يلجأ الكثير من المتهمين الى تقديم طلب رد لهيئة المحكمة من أجل اطالة امد التقاضى والمماطلة لعلمهم بأن نظر الدعوى يتوقف بمجرد تقديم هذا الطلب،وغالبا ما يتم رفض معظم هذه الطلبات لانها قائمة على اسباب غير جدية او حقيقية، وهو ماحدث مؤخرا لطلب الرد الذى رفضته محكمه استئناف القاهرة لأحمد دومه. استطلعت تحقيقات «الأهرام» آراء عدد من القضاة حول هذا الموضوع وحلوله دون الاخلال بالضمان القانوني، حيث يرى المستشار احمد اسماعيل بقضايا الدولة بالقاهرة أن رد القضاة له قواعد تحكمه وبالرجوع إلى قانون الاجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950، وقانون المرافعات المدنية رقم 13 لسنة 68 نجد أنهما قد تضمنا وضع تنظيم دقيق لقواعد رد القضاة. المادة (148) فى قانون المرافعات حددت الحالات التى يجوز فيها رد القضاة، وأخصها أن يكون بين القاضى وأحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل. وما تقدم بشأن الرد يختلف عن التنحي، حيث أجازت المادة (150) مرافعات للقاضى إذا قامت لديه أسباب يستشعر معها الحرج فى نظر الدعوي، فانه يعرض أمر تنحيه عن نظر الدعوى على رئيس المحكمة، ولما كان القانون لم يحدد هذه الحالات، فهى متروكة لضمير القاضي، وعلاقته بالعلى القدير. ويضيف إسماعيل: أما عن اجراءات الرد فقد تضمنت المادة (153) مرافعات النص على أن الرد يحصل بتقرير يكتب ب«قلم كتاب المحكمة» على أن يوقع عليه الطالب بنفسه، أما بالنسبة لوكيله فيجب أن يكون لديه توكيل خاص يتيح له طلب الرد. واشترطت هذه المادة أن يشتمل طلب الرد على أسبابه ومبرراته التى دعت إلى الاعتقاد بأن القاضى له وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل، ويجب أن يرفق بطلب الرد الأوراق والمستندات المؤيدة له، وأن يودع أيضا مائتين وخمسين جنيها على سبيل الكفالة. أما المادة (154) فقد أجازت الرد بمذكرة تسلم لكاتب الجلسة عند نظر الدعوي، وعلى طالب الرد تأييد الطلب ب»قلم الكتاب «فى اليوم نفسه أو فى اليوم التالي، وإلا سقط حقه فيه. ووفقا لأحكام المادة (153) مرافعات فان الذى ينظر فى طلب الرد المتعلق بأحد السادة المستشارين بمحكمة الاستئناف أو بمحكمة النقض، دائرة بمحكمة الاستئناف أو بمحكمة النقض، غير الدائرة التى يكون السيد المستشار المطلوب رده عضوا فيها. وتحكم الدائرة فى طلب الرد بعد دراسة مبرراته وأسانيده وأدلته، ويكون ذلك فى موعد لايتجاوز شهرين، ولايجوز استجواب القاضي، لكن له أن يبدأ ملاحظاته عند الاقتضاء، ويتم تلاوة الحكم الصادر فى طلب الرد فى جلسة علنية. ولايجوز الطعن على هذا الحكم، الا مع الطعن فى الحكم الصادر فى الدعوى الاصلية. وقد تضمنت المادة (162) النص على أنه يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الاصلية إلى أن يحكم فى الطلب، ومع ذلك يجوز لرئيس المحكمة ندب قاض بدلا ممن طلب رده، إلا اذا خشى مثلا أن يؤدى هذا إلى اضطراب الأمور. ووفقا لأحكام المادة 159 مرافعات فان المحكمة عندما ترفض طلب الرد، فانها تحكم أيضا بغرامة لاتزيد على الالف وخمسمائة جنيه على طالب الرد مع مصادرة الكفالة، ولايخل هذا بحق القاضى فى رفع دعوى تعويض على طالب الرد وذلك وفقا لنص المادة (165) مرافعات، وفى هذه الحالة تزول صلاحيته للحكم فى الدعوي. ويعقب المستشار اسماعيل مقترحا بتخصيص دائرة معينة متفرغة للفصل فى طلبات الرد قاطبة وتحديد جلسة سريعة للنظر فورا فى طلب الرد ولتتحقق الضمانة الاجرائية التى يتوخاها طلب الرد كحق للمتهم ولعدالة المحاكمة وإضاعة الفرصه على من يستغلها بالسوء بغرض التسويف واطالة أمد التقاضي. بدوره يقول المستشار أحمد عاشور رمضان بهيئة قضايا الدولة بقنا أن تلك الظاهرة تجلت وبشدة مؤخرا، ضاربا أمثلة على ذلك ما حدث فى هذا الشأن طلب رد المستشار الجليل الذى كان يتولى محاكمة الرئيس السابق مبارك مما تسبب فى تأخير الفصل فى القضية لعدة أشهر، وأيضا الطلب الخاص برد قاضى مجلس الدولة الذى ينظر فى دعوى أقامها بعض المواطنين لطلب الحكم ببطلان التشكيل الثانى للجمعية التأسيسية التى تتولى إعداد مشروع الدستور. ويوضح أن القاعدة العامة أن المدعى لا يختار قاضيه، وإنه لا يجوز الاخلال بهيبة المنصة من خلال التشكيك فى القضاة، والا لفقد المواطنون الثقة فى القضاء، ويئس الناس من الحصول على حقوقهم، فتنهار العدالة التى هى إحدى مقومات الدولة، مؤكدا أن المشرع حرص فى ذات الوقت على أن يضع القوانين التى تطمئن المدعين على حياد المنصة، والتأكيد على أن القاضى الذى يتولى الفصل فى المنازعة ليست له أية دوافع شخصية تجعله يميل الى هذا الطرف أو ذاك. ويؤكد أنه حتى يتم ضبط الأمور ولا يسارع المدعى بطلب رد القاضى لأسباب قد تقوم على مجرد الهواجس والوساوس والظنون، فإن قانون المرافعات المدنية المصرى رقم 13 لسنة 1968 تضمن النص على خمس حالات محددة على سبيل الحصر تؤدى بذاتها الى عدم صلاحية القضاة لنظر الدعوى كما حدد ذات القانون أربع حالات أخرى تبيح طلب رد القضاة. ويشير المستشار أحمد عاشور إلى أن اهم حالات عدم صلاحية القضاة لنظر الدعوي، ما تضمنته المادة «146 مرافعات» من أن يكون القاضى قريبا لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة وكذلك إذا كان القاضى قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى ذاتها أو كتب فيها، ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظر هذه الدعوى قاضيا أو خبيرا أو محكما. وقد ورد هذا النص بعبارات محددة منضبطة، فلا يجوز القياس عليها أو التوسع فيها أما عن اهم الحالات التى تبيح طلب رد القاضي، ما تضمنته المادة «148 مرافعات» أن توجد للقاضى - أو لزوجته - دعوى مماثلة للدعوى التى ينظرها، اذا وجدت له خصومة مع أحد الخصوم. ويقول المستشار احمد عاشور نظرا لما يحدثه طلب رد القاضى من اضطراب فى سير العدالة، سيما وأن البعض قد يستخدمه للمماطلة أو للكيد أو لتأخير الفصل فى الدعوى وضع المشرع العديد من الضوابط والقيود حتى لا يساء استخدام طلب الرد ومن ذلك اشترط القانون، على طالب الرد أن يودع كفالة مالية مع طلبه، على أن تصادر هذه الكفالة فى حالة رفض الطلب. أوجب القانون أن يحكم على طالب الرد بغرامة مالية إذا لم يقبل طلبه أو إذا رفض كما أن القانون بالمادة 165 مرافعات أتاح للقاضى اذا حكم برفض طلب رده أن يقيم دعوى تعويض على طالب الرد ويطرح المستشار عاشور وجوب أمر التدخل تشريعيا لتحديد مدة معينة للبت فى طلبات الرد المقدمة من المتهمين وتحديد وقت قصير لاعادة تشكيل الهيئة الجديدة اذا قبلت المحكمة طلب الرد على الا تزيد على اسبوعين حتى لا تكون وسيلة للتعطيل والمماطلة فيجب الاضافة للنص الحالى بتحديد الوقت فى فحص الطلب واعادة التشكيل. من جانبه يوضح المستشار ايمن عبدالستار فريج وكيل قضايا الدولة بقنا أنه من الممكن استخدام اساليب اخرى لتقليص حجم هذه الطلبات والتضييق على المتهمين حتى لا يلجأوا اليها الا فى أضيق الحدود وفى الظروف الحقيقية البحتة وذلك بفرض عقوبة الغرامة التى فرضها القانون قى حاله رفض رد الهيئة على ان تتم مضاعفتها حتى يكترث المتهم ويعلم انه بحالة العبث فى استخدام تلكم الضمانه سيتكبد دفع غرامة مغلظة وهذا من شأنه تحجيم الامر ولو بنسبة معقولة.