الخاص بالجامع الأزهر، وكذلك أخذ عينات من أعمدة وجدران الجامع الأزهر، حيث وقفت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية علي تحليل تلك العينات داخل جامعة قناة السويس. وأضاف: إن دورنا يتركز في الإشراف الأثري، والحفاظ علي المعالم الأثرية بالجامع الأزهري سواء في شكل الأعمدة أو ألوان الجدران أو أي زخارف أو أرضيات، وسيتم إرجاع كل شيء لأثره، بحيث لا يتعارض مع الأصول الأثرية، ويكون الإشراف الأثري مهمته الأساسية عدم المساس بالجامع من الناحية الأثرية، وتوجد لجنة إشراف ثابتة من قطاع الآثار الإسلامية وقطاع المشروعات، وهي لجنة مقيمة ودائمة، أما عن العقبات والمشكلات فيتم تسهيلها بالتعاون مع مشيخة الأزهر والجهة القائمة بالترميم.