أمس احتفلنا بعيد الأضحى المبارك، وغدا نحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيد، وبين هذا وذاك خطوط مشتركة فى التضحية والفداء مهما كانت الصعاب والمتاعب. أبطال أكتوبر هم الذين استردوا لمصر كرامتها فى مواجهة عدو غاشم لا يعترف إلا بلغة القوة، ويرفض السلام ويعشق الدم والقتل والتخريب. 6 سنوات مرت على الشعب المصرى كأنها آلاف السنين منذ هزيمة 1967 وحتى أكتوبر العظيم. وقعت الهزيمة بسبب الاستهتار وغرور القوة الوهمي، وتولى أهل الثقة مواقع المسئولية الحساسة وكان النموذج الحى لذلك هو المشير عبدالحكيم عامر الذى سيطر على الجيش واعتبره مملكته، فكانت هزيمة 1967 التى أحدثت الصدمة المدوية ليفيق الشعب المصرى على كابوس رهيب، وتخرج بعدها مظاهرات الطلبة المطالبة بالتغيير والثأر للهزيمة. أعاد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ترتيب الأوراق بسرعة رهيبة وبدأ خطة إعداد على جميع الأصعدة استعدادا للثأر من العدو الصهيوني، وعلى الفور بدأ حرب الاستنزاف التى سجل فيها أبطال مصر البواسل انتصارات عظيمة، وكبدوا فيها اسرائيل خسائر فادحة، حتى فقد العدو الإسرائيلى عقله وبدأ يقصف العمق المصرى ويقتل المدنيين والأبرياء كما حدث فى حادث مدرسة بحر البقر الشهير فى محاولة يائسة وفاشلة لتركيع الشعب المصري. فشلت كل محاولات اسرائيل فى هز ثقة الشعب المصرى بجيشه العظيم ووقف الشعب صفا واحدا خلف جيشه يؤازره بما يملك فى واحدة من أهم الملاحم التاريخية الخالدة حتى جاء السادس من أكتوبر لتنطلق الطائرات المصرية لدك مواقع العدو الإسرائيلي، وتبدأ القوات المسلحة فى عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف لتسقط إلى الأبد أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر. كان التحدى الأكبر هو كسر شوكة اسرائيل، وتحرير الأراضى المحتلة، ونجحت مصر شعبا وجيشا فى تحقيق ذلك، ووقف الشعب على قلب رجل واحد خلف جيشه حتى تم وقف اطلاق النار لتبدأ مسيرة السلام. كان الراحل أنور السادات هو بطل الحرب والسلام بلا منازع فهو الذى أكمل خطة بناء الجيش، وهو الذى أتخذ قرار الحرب، وهو الذى استرد لمصر كرامتها وعزتها حربا وسلما. الآن وبعد مرور 41 عاما على حرب أكتوبر أتمنى لو تم تكريم من تبقى من أبطال أكتوبر بما يليق بهم ومنحهم ترقية استثنائية تدخل البهجة إلى نفوسهم ولن تكلف ميزانية الدولة شيئا. هذا التكريم سوف تكون له آثاره الايجابية على أبطال أكتوبر الذين لا يزالون على قيد الحياة، وفى نفس الوقت تؤكد للأجيال الجديدة أن مصر لا تنسى من قدم لها روحه، واعطاها من جهده مهما مرت السنين. يتواكب مع ذلك إعادة انتاج روح انتصار أكتوبر من جديد، فالشعب الذى هزم اسرائيل وأجبرها على الانسحاب من أراضيه المحتلة قادر على دحر الإرهابيين الذين يرتكبون أعمال العنف والتخريب ضد الجيش والشرطة والمنشآت العامة والخاصة. المصريون الآن مطالبون أكثر من أى وقت مضى باستعادة روح أكتوبر على كافة الأصعدة سواء فى مجال التنمية والبناء أو مجال اعادة الانضباط واحترام سيادة القانون وقبل هذا وبعده دحر الإرهاب وتصفية الأفكار المتطرفة والإرهابية لكى يتمكن الشعب المصرى من اقامة دولته الديمقراطية العصرية المدنية الحديثة التى تأخرت طويلا وآن الأوان لتظهر إلى الوجود، ومعها وبها يخرج المارد المصرى الذى بنى الحضارات القديمة والحديثة ليعود مجددا صانعا للحضارة وقائدا لعالمه العربي لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة