مصر تتعرض الان- فى الموجة الثالثة من المؤامرة عليها- لحملة دعاية سوداء مروعة حول اجراءاتها المتعلقة بانشاء منطقة عازلة على خط حدودها الشمالية الشرقية فى رفح، وهو الحل الذى لجأنا اليه لمحاصرة فرص الارهابيين من حثالة ورعاع حماس فى التسلل عبر الانفاق الى سيناء، وارتكاب عمليات اجرامية ضد الجيش والشرطة والمواطنين، ابرزها كان مذبحة رفح الأولى فى أغسطس 2012 ومذبحة رفح الثانية فى أغسطس 2013 وخطف الجنود المصريين ثم إعادتهم- بتواطؤ من محمد مرسى- فى مايو 2013، واخيرا الهجوم على نقطة كرم القواديس فى الشهر الفائت (اكتوبر). الحملة الممنهجة الدعائية والسياسية الموجهة ضد مصر تحاول تصوير ما نقوم به فى سيناء على انه: (اجلاء قسرى)، او (تطهير عرقى) او عملية تستهدف اقتلاع البشر والزرع للانتقام من جريمة كرم القواديس، او حملة على غرار ما تعرض له الارمن فى تركيا ابان الحرب العالمية الاولى. ونتيجة لغياب اعلام او صحافة مصريين لهما سياسات مرسومة مخططة بعيدة عن العشوائية، وجدت الخطاب المصرى يتعثر وينحدر وينزلق الى منطق تبريرى دفاعى مرتبك وفاشل الى ابعد الحدود، يكاد اصحابه يقسمون على المصحف والانجيل انهم ابرياء مما ينسب اليهم زورا وبهتانا، وان الحكومة والجيش توافقا مع السيناويين على التعويضات، ودفع ايجار الشقق البديلة، وان مبالغ التعويض مجزية، وان اهالى المنطقة سعداء بالانتقال، ومتفهمون للضرورة الامنية. هذا منطق دفاعى تبريرى عبيط جدا، وليس مطلوبا او مقبولا، فالطبيعى ان يتفهم المواطنون المصريون فى سيناء مقتضيات الامن، وضرورات التضحية (ان كانت هناك تضحية)، ومصر حرة فى ان تتخذ على اراضيها ما تراه من اجراءات ضرورية لامنها القومى، لا بل واغامر قائلا ان مصر حرة فى ان تتخذ اجراءات وقائية خارج اراضيها ضد اهداف تهدد امنها القومى. وانا لا احب- ابدا- ان اقارن بين اسرائيل وبيننا، ولكن من جانب واحد فقط (وبصرف النظر عن كون اسرائيل غاصبة معتدية مجرمة)، فانها انشأت مستوطنات جديدة فى الضفة الغربية واخيرا فى القدس- الف وحدة منهم اربعمائة فى "هار حوما" وستمائة فى "ارموت شلومو"- ورغم استهجان الكثير من الدول حول العالم فان بنيامين نتانياهو رئيس وزراء اسرائيل لم يتخذ موقفا دفاعيا، ولا اقسم على التوراة انه برئ، بل قال: "سوف افعل اى شئ يحتاجه الامن القومى الاسرائيلى.. اى شئ.. اى شئ". لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع