تَحلُ اليومً الثلاثاء ذكرى اليوم الوطنى الرابع والثمانون للمملكة العربية السعودية، حيث تحتفى البلاد قيادة وشعباً بذكرى إعلان الملك عبد العزيز- رحمه الله - توحيد جميع أراضى المملكة تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها. السفير أحمد عبد العزيز قطان سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية ومندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية ففى مثل هذا اليوم من عام 1351ه، الموافق1932م سَجل التاريخ مَولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة بطولية حافلة قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود- رحمه الله - على مدى اثنين وثلاثين عاماً تمكن خلالها من تجميع شتات المملكة، ليشهد التاريخ لأول مرة توحيد المملكة العربية السعودية بموجب المرسوم الملكى الصادر فى 17 جمادى الأولى عام 1351ه فى اسم واحد هو «المملكة العربية السعودية». ويُعد إرساء الأمن فى المملكة العربية السعودية من أهم الإنجازات التى تحققت فى عهد الملك عبد العزيز، حيث أصبحت الطرق والمدن والقرى والهجر تعيش فى أمن دائم، كما أسس الملك عبد العزيز الأنظمة اللازمة والمؤسسات الأمنية، وردع جميع المحاولات التى تمس استقرار الناس وممتلكاتهم. وهكذا أرسى القائد المؤسس قواعد دولته الفتية على أرض الجزيرة العربية، مستمداً دستورها ومنهاجها من كتاب الله الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فبدل خوفها أمناً، وجهلها علماً، وفقرها رخاءً وازدهاراً. فى المقابل، يستعيد أبناء المملكة العربية السعودية ذكرى توحيد البلاد، وهم يعيشون واقعاً جديداً، خطط له خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز- يحفظه الله-، واقعاً حافلاً بالمشاريع الإصلاحية، بدءاً بالتركيز على إصلاح التعليم والقضاء، مروراً بالإصلاح الاقتصادى والصناعى والصحى والاجتماعي، إضافة إلى ما بذلته المملكة العربية السعودية من جهود متميزة فى خدمة الأمتين العربية والإسلامية وترسيخ مكانتها فى المحافل الدولية والعالمية، بفضل الإرادة السياسية الثابتة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وصولاً إلى بناء مجتمع متماسك، عماده الوحدة الوطنية. فى هذا اليوم من كل عام تزين ربوع المملكة من أقصاها لأدناها احتفالات رسمية، حيث تجرى الاستعدادات منذ فترة، وتقوم اللجان المختصة الرئيسية والفرعية بأعمالها، فيتم تجهيز الشوارع والميادين والمنتزهات لاستقبال المواطنين من كافة لأعمار للمشاركة فى الاحتفالات، وتنظم كل المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات فعاليات للاحتفال بهذا اليوم، ترسيخاً لحب الوطن فى نفوسٍ بريئة، تمثل مستقبل المملكة. وتتضمن الفعاليات الرسمية العديد من الفقرات، مثل الأوبريت والعرضة السعودية، وغيرها من الفنون التى تعبر عن التراث والثقافة السعودية، بالإضافة إلى الفقرات التى تجسد مسيرة العطاء والبناء والتنمية منذ تأسيس المملكة حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله. وتتجدد مع الاحتفالات المعانى والقيم العظيمة المرتبطة بذلك اليوم الفاصل فى تاريخ الدولة السعودية الحديثة، ومن أبرز مظاهر الاحتفال بالذكرى الرابعة والثمانين هذا العام، أن مدينة جدة، سوف تشهد رفرفة أكبر علم للمملكة، وتبلغ مساحته 1635 متراً مربعاً، ووزنه 570 كيلوجراماً، ترفعه أطول سارية فى العالم والتى يصل ارتفاعها إلى 170متراً، فى ميدان خادم الحرمين الشريفين، فى خطوة هى الأولى من نوعها فى المملكة من حيث التصميم والبناء. أربعة وثمانون عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة والتى وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس وواصل أبناؤه تحقيق الإنجازات المتواصلة سياسياً واقتصادياً، فشهدت العديد من التطوّرات فى مختلف المجالات والمنجزات التنموية العملاقة التى شملت البنية الأساسية ومختلف القطاعات من خلال خطط تنموية ضخمة استهدفت الوطن والمواطن السعودى أولاً على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، بل وامتدت خيراتها إلى مختلف البقاع من الدول العربية والإسلامية. طفرة اقتصادية هائلة تجاوزت المملكة فى مجال التنمية، السقف المخطط لإنجاز العديد من الأهداف التنموية التى حددها إعلان الألفية للأمم المتحدة عام ألفين ميلادياً. وبحسب تقرير صندوق النقد الدولى تأتى المملكة كأفضل الاقتصادات أداءً فى مجموعة العشرين. وبلغ الناتج المحلى الإجمالى ( بالأسعار الثابتَة ) بنهاية عام ألفين وثلاثة عشر ميلادياً، ثلاثةٍ وثمان من عشرة فى المائة، ليصل مستواه بنهاية عام ألفين وثلاثة عشر ميلادياً، إلى حوالَى 340 مليار دولار . وتشهد المملكة مشاريعاً تنمويةً عملاقةً، فقد وافق مجلس الوزراء على خطةَ التنمية للفترة من عام ألفين وعشرة حتى عام 2014 ميلادياً، بميزانية إجمالية تبلغ أكثر من 385 مليار دولار. وقد احتلت المملكة المرتبة الثالثة على المستوى العربى وال 24 عالمياً فى مؤشر التنافسية الذى أصدره المنتدى الاقتصادى العالمى للعام 2014/2015، والذى يعد من أهم مؤشرات قياس التنافسية الاقتصادية. 56 مليار دولار ميزانية العام الحالى لتطوير التعليم اهتمت حكومة المملكة العربية السعودية بتطوير التعليم، فتم إطلاق مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، وتم تخصيص ستة وخمسين مليار دولار لقطاع التعليم من ميزانية المملكة للعام الحالى وهو ما يوازى ربع ميزانية الدولة . وتضاعفت أعداد جامعات المملكة فبعد أن كان عددها ثمان جامعات فقط، أصبح هناك خمس وعشرون جامعة حكومية وتسع جامعات أهلية تضم واحد وثلاثين كلية جامعية أهلية موزعة جغرافيا لتغطى احتياجات كافة مناطق المملكة . وانطلاقاً من السعى الدائم لمستقبل المشرق للوطن وإعداد أجيال متميزة، أمر خادم الحرمين الشريفين بإنشاء «برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي»، حيث وصل عدد المبتعثين السعوديين فى الخارج إلى حوالى مائة وخمسين ألف مبتعث ومبتعثة وبلّغت تكلِفة نفقاتهم الدراسية حتى الآن نحو ستة مليار دولار وأثمر البرنامج عن تخريج أكثَر من خمسة وخمسين ألف طالب وطالبة حتى الآن. المملكة مرجعاً طبياً وعلاجياً تبوأَت المملكة مكانة مرموقة عالمياً فى المجال الصحى وأصبحت مرجعاً طبياً وعلاجياً للعديد من الأمراض حيث أجريت فى مستشفياتها المئات من العمليات الناجحة، فى مجال فصل التوائم وجراحات القلب والمخ وزراعة الأعضاء .وخصصت حكومة خادم الحرمين الشريفين تسعة وعشرين مليار دولار من الميزانية السنوية للعام الحالي، لتطوير وتوسيع الخدمات الصحية والاجتماعية فى المملكة، وسيتم بناء خمس مدن طبية ومائة واثنان وثلاثين مشفى فى مختلف أنحاء المملكة بإذن الله . مشاريع الإسكان اهتمت حكومة خادم الحرمين الشريفين بمشاريع الإسكان، والتى تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، حيث أنها تُعد أحد القطاعات الاقتصادية الهامة التى تساهم فى زيادة نمو الاقتصاد الوطني. وقد صدرت الأوامر الملكية الكريمة، بإعفاء المتوفين من أقساط قروض الصندوق صندوق التنمية العقارية، ورفع قيمة الحد الأعلى للقرض السكنى ليصل إلى خمسمائة ألف ريال. وتواصل وزارة الإسكان، نشاطها فى تنفيذ المشاريع الإسكانية فى مختلف مدن ومحافظات المملكة، إذ بلغ عدد المشاريع التى يجرى تنفيذها حاليا سبعة وأربعون مشروعاً، كما اعتمد خادم الحرمين الشريفين ما يقارب سبعمائةَ مليون دولار، لإنشاء خمسمائة ألف وحدة سكنية، بمساحة إجمالية تصل إلى أكثَر من اثنين وثلاثين مليون متر مربع . الرفع من شأن المرأة السعوديةَ توالت القرارات والأوامر الخيرة لخادم الحرمين الشريفين والتى تستهدف الرفع من شأن المرأة السعوديةَ وجعلها شريكاً أساسياً فى برامج التنمية. فقد أعاد خادم الحرمين الشريفين تشكيل مجلس الشورى وقام بتعيين ثلاثين سيدة بالمجلس لأُول مرة فى تاريخ المملكة بنسبة عشرين فى المائة من أعضاء المجلس، كما أعطى للمرأة الحق فى الترشح والتَصويت فى انتخابات المجالس البلدية . وتقلد العديد من السيدات السعوديات مناصب عليا، فكانت الدكتورة «نُورَة الفايز» أول امرأة تعين فى منصب نائب وزير. كما تم تعيين عددا من النساء فى منصب وكيل وزارة . واستفادت المرأة من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، حيث قفزت أعداد الإناث السعوديات الدارسات فى الخارج من أربعة آلاف إلى سبع وعشرين ألف وخمسمائة مبتعثةٍ . كما تم إقرار قانون «تجريم العنف الأسري»، لحماية النساء والأطفال والخادمات من العنف المنزلي، وقانون «الحماية من الإيذاء»، وهو الأول من نوعه . الاهتمام بشباب المملكة نال الشباب فى المملكة اهتماماً كبيراً لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين، وتقوم وزارة العمل بدعم وتنفيذ سياسات الدولة عبر توفير فرص العمل اللائقة والمستدامة للمواطنين، ونجح بِرنَامجُ (نِطَاقَاتْ) فى توظيف أكثر من ستمائة ألف مواطن ومواطنة فى القطاع الخاص حتى نهاية عام ألفين واثنى عشر ميلادياً. وشهد توظيف المواطنات زيادةً غير مسبوقة، حيث بلغ عددهن حوالى مائة وثمانون ألف موظفة سعودية، وتم توظيف سبعة عشر ألفا من ذوى الاحتياجات الخاصة من الجنسين. كما يتم تقديم القروضِ للشباب بشروط ميسرة، بدون فوائد وتسدد على أقساط تمتد إلى خمسة وعشرين عاماً. مساعدة ذوى الدخل المحدود أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين، اهتمامها ورعايتها لذوى الدخل المحدود والضمان الاجتماعي، والتى يترجمها حرصها الدؤوب على دعم المؤسسات الخيرية والأعمال الإنسانية داخل وخارج المملكة. كما خصص خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – ثمانية مليار دولار تقريباً فى ميزانية العام الحالي، لمساندة برامج ذوى الدخل المحدود والضمان الاجتماعي. مكافحة الفساد تم إنشاء «الهيئةَ الوطنيةَ لمكافحة الفساد» فى عام ألفين وإحدى عشر ميلادياً، بأمر منه يحفظه الله –، وتشمل مهام الهيئة كافةَ القطاعات الحكومية، ولا يستثنى من ذلك كائنًا من كان، ويدخل فى اختصاصها متابعة أوجه الفساد الإدارى والمالي. وفى عام 2011م ، وافق، يحفظه الله، على إطلاق «مؤسسةَ سعفةَ القدوة الحسنة»، وهى أول جمعية أهلية للشفافية، بهدف تنمية الشعور بالمواطنة وبأهمية حمايةَ المال العام، والمرافق والممتلكات العامة. جهود المملكة لمكافحة الإرهاب لم تكتف المملكة، قيادةً وحكومةً وشعباً، بتأكيد استنكارها وشجبها للإرهاب بكافة أشكاله وصوره، ولكنها قامت بجهدٍ حثيث ودور مؤثر وفعّال فى حفظ الأمن والتصدى لظاهرة الإرهاب على جميعِ المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وقد طالب الملك عبد الله بن عبد العزيز، يحفظه الله، زعماء العالم، فى أغسطس 2014م، بتفعيل المركز الدولى لمكافحة الإرهاب، الذى دعت المملكة إلى إقامته خلال فعاليات المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب الذى عقد فى الرياض فى فبراير 2005م. وتبرعَ يحفظه الله، بمبلغِ مائتى مليون دولار، خلال العامين 2013-2014، لتفعيل مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب. مؤكداً التزام بلاده بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن وفقاً للفصل السابعِ من ميثاق الأممالمتحدة، وكذلك ذات الصّلة بمكافحة الإرهاب وتمويله. كما دعت المملكة لعقد اتفاقية دولية لمحاربة الإرهاب، من خلال عمل دولى متفق عليه فى إطار الأممالمتحدة. كما أصدر خادم الحرمين الشريفين، أمراً ملكياً بتغليظ عقوبة من شارك فى أعمال قتالية خارج المملكة، ليعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على عشرين سنة. وجاء إعلان المملكة واضحاً فى مواجهة كل منابع الإرهاب من تنظيم القاعدة وفروعها المختلفة، وجماعة الإخوان المسلمين، إضافة لحزب الله السعودى وجماعة الحوثيين، بوصفها تنظيماتٍ إِرهابية، يُحظر الانتماء إليها ودعمها، أو التعاطف معها، أو الترويج لها، أو عقد اجتماعات تحت مظلتها، سواء داخل البلاد أو خارجها. كما وقعت المملكة وصادقت على عدد من الاتفاقيات المتعلقة بالإرهاب مع عدد من الدول الأجنبية . مبادرات المملكة تأصيل لأهمية الحوار أَعلن خادم الحرمين الشريفين عدداً من المبادرات، وبدأَ بالحوار الوطني، فى أغسطس عام 200 ميلاديةٍ، عندما كان وليًّا للعهد، بموافقة الملك فهد رحمه الله، على قيام « مركز الملك عبد الْعزيز للحوار الوطني». وفى الرابع عشر من أغسطس عام 2012 ميلادياً، دعا يحفظه الله، خلال افتتاح القمة الإسلامية الاستثنائية فى مكةالمكرمة، إلى تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية يكون مقره فى الرياض، وأكد على ضرورة «التضامن والتسامح والاعتدال» و«نبذ التفرقة» ومحاربة «الغلو والفتن». ثَم أطلق خادم الحرمين الشريفين مبادرته للحوار بين الأديان والثِّقافَات فى المؤتمر العالمى للحوار بين الأديان، والذى ترأّسه فى يوليو عام 2008 ميلادية، فى مدريد. وفى أكتوبر عام 2011 ميلادياً، تم توقيع اتفاقية إنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمى للحوار فى فيينا، والذى تم تدشينه وافتتاحه رسمياً، فى السادس والعشرين من نوفمبر عام 2012 ميلادياً .