»الحلم الإفريقى» عنوان الكتاب الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة للمؤلفة الدكتورة فائقة الرفاعى الخبيرة الإقتصادية وكيل محافظ البنك المركزى السابق، ومستشارالمركز المصرى للدراسات الإقتصادية، وعضو مجلس الشعب السابق، وعضو المجلس القومى للمرأة مقرر اللجنة الإقتصادية، وعضو لجنة الإقتصاد بالمجلس الأعلى للثقافة، وزميل بحوث منتدى البحوث الإقتصادية .. هذه القائمة من المناصب والمهام جزء من جبل الجليد فما بقى من مناصب مهمة شغلتها وتشغلها الدكتورة فائقة الرفاعى كثير جدا لعل أهمها ما يرتبط بتأليفها لمثل هذا الكتاب القيم وهى منصبها بمجلس الشعب كرئيس اللجنة البرلمانية للشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا "نيباد". وفى مقدمة الكتاب أشارت الكاتبة الدكتورة فائقة الرفاعى إلى سبب إصداره وهو أننا فى مرحلة بناء مصر الحديثة ، وعلاقاتها الخارجية بعد ثورة 25 يناير 2011، ونهوض الشعب لإصلاح مسارها فى 30 يونيو 2013، من الضرورى إيلاء عناية خاصة لعلاقتنا مع إفريقيا لما لهذه العلاقة من أهمية بالغة على إقتصادنا الداخلى وقضاياه ومستقبله لتعويض ما لاقته هذه العلاقة من إهمال متعمد ، وضعف، على مدار العقدين الماضيين. فمصر ترتبط بإفريقيا، ليس جغرافيا وتاريخيا وحضاريا فقط، وإنما أيضا عضويا بالنيل الخالد شريان حياة مصر وقلبها النابض. ومن المهم أن يساند بناء علاقتنا المستقبلية مع إفريقيا إلى جانب الدبلوماسية الرسمية على فهم شعبى واع وعميق لما يجرى من أمور وأحداث داخل وخارج القارة، وهو الأمر الذى يستلزم مواجهة ضعف وسائل نشر الثقافة الإفريقية فى مصر بوجه عام ، وسد فجوة المعرفة الدقيقة بالحلم الإفريقى. وتستعرض المؤلفة فى 11 فصلا تطور الأوضاع الإقتصادية فى إفريقيا والتى لم تعد قارة مغلقة على فقرها، وإنما دولا ناشئة حديثة مليئة بالفرص الواعدة. حيث تناول الفصل الأول الشراكة الجديدة لتنمية إفريقا والمسماة "نيباد" من حيث النشأة والوثيقة الأساسية، وشرحت الكاتبة فى هذا الفصل التطور فى إفريقيا من الفقر للإزدهار حاليا، وأن هناك إرادة سياسية جديدة لدى قادة إفريقيا تدفعم لتطوير بلدانهم، إضافة لشرح الإستراتيجية الخاصة بتحقيق تنمية مستدامة فى القرن الخالى، وشروط تحقيق هذه التنمية والتى لخصتها فى أن وثيقة نيباد أشارت إلى أن التجارب الإفريقية السابقة اثبتت أن السلام والأمن والديمقراطية والحكم السياسى الرشيد المعتمد على إحترام حقوق الإنسان والإدارة الإقتصادية الرشيدة على المستوى الكلى ومستوى مؤسسات الأعمال هى شروط لازمة لتحقيقة تنمية مستدامة ، وتعهد القادة الأفارقة فرادى ومجموعات على تعزيز هذه المبادئ فى بلدانهم. وتعرضت لمجموعة مبادرات مهمة كمبادرة السلم والأمن، ومبادرة الديمقراطية والإرادة السياسية، ومبادرة الإدارة الإقتصادية وإدارة المنشأت . ونصت مبادرة نيباد على أولويات العمل القطاعى والتى تبدأ بالبنية الأساسية، والتنمية البشرية ، والزراعة ، والبيئة ، والثقافة، والتكولوجيا. وتناولت الفصول حتى الفصل السابع كيفية إنفاذ "نيباد" ، وعلاقتها بالتجمعات الدولية. وناقش الفصل السابع الجماعة الإقتصادية الإفريقية والتجمعات الإقتصادية الإقليمية ، وناقش الفصل الثامن نشأة الإتحاد الإفريقى الذى تحول عن منظمة الوحدة الإفريقية سابقا، وناقش الفصل التاسع التحديات التى تواجه القارة الإفريقية حاليا، والفصل العاشر تحدث عن التكامل الإقتصادى والسياسى الإفريقى على المدى المتوسط، لنصل للفصل الحادى عشر والأكثر أهمية بالنسبة لنا ، ويناقش العمل المشترك واستنهاض دور مصر فى إفريقيا. وحذرت الكاتبة من الإستمرار فى الإعتماد على دور مصر التاريخى فى فترة عبد الناصر كأساس وحيد لدور مصر فى القارة، وعلى الرغم من الجهود المختلفة لتفعيل الدور المصرى فى إفريقيا فى السنوات الأخيرة لعل أهمها اسقاط مديونيات بعض الدول الإفريقية تجاه مصر فى قمة شرم الشيخ عام 2008، وإقامة مركز خاص لتأهيل الكوادر الافريقية المتخصصة فى مجال التنبوء وإدارة وتسوية النزاعات الإفريقية، وأيضا مبادرة مصر لإستضافة المركز الإفريقى للبحث العلمى والتكنولوجيا، وإنشاء الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا عام 1980، وإستضافة مصر للوكالة الإقليمية الإفريقية للإستثمار، وغيرها من المساهمات إلا أنها لا تكفى لمواجهة هذا الغزو الجديد للقارة، وتغلغل النفوذ من الدول الكبرى التى تستهدف مزيدا من الإستغلال للموارد الإفريقية دون تقديم أسس للتنمية المستدامة. وأوضحت الكاتبة أن بناء إستراتيجية مصرية تجاه إفريقيا فى السنوات المقبلة تحتاج عدة محاور وتعتمد على سندين الأول يرتبط بدور إيجابى فعال لمصر فى حل قضايا الأمن فى دول القارة، والثانى يتعلق بتعزيز جهود الدبلوماسية الشعبية لربط شعب مصر بالشعوب الإفريقية. والمحاور الأربعة تتمثل فى محور الشرق الإفريقى والذى له أهمية بالغة لمصر لكونه يحتضن منابع نهر النيل، داعية للشراكة فى مشروعات الرى والكهرباء والزراعة والتصنيع الزراعى أخذا فى الإعتبار البرنامج الإفريقى الشامل للتنمية الزراعية فى إطار مبادرة نيباد والذى رصد 69 مليار دولار للمياه ونظم إدارتها للفترة من 2003 إلى 2015 ضمن 251 مليار دولار للبرنامج ككل. والمحور الثانى وسط إفريقا الذى يضم ثروات طبيعية ومواد خام عالية ، ويمثل النقل المشكلة اللوجستية والعقبة الكبرى للتواصل مع دول هذه المنطقة واقترحت الكاتبة إحياء مصر لمفاوضاتها مع الإتحاد الاوربى والذى سبق واقترح صندوق لدعم البنية الأساسية فى إفريقا. والمحور الثالث غرب إفريقا الذى يعد منطقة نائية بالنسبة لمصر، إلا أنه من أقرب الشعوب الإفريقية لمصر ثقافة وحضارة ، ومن هنا ركزت المقترحات على تعزيز العلاقات الثقافية مع هذه الدول، مطالبة بإنشاء مؤسسة تجمع مصر ودول غرب إفريقيا لدعم وحماية الديمقراطية فى هذه الدول، وتقوية الجامعة الإفريقية بالأسكندرية ، ودعم سبل النقل برا وجوا بين مصر وهذه الدول، وتقوية حركة الترجمة للأعمال الأدبية الصادرة عن هذه الدول، وإقامة شبكة إتصالات قوية باللغة الفرنسية. والمحور الرابع والأخير العمل المشترك وتنمية إفريقيا.كما تعرض الكتاب أيضا للتعاون المصرى العربى لتنمية إفريقا، والتعاون المصرى مع الإتحاد الاوربى لتنمية إفريقا، والتعاون المصرى الصينى وإنشاء منتدى التعاون الصينى الإفريقى عام 2000 ودور مصر البارز به. إن تلخيص كتاب قيم وعلمى مهم يقع فى 340 صفحة فى عدة سطور لا يعكس القيمة العلمية التى أرجو أن يستفيد بها مسئولو التعاون المصرى الإفريقى فى الخارجية المصرية وفى وزارة التعاون الدولى ، وفى كافة الجهات المسئولة عن العلاقات المصرية الإفريقية، فنحن وإفريقيا لسنا شركاء مصير ، ولكننا شركاء فى الحلم الإفريقى أيضا.