اهتمام الرئيس السيسى بحضور الاحتفال بعيد المعلم يوم أول أمس (الإثنين 8/9) وتأكيده الدعم الكامل لاستراتيجية تطوير التعليم بعناصرها الأربعة: المدرسة و المعلم و الطالب و المناهج التعليمية، وكذلك حديث وزير التربية والتعليم عن موقع المعلم فى تلك الخطة الإستراتيجية، فضلا عن التكريم الذى لقيه المعلمون فى هذا الاحتفال... كل هذا يستحق الإشادة و التشجيع، ليس لمجرد «الاحتفال» وإنما كمناسبة ونقطة انطلاق لمواجهة إحد أكبر الكوارث التى منيت بها مصر فى عقودها الأخيرة قبل الثورة، أى التدهور الشامل الذى أصاب التعليم ، وأقصد تحديدا التعليم الحكومى «المجانى» الذى يتلقاه 90% من المصريين! لقد سبق أن ذكرت أكثر من مرة كيف تدهورت المدارس الحكومية، بل وانتهت تقريبا، وكيف انتهى التعليم والتربية لمصلحة وباء أو سرطان «الدروس الخصوصية» التى لم تقض فقط على «التعليم» وإنما الأخطر القضاء على «التربية» لأن المدرسة ليست فقط مكانا لتلقى التعليم، ولكنها مؤسسة للتنشئة الاجتماعية والثقافية ولغرس قيم المواطنة. ولذلك، وللأسف الشديد، هرب أبناء الطبقة الوسطى من المدارس الحكومية التى سبق أن تربى آباؤهم فيها إلى المدارس «الخاصة» وعالمها الرهيب، و«مصاريفها» التى تبلغ فى بعض الأحيان أرقاما مذهلة، واقتصرت المدارس الحكومية على أبناء أبسط و أفقر الفئات فى المجتمع الذين لايتلقون أى قسط من التعليم إلا- مرة أخري- من خلال فصول التقوية و«مجموعات» الدروس الخصوصية! هى صورة مظلمة وقاتمة ، ولكنها حقيقية، وجريمة لا يمكن اعفاء النظام السابق منها . ولذلك فإن الإصلاح الجذرى للتعليم هو عبء ثقيل ومسئولية هائلة، ولكنى أشعر بالتفاؤل مع وجود د. محمود أبو النصر على رأس وزارة التربية والتعليم، وأعتقد أن الاحتفال بالمعلم وإصلاح أوضاعه، وإعادة مكانته وهيبته ،ومساعدته على الاستغناء عن الحاجة لإعطاء الدروس الخصوصية ،وإعادته إلى «مملكته» الطبيعية، أى «المدرسة» هو المقدمة الصحيحة للإصلاح الشامل للتعليم. أقول ذلك معترفا أيضا بتحيزى الخاص للمعلم، فقد كان والدي- رحمه الله- معلما افتخر به وبسيرته . فتحية للمعلمين فى عيدهم، مستعيدين أبيات شوقى: «قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا، أعلمت أشرف أو أجل من الذى يبنى وينشئ أنفسا وعقولا؟» لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب