كانت القوات المسلحة ومازالت وسوف تظل الدرع الواقية للوطن والحامى لحماه، فتلك مهمتها المقدسة حفاظا على تراب الوطن، غير أنه يسترعى للانتباه تساؤل بعض المتسائلين حول دور القوات المسلحة فى الاضطلاع بالعديد من الانشطة فى النجالات التنموية وهناك من يظن أن ذلك التوجه بعيد عن مهامها الأساسية ذات الطابع العسكرى أو الحربى أو الدفاعي. حقا فإن المهام الرئيسية للجيوش هى الحفاظ على الأمن القومى والدفاع عن أرض الوطن، غير أن الصورة المتكاملة والنظرة الشاملة لمفهوم أمن وأمان الوطن والمواطنين يمكن أن تمتد لتشمل جميع العوامل ومختلف العناصر ذات التأثير على الأمن القومى للوطن والمواطنين وتلك هى الرؤية الاستراتيجية والفكر العميق للأمور. ومما لا شك فيه أن مشكلات الفقر والجهل والأمن والبطالة والعشوائيات تعد الأسباب الحقيقية للظواهر السلبية والممارسات الاجتماعية الخاطئة كالعنف والإرهاب والمخدرات وهى تؤدى إلى إهدار طاقات الوطن من الشباب فى وقت باتت الثورة البشرية أعز ما تمتلكه الشعوب من ثروات.. وتلك المشكلات تهدد الأمن القومى للبلاد فلقد باتت العدالة الاجتماعية ظهيرا شعبيا للأمن والأمان المجتمعي، وإذا غابت اندلعت الثورات وظهرت الاحتجاجات والانقسامات التى تهدد النسيج الوطني، وتؤدى إلى انهيار الأنظمة والدول مما يجعل أرض الوطن مباحة للأعداء. ولقد أدركت المؤسسة العسكرية بما لديها من قدرة على التخطيط الاستراتيجى أن دورها فى الدفاع عن مقدرات الوطن ومكتسباته لابد أن يصاحبه بل أصبح رهنا بتحقيق طموحات المواطنين فى حياة هانئة سعيدة تتوافر فيها الكرامة الإنسانية، وهذا الوعى العميق للأمور يأتى تأكيدا لمفهوم أن الوقاية الاجتماعية لأبناء الوطن خير من العلاج .. فكان طبيعيا الاهتمام بقضايا التنمية لأنها باتت ركنا أساسيا للأمن القومى للبلاد لاسيما وأن تلك المهام لا تتعارض مع الدستور، وتأتى فى إطار ما تسمح به قوانين الدولة. تحية وتقديرا للمؤسسة العسكرية وهى مدرسة الوطنية المصرية فيما تقوم به من مشروعات تنموية لحل مشكلات الوطن ودفع عجلة التنمية قدما إلى الأمام بعد ثورتين عظيمتين.. ونستطيع فى هذا المقام أن نذكر تلك الأنشطة التنموية بإيجاز على سبيل المثال لا الحصر: 1 انتشار منافذ بيع السلع الاستهلاكية بأسعار مخفضة والوفاء بمتطلبات الأمن الغذائية والاحتياجات المعيشية الضرورية بدءا من رغيف الخبز ومرورا بالمنتجات البروتينية وحتى الوقود من خلال المنافذ المتاحة للتعامل مع المواطنين. 2 إقامة وإنشاء الطرق والكبارى ومحطات الكهرباء والأنفاق والمحاور المرورية اسهاما فى حل مشكلات الازدحام وتحقيقا للسيولة المرورية ومعالجة الاختناقات، وتسيير المركبات فى أوقات الأزمات. 3 اعداد وبناء الكوادر البشرية من خلال مراكز التدريب وتنمية المهارات المهنية والفنية وتقديم العناصر البشرية القادرة على القيام بالمهن وأداء الوظائف لخدمة قطاعات النشاط الاقتصادي. 4 الإسهام فى حركة البناء والتعمير وتوفير الوحدات السكنية تيسيرا على المواطنين فى الحصول على المسكن الملائم. 5 ما أعظم دور القوات المسلحة فى القيام بخدمات التعليم والصحة بمدارسها وكلياتها ومستشفياتها المنتشرة فى كل مكان لتقديم خدماتها للمواطنين المدنيين والعسكريين على وجه لسواء. وتقدم العديد من الأنشطة التنموية البناءة التى لها دور فعال فى حل الأزمات ومواجهة الكوارث تحقيقا لمصالح المواطنين ورفع المعاناة عنهم .. فلقد امتدت تلك الخدمات إلى حماية المنشآت وتأمينها مساعدة لرجال الشرطة، فضلا عن الدور البارز للمؤسسة العسكرية فى تحقيق انتخابات نزيهة وشفافة .. وأخيرا توجت القوات المسلحة رسالتها التنموية بما تقوم به من دور فاعل واستراتيجى فى حفر قناة السويس الجديدة .. هذا العمل العملاق لخدمة البشرية ككل، وضمان مستقبل أفضل للمواطن المصرى بما توفره من فرص عمل جديدة وملحمة نضال متكاملة بالتعاون مع قرابة 55 شركة مدنية وطنية مصرية. وأخيرا فإن المؤسسة العسكرية تنهض بتلك المسئوليات توظيفا لإمكاناتها واستغلالا حسنا لمواردها المتاحة.. إنها أسلوب وتجربة ناجحة للإدارة الرشيدة الواعية فى ظل المتغيرات المحلية المحيطة بالوطن. إن مصر الغد بكل طوائفها وفئاتها وشبابها سوف تعمل بحكمة وتبصر وجهد لمواجهة جميع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسلوكية التى تؤثر على إرادة التقدم والحياة لشعب مصر العظيم.. وذلك من أجل بناء مستقبل أفضل بمشيئة الله. لمزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم