مصر في خطر, بل في خطر يتزايد يوما بعد يوم وحتي لا يتهمني القارئ بالتشاؤم, وحتي لا أتركه في حيرة وقلق سأعرض له بإيجاز الأسباب والحلول. أما الأسباب فأولها نزيف الدماء المفتعل في كل مكان, بورسعيد ومحمد محمود وماسبيرو وغيرها مما يجر بدوره إلي مسلسل من الثأرات والنعرات التي لا تنتهي. ثانيها: التآمر الأجنبي, الظاهر منه والباطن, وأبرزه ما ظهر منه وما تسمي بمنظمات حقوق الانسان, وما تلقته من تمويل أجنبي ضخم, ينفق بسفه علي أعمال التخريب والإفساد والقتل والتجسس وإثارة الفتن الطائفية, وغير ذلك من أعمال لاعلاقة لها بحقوق الانسان, بل ترفع في المقام الأول راية الخيانة والاجرام. ثالثها: التي تبرز ملامح الخطر, منهج النفاق وطابور المنافقين وهو ما يطلق عليه الطابور الخامس, حيث يعد خنجرا مسموما, وسهما غادرا مصوبا الي ظهورنا, وفي عقر دارنا, يحملون أسماءنا, ويتكلمون لغتنا, بل ويدينون بديننا, كلامهم سحر, إن يقولوا تسمع لقولهم, لسانهم عذب لكن قلوبهم قاسية, يحرفون الكلم عن مواضعه, لهم في كل حادث حديث, حديث المتربص الكاره الحاقد, الذي لايذكر في الحدث إلا أسوأ إحتمالاته, ولا يري في شجرة الورد إلا الشوك, مثير الفتن, سييء الظن, أعمي البصيرة, حاد البصر ولكن علي كل سوء فقط, هذا الصنف من المنافقين, يفرض نفسه علينا ليل نهار في أكثر الفضائيات, يمزج الحق بالباطل في براعة تخدع البسطاء, وتغيب الحقيقة وتفشي الباطل وتنشر الفتن, كل ذلك بعمل ممنهج ومدروس ومنظم لا يملك أمامه الغيور علي وطنه إلا القلق والتوجس والخوف علي مستقبل مصرنا الحبيبة. رابعها: تفشي الفحش وسوء الأخلاق والتجاوز والتطاول علي العلماء والحكام وآخرها ما حدث من أحد أصغر أعضاء نوابنا سنا في حق عالمنا الشيخ محمد حسان وفي حق كبيرنا المشير حسين طنطاوي. دماء فثأر, وتآمر فهم, ونفاق فكيد, وفحش ومنكر, أمام هذا وأكثر أستطيع أن أقول إن مصر في خطر وخطر يتزايد, ما لم نتعاون جميعا لمواجهة هذا الخطر, ودرء هذه الفتنة.. ويبقي السؤال كيف السبيل إلي ذلك؟ والاجابة أراها واضحة وضوح الشمس اطمئن إليها, بل أركن إليها, لأنها منزهة عن الخطأ قدمها لنا رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم, المؤيد بالوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. لقد تعرضت دولة الاسلام الأولي وفي مهدها لمثل ما نعيشه الآن, حيث سعي المنافقون إلي اسقاط دولة الاسلام كما يريد ويسعي المنافقون الآن تماما بإثارة الفتن, والأكاذيب, والشائعات والنعرات القبلية وغيرها, وكان موقف النبي صلي الله عليه وسلم منهم في البداية الملاينة, وقبول أعذارهم وعدم فضحهم, كما يقول فضيلة الشيخ محمد الغزالي في كتابه القيم فقه السيرة إذا تلبس أحدهم في خيانة تهدر دمه, رغب صلي الله عليه وسلم في التجاوز عنه حتي لا يقال إن محمدا يقتل أصحابه وما هم في صحبته من شيء. ولو كان هؤلاء المنافقين علي قليل من الخير لأسرهم حلم رسول الله صلي الله عليه وسلم, وانخلعوا من خداعهم الصغير وأقبلوا علي الاسلام والمسلمين طيبين خالصين, بيد أن هذا الاسلوب العالي في معاملتهم لم يزدهم علي الله ورسوله إلا جرأة, فزادت شرورهم. وكأني في سرد كلام العلامة الشيخ محمد الغزالي أراه حيا يعيش واقعنا تماما ويعرض لنا الحل النبوي. أمام جرأة المنافقين وشرورهم وإصرارهم علي بغيهم فضحهم النبي صلي الله عليه وسلم وكشف استارهم وطالب المسلمين بأن يقاطعوهم.. ومع ذلك لم يعدم المنافقون حيلة خبيثة, فبنوا مسجدا يلتقون فيه وحدهم ليخططوا ويمكروا بالاسلام والمسلمين,. ويفرقوا صفوفهم, فنزل فيهم قول الله: والذين إتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين, وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسني والله يشهد إنهم لكاذبون.., وهنا كان حسم النبي صلي الله عليه وسلم, وحزمه في مواجهة وردع المنافقين, ولو ادعوا بناء المسجد والاقامة فيه, فأرسل صلي الله عليه وسلم نفرا من أصحابه وأمرهم أن يحرقوه ويهدموه علي من فيه. هذا هو نبي الرحمة الذي بدأ في مواجهة المنافقين باللين والصبر وعدم فضحهم, لعلهم يرجعوا عن غيهم, لكن حينما أصروا علي بغيهم كشف لهم صلي الله عليه وسلم عن وجه الحزم والقوة, وذلك رحمة بعموم الأمة, فكان قراره احراق المسجد وتدميره علي من فيه. ما أشبه الليلة بالبارحة, مع الفارق في التشبيه, ومع افتراض حسن الظن, لقد عامل المجلس العسكري المنافقين والمتآمرين والمخربين والمفسدين معاملة الصبر واللين, طوال عام كامل,فما كان منهم إلا المزيد من العنف والدماء والفتن والتي تكاد تعصف بمصر كلها, لهذا.. ألا يعي المجلس الدرس ويكفيه الصبر والالتزام بمنهج نبي الرحمة ويكشف عن هؤلاء مهما كانوا وينزل بهم أشد العقوبة وفي أسرع وقت وإلا طالته النار.. وقد حدث.. حيث تعرض رئيس المجلس للسباب الفاحش. أما آن للمجلس أن يتعاون مع برلمان الثورة الذي يخطو خطواته الأولي في جد وصدق ووطنية, وأن يكون هدفهم وشعارهم مصر فوق الجميع, وأن الحق يعلو ولا يعلي عليه, وأن المجرم لا يتستر عليه, بل يجب كشفه وفضحه وعقابه أشد العقاب كائنا من كان,, باحراق قلوبهم وأبدانهم ومقارهم كما أحرقوا قلوبنا علي مصرنا وأبنائنا, لتحيا مصر ولتنجو الثورة, ونسير جميعا نحو بر الأمان نبني مصرنا في عزة وكرامة وأمان واطمئنان. المزيد من مقالات إسماعيل الفخراني