شكرا للجنة تقصي الحقائق التي أرسلها مجلس الشعب للعامرية والتي أعادت الأسر القبطية المهجرة من القرية, ولو أنني لم أتصور يوما أن تصل ثقافة الكراهية والتمييز التي تعاطيناها علي مدي أربعة عقود, أن تؤدي بنا إلي هذه الحالة من الانحدار الاجتماعي والأخلاقي والإنساني. لكن غياب العقل والحكمة, وانسحاب من هم أولي بالحل وترك الأمور لجماعات من المرضي بالتعصب والتطرف الديني, قادنا إلي هذا الموقف المثير للجدل.. والذي يحمل معه نذر الشؤم, فأي مستقبل لبلد يشعر أبناؤه بالغدر والكراهية من إخوتهم أبناء الوطن الواحد؟.. وكيف يعيش المواطن المصري آمنا في بيته وبين أسرته وهو يقرأ في الصحف أن المسلمين في قرية شربات بالعامرية أجبروا أسرا قبطية من أبناء القرية أن يتركوا بيوتهم ومتاجرهم بالقوة ويرحلوا بسبب جريمة ارتكبها ترزي قبطي من أبناء المدينة في حق إحدي عميلاته بتصويرها دون علمها؟.. والسؤال البديهي الذي كان يفترض أن يوجهه أبناء العامرية لأنفسهم: ما هي علاقة هؤلاء الضحايا بالمجرم؟.. هل شاركوا المجرم في ارتكاب الجريمة؟.. وهل مجرد أنهم أقباط يتحملون جريمة ارتكبها قبطي؟.. هل اختفي القانون من حياتنا إلي هذا الحد؟ أين رجال الدين الإسلامي والمسيحي في مساجد وكنائس المدينة؟.. أين المثقفون والعقلاء من أبناء العامرية؟.. ولماذا لم يقربوا مسافة الخلاف بين أطراف النزاع قبل أن يطلق الرصاص وتحترق البيوت والمتاجر؟.. لماذا لا تقوم الشرطة بواجبها في الدفاع عن مواطنين آمنين وتهدئة الغاضبين؟.. أين الدولة التي لم تعد تقوم بأول واجباتها, وهو حماية رعاياها, وإلي أي مدي سوف يقودنا الجهل والتطرف وتتحكم فينا ثقافة العشوائيات؟! مصر في حاجة إلي ثورة ثقافية وأخلاقية تهدم الخرافات التي لوثت عقول المصريين طوال العهود البائدة.. ثورة يقودها عقلاء من رجال الدين الإسلامي والمسيحي, ومن المثقفين والتربويين, فقد فسدت عقول المصريين بعد أن أغلقوا عقولهم واستسلموا للخرافات. المزيد من أعمدة مصطفي سامي